النوال... (250) (فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ)

إنضم
15/04/2018
المشاركات
322
مستوى التفاعل
13
النقاط
18
الإقامة
السعودية
"النوال في تحرير ما للمفسرين من أقوال" (250)

اكتب في (قوقل) (النوال. وكلمة من الآية) التي تريد معرفة ملخص آراء المفسرين فيها.

قال الرازي رحمه الله في من يفهم آيات القرآن على الآراء الضعيفة: "أقول حقاً: إن الذين يتبعون أمثال ذلك قد حرموا الوقوف على معاني كلام الله تعالى حرماناً عظيماً".

الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد.
قال الله تعالى: (فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ) في "البقرة" و"الأنعام" و"النحل"

اختلف المفسرون في المراد بقوله: (غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ) على قولين:
القول الأول: أن المراد غير باغ بخروجه على الأئمة ولا عاد بقطع السبيل ونحو ذلك، فمن خرج في معصية الله فلا رخصة له وإن اضطُرَّ إليه (رجحه الرازي*) (وذكره ابن عاشور*)

القول الثاني: أن المراد غير باغ الحرام في أكله، ولا معتدٍ بأكل أكثر ما أبيح له منه.
(رجحه ابن جرير*, والقرطبي*) (ورجحه الماتريدي*, وابن عطية* عند آية "النحل") (واقتصر عليه صاحب الظلال*)

(واقتصر عليه الزمخشري*) لكنه فسر البغي تفسيراً غريباً فقال: "غير باغ على مضطر آخر بالاستيثار عليه"
وقال عند آية "الأنعام": "غير باغ على مضطر مثله تارك لمواساته"
(وذكر القولين البغوي*, وابن كثير*, والشنقيطي*)

(وذكر ابن عاشور* معنى ثالثاً) فقال: "وقوله: (غير باغ ولا عاد) حال، ومجيء هذه الحال هنا للتنويه بشأن المضطر في حال إباحة هذه المحرمات له بأنه بأكلها يكون غير باغ ولا عاد، لأن الضرورة تلجئ إلى البغي والاعتداء فالآية إيماء إلى علة الرخصة وهي رفع البغي والعدوان بين الأمة"

ورجح ابن جرير القول الثاني بقوله: "وذلك أن الله تعالى لم يرخص لأحد في قتل نفسه بحال".

وكذلك قال الماتريدي: "لأنه إن لم يتناول هلكت نفسه فيصير باغياً على نفسه"

قال الرازي: "أجاب الشافعي بأنه يمكنه الوصول إلى استباحة هذه الرخص بالتوبة وإذا لم يتب فهو الجاني على نفسه"

وقال الرازي: "الإنسان ينفر بطبعه عن تناول الميتة والدم، وما كان كذلك لم يكن هناك حاجة إلى النهي عنه فصرف هذا الشرط إلى التعدي في الأكل يخرج الكلام عن الفائدة"

وقال القرطبي: "قال ابن العربي: وعجباً ممن يبيح له ذلك مع التمادي على المعصية، وما أظن أحداً يقوله، فإن قاله فهو مخطئ قطعاً.
قال القرطبي: قلت: الصحيح خلاف هذا، فإن إتلاف المرء نفسه في سفر المعصية أشد معصية مما هو فيه، قال الله تعالى: (ولا تقتلوا أنفسكم) وهذا عام، ولعله يتوب في ثاني حال فتمحو التوبة عنه ما كان.
وقد قال مسروق: من اضطر إلى أكل الميتة والدم ولحم الخنزير فلم يأكل حتى مات دخل النار، إلا أن يعفو الله عنه".

قال القرطبي: "قال أبو الحسن الطبري: وليس أكل الميتة عند الضرورة رخصة بل هو عزيمة واجبة، ولو امتنع من أكل الميتة كان عاصياً، وليس تناول الميتة من رخص السفر أو متعلقاً بالسفر بل هو من نتائج الضرورة سفراً كان أو حضراً، وهو كالإفطار للعاصي المقيم إذا كان مريضاً، وكالتيمم للعاصي المسافر عند عدم الماء. قال: وهو الصحيح عندنا".

فائدة:
قال ابن عاشور: "نقل الرازي عن بعضهم إباحة تناول المحرمات في الأدوية، وعندي أنه إذا وقع قوة ظن الأطباء الثقات بنفع الدواء المحرم من مرض عظيم وتعينه أو غلب ذلك في التجربة فالجواز قياساً على أكل المضطر".
والله تعالى أعلم.

للاطلاع على مقدمة سلسلة (النوال)
انظر هنا
https://majles.alukah.net/t188624/
 
عودة
أعلى