النوال... (249) (فَإِذَا فَرَغْتَ فَانْصَبْ)

إنضم
15/04/2018
المشاركات
322
مستوى التفاعل
13
النقاط
18
الإقامة
السعودية
"النوال في تحرير ما للمفسرين من أقوال" (249)

اكتب في (قوقل) (النوال. وكلمة من الآية) التي تريد معرفة ملخص آراء المفسرين فيها.

قال الرازي رحمه الله في من يفهم آيات القرآن على الآراء الضعيفة: "أقول حقاً: إن الذين يتبعون أمثال ذلك قد حرموا الوقوف على معاني كلام الله تعالى حرماناً عظيماً".

الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد.
قال الله تعالى: (فَإِذَا فَرَغْتَ فَانْصَبْ)
أقرب الأقوال في هذه الآية أن المراد إذا فرغت من أمر دنياك فانصب في عبادة ربك.

والآن إلى ذكر أقوال المفسرين في الآية.
اختلف المفسرون في المراد بهذه الآية على خمسة أقوال:
القول الأول: أن المراد إذا فرغت من صلاتك فانصب إلى ربك في الدعاء. (ذكره ابن جرير*, والماتريدي*, والبغوي*, والزمخشري*, وابن عطية*, والرازي*, والقرطبي*, وابن كثير*)

القول الثاني: أن المراد إذا فرغت من الفرائض فانصب في قيام الليل. (ذكره الماتريدي*, والبغوي*, وابن عطية*, والرازي*, والقرطبي*, وابن كثير*)
ونحوه قول من قال: فإذا فرغت من فرضك فانصب في النفل عبادة لربك (ذكره ابن عطية*, ومكمل أضواء البيان*)

القول الثالث: أن المراد إذا فرغت من جهاد عدوك فانصب في عبادة ربك. (ذكره ابن جرير*, والبغوي*, والزمخشري*, والرازي*, والقرطبي*, وابن كثير*, ومكمل أضواء البيان *)
(وضعفه الماتريدي*, وابن عطية*)

قال الماتريدي: "هذا بعيد لأنه نزل ذلك بمكة، ولم يكن أمر بالغزو والجهاد بمكة"
وقال ابن عطية: "ويعترض هذا التأويل بأن الجهاد فرض بالمدينة"

القول الرابع: أن المراد إذا فرغت من أمر دنياك فانصب في عبادة ربك. (كلهم ذكروا هذا القول إلا ابن عاشور) (واقتصر عليه صاحب الظلال*)
وهذا أقرب الأقوال.
ونحوه قول من قال: إذا فرغت من تبليغ الرسالة إليهم فانصب لعبادة ربك والأمور التي بينك وبين ربك (ذكره الماتريدي*)

قال مكمل أضواء البيان: "والذي يشهد له القرآن أنه توجيه عام للأخذ بحظ الآخرة بعد الفراغ من عمل الدنيا"

القول الخامس: أن المراد إذا فرغت من عبادة أو عمل من مهام الأعمال فانصب في عمل آخر (ذكره الزمخشري*, وابن عطية*, والرازي*, وابن عاشور*)

قال الزمخشري: "فإذا فرغ من عبادة ذنبها بأخرى"
وقال ابن عطية: "إذا فرغ من شغل من أشغال النبوة والعبادة أن ينصب في آخر، فالمعنى أن يرأب على ما أمر به ولا يفتر"

وقال الرازي: "وبالجملة فالمعنى أن يواصل بين بعض العبادات وبعض، وأن لا يخلي وقتاً من أوقاته منها، فإذا فرغ من عبادة أتبعها بأخرى"

وقال ابن عاشور: "فالمعنى إذا أتممت عملاً من مهام الأعمال فأقبل على عمل آخر بحيث يعمر أوقاته كلها بالأعمال العظيمة"

تنبيه:
قال الماتريدي: "ويجب ألا نتكلف تفسير ما ذكر في هذه السورة من أولها إلى آخرها، لأنه أمر بينه وبين ربه، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلم ما أراد به، وليس شيئاً مما يجب علينا العمل به حتى يلزمنا التكلف لاستخراج ذلك فكان الإمساك عنه أولى، وترك التكلف فيه والاشتغال به أرفق وأسلم، والله الموفق".

قلت: في هذا القول بعض النظر فإن هاتين الآيتين وإن كانت موجهة للنبي صلى الله عليه وسلم فإنها توجيه للامة كلها تبعاً له فهو قدوتهم (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ)

قال صاحب الظلال: "ثم يجيء التوجيه الكريم لمواقع التيسير، وأسباب الانشراح، ومستودع الري والزاد في الطريق الشاق الطويل:
«فإذا فرغت فانصب. وإلى ربك فارغب» ..
إن مع العسر يسراً.. فخذ في أسباب اليسر والتيسير. فإذا فرغت من شغلك مع الناس ومع الأرض، ومع شواغل الحياة.. إذا فرغت من هذا كله فتوجه بقلبك كله إذن إلى ما يستحق أن تنصب فيه وتكد وتجهد..
العبادة والتجرد والتطلع والتوجه.. «وإلى ربك فارغب» .. إلى ربك وحده خالياً من كل شيء حتى من أمر الناس الذين تشتغل بدعوتهم.. إنه لا بد من الزاد للطريق. وهنا الزاد. ولا بد من العدة للجهاد. وهنا العدة..
وهنا ستجد يسراً مع كل عسر، وفرجاً مع كل ضيق.. هذا هو الطريق!"

طرفة:
قال الزمخشري: "روي عن بعض الرافضة أنه قرأ (فانصب) بكسر الصاد، أي: فانصب علياً للإمامة، ولو صح هذا للرافضي لصح الناصبي أن يقرأ هكذا ويجعله أمراً بالنصب الذي هو بغض علي وعداوته"
والله تعالى أعلم.

للاطلاع على مقدمة سلسلة (النوال)
انظر هنا
https://majles.alukah.net/t188624/
 
عودة
أعلى