النوال... (213) (حَتَّى إِذَا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ وَهُمْ مِنْ كُلِّ حدب ينسلون)

إنضم
15/04/2018
المشاركات
322
مستوى التفاعل
13
النقاط
18
الإقامة
السعودية
"النوال في تحرير ما للمفسرين من أقوال" (213)

اكتب في (قوقل) (النوال. وكلمة من الآية) التي تريد معرفة ملخص آراء المفسرين فيها.

قال الرازي رحمه الله في من يفهم آيات القرآن على الآراء الضعيفة: "أقول حقاً: إن الذين يتبعون أمثال ذلك قد حرموا الوقوف على معاني كلام الله تعالى حرماناً عظيماً".

الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد.
قال الله تعالى في سورة "الانبياء": (حَتَّى إِذَا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ)
قوله: (فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ) إنما قال: (فتحت) لأن المراد أمة يأجوج ومأجوج.
وحذف المضاف إلى (يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ) وهو سدهما، كما حذف المضاف إلى القرية وهو أهلها.

والمراد فتح السد عن يأجوج ومأجوج, فيخرجون وذلك من علامات الساعة الكبرى التي يعقبها قيام الساعة.
هذا هو المتفق عليه عند المفسرين, وهو الصواب دون ريب.

وانفرد (ابن عاشور*) فذكر رأياً غريباً ضعيفاً فقال: "ويجوز أن يكون المراد بفتح يأجوج ومأجوج تمثيل إخراج الأموات إلى الحشر، فالفتح معنى الشق كقوله تعالى: (يوم تشقق الأرض عنهم سراعاً ذلك حشر علينا يسير)، ويكون اسم يأجوج ومأجوج تشبيهاً بليغاً, وتخصيصهما بالذكر لشهرة كثرة عددهما عند العرب من خبر ذي القرنين".
وقال ابن عاشور: "على كلام المفسرين أن المراد بقوله: (فتحت) سد يأجوج ومأجوج. وحمل يأجوج ومأجوج على حقيقة مدلول الاسم، ولا أرى متابعتهم في ذلك".

قلت: مما يدل على ضعف هذا القول قوله بعد ذلك: (واقترب الوعد الحق), ولو كان المرد خروج بني آدم من القبور لم يقل: (واقترب) لأنه حينئذ يكون قد وقع فعلاً.
وانفرد ابن عاشور أيضاً برأي هو من غرائبه المتعددة, فرأى أن يأجوج ومأجوج قد خرجوا وأنهم هم المغول والتتار.

وقوله: (وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ)
الحدب ما ارتفع من الأرض، كالشرف والنشَز والتل والأكمة.
وقوله (يَنْسِلُونَ) أي: يسرعون في مشيهم.

وقد اختلف المفسرون في المعني بقوله: (وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ) على قولين:
الأول: أنهم يأجوج ومأجوج (صوبه ابن جرير*, ورجحه الرازي*, والقرطبي*) (واقتصر عليه الماتريدي*, وابن كثير*)
وهذا هو القول الصحيح.

وقد ثبت في حديث النواس بن سمعان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: (ويبعث الله يأجوج ومأجوج وهم من كل حدب ينسلون). أخرجه مسلم وهو حديث طويل فيه ذكر الدجال ويأجوج ومأجوج ونزول عيسى عليه السلام.

القول الثاني: أنهم بنو آدم كلهم يخرجون من كل موضع كانوا دفنوا فيه من الأرض، والمراد الحشر إلى موقف الناس يوم القيامة.
(ذكر القولين البغوي*, والزمخشري*, وابن عطية*) (ورجحه ابن عاشور* كما سبق).

ومما يدل على ضعف هذا القول قوله بعد ذلك: (واقترب الوعد الحق), ولو كان المرد خروج بني آدم من القبور لم يقل: (واقترب) لأنه حينئذ يكون قد وقع فعلاً.
ويدل على ضعفه أيضاً ما ثبت في حديث النواس بن سمعان المذكور آنفاً.
والله تعالى أعلم.

للاطلاع على مقدمة سلسلة (النوال)
انظر هنا
https://majles.alukah.net/t188624/
 
عودة
أعلى