النوال... (238) (ومنهم من عاهد الله لئن آتانا من فضله لنصدقن ولنكونن من الصالحين)

إنضم
15/04/2018
المشاركات
322
مستوى التفاعل
12
النقاط
18
الإقامة
السعودية
"النوال في تحرير ما للمفسرين من أقوال" (238)

اكتب في (قوقل) (النوال. وكلمة من الآية) التي تريد معرفة ملخص آراء المفسرين فيها.

قال الرازي رحمه الله في من يفهم آيات القرآن على الآراء الضعيفة: "أقول حقاً: إن الذين يتبعون أمثال ذلك قد حرموا الوقوف على معاني كلام الله تعالى حرماناً عظيماً".

الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد.
قال الله تعالى في سورة "التوبة": (وَمِنْهُمْ مَنْ عَاهَدَ اللَّهَ لَئِنْ آتَانَا مِنْ فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِينَ فَلَمَّا آتَاهُمْ مِنْ فَضْلِهِ بَخِلُوا بِهِ وَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقًا فِي قُلُوبِهِمْ إِلَى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِمَا أَخْلَفُوا اللَّهَ مَا وَعَدُوهُ وَبِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ)
ذكر المفسرون أن هذه الآية نزلت في الصحابي ثعلبة بن حاطب الأنصاري رضي الله عنه.
وقصته أخرجها ابن جرير وغيره لكن بسند واه وفي متنها نكارة كما سيأتي فهي لا تصح.
والغريب أن أكثر المفسرين لم ينبهوا إلى ذلك.

وملخص الرواية عن أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه قال:
(جاء ثعلبة بن حاطب الأنصاري إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله ادع الله أن يرزقني مالاً فو الذي بعثك بالحق لئن رزقني الله مالاً لأعطين كل ذي حق حقه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اللهم ارزق ثعلبة مالاً»، قال: فاتخذ غنماً فنمت كما ينمو الدود، فتباعد عن المدينة حتى كان لا يشهد جمعة ولا جماعة.
فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم اليه بأخذ الزكاة فقال: ما هذه إلا جزية ما هذا إلا أخت الجزية، فأنزل الله تعالى فيه: (ومنهم من عاهد الله لئن آتانا من فضله) الآية، وعند رسول الله صلى الله عليه وسلم رجل من أقارب ثعلبة فسمع ذلك فخرج حتى أتاه فقال: ويحك يا ثعلبة لقد أنزل الله فيك كذا وكذا، فخرج ثعلبة حتى أتى النبي صلى الله عليه وسلم فسأله أن يقبل منه الصدقة، فقال: «إن الله عز وجل منعني أن أقبل منك صدقتك»، فجعل يحثو التراب على رأسه، وقبض رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم أتى أبا بكر فقال: اقبل صدقتي، فقال أبو بكر: لم يقبلها منك رسول الله صلى الله عليه وسلم فأنا لا أقبلها فقبض أبو بكر ولم يقبلها. فلما ولي عمر أتاه فقال: اقبل صدقتي، فقال: لم يقبلها منك رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا أبو بكر فأنا لا أقبلها منك، فلم يقبلها. فلما ولي عثمان أتاه فلم يقبلها منها، وهلك ثعلبة في خلافة عثمان).

أخرجها ابن جرير وغيره من طريق: معان بن رفاعة، عن علي بن يزيد الألهاني، عن القاسم بن عبد الرحمن، عن أبي أمامة.
وهذا إسناد ضعيف جداً.
القاسم بن عبد الرحمن الدمشقي صاحب أبي أمامة متكلم فيه ومختلف فيه, وفي حديث الضعفاء عنه مناكير واضطراب كما قال البخاري, وقال أبو حاتم: حديث الثقات عنه مستقيم لا بأس به وإنما ينكر عنه الضعفاء.
وكان أحمد يرى أن البلاء من القاسم نفسه.
وعلي بن يزيد الألهاني ضعيف بالاتفاق ومنكر الحديث.
وقال ابن معين: علي بن يزيد عن القاسم عن أبي أمامة هي ضعاف كلها.
ومعان بن رفاعة لين الحديث كثير الإرسال.

وفي المتن نكارة بينة فكيف لا تقبل توبته وباب التوبة مفتوح أبداً لا يغلق دون عن أحد.
(والله أفرح بتوبة عبده من أحدكم سقط على بعيره وقد أضله في أرض فلاة)
والصحيح أنها نزلت في المنافقين فإن السورة تتحدث عنهم
(وَمِنْهُمُ الَّذِينَ يُؤْذُونَ النَّبِيَّ وَيَقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ)
(وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ ائْذَنْ لِي وَلَا تَفْتِنِّي)
(وَمِنْهُمْ مَنْ يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقَاتِ)
(وَمِنْهُمْ مَنْ عَاهَدَ اللَّهَ لَئِنْ آتَانَا مِنْ فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِينَ)

وأما قوله: (فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقًا فِي قُلُوبِهِمْ إِلَى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ)
فمعناه والله أعلم: جعل في قلوبهم بقاء النفاق والثبات عليه إلى الممات.

قال الماتريدي: "منهم من قال: نزلت في المنافقين جملة، ولكن ليست في شأن واحد منصوص مشار إليه، ولكن في المنافقين جملة، وهكذا كانت عادتهم أنهم إذا وعدوا شيئاً أخلفوا ولم يوفوا الوعد.
ثم يحتمل قوله: (وَمِنْهُمْ مَنْ عَاهَدَ اللَّهَ) أنه كان منافقاً وقت ما وعد الله، ووعد الله لئن أتاه من فضله ليصدقن... "

وقال القرطبي: "لعل قول من قال في ثعلبة أنه مانع الزكاة الذي نزلت فيه الآية غير صحيح، والله أعلم. قال الضحاك: إن الآية نزلت في رجال من المنافقين نبتل بن الحارث وجد بن قيس ومعتب بن قشير.
قال القرطبي: قلت: وهذا أشبه بنزول الآية فيهم، إلا أن قوله: (فأعقبهم نفاقاً) يدل على أن الذي عاهد الله لم يكن منافقاً من قبل، إلا أن يكون المعنى: زادهم نفاقاً ثبتوا عليه إلى الممات"
والله تعالى أعلم.

للاطلاع على مقدمة سلسلة (النوال)
انظر هنا
https://majles.alukah.net/t188624/
 
عودة
أعلى