صالح بن سليمان الراجحي
Member
"النوال في تحرير ما للمفسرين من أقوال" (209)
اكتب في (قوقل) (النوال. وكلمة من الآية) التي تريد معرفة ملخص آراء المفسرين فيها.
قال الرازي رحمه الله في من يفهم آيات القرآن على الآراء الضعيفة: "أقول حقاً: إن الذين يتبعون أمثال ذلك قد حرموا الوقوف على معاني كلام الله تعالى حرماناً عظيماً".
الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد.
قال الله تعالى في سورة "الأنبياء": (وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ)
النُّون الحوت، (وذا النون) أي: صاحب الحوت, وهو يونس عليه السلام.
والقول الراجح في قوله: (مغاضباً) أنه مغاضب لقومه.
والآن إلى ذكر أقوال المفسرين في الآية.
واختلف المفسرون في معنى قوله: (مغاضباً) على قولين:
القول الأول: أنه مغاضب لقومه. (اقتصر عليه الزمخشري*, وابن كثير*, وصاحب الظلال*) (ورجحه الشنقيطي*)
وهذا القول هو الراجح.
قال ابن عطية: "قيل: إنه غاضب قومه حين طال عليه أمرهم وتعنتهم فذهب فاراً بنفسه, وقد كان الله تعالى أمره بملازمتهم والصبر على دعائهم, فكان ذنبه في مخالفة هذا الأمر".
وقال الزمخشري: "برم بقومه لطول ما ذكرهم فلم يذكروا وأقاموا على كفرهم، فراغمهم وظن أن ذلك يسوغ حيث لم يفعله إلا غضباً لله وأنفة لدينه وبغضاً للكفر وأهله، وكان عليه أن يصابر وينتظر الإذن من الله في المهاجرة عنهم، فابتلى ببطن الحوت".
والمغاضبة مفاعلة تقتضي وقوع الغضب من الطرفين فما معنى غضبهم على يونس؟
قيل: لخوفهم حلول العقاب عليهم عند مفارقته لهم.
قال الزمخشري: "ومعنى مغاضبته لقومه أنه أغضبهم بمفارقته لخوفهم حلول العقاب عليهم عندها".
وقيل: هم غاضبون من دعوته.
قال ابن عاشور: "قيل خروجه غضبان من قومه إذ أبوا أن يؤمنوا بما أرسل إليهم به، وهم غاضبون من دعوته، فالمغاضبة مفاعلة".
وقيل: معنى (مغاضباً) أي: غضبان, ولا تقتضي اشتراكاً.
قال البغوي: "والمغاضبة هاهنا من المفاعلة التي تكون من واحد، كالمسافرة والمعاقبة، فمعنى قوله: (مغاضباً) أي: غضبان".
القول الثاني: أنه مغاضب لربه، إذ كشف عنهم العذاب بعدما أوعدهم. (رجحه ابن جرير*) (وضعفه ابن عطية*, والرازي*, والشنقيطي*) (وذكر القولين الماتريدي*, والبغوي*, والقرطبي*, وابن عاشور*)
قال ابن عطية: "وفي هذا القول من الضعف ما لا خفاء به مما لا يتصف به نبي".
وقال الشنقيطي: "واعلم أن قول من قال مغاضباً أي: مغاضباً لربه كما روي عن ابن مسعود، وبه قال الحسن، والشعبي، وسعيد بن جبير، واختاره الطبري، والقتبي، واستحسنه المهدوي يجب حمله على معنى القول الأول، أي: مغاضباً من أجل ربه. قال القرطبي بعد أن ذكر هذا القول عمن ذكرنا: وقال النحاس: وربما أنكر هذا من لا يعرف اللغة، وهو قول صحيح، والمعنى: مغاضباً من أجل ربه كما تقول: غضبت لك أي: من أجلك، والمؤمن يغضب لله عز وجل إذا عصي".
قلت: القول بأنه يجب حمله على معنى القول الأول فيه نظر.
وكيف يحمل على القول الأول والذين قالوا به لم يقصدوا هذا المعنى وهذا واضح من أقوالهم.
تنبيه:
الماتريدي لما ذكر القول الثاني كانت عبارته هكذا "قال بعضهم: (مغاضباً) لربه، أي: حزيناً له، لأنه كان أراد أن يهلك الله قومه لما أيس من إيمان قومه، وقد كثر عنادهم ومكابرتهم، فخرج حزيناً لذلك.
والله تعالى أعلم.
للاطلاع على مقدمة سلسلة (النوال)
انظر هنا
https://majles.alukah.net/t188624/
اكتب في (قوقل) (النوال. وكلمة من الآية) التي تريد معرفة ملخص آراء المفسرين فيها.
قال الرازي رحمه الله في من يفهم آيات القرآن على الآراء الضعيفة: "أقول حقاً: إن الذين يتبعون أمثال ذلك قد حرموا الوقوف على معاني كلام الله تعالى حرماناً عظيماً".
الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد.
قال الله تعالى في سورة "الأنبياء": (وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ)
النُّون الحوت، (وذا النون) أي: صاحب الحوت, وهو يونس عليه السلام.
والقول الراجح في قوله: (مغاضباً) أنه مغاضب لقومه.
والآن إلى ذكر أقوال المفسرين في الآية.
واختلف المفسرون في معنى قوله: (مغاضباً) على قولين:
القول الأول: أنه مغاضب لقومه. (اقتصر عليه الزمخشري*, وابن كثير*, وصاحب الظلال*) (ورجحه الشنقيطي*)
وهذا القول هو الراجح.
قال ابن عطية: "قيل: إنه غاضب قومه حين طال عليه أمرهم وتعنتهم فذهب فاراً بنفسه, وقد كان الله تعالى أمره بملازمتهم والصبر على دعائهم, فكان ذنبه في مخالفة هذا الأمر".
وقال الزمخشري: "برم بقومه لطول ما ذكرهم فلم يذكروا وأقاموا على كفرهم، فراغمهم وظن أن ذلك يسوغ حيث لم يفعله إلا غضباً لله وأنفة لدينه وبغضاً للكفر وأهله، وكان عليه أن يصابر وينتظر الإذن من الله في المهاجرة عنهم، فابتلى ببطن الحوت".
والمغاضبة مفاعلة تقتضي وقوع الغضب من الطرفين فما معنى غضبهم على يونس؟
قيل: لخوفهم حلول العقاب عليهم عند مفارقته لهم.
قال الزمخشري: "ومعنى مغاضبته لقومه أنه أغضبهم بمفارقته لخوفهم حلول العقاب عليهم عندها".
وقيل: هم غاضبون من دعوته.
قال ابن عاشور: "قيل خروجه غضبان من قومه إذ أبوا أن يؤمنوا بما أرسل إليهم به، وهم غاضبون من دعوته، فالمغاضبة مفاعلة".
وقيل: معنى (مغاضباً) أي: غضبان, ولا تقتضي اشتراكاً.
قال البغوي: "والمغاضبة هاهنا من المفاعلة التي تكون من واحد، كالمسافرة والمعاقبة، فمعنى قوله: (مغاضباً) أي: غضبان".
القول الثاني: أنه مغاضب لربه، إذ كشف عنهم العذاب بعدما أوعدهم. (رجحه ابن جرير*) (وضعفه ابن عطية*, والرازي*, والشنقيطي*) (وذكر القولين الماتريدي*, والبغوي*, والقرطبي*, وابن عاشور*)
قال ابن عطية: "وفي هذا القول من الضعف ما لا خفاء به مما لا يتصف به نبي".
وقال الشنقيطي: "واعلم أن قول من قال مغاضباً أي: مغاضباً لربه كما روي عن ابن مسعود، وبه قال الحسن، والشعبي، وسعيد بن جبير، واختاره الطبري، والقتبي، واستحسنه المهدوي يجب حمله على معنى القول الأول، أي: مغاضباً من أجل ربه. قال القرطبي بعد أن ذكر هذا القول عمن ذكرنا: وقال النحاس: وربما أنكر هذا من لا يعرف اللغة، وهو قول صحيح، والمعنى: مغاضباً من أجل ربه كما تقول: غضبت لك أي: من أجلك، والمؤمن يغضب لله عز وجل إذا عصي".
قلت: القول بأنه يجب حمله على معنى القول الأول فيه نظر.
وكيف يحمل على القول الأول والذين قالوا به لم يقصدوا هذا المعنى وهذا واضح من أقوالهم.
تنبيه:
الماتريدي لما ذكر القول الثاني كانت عبارته هكذا "قال بعضهم: (مغاضباً) لربه، أي: حزيناً له، لأنه كان أراد أن يهلك الله قومه لما أيس من إيمان قومه، وقد كثر عنادهم ومكابرتهم، فخرج حزيناً لذلك.
والله تعالى أعلم.
للاطلاع على مقدمة سلسلة (النوال)
انظر هنا
https://majles.alukah.net/t188624/