صالح بن سليمان الراجحي
Member
"النوال في تحرير ما للمفسرين من أقوال" (202)
اكتب في (قوقل) (النوال. وكلمة من الآية) التي تريد معرفة ملخص آراء المفسرين فيها.
قال الرازي رحمه الله في من يفهم آيات القرآن على الآراء الضعيفة: "أقول حقاً: إن الذين يتبعون أمثال ذلك قد حرموا الوقوف على معاني كلام الله تعالى حرماناً عظيماً".
الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد.
قال تعالى: (وَالْقَمَرِ إِذَا تَلَاهَا)
الأقوال في هذه الآية كلها حسنة وصحيحة ولها علاقة بالمعنى والله أعلم.
والآن إلى ذكر أقوال المفسرين في الآية.
اختلف المفسرون في المراد بقوله: (وَالْقَمَرِ إِذَا تَلَاهَا) على خمسة أقوال:
القول الأول: أن المراد إذ تلاها في أول ما يهل, فإنه إذا غربت الشمس في آخر اليوم من الشهر تلا غروبها طلوع الهلال. (ذكر هذ القول الماتريدي*, والرازي*, والقرطبي*, وابن كثير*, ومكمل أضواء البيان*)
القول الثاني: أن المراد إذا تبع الشمس في النصف الأول من الشهر، إذا غربت الشمس تلاها القمر طالعاً. (اقتصر عليه ابن جرير*) (وذكره البغوي*, والزمخشري*, وابن عطية*, والرازي*, والقرطبي*, وابن كثير*)
القول الثالث: أن المراد إذ تلاها وتبعها دأباً في كل وقت لأنه يستضيء منها فهو يتلوها لذلك.
قال ابن عطية: "فهذا اتباع لا يختص بنصف أول من الشهر ولا بآخره" (ذكره ابن عطية*, والرازي*, والقرطبي*)
القول الرابع: أن المراد حين يصير بدراً فيكمل ضوؤه فيصير تابعاً للشمس في الإنارة (ذكره الماتريدي*, والبغوي*, والزمخشري*, وابن عطية*, والرازي*, والقرطبي*)
قال الرازي: "قال الزجاج: تلاها حين استدار وكمل، فكأنه يتلو الشمس في الضياء والنور يعني إذا كمل ضوؤه فصار كالقائم مقام الشمس في الإنارة، وذلك في الليالي البيض"
القول الخامس: أن المراد أنه يتلو الشمس في كل المنافع والمعاني, فيكون ثانيها في العمل، فإنه يقع به صلاح الأغذية أيضاً، وهو ينير أيضاً إلا أنه لا ينتهي منتهاها ولا يبلغ مبلغها (انفرد بذكره الماتريدي*)
وقريب منه قول من قال :
إنه يتلوها في كبر الجرم بحسب الحس، وفي ارتباط مصالح هذا العالم بحركته، ولقد ظهر في علم النجوم أن بينهما من المناسبة ما ليس بين الشمس وبين غيرها. ( انفرد بذكره الرازي*) (وضعفه مكمل أضواء البيان*)
وهذه الأقوال كلها حسنة وصحيحة ولها علاقة بالمعنى والله أعلم.
ولذا يرى ابن عاشور أن القمر يتبع الشمس في أحوال كثيرة فيقول: "والتلو: التبع وأريد به خلف ضوئه في الليل ضوء الشمس، أي: إذا ظهر بعد مغيبها فكأنه يتبعها في مكانها، وهذا تلو مجازي. والقمر يتبع الشمس في أحوال كثيرة منها استهلاله، فالهلال يظهر للناظرين عقب غروب الشمس ثم يبقى كذلك ثلاث ليال، وهو أيضاً يتلو الشمس حين يقارب الابتدار وحين يصير بدراً فإذا صار بدراً صار تلوه الشمس حقيقة لأنه يظهر عندما تغرب الشمس، وقريباً من غروبها قبله أو بعده، وهو أيضاً يضيء في أكثر ليالي الشهر جعله الله عوضاً عن الشمس في عدة ليال في الإنارة، ولذلك قيد القسم بحين تلوه لأن تلوه للشمس حينئذ تظهر منه مظاهر التلو للناظرين"
قال صاحب الظلال: "وبالقمر إذا تلاها.. إذا تلا الشمس بنوره اللطيف الشفيف الرائق الصافي.. وبين القمر والقلب البشري ود قديم موغل في السرائر والأعماق، غائر في شعاب الضمير، يترقرق ويستيقظ كلما التقى به القلب في أية حال. وللقمر همسات وإيحاءات للقلب، وسبحات وتسبيحات للخالق، يكاد يسمعها القلب الشاعر في نور القمر المنساب.. وإن القلب ليشعر أحياناً أنه يسبح في فيض النور الغامر في الليلة القمراء، ويغسل أدرانه، ويرتوي، ويعانق هذا النور الحبيب ويستروح فيه روح الله".
والله تعالى أعلم.
للاطلاع على مقدمة سلسلة (النوال)
انظر هنا
https://majles.alukah.net/t188624/
اكتب في (قوقل) (النوال. وكلمة من الآية) التي تريد معرفة ملخص آراء المفسرين فيها.
قال الرازي رحمه الله في من يفهم آيات القرآن على الآراء الضعيفة: "أقول حقاً: إن الذين يتبعون أمثال ذلك قد حرموا الوقوف على معاني كلام الله تعالى حرماناً عظيماً".
الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد.
قال تعالى: (وَالْقَمَرِ إِذَا تَلَاهَا)
الأقوال في هذه الآية كلها حسنة وصحيحة ولها علاقة بالمعنى والله أعلم.
والآن إلى ذكر أقوال المفسرين في الآية.
اختلف المفسرون في المراد بقوله: (وَالْقَمَرِ إِذَا تَلَاهَا) على خمسة أقوال:
القول الأول: أن المراد إذ تلاها في أول ما يهل, فإنه إذا غربت الشمس في آخر اليوم من الشهر تلا غروبها طلوع الهلال. (ذكر هذ القول الماتريدي*, والرازي*, والقرطبي*, وابن كثير*, ومكمل أضواء البيان*)
القول الثاني: أن المراد إذا تبع الشمس في النصف الأول من الشهر، إذا غربت الشمس تلاها القمر طالعاً. (اقتصر عليه ابن جرير*) (وذكره البغوي*, والزمخشري*, وابن عطية*, والرازي*, والقرطبي*, وابن كثير*)
القول الثالث: أن المراد إذ تلاها وتبعها دأباً في كل وقت لأنه يستضيء منها فهو يتلوها لذلك.
قال ابن عطية: "فهذا اتباع لا يختص بنصف أول من الشهر ولا بآخره" (ذكره ابن عطية*, والرازي*, والقرطبي*)
القول الرابع: أن المراد حين يصير بدراً فيكمل ضوؤه فيصير تابعاً للشمس في الإنارة (ذكره الماتريدي*, والبغوي*, والزمخشري*, وابن عطية*, والرازي*, والقرطبي*)
قال الرازي: "قال الزجاج: تلاها حين استدار وكمل، فكأنه يتلو الشمس في الضياء والنور يعني إذا كمل ضوؤه فصار كالقائم مقام الشمس في الإنارة، وذلك في الليالي البيض"
القول الخامس: أن المراد أنه يتلو الشمس في كل المنافع والمعاني, فيكون ثانيها في العمل، فإنه يقع به صلاح الأغذية أيضاً، وهو ينير أيضاً إلا أنه لا ينتهي منتهاها ولا يبلغ مبلغها (انفرد بذكره الماتريدي*)
وقريب منه قول من قال :
إنه يتلوها في كبر الجرم بحسب الحس، وفي ارتباط مصالح هذا العالم بحركته، ولقد ظهر في علم النجوم أن بينهما من المناسبة ما ليس بين الشمس وبين غيرها. ( انفرد بذكره الرازي*) (وضعفه مكمل أضواء البيان*)
وهذه الأقوال كلها حسنة وصحيحة ولها علاقة بالمعنى والله أعلم.
ولذا يرى ابن عاشور أن القمر يتبع الشمس في أحوال كثيرة فيقول: "والتلو: التبع وأريد به خلف ضوئه في الليل ضوء الشمس، أي: إذا ظهر بعد مغيبها فكأنه يتبعها في مكانها، وهذا تلو مجازي. والقمر يتبع الشمس في أحوال كثيرة منها استهلاله، فالهلال يظهر للناظرين عقب غروب الشمس ثم يبقى كذلك ثلاث ليال، وهو أيضاً يتلو الشمس حين يقارب الابتدار وحين يصير بدراً فإذا صار بدراً صار تلوه الشمس حقيقة لأنه يظهر عندما تغرب الشمس، وقريباً من غروبها قبله أو بعده، وهو أيضاً يضيء في أكثر ليالي الشهر جعله الله عوضاً عن الشمس في عدة ليال في الإنارة، ولذلك قيد القسم بحين تلوه لأن تلوه للشمس حينئذ تظهر منه مظاهر التلو للناظرين"
قال صاحب الظلال: "وبالقمر إذا تلاها.. إذا تلا الشمس بنوره اللطيف الشفيف الرائق الصافي.. وبين القمر والقلب البشري ود قديم موغل في السرائر والأعماق، غائر في شعاب الضمير، يترقرق ويستيقظ كلما التقى به القلب في أية حال. وللقمر همسات وإيحاءات للقلب، وسبحات وتسبيحات للخالق، يكاد يسمعها القلب الشاعر في نور القمر المنساب.. وإن القلب ليشعر أحياناً أنه يسبح في فيض النور الغامر في الليلة القمراء، ويغسل أدرانه، ويرتوي، ويعانق هذا النور الحبيب ويستروح فيه روح الله".
والله تعالى أعلم.
للاطلاع على مقدمة سلسلة (النوال)
انظر هنا
https://majles.alukah.net/t188624/