صالح بن سليمان الراجحي
Member
"النوال في تحرير ما للمفسرين من أقوال" (22)
اكتب في (قوقل) (النوال. وأول الآية) التي تريد معرفة ملخص آراء المفسرين فيها.
قال الرازي رحمه الله في من يفهم آيات القرآن على الآراء الضعيفة: "أقول حقاً: إن الذين يتبعون أمثال ذلك قد حرموا الوقوف على معاني كلام الله تعالى حرماناً عظيماً".
الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد.
قال الله تعالى في سورة "الرعد": (وَمَا كَانَ لِرَسُولٍ أَنْ يَأْتِيَ بِآيَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ لِكُلِّ أَجَلٍ كِتَابٌ)
القول الأقرب في قوله: (لِكُلِّ أَجَلٍ كِتَابٌ) أن المراد أن كل أمر مقدر يحصل في وقته المعين المحدد لا يتقدم ولا يتأخر. وقوله: (كتاب) كناية عن التحديد والضبط.
والآن إلى ذكر أقوال المفسرين في الآية.
اختلف المفسرون في المراد بقوله: (لِكُلِّ أَجَلٍ كِتَابٌ) على أربعة أقوال:
القول الأول: أن المراد لكل أجل وكل أمر قضاه الله كتاب أثبت فيه. (ذكره ابن جرير*, والبغوي*, والقرطبي*, وابن كثير*) (واقتصر عليه ابن عطية*)
القول الثاني: (أن فيه تقديماً وتأخيراً), والمعنى: لكل كتاب من الكتب المنزلة أجل ينزل فيه. (ذكره ابن جرير*, والماتريدي*, والبغوي*, والرازي*, والقرطبي*, وابن كثير*).
وعبارة الماتريدي: "يعمل بها إلى وقت, ثم تنسخ أو يترك العمل بها".
(واقتصر عليه صاحب الظلال*) لكن لفظه "فإن لكل فترة كتاباً". (بدون تقديم وتأخير)
القول الثالث: أن المراد أن كل أمر مقدر لا يحصل إلا في وقته المعين المحدد لا يتقدم ولا يتأخر. وقوله: (كتاب) كناية عن التحديد والضبط. نظيره قوله تعالى: (لِكُلِّ نَبَإٍ مُسْتَقَرٌّ) (ذكره الماتريدي*, والرازي*, والقرطبي*) (واقتصر عليه ابن عاشور*)
وهذا القول هو الأقرب والله أعلم.
قال ابن عاشور: "ذ لك إبطال لتوهم المشركين أن تأخر الوعيد يدل على عدم صدقه... والكتاب: المكتوب، وهو كناية عن التحديد والضبط، لأن شأن الأشياء التي يراد تحققها أن تكتب لئلا يخالف عليها. والمعنى: لكل واقع أجل يقع عنده، ولكل أجل كتاب، أي تعيين وتحديد لا يتقدمه ولا يتأخر عنه"اهـ
قال الماتريدي: "وقال قائلون: ليس يراد به الكتابة باليد, ولكن الإثبات, كقوله: (أولئك كتب في قلوبهم الإيمان) أي: أثبت, ليس أن كتب هنالك باليد، فعلى ذلك قوله: (لكل أجل كتاب) أي: إثبات إلى وقت".
وقال أيضاً: "يحتمل قوله: لكل كتاب أجل, أي: لكل ما كتب له الأجل وجعل له الوقت من العذاب ينزل بالمعاندين والنصر للرسل فإنه لا يكون قبل ذلك الوقت، ولا يتأخر أيضاً عن ذلك الوقت, وهو كقوله: (فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة...) الآية.
القول الرابع: لكل وقت وزمن حكم يكتب على العباد ويفرض عليهم على ما يقتضيه استصلاحهم. (اقتصر عليه الزمخشري*) (وذكره بمعناه الرازي*)
والله تعالى أعلم.
للاطلاع على مقدمة سلسلة (النوال)
انظر هنا
https://majles.alukah.net/t188624/
اكتب في (قوقل) (النوال. وأول الآية) التي تريد معرفة ملخص آراء المفسرين فيها.
قال الرازي رحمه الله في من يفهم آيات القرآن على الآراء الضعيفة: "أقول حقاً: إن الذين يتبعون أمثال ذلك قد حرموا الوقوف على معاني كلام الله تعالى حرماناً عظيماً".
الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد.
قال الله تعالى في سورة "الرعد": (وَمَا كَانَ لِرَسُولٍ أَنْ يَأْتِيَ بِآيَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ لِكُلِّ أَجَلٍ كِتَابٌ)
القول الأقرب في قوله: (لِكُلِّ أَجَلٍ كِتَابٌ) أن المراد أن كل أمر مقدر يحصل في وقته المعين المحدد لا يتقدم ولا يتأخر. وقوله: (كتاب) كناية عن التحديد والضبط.
والآن إلى ذكر أقوال المفسرين في الآية.
اختلف المفسرون في المراد بقوله: (لِكُلِّ أَجَلٍ كِتَابٌ) على أربعة أقوال:
القول الأول: أن المراد لكل أجل وكل أمر قضاه الله كتاب أثبت فيه. (ذكره ابن جرير*, والبغوي*, والقرطبي*, وابن كثير*) (واقتصر عليه ابن عطية*)
القول الثاني: (أن فيه تقديماً وتأخيراً), والمعنى: لكل كتاب من الكتب المنزلة أجل ينزل فيه. (ذكره ابن جرير*, والماتريدي*, والبغوي*, والرازي*, والقرطبي*, وابن كثير*).
وعبارة الماتريدي: "يعمل بها إلى وقت, ثم تنسخ أو يترك العمل بها".
(واقتصر عليه صاحب الظلال*) لكن لفظه "فإن لكل فترة كتاباً". (بدون تقديم وتأخير)
القول الثالث: أن المراد أن كل أمر مقدر لا يحصل إلا في وقته المعين المحدد لا يتقدم ولا يتأخر. وقوله: (كتاب) كناية عن التحديد والضبط. نظيره قوله تعالى: (لِكُلِّ نَبَإٍ مُسْتَقَرٌّ) (ذكره الماتريدي*, والرازي*, والقرطبي*) (واقتصر عليه ابن عاشور*)
وهذا القول هو الأقرب والله أعلم.
قال ابن عاشور: "ذ لك إبطال لتوهم المشركين أن تأخر الوعيد يدل على عدم صدقه... والكتاب: المكتوب، وهو كناية عن التحديد والضبط، لأن شأن الأشياء التي يراد تحققها أن تكتب لئلا يخالف عليها. والمعنى: لكل واقع أجل يقع عنده، ولكل أجل كتاب، أي تعيين وتحديد لا يتقدمه ولا يتأخر عنه"اهـ
قال الماتريدي: "وقال قائلون: ليس يراد به الكتابة باليد, ولكن الإثبات, كقوله: (أولئك كتب في قلوبهم الإيمان) أي: أثبت, ليس أن كتب هنالك باليد، فعلى ذلك قوله: (لكل أجل كتاب) أي: إثبات إلى وقت".
وقال أيضاً: "يحتمل قوله: لكل كتاب أجل, أي: لكل ما كتب له الأجل وجعل له الوقت من العذاب ينزل بالمعاندين والنصر للرسل فإنه لا يكون قبل ذلك الوقت، ولا يتأخر أيضاً عن ذلك الوقت, وهو كقوله: (فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة...) الآية.
القول الرابع: لكل وقت وزمن حكم يكتب على العباد ويفرض عليهم على ما يقتضيه استصلاحهم. (اقتصر عليه الزمخشري*) (وذكره بمعناه الرازي*)
والله تعالى أعلم.
للاطلاع على مقدمة سلسلة (النوال)
انظر هنا
https://majles.alukah.net/t188624/