النوال... (214) (وَفِرْعَوْنُ ذُو الْأَوْتَادِ)

إنضم
15/04/2018
المشاركات
322
مستوى التفاعل
13
النقاط
18
الإقامة
السعودية
"النوال في تحرير ما للمفسرين من أقوال" (214)

اكتب في (قوقل) (النوال. وكلمة من الآية) التي تريد معرفة ملخص آراء المفسرين فيها.

قال الرازي رحمه الله في من يفهم آيات القرآن على الآراء الضعيفة: "أقول حقاً: إن الذين يتبعون أمثال ذلك قد حرموا الوقوف على معاني كلام الله تعالى حرماناً عظيماً".

الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد.
قال الله تعالى في سورة "ص": (وَفِرْعَوْنُ ذُو الْأَوْتَادِ)
وفي سورة "الفجر" (وَفِرْعَوْنَ ذِي الْأَوْتَادِ)
أقوى الأقوال أن المراد بالأوتاد المباني المحكمة المشيدة.
أو الملك الشديد الثابت.

والآن إلى ذكر أقوال المفسرين في الآية.
اختلف المفسرون في المراد بقوله: (ذُو الْأَوْتَادِ) على ستة أقوال:
القول الأول: أن المراد بها أنه كان له أوتاد وأرسان وحبال، يُلعب بها بين يديه. (هكذا ذكره الماتريدي*, والبغوي*, والزمخشري*, وابن عطية*, والرازي*, والقرطبي*)

تنبيه:
ذكر ابن جرير عند تفسير آية "الفجر" عن سعيد، عن قتادة قال: "ذُكر لنا أنها كانت مظال وملاعب يلعب له تحتها من أوتاد وحبال".
وعن معمر عن قتادة: "(ذِي الأوْتَادِ) قال: ذي البناء كانت مظال يلعب له تحتها، وأوتاداً تضرب له".
وكذلك ذكر ابن جرير عند تفسير آية "ص" الرواية عن ابن عباس: "(وَفِرْعَوْنُ ذُو الأوْتَادِ) قال: كانت ملاعب يلعب له تحتها".
وظاهر هذه الروايات الثلاث عن ابن عباس وقتادة أن المراد مباني ومظال مشدودة بالأوتاد يلعب تحتها وليس المراد أنه يلعب بنفس الأوتاد كما ذكره من سبق ذكرهم من المفسرين.
ولذلك حين ذكر ابن جرير* هذا القول عند تفسير آية "الفجر" قال: "وقال آخرون: كانت مظال وملاعب يلعب له تحتها".

وكذلك ابن كثير* حين ذكر هذا القول اكتفى بذكر نص الرواية عن قتادة.

وقال مكمل أضواء البيان*: "هي أكمات وأسوار مرتفعات، يلعب له في مرابعها".

القول الثاني: أن المراد الأوتاد التي يعذب بها المعذبين بطرق مختلفة (ذكره ابن جرير*, والماتريدي*, والبغوي*, والزمخشري*, وابن عطية*, والرازي*, والقرطبي*, وابن كثير*, ومكمل أضواء البيان*)

القول الثالث: أن المراد بالأوتاد الجنود الذي يقوّون أمره ويشدون ملكه (ذكره ابن عطية*, والقرطبي*, وابن كثير*, ومكمل أضواء البيان*) (وذكره ابن جرير* عند تفسير آية "الفجر")

القول الرابع: أن المراد بالأوتاد أوتاد الخيام والأخبية لكثرة جنوده ومضاربهم التي كانوا يضربونها إذا نزلوا (ذكره ابن عطية*, والرازي*) (وذكره الزمخشري* عند تفسير آية "الفجر")

القول الخامس: أن المراد بالأوتاد المباني المحكمة المشيدة. (ذكره ابن جرير*, والماتريدي*, والبغوي*, والقرطبي* وابن عاشور*) (ورجحه ابن عطية*)

تنبيه:
ذهب بعضهم إلى أن هذه المباني المشيدة المحكمة هي الأهرامات (ذهب الى ذلك ابن عاشور*, ومكمل أضواء البيان*, وصاحب الظلال*)

قال ابن عاشور عند تفسير آية "الفجر": "ووصف (ذي الأوتاد) لأن مملكته كانت تحتوي على الأهرام التي بناها أسلافه لأن صورة الهرم على الأرض تشبه الوتد المدقوق"

وقال مكمل أضواء البيان: "والذي يظهر والله تعالى أعلم أنها هي المعروفة الآن بالأهرام بمصر، ويرجح ذلك عدة أمور:
منها: أنها تشبه الأوتاد في منظرها طرفه إلى أعلى، إذ القمة شبه الوتد، مدببة بالنسبة لضخامتها، فهي بشكل مثلث، قاعدته إلى أسفل وطرفه إلى أعلى.
ومنها: ذكره مع ثمود الذين جابوا الصخر بالواد، بجامع مظاهر القوة، فأولئك نحتوا الصخر بيوتاً فارهين، وهؤلاء قطعوا الصخر الكبير من موطن لا جبال حوله، مما يدل أنها نقلت من مكان بعيد. والحال أنها قطع كبار صخرات عظام ففي اقتطاعها وفي نقلها إلى محل بنائها وفي نفس البناء كل ذلك مما يدل على القوة والجبروت، وتسخير العباد في ذلك.
ومنها: أن حملها على الأهرام القائمة بالذات والمشاهدة في كل زمان ولكل جيل أوقع في العظة والاعتبار بأن من أهلك تلك الأمم قادر على إهلاك المكذبين من قريش وغيرهم".

وقال صاحب الظلال: "وفرعون صاحب الأهرام التي تقوم في الأرض كالأوتاد"
وقال عند تفسير آية "الفجر": "وهي على الأرجح الأهرامات التي تشبه الأوتاد الثابتة في الأرض المتينة البنيان".

القول السادس: أن المراد بالأوتاد الملك الشديد الثابت.
قال الأسود بن يعفر:
ولقد غنوا فيها بأنعم عيشة ... في ظل ملك ثابت الأوتاد
(ذكره البغوي*, والزمخشري*, والرازي*, والقرطبي*, وابن عاشور*)

قال الزمخشري: "فاستعير لثبات العز والملك واستقامة الأمر"

قال الرازي: "قال القاضي: حمل الكلام على هذا الوجه أولى لأنه لما وصف بتكذيب الرسل فيجب فيما وصف به أن يكون تفخيماً لأمر ملكه، ليكون الزجر بما ورد من قبل الله تعالى عليه من الهلاك مع قوة أمره أبلغ"
وهذان القولان الأخيران هما أقوى الأقوال.

وفي المراد أقوال أخرى:
فقيل: المراد ذو القوة والبطش. (ذكره البغوي*, والقرطبي*)

وقيل: الأوتاد الجموع الكثيرة، وسميت الجموع أوتاداً لأنهم يقرون أمره ويشدون مملكته كما يقوي الوتد البناء (انفرد بذكره الرازي*)

وقيل: لأنه كان له بنيان يعذب الناس عليه. (انفرد بذكره ابن جرير* عند تفسير آية "الفجر")
وذكر الرواية عن سعيد بن جبير (وَفِرْعَوْنَ ذِي الأوْتَادِ) قال: كان له منارات يعذبهم عليها.

وقيل: لأنه كان نصب على الطرق أناساً، على كل طريق إنساناً راصداً وحافظاً. (انفرد بذكره الماتريدي* عند تفسير آية "الفجر")
والله تعالى أعلم.

للاطلاع على مقدمة سلسلة (النوال)
انظر هنا
https://majles.alukah.net/t188624/
 
عودة
أعلى