صالح بن سليمان الراجحي
Member
"النوال في تحرير ما للمفسرين من أقوال" (252)
اكتب في (قوقل) (النوال. وكلمة من الآية) التي تريد معرفة ملخص آراء المفسرين فيها.
قال الرازي رحمه الله في من يفهم آيات القرآن على الآراء الضعيفة: "أقول حقاً: إن الذين يتبعون أمثال ذلك قد حرموا الوقوف على معاني كلام الله تعالى حرماناً عظيماً".
الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد.
قال الله تعالى في سورة "الحجر": (وَقُلْ إِنِّي أَنَا النَّذِيرُ الْمُبِينُ كَمَا أَنْزَلْنَا عَلَى الْمُقْتَسِمِينَ الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ)
القول الأقرب أن قوله: (كَمَا أَنْزَلْنَا) يتعلق بقوله: (وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ)
وأن (الْمُقْتَسِمِينَ) هم أهل الكتاب، لاقتسامهم كتبهم، وتفريقهم ذلك بإيمانهم ببعضها، وكفرهم ببعض.
والآن إلى ذكر أقوال المفسرين في الآية.
اختلف المفسرون في هذه الآيات في أربع مسائل:
متعلق الكاف في قوله: (كَمَا أَنْزَلْنَا)
ومن هم المعنيون بقوله: (الْمُقْتَسِمِينَ)
وما المراد بقوله: (الْمُقْتَسِمِينَ)
وما معنى قوله: (عِضِينَ)
فأما متعلق الكاف من قوله: (كَمَا أَنْزَلْنَا) فاختلف فيه على أقوال:
الأول: أن المعنى: وقل إني أنا النذير المبين عذاباً كالذي أنزلنا على المقتسمين (اقتصر عليه ابن جرير*, والبغوي*, وابن كثير) (وذكره الزمخشري*, والرازي*, والقرطبي*, والشنقيطي*, وابن عاشور*) (وضعفه ابن عطية*)
قال ابن عطية: "الكاف من قوله: (كم)ا متعلقة بفعل محذوف تقديره، وقل إني أنا النذير المبين عذاباً كالذي أنزلنا على المقتسمين".
قال ابن عطية: "هذا قول المفسرين، وهو عندي غير صحيح لأن (كما) ليس مما يقوله محمد عليه السلام بل هو من قول الله تعالى له فينفصل الكلام"
الثاني: أن الكاف زائدة، أي: أنذرتكم ما أنزلنا على المقتسمين (ذكره الرازي*, والقرطبي*)
قلت: يَرِد عليه ما أورده ابن عطية على القول السابق.
الثالث: أنه يتعلق بقوله: (فاصدع بما تؤمر)
والمعنى: كما أنزلنا على المقتسمين، أي: من العذاب وكفيناك المستهزئين، فاصدع بما تؤمر (انفرد بذكره القرطبي*)
الرابع: أن المعنى: وقل أنا النذير كما قد أنزلنا قبل في الكتب أنك ستأتي نذيراً (انفرد بذكره ابن عطية*)
الخامس: أنه يتعلق بقوله: (وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ)، أي: أنزلنا عليك مثل ما أنزلنا على أهل الكتاب، وهم المقتسمون الذين جعلوا القرآن عضين (اقتصر عليه الماتريدي*) (وذكره الزمخشري*, والرازي*, والشنقيطي*, وابن عاشور*)
وهذا القول أقرب الأقوال.
وأما قوله: (الْمُقْتَسِمِينَ) فاختلف فيه أيضاً على أقوال:
الأول: أنهم أهل الكتاب، اقتسموا القرآن فآمنوا ببعضه وكفروا ببعضه. (ذكره ابن جرير*, والبغوي*, والزمخشري*, والرازي*, والقرطبي*, والشنقيطي*, وابن عاشور*) (واقتصر عليه صاحب الظلال*)
فقالوا بعنادهم وعدوانهم: بعضه حق موافق للتوراة والإنجيل، وبعضه باطل مخالف لهما، فاقتسموه إلى حق وباطل.
قال صاحب الظلال: "وكان منهم في الجزيرة العربية اليهود والنصارى..
ولكن هذه البقايا لم تكن تتلقى هذا القرآن بالتسليم الكامل، إنما كانت تقبل بعضه وترفض بعضه، وفق الهوى ووفق التعصب وهؤلاء هم الذين يسميهم الله هنا: «المقتسمين، الذين جعلوا القرآن عضين» ..
وهذه السورة مكية. ولكن الخطاب بالقرآن كان عاماً للبشر. ومن البشر هؤلاء المقتسمون الذين جعلوا القرآن عضين"
الثاني: أنهم أهل الكتاب، سموا المقتسمين، لأن بعضهم قال استهزاء بالقرآن: هذه السورة لي، وقال بعضهم: هذه لي. (ذكره ابن جرير*, والزمخشري*, وابن عطية*, والرازي*, والقرطبي*)
الثالث: أنهم أهل الكتاب، لاقتسامهم كتبهم، وتفريقهم ذلك بإيمانهم ببعضها، وكفرهم ببعض. (ذكره ابن جرير*, والماتريدي*, والبغوي*, والزمخشري*, وابن عطية*, والقرطبي*, وابن كثير*, والشنقيطي*, وابن عاشور*)
وهذا القول أقرب الأقوال.
فالمراد بالقرآن على هذا القول: ما يقرؤونه من كتبهم.
قال الزمخشري: "يجوز أن يراد بالقرآن: ما يقرؤونه من كتبهم، وقد اقتسموه بتحريفهم، وبأن اليهود أقرت ببعض التوراة وكذبت ببعض، والنصارى أقرت ببعض الإنجيل وكذبت ببعض، وهذه تسلية لرسول الله صلى الله عليه وسلم عن صنيع قومه بالقرآن وتكذيبهم، وقولهم: سحر وشعر وأساطير، بأن غيرهم من الكفرة فعلوا بغيره من الكتب نحو فعلهم".
الرابع: أن المقتسمين هم المشركون اقتسموا القرآن، فقال بعضهم: سحر. وقال بعضهم: شعر، وقال بعضهم: كذب. وقال بعضهم: أساطير الأولين. (رجحه ابن جرير*) (وذكره البغوي*, والرازي*, والقرطبي*) (ومال اليه الشنقيطي*)
وأما بقية الأقوال فهي بعيدة وهي كما يلي:
قيل: {المقتسمين} أي: المتحالفين، أي: تحالفوا على مخالفة الأنبياء وتكذيبهم وأذاهم، كما قال تعالى إخباراً عن قوم صالح أنهم: {قالوا تقاسموا بالله لنبيتنه وأهله}
{وأقسموا بالله جهد أيمانهم لا يبعث الله من يموت} {أولم تكونوا أقسمتم من قبل ما لكم من زوال} {أهؤلاء الذين أقسمتم لا ينالهم الله برحمة} فكأنهم كانوا لا يكذبون بشيء إلا أقسموا عليه، فسموا مقتسمين. (ذكره ابن كثير*, والشنقيطي*)
قال الشنقيطي: "على هذا القول فالاقتسام افتعال من القسم بمعنى اليمين، وهو بمعنى التقاسم".
وقيل: المراد بهم الرهط من قوم صالح الذين تقاسموا على تبييت صالح وأهله. (ذكره ابن جرير*, والزمخشري*, وابن عطية*, والرازي*, والقرطبي*, وابن كثير*)
قال الزمخشري: "والاقتسام بمعنى التقاسم"
قال ابن عطية: "ويقلق هذا التأويل مع قوله: (الذين جعلوا القرآن عضين)"
وقيل: المراد بهم ستة عشر رجلاً بعثهم الوليد بن المغيرة أيام الموسم فاقتسموا فجاج مكة يقولون لمن سلكها: لا تغتروا بهذا الخارج فينا يدعي النبوة، فإنه مجنون، وربما قالوا: ساحر، وربما قالوا: شاعر، وربما قالوا: كاهن. وسموا المقتسمين لأنهم اقتسموا هذه الطرق. (ذكره ابن جرير*, والماتريدي*, والبغوي*, والزمخشري*, وابن عطية*, والرازي*, والقرطبي*, وابن عاشور*)
وقيل: المراد بهم اليهود، وهو ما جرى على قريظة والنضير، جعل المتوقع بمنزلة الواقع، وهو من الإعجاز، لأنه إخبار بما سيكون وقد كان. (انفرد بذكره الزمخشري*) (ونقله عنه بنصه الشنقيطي*)
وقيل: الاقتسام هو أنهم فرقوا القول في رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: ساحر كاهن شاعر (ذكره الماتريدي*, والبغوي*)
وقيل: هم قوم اقتسموا أيماناً تحالفوا عليها.
قيل: إنهم العاص بن وائل وعتبة وشيبة ابنا ربيعة وأبو جهل بن هشام وأبو البختري بن هشام والنضر بن الحارث وأمية بن خلف ومنبه بن الحجاج (انفرد بذكره القرطبي*)
وأما قوله: (الذين جعلوا القرآن عضين)
قيل: (عضين) جمع عضة، وأصلها عضوة فعلة من عضى الشاة إذا جعلها أعضاء.
معناه: الذين جعلوا القرآن أجزاء وفِرَقا مفترقة. (كلهم ذكروا هذا القول) (واقتصر عليه ابن عاشور*)
قال ابن عاشور "عضين جمع عضة، والعضة: الجزء والقطعة من الشيء. وأصلها عضو فحذفت الواو التي هي لام الكلمة وعوض عنها الهاء.
وحذف اللام قصد منه تخفيف الكلمة لأن الواو في آخر الكلمة تثقل عند الوقف عليها، فعوضوا عنها حرفاً لئلا تبقى الكلمة على حرفين، وجعلوا العوض هاء لأنها أسعد الحروف بحالة الوقف".
وقيل: الأصل عِضَهَة، عَضَهْتُ الرجل إذا بَهَتَّه، وقذفته ببُهتان (ذكره ابن جرير*, والبغوي*, والزمخشري*, وابن عطية*, والرازي*, والقرطبي*)
وقيل: المراد بالعضين العضه وهو السحر (ذكره ابن جرير*, والماتريدي*, والبغوي*, والزمخشري*, وابن عطية*, والقرطبي*, وابن كثير*, والشنقيطي*)
والله تعالى أعلم.
للاطلاع على مقدمة سلسلة (النوال)
انظر هنا
https://majles.alukah.net/t188624/
اكتب في (قوقل) (النوال. وكلمة من الآية) التي تريد معرفة ملخص آراء المفسرين فيها.
قال الرازي رحمه الله في من يفهم آيات القرآن على الآراء الضعيفة: "أقول حقاً: إن الذين يتبعون أمثال ذلك قد حرموا الوقوف على معاني كلام الله تعالى حرماناً عظيماً".
الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد.
قال الله تعالى في سورة "الحجر": (وَقُلْ إِنِّي أَنَا النَّذِيرُ الْمُبِينُ كَمَا أَنْزَلْنَا عَلَى الْمُقْتَسِمِينَ الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ)
القول الأقرب أن قوله: (كَمَا أَنْزَلْنَا) يتعلق بقوله: (وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ)
وأن (الْمُقْتَسِمِينَ) هم أهل الكتاب، لاقتسامهم كتبهم، وتفريقهم ذلك بإيمانهم ببعضها، وكفرهم ببعض.
والآن إلى ذكر أقوال المفسرين في الآية.
اختلف المفسرون في هذه الآيات في أربع مسائل:
متعلق الكاف في قوله: (كَمَا أَنْزَلْنَا)
ومن هم المعنيون بقوله: (الْمُقْتَسِمِينَ)
وما المراد بقوله: (الْمُقْتَسِمِينَ)
وما معنى قوله: (عِضِينَ)
فأما متعلق الكاف من قوله: (كَمَا أَنْزَلْنَا) فاختلف فيه على أقوال:
الأول: أن المعنى: وقل إني أنا النذير المبين عذاباً كالذي أنزلنا على المقتسمين (اقتصر عليه ابن جرير*, والبغوي*, وابن كثير) (وذكره الزمخشري*, والرازي*, والقرطبي*, والشنقيطي*, وابن عاشور*) (وضعفه ابن عطية*)
قال ابن عطية: "الكاف من قوله: (كم)ا متعلقة بفعل محذوف تقديره، وقل إني أنا النذير المبين عذاباً كالذي أنزلنا على المقتسمين".
قال ابن عطية: "هذا قول المفسرين، وهو عندي غير صحيح لأن (كما) ليس مما يقوله محمد عليه السلام بل هو من قول الله تعالى له فينفصل الكلام"
الثاني: أن الكاف زائدة، أي: أنذرتكم ما أنزلنا على المقتسمين (ذكره الرازي*, والقرطبي*)
قلت: يَرِد عليه ما أورده ابن عطية على القول السابق.
الثالث: أنه يتعلق بقوله: (فاصدع بما تؤمر)
والمعنى: كما أنزلنا على المقتسمين، أي: من العذاب وكفيناك المستهزئين، فاصدع بما تؤمر (انفرد بذكره القرطبي*)
الرابع: أن المعنى: وقل أنا النذير كما قد أنزلنا قبل في الكتب أنك ستأتي نذيراً (انفرد بذكره ابن عطية*)
الخامس: أنه يتعلق بقوله: (وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ)، أي: أنزلنا عليك مثل ما أنزلنا على أهل الكتاب، وهم المقتسمون الذين جعلوا القرآن عضين (اقتصر عليه الماتريدي*) (وذكره الزمخشري*, والرازي*, والشنقيطي*, وابن عاشور*)
وهذا القول أقرب الأقوال.
وأما قوله: (الْمُقْتَسِمِينَ) فاختلف فيه أيضاً على أقوال:
الأول: أنهم أهل الكتاب، اقتسموا القرآن فآمنوا ببعضه وكفروا ببعضه. (ذكره ابن جرير*, والبغوي*, والزمخشري*, والرازي*, والقرطبي*, والشنقيطي*, وابن عاشور*) (واقتصر عليه صاحب الظلال*)
فقالوا بعنادهم وعدوانهم: بعضه حق موافق للتوراة والإنجيل، وبعضه باطل مخالف لهما، فاقتسموه إلى حق وباطل.
قال صاحب الظلال: "وكان منهم في الجزيرة العربية اليهود والنصارى..
ولكن هذه البقايا لم تكن تتلقى هذا القرآن بالتسليم الكامل، إنما كانت تقبل بعضه وترفض بعضه، وفق الهوى ووفق التعصب وهؤلاء هم الذين يسميهم الله هنا: «المقتسمين، الذين جعلوا القرآن عضين» ..
وهذه السورة مكية. ولكن الخطاب بالقرآن كان عاماً للبشر. ومن البشر هؤلاء المقتسمون الذين جعلوا القرآن عضين"
الثاني: أنهم أهل الكتاب، سموا المقتسمين، لأن بعضهم قال استهزاء بالقرآن: هذه السورة لي، وقال بعضهم: هذه لي. (ذكره ابن جرير*, والزمخشري*, وابن عطية*, والرازي*, والقرطبي*)
الثالث: أنهم أهل الكتاب، لاقتسامهم كتبهم، وتفريقهم ذلك بإيمانهم ببعضها، وكفرهم ببعض. (ذكره ابن جرير*, والماتريدي*, والبغوي*, والزمخشري*, وابن عطية*, والقرطبي*, وابن كثير*, والشنقيطي*, وابن عاشور*)
وهذا القول أقرب الأقوال.
فالمراد بالقرآن على هذا القول: ما يقرؤونه من كتبهم.
قال الزمخشري: "يجوز أن يراد بالقرآن: ما يقرؤونه من كتبهم، وقد اقتسموه بتحريفهم، وبأن اليهود أقرت ببعض التوراة وكذبت ببعض، والنصارى أقرت ببعض الإنجيل وكذبت ببعض، وهذه تسلية لرسول الله صلى الله عليه وسلم عن صنيع قومه بالقرآن وتكذيبهم، وقولهم: سحر وشعر وأساطير، بأن غيرهم من الكفرة فعلوا بغيره من الكتب نحو فعلهم".
الرابع: أن المقتسمين هم المشركون اقتسموا القرآن، فقال بعضهم: سحر. وقال بعضهم: شعر، وقال بعضهم: كذب. وقال بعضهم: أساطير الأولين. (رجحه ابن جرير*) (وذكره البغوي*, والرازي*, والقرطبي*) (ومال اليه الشنقيطي*)
وأما بقية الأقوال فهي بعيدة وهي كما يلي:
قيل: {المقتسمين} أي: المتحالفين، أي: تحالفوا على مخالفة الأنبياء وتكذيبهم وأذاهم، كما قال تعالى إخباراً عن قوم صالح أنهم: {قالوا تقاسموا بالله لنبيتنه وأهله}
{وأقسموا بالله جهد أيمانهم لا يبعث الله من يموت} {أولم تكونوا أقسمتم من قبل ما لكم من زوال} {أهؤلاء الذين أقسمتم لا ينالهم الله برحمة} فكأنهم كانوا لا يكذبون بشيء إلا أقسموا عليه، فسموا مقتسمين. (ذكره ابن كثير*, والشنقيطي*)
قال الشنقيطي: "على هذا القول فالاقتسام افتعال من القسم بمعنى اليمين، وهو بمعنى التقاسم".
وقيل: المراد بهم الرهط من قوم صالح الذين تقاسموا على تبييت صالح وأهله. (ذكره ابن جرير*, والزمخشري*, وابن عطية*, والرازي*, والقرطبي*, وابن كثير*)
قال الزمخشري: "والاقتسام بمعنى التقاسم"
قال ابن عطية: "ويقلق هذا التأويل مع قوله: (الذين جعلوا القرآن عضين)"
وقيل: المراد بهم ستة عشر رجلاً بعثهم الوليد بن المغيرة أيام الموسم فاقتسموا فجاج مكة يقولون لمن سلكها: لا تغتروا بهذا الخارج فينا يدعي النبوة، فإنه مجنون، وربما قالوا: ساحر، وربما قالوا: شاعر، وربما قالوا: كاهن. وسموا المقتسمين لأنهم اقتسموا هذه الطرق. (ذكره ابن جرير*, والماتريدي*, والبغوي*, والزمخشري*, وابن عطية*, والرازي*, والقرطبي*, وابن عاشور*)
وقيل: المراد بهم اليهود، وهو ما جرى على قريظة والنضير، جعل المتوقع بمنزلة الواقع، وهو من الإعجاز، لأنه إخبار بما سيكون وقد كان. (انفرد بذكره الزمخشري*) (ونقله عنه بنصه الشنقيطي*)
وقيل: الاقتسام هو أنهم فرقوا القول في رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: ساحر كاهن شاعر (ذكره الماتريدي*, والبغوي*)
وقيل: هم قوم اقتسموا أيماناً تحالفوا عليها.
قيل: إنهم العاص بن وائل وعتبة وشيبة ابنا ربيعة وأبو جهل بن هشام وأبو البختري بن هشام والنضر بن الحارث وأمية بن خلف ومنبه بن الحجاج (انفرد بذكره القرطبي*)
وأما قوله: (الذين جعلوا القرآن عضين)
قيل: (عضين) جمع عضة، وأصلها عضوة فعلة من عضى الشاة إذا جعلها أعضاء.
معناه: الذين جعلوا القرآن أجزاء وفِرَقا مفترقة. (كلهم ذكروا هذا القول) (واقتصر عليه ابن عاشور*)
قال ابن عاشور "عضين جمع عضة، والعضة: الجزء والقطعة من الشيء. وأصلها عضو فحذفت الواو التي هي لام الكلمة وعوض عنها الهاء.
وحذف اللام قصد منه تخفيف الكلمة لأن الواو في آخر الكلمة تثقل عند الوقف عليها، فعوضوا عنها حرفاً لئلا تبقى الكلمة على حرفين، وجعلوا العوض هاء لأنها أسعد الحروف بحالة الوقف".
وقيل: الأصل عِضَهَة، عَضَهْتُ الرجل إذا بَهَتَّه، وقذفته ببُهتان (ذكره ابن جرير*, والبغوي*, والزمخشري*, وابن عطية*, والرازي*, والقرطبي*)
وقيل: المراد بالعضين العضه وهو السحر (ذكره ابن جرير*, والماتريدي*, والبغوي*, والزمخشري*, وابن عطية*, والقرطبي*, وابن كثير*, والشنقيطي*)
والله تعالى أعلم.
للاطلاع على مقدمة سلسلة (النوال)
انظر هنا
https://majles.alukah.net/t188624/