النوال... (226) (لَا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِكَ القمر ولا الليل سابق النهارِ)

إنضم
15/04/2018
المشاركات
322
مستوى التفاعل
13
النقاط
18
الإقامة
السعودية
"النوال في تحرير ما للمفسرين من أقوال" (226)

اكتب في (قوقل) (النوال. وكلمة من الآية) التي تريد معرفة ملخص آراء المفسرين فيها.

قال الرازي رحمه الله في من يفهم آيات القرآن على الآراء الضعيفة: "أقول حقاً: إن الذين يتبعون أمثال ذلك قد حرموا الوقوف على معاني كلام الله تعالى حرماناً عظيماً".

الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد.
قال الله تعالى في سورة "يس": (لَا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ)
قوله: (لَا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا) أي: لا يمكن ولا يتأتى.
قال ابن عطية: "ينبغي هنا مستعملة فيما لا يمكن خلافه لأنها لا قدرة لها على غير ذلك"

واختلف المفسرون في قوله: (لَا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ) على قولين:
القول الأول: أن المراد لا يدخل أحدهما في سلطان الآخر، فلا تطلع الشمس بالليل ولا يطلع القمر بالنهار وله ضوء. فإذا جاء سلطان هذا ذهب سلطان هذا. أو نحو هذا المعنى (اقتصر عليه ابن جرير*, والماتريدي*, والزمخشري*, وابن كثير*) (وذكره البغوي*, والقرطبي*)

القول الثاني: أن المراد أنها لا تجتمع معه في فلك واحد فهما في منازل لا يشتركان فيها (ذكره البغوي*, والقرطبي*) (واقتصر عليه ابن عاشور*, وصاحب الظلال*)

قال القرطبي: "قيل: معناه إذا اجتمعا في السماء كان أحدهما بين يدي الآخر في منازل لا يشتركان فيها، قاله ابن عباس أيضاً"

وقال ابن عاشور: "المعنى: نفي أن تصطدم الشمس بالقمر، خلافاً لما يبدو من قرب منازلهما فإن ذلك من المسامتة لا من الاقتراب".

وقوله: (وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ) أي: لا يدخل النهار على الليل قبل انقضائه، ولا يدخل الليل على النهار قبل انقضائه، بل يتعاقبان بحساب معلوم ويتطالبان حثيثين فينسلخ أحدهما عن الآخر هكذا دائبين أبداً.

قال ابن كثير: "قال مجاهد: {ولا الليل سابق النهار} يطلبان حثيثين، ينسلخ أحدهما من الآخر.
والمعنى في هذا: أنه لا فترة بين الليل والنهار، بل كل منهما يعقب الآخر بلا مهلة ولا تراخ، لأنهما مسخران دائبين يتطالبان طلباً حثيثاً".

وقال صاحب الظلال: "والليل لا يسبق النهار، ولا يزحمه في طريقه، لأن الدورة التي تجيء بالليل والنهار لا تختل أبداً فلا يسبق أحدهما الآخر أو يزحمه في الجريان!"

(وضعف الرازي*) هذا القول فقال: "هذا بعيد لأن ذلك يقع إيضاحاً للواضح".
قلت: تضعيف الرازي فيه نظر.
فإن الله تعالى يذكر الواضحات تذكيراً للعباد وتنبيهاً للغافلين عن الآيات الواضحات.
كذكره اختلاف الليل والنهار ورفع السماء بغير عمد وانزال المطر ونصب الجبال وبث الدواب وخلق الزوجين وغير ذلك كثير.

تنبيه:
(ذهب الزمخشري*) إلى أن المراد من الليل آية الليل وهي القمر ومن النهار آية النهار وهي الشمس.

فقال: "لا يسبق الليل النهار يعنى آية الليل آية النهار وهما النيران، ولا يزال الأمر على هذا الترتيب إلى أن يبطل الله ما دبر من ذلك.
(وهذا القول رجحه الرازي*) (وذكره القرطبي*)
وهو رأي واضح ضعفه.

وقوله: (وكل في فلك يسبحون) أي: يجرون ويسيرون.
والفلك الشيء المستدير.
والمراد أن الشمس والقمر والليل والنهار تجري بانتظام في الفضاء المستدير بين السماء والأرض فإن الأرض مستديرة والسماء محيطة بها والفضاء بينهما هو مدار الشمس والقمر والليل والنهار.
والله تعالى أعلم.

للاطلاع على مقدمة سلسلة (النوال)
انظر هنا
https://majles.alukah.net/t188624/
 
عودة
أعلى