النوال... (228) (مُسْتَكْبِرِينَ بِهِ سَامِرًا تَهْجُرُونَ)

إنضم
15/04/2018
المشاركات
322
مستوى التفاعل
13
النقاط
18
الإقامة
السعودية
"النوال في تحرير ما للمفسرين من أقوال" (228)

اكتب في (قوقل) (النوال. وكلمة من الآية) التي تريد معرفة ملخص آراء المفسرين فيها.

قال الرازي رحمه الله في من يفهم آيات القرآن على الآراء الضعيفة: "أقول حقاً: إن الذين يتبعون أمثال ذلك قد حرموا الوقوف على معاني كلام الله تعالى حرماناً عظيماً".

الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد.
قال الله تعالى في سورة "المؤمنون": (قَدْ كَانَتْ آيَاتِي تُتْلَى عَلَيْكُمْ فَكُنْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ تَنْكِصُونَ مُسْتَكْبِرِينَ بِهِ سَامِرًا تَهْجُرُونَ)
اختلف المفسرون في الضمير في قوله: (مستكبرين به) إلى ماذا يعود على ثلاثة أقوال:
القول الأول: أنه يعود إلى البيت أو المسجد الحرام أو الحرم كناية عن غير مذكور، أي: مستكبرين متعظمين بالبيت فإنهم كانوا يقولون: نحن أهل حرم الله وجيران بيته فلا يظهر علينا أحد ولا نخاف أحداً. (اقتصر عليه ابن جرير*) (ورجحه البغوي*) (وذكره الماتريدي*, والزمخشري*, وابن عطية*, والرازي*, والقرطبي*, وابن كثير*, وابن عاشور*)

قال الزمخشري: "والذي سوّغ هذا الإضمار شهرتهم بالاستكبار بالبيت، وأنه لم تكن لهم مفخرة إلا أنهم ولاته والقائمون به".

القول الثاني: أن الضمير يعود إلى القرآن أي: مستكبرين بالقرآن فلا يؤمنون به. (ذكره الماتريدي*, والبغوي*, والزمخشري*, والقرطبي*, وابن عاشور*) (ومال اليه ابن عطية*) (واقتصر عليه صاحب الظلال*)

قال الزمخشري: "يجوز أن يرجع إلى قوله: (آياتي)، إلا أنه ذُكِّر لأنها في معنى كتابي".
ولماذا عدي بالباء فقال: (مستكبرين به)؟
قيل: لأنه سبب تكبرهم (وهذا قول الماتريدي*، وذكره الزمخشري*)
قال الماتريدي: "وإضافة الاستكبار إلى القرآن، لأنهم بنزوله تكبروا على الله فأضاف استكبارهم إليه، لأنه كان سبب تكبرهم".

وقيل: ضمن مستكبرين معنى مكذبين (وهذا قول الزمخشري*)
قال الزمخشري: "ومعنى استكبارهم بالقرآن: تكذيبهم به استكباراً.
ضمن مستكبرين معنى مكذبين فعدّي تعديته. أو يحدث لكم استماعه استكباراً وعتوّاً، فأنتم مستكبرون بسببه".

وقيل: ضمن (مستكبرين) معنى ساخرين.
أو أن (مستكبرين) بمعنى معرضين استكباراً ويكون الباء بمعنى (عن) (وهذان القولان لابن عاشور*)

القول الثالث: أن الباء تتعلق بـ(سامراً)، و(به) أي: بالقران.
والمعنى: تسمرون بذكر القرآن وبالطعن فيه. (ذكره الزمخشري*, والرازي*, وابن كثير*)

وقيل: الباء تتعلق بـ(سامراً)، و(به) أي: بالحرم.
والمعنى: تسمرون بالحرم بالهجر والهذيان من الكلام. (انفرد بذكره ابن كثير*)

وقيل: الباء تتعلق بـ(سامراً)، و(به) أي: بمحمد.
والمعنى: أنكم تسمرون بذكر محمد صلى الله عليه وسلم، وتذكرونه في سمركم بالأقوال الفاسدة، وتضربون له الأمثال الباطلة، من أنه شاعر، أو كاهن، أو ساحر، أو كذاب، أو مجنون. (ذكره ابن عطية*, وابن كثير*)

(وذكره ابن عاشور*) لكن قال هكذا: "الضمير في قوله: (به) للنبي صلى الله عليه وسلم والباء حينئذ للتعدية، وتضمين (مستكبرين) معنى مكذبين لأن استكبارهم هو سبب التكذيب".

وقوله: (سامراً) أي: حال كونكم سماراً، والسمار الجماعة يتحدثون بالليل.
والمعنى: أنهم يسمرون بالليل في مجالسهم حول البيت بالهذيان والقول القبيح.

قال بعضهم: وحد سامراً وهو بمعنى الجمع لأنه وضع موضع الوقت، أراد تهجرون ليلاً.

وقيل: وحد سامر ومعناه الجمع، كقوله: (ثم نخرجكم طفلاً).

قال ابن عاشور: "وعندي أنه يجوز أن يكون (سامراً) مراداً منه مجلس السمر حيث يجتمعون للحديث ليلاً ويكون نصبه على نزع الخافض، أي: في سامركم".
قلت: في هذا بعد.

واختلفوا في المراد بقوله: (تهجرون) على قولين:

القول الأول: أنه من الهجر المعروف.
أي: تعرضون عن النبي صلى الله عليه وسلم وعن الإيمان والقرآن.

القول الثاني: أنه الهذيان والقول القبيح، من قولهم: هجر الرجل في منامه أو هجر المريض إذا هذى. (اقتصر عليه الزمخشري*, والرازي*, والقرطبي*, وابن عاشور*, وصاحب الظلال*)
(وذكر القولين ابن جرير*, والماتريدي*, والبغوي*, وابن عطية*, وابن كثير*)
والقول الثاني هو الأقوى.
والله تعالى أعلم.

للاطلاع على مقدمة سلسلة (النوال)
انظر هنا
https://majles.alukah.net/t188624/
 
السلام ورحمة الله وبركاته
جاء في كتاب "فتح الرحمن في بيان هجر القرآن" ص 177-178 :
((( روى البيهقي (٣) أن جماعة من الكفار والمشركين كانوا يتسللون في ظلام الليل ليسمعوا القرآن من رسول الله -صلى الله عليـه وسلم- وهو يصلي بالليل في بيته، وقد أخذ كل واحد منهم مجلسه ليستمع فيه، وكل لا يعلم بمكان صاحبه، فباتوا يستمعون القرآن، حتى إذا أصبحوا وطلع الفجر، إذا بهم يتفرقون فيجمعهم الطريق فيتساءلون أين كنتم؟ فيقولون: كنا نسمع القرآن من محمد بن عبد الله -صلى الله عليـه وسلم- فتلاوموا على ذلك وقال بعضهم لبعض: لا تعودوا لمثل هذا، فلو رآكم بعض سفائكم لأوقعتم في نفسه شيئاً، وتعاهدوا على عدم العودة إلى سماع القرآن مرة أخرى، وعلى الرغم من ذلك، تكرر منهم هذا الأمر مرتين بعد ذلك؛ لسيطرة القرآن على قلوبهم، وتأثرهم بآياته ولكن يمنعهم الكبر والحسد أن يؤمنوا برسول الله -صلى الله عليـه وسلم- وتمنوا أن ينزل القرآن على عظيم من العظماء من القريتين (مكة والطائف) قال تعالى: {وَقَالُوا لَوْلَا نُزِّلَ هَذَا الْقُرْآنُ عَلَى رَجُلٍ مِّنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ} (٣١) سورة الزخرف.
-----------------------
(٣) رواه البيهقي في دلائل النبوة (٢/ ٢٠٦) عن الزهري مرسلاً. ))) .


بالقياس الى هذا الحديث يتضح لنا معنى الآية الكريمة : (قَدْ كَانَتْ آيَاتِي تُتْلَى عَلَيْكُمْ فَكُنْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ تَنْكِصُونَ مُسْتَكْبِرِينَ بِهِ سَامِرًا تَهْجُرُونَ) ، حيث أن سامراً عائدة على النبي صلى الله علـيه وسلم لأنه كان يصلي جاهراً بالقرآن الكريم في جوف الليل ، والكفار والمشركين كانو يرفضون الإستماع إلى القرآن في النهار إستكباراً من عند أنفسهم فإذا جن عليهم الليل تسلل بعضهم قرب بيت النبي صلى الله عليـه وسلم لسماعه ولما إكتشف بعضهم البعض هجرو الإستماع إلى النبي ليلاً .
والله أعلم
 
عودة
أعلى