النوال... (243) (ثُمَّ كُلِي مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ فَاسْلُكِي سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلًا)

إنضم
15/04/2018
المشاركات
322
مستوى التفاعل
13
النقاط
18
الإقامة
السعودية
"النوال في تحرير ما للمفسرين من أقوال" (243)

اكتب في (قوقل) (النوال. وكلمة من الآية) التي تريد معرفة ملخص آراء المفسرين فيها.

قال الرازي رحمه الله في من يفهم آيات القرآن على الآراء الضعيفة: "أقول حقاً: إن الذين يتبعون أمثال ذلك قد حرموا الوقوف على معاني كلام الله تعالى حرماناً عظيماً".

الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد.
قال الله تعالى في سورة "النحل": (وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ ثُمَّ كُلِي مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ فَاسْلُكِي سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلًا)
قوله: (سُبُلَ رَبِّكِ) السبل: الطرق وهي مسالكها في الطيران، وأضافها إلى الرب لأنها خلقه التي يسر لها.
والمعنى: فاسلكي في طلب الثمار وعند الإياب إلى بيوتك راجعة سبل ربك، لا تتوعر عليك ولا تضلين فيها.
هذا هو القول المشهور.

وذكر بعضهم أقوالاً أخرى:
فقيل: فاسلكي الطرق التي ألهمك وأفهمك في عمل العسل. (ذكره الزمخشري*, والرازي*)

وقيل: ذلل الله لها سبل الحياة بما أودع في فطرتها وفي طبيعة الكون حولها من توافق (اقتصر عليه صاحب الظلال* وانفرد به)

وقيل: فاسلكي ما أكلت في سبل ربك، أي: في مسالكه التي يحيل فيها بقدرته النور المرّ عسلاً من أجوافك (انفرد به الزمخشري*)

وقيل: المراد ما سبل الله لها من الرزق والمأوى (اقتصر عليه الماتريدي* وانفرد به)
والقولان الأخيران ضعيفان.

وقوله: (ذُلُلًا) جمع ذلول.
وهل هي حال من السبل أو حال من النحل؟
فيه احتمالان كلاهما حق:
الأول: أنها حال من السبل، لأن الله ذللها لها ووطأها وسهلها، فهي مذللة للنحل سهلة المسالك. قال مجاهد: لا يتوعر عليها مكان سلكته.
(اختاره ابن جرير*) وقال: "وكلا القولين غير بعيد من الصواب، غير أنا اخترنا أن يكون نعتاً للسبل لأنها إليها أقرب".
(ورجحه ابن كثير*)

قال ابن كثير: "أذن لها تعالى إذناً قدرياً تسخيرياً أن تأكل من كل الثمرات، وأن تسلك الطرق التي جعلها الله تعالى لها مذللة، أي: سهلة عليها حيث شاءت في هذا الجو العظيم والبراري الشاسعة، والأودية والجبال الشاهقة، ثم تعود كل واحدة منها إلى موضعها وبيتها، لا تحيد عنه يمنة ولا يسرة"

(واقتصر عليه صاحب الظلال*) فقال: "ذلل الله لها سبل الحياة بما أودع في فطرتها وفي طبيعة الكون حولها من توافق".

الثاني: أنها حال من النحل فهي حال من الضمير في (فَاسْلُكِي) أي: حال كونك مذللة منقادة بالتسخير لما أمرت به غير ممتنعة.
كما قال تعالى: (أولم يروا أنا خلقنا لهم مما عملت أيدينا أنعاماً فهم لها مالكون وذللناها لهم)
(اقتصر عليه ابن عاشور*) (وذكر القولين الماتريدي*, والبغوي*, والزمخشري*, وابن عطية*, والرازي*, والقرطبي*)

قصة طريفة:
من الطرائف ما ذكره الزمخشري وابن عطية أن من تأويلات الرافضة لهذه الآية أن المراد بها أهل البيت ورجال بني هاشم، وأنهم النحل، وأن الشراب القرآن والحكمة، وقد ذكر بعضهم هذا في مجلس المنصور أبي جعفر العباسي (وفي الكشاف عند المهدي) فقال له رجل ممن حضر: جعل الله طعامك وشرابك مما يخرج من بطون بني هاشم، فأضحك الحاضرين، وبهت الآخر، وظهرت سخافة قوله.
والله تعالى أعلم.

للاطلاع على مقدمة سلسلة (النوال)
انظر هنا
https://majles.alukah.net/t188624/
 
عودة
أعلى