صالح بن سليمان الراجحي
Member
"النوال في تحرير ما للمفسرين من أقوال" (215)
اكتب في (قوقل) (النوال. وكلمة من الآية) التي تريد معرفة ملخص آراء المفسرين فيها.
قال الرازي رحمه الله في من يفهم آيات القرآن على الآراء الضعيفة: "أقول حقاً: إن الذين يتبعون أمثال ذلك قد حرموا الوقوف على معاني كلام الله تعالى حرماناً عظيماً".
الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد.
قال الله تعالى في سورة "الفرقان": (أَلَمْ تَرَ إِلَى رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَّ وَلَوْ شَاءَ لَجَعَلَهُ سَاكِنًا ثُمَّ جَعَلْنَا الشَّمْسَ عَلَيْهِ دَلِيلًا ثُمَّ قَبَضْنَاهُ إِلَيْنَا قَبْضًا يَسِيرًا)
القول الراجح أن المراد بقوله: (مَدَّ الظِّلَّ) الظلال سائر أوقات النهار.
وأن المراد بقوله: (ثُمَّ قَبَضْنَاهُ) تقلصه أثناء النهار بارتفاع الشمس وتنقلها.
والآن إلى ذكر أقوال المفسرين في الآية.
اختلف المفسرون في المراد بقوله: (مَدَّ الظِّلَّ)
وفي قوله: (ثُمَّ جَعَلْنَا الشَّمْسَ عَلَيْهِ دَلِيلًا)
وفي قوله: (قَبَضْنَاهُ) ما الوقت الذي يكون فيه قبض الظل.
فاختلفوا في المراد بقوله: (مَدَّ الظِّلَّ) على قولين:
القول الأول: أن المراد بقوله: (مَدَّ الظِّلَّ) هو الظل الذي يعم الارض ما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس.
(اقتصر عليه ابن جرير*, والبغوي*, والقرطبي*, وابن كثير*) (وذكره الرازي*) (وضعفه ابن عطية*)
القول الثاني: أن المراد بقوله: (مَدَّ الظِّلَّ) الظلال سائر أوقات النهار.
(ذكره الزمخشري*) (واقتصر عليه الماتريدي*, وابن عاشور*, وصاحب الظلال*) (ورجحه ابن عطية*)
وهذ هو القول الراجح.
قال ابن عطية: "ومد الظل في سائر أوقات النهار ظلال متقطعة والمد والقبض مطرد فيها وهو عندي المراد في الآية والله أعلم.
وتظاهرت أقوال المفسرين على أن مد الظل هو من الفجر إلى طلوع الشمس وهذا معترض بأن ذلك في غير نهار بل في بقايا الليل لا يقال له ظل"
وقوله: (وَلَوْ شاءَ لَجَعَلَهُ ساكِناً) أي: لو شاء لجعله ساكناً دائماً لا يزول ولا يتغير ولا تصيبه الشمس.
واما الزمخشري فيقول: "أي: لاصقاً بأصل كل مظل من جبل وبناء وشجرة، غير منبسط فلم ينتفع به أحد".
واختلفوا في قوله: (ثُمَّ جَعَلْنَا الشَّمْسَ عَلَيْهِ دَلِيلًا) على ثلاثة أقوال:
القول الأول: أن المراد جعلنا الشمس على الظل دليلاً. فلو لم تكن الشمس التي تنسخه لم يعلم أنه شيء، إذا كانت الأشياء إنما تعرف بأضدادها فبالشمس يعرف أنه ظل، ولولا الشمس ما عرف الظل، فهو دليل معرفته (اقتصر عليه ابن جرير*, والبغوي*, وابن عطية*, والرازي*) (وذكره الماتريدي*, والقرطبي*, وابن كثير*)
القول الثاني: أن المراد دليلاً يتلوه ويتبعه حتى يأتي عليه كله. أي: دللنا الشمس على الظل حتى ذهبت به (ذكره الماتريدي*, والقرطبي*, وابن كثير*)
القول الثالث: أن المراد أن الناس يستدلون بمسير الشمس وبأحوالها على أحوال الظل واتساعه وتقلصه فيبنون حاجتهم إلى الظل على حسب ذلك. (اقتصر عليه الزمخشري*, وابن عاشور*)
قال الزمخشري: "معنى كون الشمس دليلاً: أن الناس يستدلون بالشمس وبأحوالها في مسيرها على أحوال الظل، من كونه ثابتاً في مكان زائلاً ومتسعاً ومتقلصاً، فيبنون حاجتهم إلى الظل واستغناءهم عنه على حسب ذلك".
وقال ابن عاشور: "الشمس بتسببها في مقادير امتداد الظل تُعَرِّف المستدل بالظل بأوقات أعماله ليشرع فيها".
واختلفوا في قوله: (ثُمَّ قَبَضْنَاهُ إِلَيْنَا قَبْضًا يَسِيرًا)
متى يكون قبض الظل على ثلاثة أقوال:
القول الأول: أنه بطلوع الشمس فإذا طلعت الشمس قبض الله الظل المدود جزءاً فجزءاً (اقتصر عليه البغوي*, والرازي*, وابن كثير*) (وذكره القرطبي*)
القول الثاني: أنه بغروب الشمس، وذلك أن الشمس إذا غربت غاب الظل واختفى. (اقتصر عليه ابن جرير*, وصاحب الظلال*,) (وذكره القرطبي*)
القول الثالث: أن المراد تقلصه أثناء النهار بارتفاع الشمس وتنقلها (اقتصر عليه الزمخشري*, وابن عطية*, وابن عاشور*)
وقوله: (ثم قبضناه إلينا) قال ابن عاشور: "القبض هنا استعارة للنقص. وتعديته بقوله: (إلينا) تخييل، شبه الظل بحبل أو ثوب طواه صاحبه بعد أن بسطه على طريقة المكنية، وحرف (إلى) ومجروره تخييل".
وقوله: (قبضا يسيرا) أي: هيناً خفياً لطيفاً شيئاً بعد شيء على مهل.
والله تعالى أعلم.
للاطلاع على مقدمة سلسلة (النوال)
انظر هنا
https://majles.alukah.net/t188624/
اكتب في (قوقل) (النوال. وكلمة من الآية) التي تريد معرفة ملخص آراء المفسرين فيها.
قال الرازي رحمه الله في من يفهم آيات القرآن على الآراء الضعيفة: "أقول حقاً: إن الذين يتبعون أمثال ذلك قد حرموا الوقوف على معاني كلام الله تعالى حرماناً عظيماً".
الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد.
قال الله تعالى في سورة "الفرقان": (أَلَمْ تَرَ إِلَى رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَّ وَلَوْ شَاءَ لَجَعَلَهُ سَاكِنًا ثُمَّ جَعَلْنَا الشَّمْسَ عَلَيْهِ دَلِيلًا ثُمَّ قَبَضْنَاهُ إِلَيْنَا قَبْضًا يَسِيرًا)
القول الراجح أن المراد بقوله: (مَدَّ الظِّلَّ) الظلال سائر أوقات النهار.
وأن المراد بقوله: (ثُمَّ قَبَضْنَاهُ) تقلصه أثناء النهار بارتفاع الشمس وتنقلها.
والآن إلى ذكر أقوال المفسرين في الآية.
اختلف المفسرون في المراد بقوله: (مَدَّ الظِّلَّ)
وفي قوله: (ثُمَّ جَعَلْنَا الشَّمْسَ عَلَيْهِ دَلِيلًا)
وفي قوله: (قَبَضْنَاهُ) ما الوقت الذي يكون فيه قبض الظل.
فاختلفوا في المراد بقوله: (مَدَّ الظِّلَّ) على قولين:
القول الأول: أن المراد بقوله: (مَدَّ الظِّلَّ) هو الظل الذي يعم الارض ما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس.
(اقتصر عليه ابن جرير*, والبغوي*, والقرطبي*, وابن كثير*) (وذكره الرازي*) (وضعفه ابن عطية*)
القول الثاني: أن المراد بقوله: (مَدَّ الظِّلَّ) الظلال سائر أوقات النهار.
(ذكره الزمخشري*) (واقتصر عليه الماتريدي*, وابن عاشور*, وصاحب الظلال*) (ورجحه ابن عطية*)
وهذ هو القول الراجح.
قال ابن عطية: "ومد الظل في سائر أوقات النهار ظلال متقطعة والمد والقبض مطرد فيها وهو عندي المراد في الآية والله أعلم.
وتظاهرت أقوال المفسرين على أن مد الظل هو من الفجر إلى طلوع الشمس وهذا معترض بأن ذلك في غير نهار بل في بقايا الليل لا يقال له ظل"
وقوله: (وَلَوْ شاءَ لَجَعَلَهُ ساكِناً) أي: لو شاء لجعله ساكناً دائماً لا يزول ولا يتغير ولا تصيبه الشمس.
واما الزمخشري فيقول: "أي: لاصقاً بأصل كل مظل من جبل وبناء وشجرة، غير منبسط فلم ينتفع به أحد".
واختلفوا في قوله: (ثُمَّ جَعَلْنَا الشَّمْسَ عَلَيْهِ دَلِيلًا) على ثلاثة أقوال:
القول الأول: أن المراد جعلنا الشمس على الظل دليلاً. فلو لم تكن الشمس التي تنسخه لم يعلم أنه شيء، إذا كانت الأشياء إنما تعرف بأضدادها فبالشمس يعرف أنه ظل، ولولا الشمس ما عرف الظل، فهو دليل معرفته (اقتصر عليه ابن جرير*, والبغوي*, وابن عطية*, والرازي*) (وذكره الماتريدي*, والقرطبي*, وابن كثير*)
القول الثاني: أن المراد دليلاً يتلوه ويتبعه حتى يأتي عليه كله. أي: دللنا الشمس على الظل حتى ذهبت به (ذكره الماتريدي*, والقرطبي*, وابن كثير*)
القول الثالث: أن المراد أن الناس يستدلون بمسير الشمس وبأحوالها على أحوال الظل واتساعه وتقلصه فيبنون حاجتهم إلى الظل على حسب ذلك. (اقتصر عليه الزمخشري*, وابن عاشور*)
قال الزمخشري: "معنى كون الشمس دليلاً: أن الناس يستدلون بالشمس وبأحوالها في مسيرها على أحوال الظل، من كونه ثابتاً في مكان زائلاً ومتسعاً ومتقلصاً، فيبنون حاجتهم إلى الظل واستغناءهم عنه على حسب ذلك".
وقال ابن عاشور: "الشمس بتسببها في مقادير امتداد الظل تُعَرِّف المستدل بالظل بأوقات أعماله ليشرع فيها".
واختلفوا في قوله: (ثُمَّ قَبَضْنَاهُ إِلَيْنَا قَبْضًا يَسِيرًا)
متى يكون قبض الظل على ثلاثة أقوال:
القول الأول: أنه بطلوع الشمس فإذا طلعت الشمس قبض الله الظل المدود جزءاً فجزءاً (اقتصر عليه البغوي*, والرازي*, وابن كثير*) (وذكره القرطبي*)
القول الثاني: أنه بغروب الشمس، وذلك أن الشمس إذا غربت غاب الظل واختفى. (اقتصر عليه ابن جرير*, وصاحب الظلال*,) (وذكره القرطبي*)
القول الثالث: أن المراد تقلصه أثناء النهار بارتفاع الشمس وتنقلها (اقتصر عليه الزمخشري*, وابن عطية*, وابن عاشور*)
وقوله: (ثم قبضناه إلينا) قال ابن عاشور: "القبض هنا استعارة للنقص. وتعديته بقوله: (إلينا) تخييل، شبه الظل بحبل أو ثوب طواه صاحبه بعد أن بسطه على طريقة المكنية، وحرف (إلى) ومجروره تخييل".
وقوله: (قبضا يسيرا) أي: هيناً خفياً لطيفاً شيئاً بعد شيء على مهل.
والله تعالى أعلم.
للاطلاع على مقدمة سلسلة (النوال)
انظر هنا
https://majles.alukah.net/t188624/