صالح بن سليمان الراجحي
Member
"النوال في تحرير ما للمفسرين من أقوال" (248)
اكتب في (قوقل) (النوال. وكلمة من الآية) التي تريد معرفة ملخص آراء المفسرين فيها.
قال الرازي رحمه الله في من يفهم آيات القرآن على الآراء الضعيفة: "أقول حقاً: إن الذين يتبعون أمثال ذلك قد حرموا الوقوف على معاني كلام الله تعالى حرماناً عظيماً".
الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد.
قال الله تعالى في سورة "النازعات": (وَالنَّازِعَاتِ غَرْقًا وَالنَّاشِطَاتِ نَشْطًا وَالسَّابِحَاتِ سَبْحًا فَالسَّابِقَاتِ سَبْقًا فَالْمُدَبِّرَاتِ أَمْرًا)
اختلف المفسرون في المراد بهذه الآيات على ثلاثة أقوال:
القول الأول: أن المراد بهذه الآيات الملائكة (كلهم ذكروا هذا القول)
قال الزمخشري: "أقسم سبحانه بطوائف الملائكة التي تنزع الأرواح من الأجساد.
وبالطوائف التي تنشطها أي: تخرجها. من نشط الدلو من البئر إذا أخرجها.
وبالطوائف التي تسبح في مضيها، أي: تسرع فتسبق إلى ما أمروا به.
فتدبر أمراً من أمور العباد مما يصلحهم في دينهم أو دنياهم.
(غَرْقاً) إغراقاً في النزع، أي: تنزعها من أقاصي الأجساد من أناملها وأظفارها".
قال ابن عطية: "وغرقاً مصدر بمعنى الإغراق والمبالغة في الفعل"
قال ابن عاشور: "أي: نزعاً غرقاً، أي: مغرقاً، أي تنزع الأرواح من أقاصي الأجساد" .
قال ابن جرير: "الملائكة تنشط نفس المؤمن فتقبضها كما ينشط العقال من البعير إذا حل عنه".
وقال ابن كثير: "الملائكة حين تنزع أرواح بني آدم، فمنهم من تأخذ روحه بعنف فتغرق في نزعها، ومنهم من تأخذ روحه بسهولة وكأنما حلته من نشاط"
قال الماتريدي: "وقيل: هذا في حق الكفار: أي: ينشط أرواح الكفرة نشطاً عنيفاً، أي: تنزع ملائكة العذاب أرواح الكفرة من أجوافهم نزعاً شديداً"
وقال البغوي: وقيل: "هي الملائكة تنشط أرواح الكفار مما بين الجلد والأظفار حتى تخرجها من أفواههم بالكرب والغم، والنشط: الجذب والنزع"
القول الثاني: أن المراد النجوم (كلهم ذكروا هذا القول)
قال الزمخشري: "أقسم بالنجوم التي تنزع من المشرق إلى المغرب. وإغراقها في النزع أن تقطع الفلك كله حتى تنحط في أقصى الغرب، والتي تخرج من برج إلى برج.
والتي تسبح في الفلك من السيارة فتسبق.
فتدبر أمراً من علم الحساب".
قال ابن عطية: "تنشط من أفق إلى أفق، أي تذهب وتسير بسرعة"
وقال ابن جرير: "يسبق بعضها بعضاً في السير".
القول الثالث: أن المراد الخيل (ذكره الزمخشري*, والرازي*)
قال الزمخشري: "أقسم بخيل الغزاة التي تنزع في أعنتها نزعاً تغرق فيه الأعنة لطول أعناقها، لأنها عراب.
والتي تخرج من دار الإسلام إلى دار الحرب من قولك: «ثور ناشط» إذا خرج من بلد إلى بلد.
والتي تسبح في جريها فتسبق إلى الغاية.
فتدبر أمر الغلبة والظفر، وإسناد التدبير إليها لأنها من أسبابه".
(وذكر هذا القول البغوي*, وابن عطية*, والقرطبي*, وابن عاشور* فقط عند قوله: (وَالسَّابِحَاتِ)
(وذكره ابن جرير*, والماتريدي*, والبغوي*, وابن عطية*, والقرطبي* وابن كثير فقط عند قوله: (فَالسَّابِقَاتِ)
وأما قوله: (فالمدبرات أمراً) فلا خلاف في أن المراد الملائكة تدبر ما أمرت به من أمر الله.
قال ابن عطية: "لا أحفظ خلافاً أنها الملائكة ومعناه أنها تدبر الأمور التي سخرها الله تعالى وصرفها فيها كالرياح والسحاب وسائر المخلوقات"
وذكر الاتفاق على ذلك أيضاً الماتريدي والرازي وابن كثير.
وخالف الاتفاق الزمخشري والرازي وصاحب الظلال عند ذكر القول بأن المراد النجوم.
وكذلك الزمخشري عند ذكر القول بأن المراد الخيل.
وابن عاشور عند ذكر القول بأن المراد بالسابحات الخيل.
وهذه أقوالهم:
قال الزمخشري: "والتي تسبح في الفلك من السيارة فتسبق فتدبر أمراً من علم الحساب".
وقال عند ذكر القول بأن المراد الخيل: "فتدبر أمر الغلبة والظفر، وإسناد التدبير إليها لأنها من أسبابه".
وقال الرازي: "فالمدبرات أمراً أن بسبب سيرها وحركتها يتميز بعض الأوقات عن بعض، فتظهر أوقات العبادات ولأن بسبب حركة الشمس تختلف الفصول الأربعة، ويخلف بسبب اختلافها أحوال الناس في المعاش، فلا جرم أضيفت إليها هذه التدبيرات"
وقال صاحب الظلال: "وتدبر من النتائج والظواهر ما وكله الله إليها مما يؤثر في حياة الأرض ومن عليها".
وقال ابن عاشور: "وإن كانت السابحات خيل الغزاة فالمراد بالتدبير: تدبير مكائد الحرب من كر وفر وغارة وقتل وأسر ولحاق للفارين، أو ثبات بالمكان. وإسناد التدبير إلى السابحات على هذا الوجه مجاز عقلي لأن التدبير للفرسان وإنما الخيل وسائل لتنفيذ التدبير"
وفي الآيات أقوال أخرى:
فقيل: (النَّازِعَات) الغزاة تنزع القسيّ فتغرق في نزعها، أي: تستوفى مد القوس (ذكره الماتريدي*, والبغوي*, والزمخشري*, وابن عطية*, والرازي*, والقرطبي*, وابن عاشور*)
وقيل: (النَّازِعَات) القسي تنزع بالسهم. (ذكره ابن جرير*, والبغوي*, وابن عطية*, والرازي*, والقرطبي*, وابن كثير*)
وقيل: {النازعات} و{الناشطات} هي القسي في القتال. (ذكره ابن كثير*)
وقيل: (النَّازِعَات) المنايا تنزع النفوس. (ذكره ابن جرير*, والبغوي*, وابن عطية*, والقرطبي*, وابن كثير*)
وقيل: (النَّازِعَات غَرْقًا) هي الأنفس التي تغرق في الصدر (ذكره الماتريدي* وابن عطية*, والقرطبي*)
وقيل: (الناشطات) المنايا تنشط النفوس. (ذكره ابن جرير*, والبغوي*, وابن عطية*)
وقيل: (الناشطات) النفوس المؤمنة تنشط عند الموت للخروج (ذكره الماتريدي*, وابن عطية*, والبغوي*, والقرطبي*, وابن عاشور*)
وقيل: الناشطات السهام وهي خروجها عن أيدي الرماة ونفوذها (ذكره الرازي*)
وقيل: (السابحات) السفن. (ذكره ابن جرير*, والماتريدي*, والبغوي*, وابن عطية*, والرازي*, والقرطبي*, وابن كثير*)
وقيل: (السَّابِحَات): أرواح المؤمنين، لسهولة الأمر عليها، كما يسهل الخروج من الماء لمن يعلم السباحة. (ذكره الماتريدي*)
وقيل: (السَّابِقَات) أرواح المؤمنين، لما تكاد تسبق فتخرج قبل وقتها، لما تعاين من كرامات الله تعالى (ذكره الماتريدي*, والقرطبي*)
وقيل: (السابقات) الرياح (انفرد بذكره ابن عطية*)
وقيل: (السابقات) الملائكة سبقت ابن آدم بالإيمان و والطاعة والعمل الصالح.(ذكره البغوي*, والرازي*, والقرطبي*, وابن كثير*, وصاحب الظلال*)
وقيل: (السابقات) هي الملائكة تسبق بأرواح المؤمنين إلى الجنة. (ذكره البغوي*, والقرطبي*)
وقيل: "الأرواح البشرية الخالية عن العلائق الجسمانية المشتاقة إلى الاتصال العلوي بعد خروجها من ظلمة الأجساد تذهب إلى عالم الملائكة، ومنازل القدس على أسرع الوجوه في روح وريحان، فعبر عن ذهابها على هذه الحالة بالسباحة، ثم لا شك أن مراتب الأرواح في النفرة عن الدنيا ومحبة الاتصال بالعالم العلوي مختلفة فكلما كانت أتم في هذه الأحوال كان سيرها إلى هناك أسبق" (ذكره الرازي)
ورجح ابن جرير أن الآيات عامة، ولم يخصص الله بذلك شيئاً دون شيء، فكل ما صح من المعاني فهو داخل في القسم.
قال صاحب الظلال: "وأياً ما كانت مدلولاتها فنحن نحس من الحياة في الجو القرآني أن إيرادها على هذا النحو ينشئ أولاً وقبل كل شيء هزة في الحس، وتوجساً في الشعور، وتوفزاً وتوقعاً لشيء يهول ويروع. ومن ثم فهي تشارك في المطلع مشاركة قوية في إعداد الحس لتلقي ما يروع ويهول من أمر الراجفة والرادفة والطامة الكبرى في النهاية!
وتمشياً مع هذا الإحساس نؤثر أن ندعها هكذا بدون زيادة في تفصيل مدلولاتها ومناقشتها لنعيش في ظلال القرآن بموجباته وإيحاءاته على طبيعتها. فهزة القلب وإيقاظه هدف في ذاته، يتحراه الخطاب القرآني بوسائل شتى.. ثم إن لنا في عمر بن الخطاب رضي الله عنه أسوة. وقد قرأ سورة: «عبس وتولى» حتى جاء إلى قوله تعالى: «وفاكهة وأبا» .. فقال: «قد عرفنا الفاكهة. فما الأب؟ ثم استدرك قائلاً: لعمرك يا بن الخطاب إن هذا لهو التكلف! وما عليك ألا تعرف لفظا في كتاب الله تعالى؟!» ... ثم قال: «اتبعوا ما تبين لكم من هذا الكتاب، وما لا، فدعوه» .. فهذه كلمات تنبعث عن الأدب أمام كلمات الله العظيمة. أدب العبد أمام كلمات الرب.
التي قد يكون بقاؤها مغلفة هدفاً في ذاته، يؤدي غرضاً بذاته".
والله تعالى أعلم.
للاطلاع على مقدمة سلسلة (النوال)
انظر هنا
https://majles.alukah.net/t188624/
اكتب في (قوقل) (النوال. وكلمة من الآية) التي تريد معرفة ملخص آراء المفسرين فيها.
قال الرازي رحمه الله في من يفهم آيات القرآن على الآراء الضعيفة: "أقول حقاً: إن الذين يتبعون أمثال ذلك قد حرموا الوقوف على معاني كلام الله تعالى حرماناً عظيماً".
الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد.
قال الله تعالى في سورة "النازعات": (وَالنَّازِعَاتِ غَرْقًا وَالنَّاشِطَاتِ نَشْطًا وَالسَّابِحَاتِ سَبْحًا فَالسَّابِقَاتِ سَبْقًا فَالْمُدَبِّرَاتِ أَمْرًا)
اختلف المفسرون في المراد بهذه الآيات على ثلاثة أقوال:
القول الأول: أن المراد بهذه الآيات الملائكة (كلهم ذكروا هذا القول)
قال الزمخشري: "أقسم سبحانه بطوائف الملائكة التي تنزع الأرواح من الأجساد.
وبالطوائف التي تنشطها أي: تخرجها. من نشط الدلو من البئر إذا أخرجها.
وبالطوائف التي تسبح في مضيها، أي: تسرع فتسبق إلى ما أمروا به.
فتدبر أمراً من أمور العباد مما يصلحهم في دينهم أو دنياهم.
(غَرْقاً) إغراقاً في النزع، أي: تنزعها من أقاصي الأجساد من أناملها وأظفارها".
قال ابن عطية: "وغرقاً مصدر بمعنى الإغراق والمبالغة في الفعل"
قال ابن عاشور: "أي: نزعاً غرقاً، أي: مغرقاً، أي تنزع الأرواح من أقاصي الأجساد" .
قال ابن جرير: "الملائكة تنشط نفس المؤمن فتقبضها كما ينشط العقال من البعير إذا حل عنه".
وقال ابن كثير: "الملائكة حين تنزع أرواح بني آدم، فمنهم من تأخذ روحه بعنف فتغرق في نزعها، ومنهم من تأخذ روحه بسهولة وكأنما حلته من نشاط"
قال الماتريدي: "وقيل: هذا في حق الكفار: أي: ينشط أرواح الكفرة نشطاً عنيفاً، أي: تنزع ملائكة العذاب أرواح الكفرة من أجوافهم نزعاً شديداً"
وقال البغوي: وقيل: "هي الملائكة تنشط أرواح الكفار مما بين الجلد والأظفار حتى تخرجها من أفواههم بالكرب والغم، والنشط: الجذب والنزع"
القول الثاني: أن المراد النجوم (كلهم ذكروا هذا القول)
قال الزمخشري: "أقسم بالنجوم التي تنزع من المشرق إلى المغرب. وإغراقها في النزع أن تقطع الفلك كله حتى تنحط في أقصى الغرب، والتي تخرج من برج إلى برج.
والتي تسبح في الفلك من السيارة فتسبق.
فتدبر أمراً من علم الحساب".
قال ابن عطية: "تنشط من أفق إلى أفق، أي تذهب وتسير بسرعة"
وقال ابن جرير: "يسبق بعضها بعضاً في السير".
القول الثالث: أن المراد الخيل (ذكره الزمخشري*, والرازي*)
قال الزمخشري: "أقسم بخيل الغزاة التي تنزع في أعنتها نزعاً تغرق فيه الأعنة لطول أعناقها، لأنها عراب.
والتي تخرج من دار الإسلام إلى دار الحرب من قولك: «ثور ناشط» إذا خرج من بلد إلى بلد.
والتي تسبح في جريها فتسبق إلى الغاية.
فتدبر أمر الغلبة والظفر، وإسناد التدبير إليها لأنها من أسبابه".
(وذكر هذا القول البغوي*, وابن عطية*, والقرطبي*, وابن عاشور* فقط عند قوله: (وَالسَّابِحَاتِ)
(وذكره ابن جرير*, والماتريدي*, والبغوي*, وابن عطية*, والقرطبي* وابن كثير فقط عند قوله: (فَالسَّابِقَاتِ)
وأما قوله: (فالمدبرات أمراً) فلا خلاف في أن المراد الملائكة تدبر ما أمرت به من أمر الله.
قال ابن عطية: "لا أحفظ خلافاً أنها الملائكة ومعناه أنها تدبر الأمور التي سخرها الله تعالى وصرفها فيها كالرياح والسحاب وسائر المخلوقات"
وذكر الاتفاق على ذلك أيضاً الماتريدي والرازي وابن كثير.
وخالف الاتفاق الزمخشري والرازي وصاحب الظلال عند ذكر القول بأن المراد النجوم.
وكذلك الزمخشري عند ذكر القول بأن المراد الخيل.
وابن عاشور عند ذكر القول بأن المراد بالسابحات الخيل.
وهذه أقوالهم:
قال الزمخشري: "والتي تسبح في الفلك من السيارة فتسبق فتدبر أمراً من علم الحساب".
وقال عند ذكر القول بأن المراد الخيل: "فتدبر أمر الغلبة والظفر، وإسناد التدبير إليها لأنها من أسبابه".
وقال الرازي: "فالمدبرات أمراً أن بسبب سيرها وحركتها يتميز بعض الأوقات عن بعض، فتظهر أوقات العبادات ولأن بسبب حركة الشمس تختلف الفصول الأربعة، ويخلف بسبب اختلافها أحوال الناس في المعاش، فلا جرم أضيفت إليها هذه التدبيرات"
وقال صاحب الظلال: "وتدبر من النتائج والظواهر ما وكله الله إليها مما يؤثر في حياة الأرض ومن عليها".
وقال ابن عاشور: "وإن كانت السابحات خيل الغزاة فالمراد بالتدبير: تدبير مكائد الحرب من كر وفر وغارة وقتل وأسر ولحاق للفارين، أو ثبات بالمكان. وإسناد التدبير إلى السابحات على هذا الوجه مجاز عقلي لأن التدبير للفرسان وإنما الخيل وسائل لتنفيذ التدبير"
وفي الآيات أقوال أخرى:
فقيل: (النَّازِعَات) الغزاة تنزع القسيّ فتغرق في نزعها، أي: تستوفى مد القوس (ذكره الماتريدي*, والبغوي*, والزمخشري*, وابن عطية*, والرازي*, والقرطبي*, وابن عاشور*)
وقيل: (النَّازِعَات) القسي تنزع بالسهم. (ذكره ابن جرير*, والبغوي*, وابن عطية*, والرازي*, والقرطبي*, وابن كثير*)
وقيل: {النازعات} و{الناشطات} هي القسي في القتال. (ذكره ابن كثير*)
وقيل: (النَّازِعَات) المنايا تنزع النفوس. (ذكره ابن جرير*, والبغوي*, وابن عطية*, والقرطبي*, وابن كثير*)
وقيل: (النَّازِعَات غَرْقًا) هي الأنفس التي تغرق في الصدر (ذكره الماتريدي* وابن عطية*, والقرطبي*)
وقيل: (الناشطات) المنايا تنشط النفوس. (ذكره ابن جرير*, والبغوي*, وابن عطية*)
وقيل: (الناشطات) النفوس المؤمنة تنشط عند الموت للخروج (ذكره الماتريدي*, وابن عطية*, والبغوي*, والقرطبي*, وابن عاشور*)
وقيل: الناشطات السهام وهي خروجها عن أيدي الرماة ونفوذها (ذكره الرازي*)
وقيل: (السابحات) السفن. (ذكره ابن جرير*, والماتريدي*, والبغوي*, وابن عطية*, والرازي*, والقرطبي*, وابن كثير*)
وقيل: (السَّابِحَات): أرواح المؤمنين، لسهولة الأمر عليها، كما يسهل الخروج من الماء لمن يعلم السباحة. (ذكره الماتريدي*)
وقيل: (السَّابِقَات) أرواح المؤمنين، لما تكاد تسبق فتخرج قبل وقتها، لما تعاين من كرامات الله تعالى (ذكره الماتريدي*, والقرطبي*)
وقيل: (السابقات) الرياح (انفرد بذكره ابن عطية*)
وقيل: (السابقات) الملائكة سبقت ابن آدم بالإيمان و والطاعة والعمل الصالح.(ذكره البغوي*, والرازي*, والقرطبي*, وابن كثير*, وصاحب الظلال*)
وقيل: (السابقات) هي الملائكة تسبق بأرواح المؤمنين إلى الجنة. (ذكره البغوي*, والقرطبي*)
وقيل: "الأرواح البشرية الخالية عن العلائق الجسمانية المشتاقة إلى الاتصال العلوي بعد خروجها من ظلمة الأجساد تذهب إلى عالم الملائكة، ومنازل القدس على أسرع الوجوه في روح وريحان، فعبر عن ذهابها على هذه الحالة بالسباحة، ثم لا شك أن مراتب الأرواح في النفرة عن الدنيا ومحبة الاتصال بالعالم العلوي مختلفة فكلما كانت أتم في هذه الأحوال كان سيرها إلى هناك أسبق" (ذكره الرازي)
ورجح ابن جرير أن الآيات عامة، ولم يخصص الله بذلك شيئاً دون شيء، فكل ما صح من المعاني فهو داخل في القسم.
قال صاحب الظلال: "وأياً ما كانت مدلولاتها فنحن نحس من الحياة في الجو القرآني أن إيرادها على هذا النحو ينشئ أولاً وقبل كل شيء هزة في الحس، وتوجساً في الشعور، وتوفزاً وتوقعاً لشيء يهول ويروع. ومن ثم فهي تشارك في المطلع مشاركة قوية في إعداد الحس لتلقي ما يروع ويهول من أمر الراجفة والرادفة والطامة الكبرى في النهاية!
وتمشياً مع هذا الإحساس نؤثر أن ندعها هكذا بدون زيادة في تفصيل مدلولاتها ومناقشتها لنعيش في ظلال القرآن بموجباته وإيحاءاته على طبيعتها. فهزة القلب وإيقاظه هدف في ذاته، يتحراه الخطاب القرآني بوسائل شتى.. ثم إن لنا في عمر بن الخطاب رضي الله عنه أسوة. وقد قرأ سورة: «عبس وتولى» حتى جاء إلى قوله تعالى: «وفاكهة وأبا» .. فقال: «قد عرفنا الفاكهة. فما الأب؟ ثم استدرك قائلاً: لعمرك يا بن الخطاب إن هذا لهو التكلف! وما عليك ألا تعرف لفظا في كتاب الله تعالى؟!» ... ثم قال: «اتبعوا ما تبين لكم من هذا الكتاب، وما لا، فدعوه» .. فهذه كلمات تنبعث عن الأدب أمام كلمات الله العظيمة. أدب العبد أمام كلمات الرب.
التي قد يكون بقاؤها مغلفة هدفاً في ذاته، يؤدي غرضاً بذاته".
والله تعالى أعلم.
للاطلاع على مقدمة سلسلة (النوال)
انظر هنا
https://majles.alukah.net/t188624/