صالح بن سليمان الراجحي
Member
"النوال في تحرير ما للمفسرين من أقوال" (199)
اكتب في (قوقل) (النوال. وكلمة من الآية) التي تريد معرفة ملخص آراء المفسرين فيها.
قال الرازي رحمه الله في من يفهم آيات القرآن على الآراء الضعيفة: "أقول حقاً: إن الذين يتبعون أمثال ذلك قد حرموا الوقوف على معاني كلام الله تعالى حرماناً عظيماً".
الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد.
قال الله تعالى في سورة "النمل": (قِيلَ أَهَكَذَا عَرْشُكِ قَالَتْ كَأَنَّهُ هُوَ وَأُوتِينَا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهَا)
القول الراجح في قوله: (وَأُوتِينَا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهَا) أنه من قول سليمان, والمراد: أوتينا العلم بالله وبقدرته.
والآن إلى ذكر أقوال المفسرين في الآية.
اختلف المفسرون في المراد بقوله: (وَأُوتِينَا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهَا) على ثلاثة أقوال:
القول الأول: أنه من قول سليمان, والمراد: أوتينا العلم بالله وبقدرته (اقتصر على هذا القول ابن جرير*, وابن عطية*, وابن كثير*) (وذكره البغوي*, والزمخشري*, والرازي*, والقرطبي*)
(واقتصر عليه ابن عاشور* لكن له رأي مختلف في المراد بالعلم في الآية سيأتي)
وهذا القول هو الراجح.
قال الزمخشري: "فإن قلت: علام عطف هذا الكلام وبم اتصل؟
قلت: لما كان المقام - الذي سئلت فيه عن عرشها وأجابت بما أجابت به - مقاماً أجرى فيه سليمان وملؤه ما يناسب قولهم وأوتينا العلم نحو أن يقولوا عند قولها: كأنه هو: قد أصابت في جوابها وطبقت المفصل، وهي عاقلة لبيبة، وقد رزقت الإسلام، وعلمت قدرة الله وصحة النبوة بالآيات التي تقدمت عند وفدة المنذر، وبهذه الآية العجيبة من أمر عرشها عطفوا على ذلك قولهم: وأوتينا نحن العلم بالله وبقدرته، وبصحة ما جاء من عنده قبل علمها".
قال ابن عاشور: " قال سليمان أو قال بعض ملأ سليمان: إن فيهم من له من العلم ما ليس لملأ ملكة سبأ، أي لا ننسى بما نشاهده من بهرجات هذه الملكة إننا في حالة عقلية أفضل. وأرادوا بالعلم علم الحكمة الذي علمه الله سليمان ورجال مملكته وتشاركهم بعض أهل سبأ في بعضه فقد كانوا أهل معرفة أنشأوا بها حضارة مبهتة.
فمعنى {مِنْ قَبْلِهَا} إن حمل على ظاهره أن قومهم بني إسرائيل كانوا أسبق في معرفة الحكمة وحضارة الملك من أهل سبأ لأن الحكمة ظهرت في بني إسرائيل من عهد موسى، فقد سن لهم الشريعة، وأقام لهم نظام الجماعة، وعلمهم أسلوب الحضارة... فبهذا الاعتبار كان بنو إسرائيل أسبق إلى علم الحكمة قبل أهل سبأ.
وإن أريد بـ {مِنْ قَبْلِهَا} القبلية الاعتبارية وهي الفضل والتفوق في المزايا وهو الأليق بالمعنى كان المعنى: إنا أوسع وأقوى منها علماً.
فكان الأرجح أن يكون معنى {مِنْ قَبْلِهَا} أنا فائتونها في العلم وبالغون ما لم تبلغه. وازادوا في إظهار فضلهم عليها بذكر الناحية الدينية، أي: وكنا مسلمين دونها".
قلت: هذا القول من ابن عاشور رحمه الله وجيه وقوي والله أعلم.
القول الثاني: أنه من قول بلقيس, والمراد: { وَأُوتِينَا الْعِلْمَ } بصحة نبوة سليمان بالآيات المتقدمة من أمر الهدية والرسل، { مِنْ قَبْلِهَا } من هذه الحالة ومن قبل الآية في العرش { وَكُنَّا مُسْلِمِينَ } منقادين طائعين لأمر سليمان. (ذكره البغوي*, والزمخشري*, والرازي*, والقرطبي*) (واقتصر عليه صاحب الظلال*)
القول الثالث: أنه من قول سليمان, أي: وأوتينا العلم بإسلامها ومجيئها طائعة من قبل مجيئها وكنا مسلمين طائعين لله عز وجل.(ذكره البغوي*, والقرطبي*)
والله تعالى أعلم.
للاطلاع على مقدمة سلسلة (النوال)
انظر هنا
https://majles.alukah.net/t188624/
اكتب في (قوقل) (النوال. وكلمة من الآية) التي تريد معرفة ملخص آراء المفسرين فيها.
قال الرازي رحمه الله في من يفهم آيات القرآن على الآراء الضعيفة: "أقول حقاً: إن الذين يتبعون أمثال ذلك قد حرموا الوقوف على معاني كلام الله تعالى حرماناً عظيماً".
الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد.
قال الله تعالى في سورة "النمل": (قِيلَ أَهَكَذَا عَرْشُكِ قَالَتْ كَأَنَّهُ هُوَ وَأُوتِينَا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهَا)
القول الراجح في قوله: (وَأُوتِينَا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهَا) أنه من قول سليمان, والمراد: أوتينا العلم بالله وبقدرته.
والآن إلى ذكر أقوال المفسرين في الآية.
اختلف المفسرون في المراد بقوله: (وَأُوتِينَا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهَا) على ثلاثة أقوال:
القول الأول: أنه من قول سليمان, والمراد: أوتينا العلم بالله وبقدرته (اقتصر على هذا القول ابن جرير*, وابن عطية*, وابن كثير*) (وذكره البغوي*, والزمخشري*, والرازي*, والقرطبي*)
(واقتصر عليه ابن عاشور* لكن له رأي مختلف في المراد بالعلم في الآية سيأتي)
وهذا القول هو الراجح.
قال الزمخشري: "فإن قلت: علام عطف هذا الكلام وبم اتصل؟
قلت: لما كان المقام - الذي سئلت فيه عن عرشها وأجابت بما أجابت به - مقاماً أجرى فيه سليمان وملؤه ما يناسب قولهم وأوتينا العلم نحو أن يقولوا عند قولها: كأنه هو: قد أصابت في جوابها وطبقت المفصل، وهي عاقلة لبيبة، وقد رزقت الإسلام، وعلمت قدرة الله وصحة النبوة بالآيات التي تقدمت عند وفدة المنذر، وبهذه الآية العجيبة من أمر عرشها عطفوا على ذلك قولهم: وأوتينا نحن العلم بالله وبقدرته، وبصحة ما جاء من عنده قبل علمها".
قال ابن عاشور: " قال سليمان أو قال بعض ملأ سليمان: إن فيهم من له من العلم ما ليس لملأ ملكة سبأ، أي لا ننسى بما نشاهده من بهرجات هذه الملكة إننا في حالة عقلية أفضل. وأرادوا بالعلم علم الحكمة الذي علمه الله سليمان ورجال مملكته وتشاركهم بعض أهل سبأ في بعضه فقد كانوا أهل معرفة أنشأوا بها حضارة مبهتة.
فمعنى {مِنْ قَبْلِهَا} إن حمل على ظاهره أن قومهم بني إسرائيل كانوا أسبق في معرفة الحكمة وحضارة الملك من أهل سبأ لأن الحكمة ظهرت في بني إسرائيل من عهد موسى، فقد سن لهم الشريعة، وأقام لهم نظام الجماعة، وعلمهم أسلوب الحضارة... فبهذا الاعتبار كان بنو إسرائيل أسبق إلى علم الحكمة قبل أهل سبأ.
وإن أريد بـ {مِنْ قَبْلِهَا} القبلية الاعتبارية وهي الفضل والتفوق في المزايا وهو الأليق بالمعنى كان المعنى: إنا أوسع وأقوى منها علماً.
فكان الأرجح أن يكون معنى {مِنْ قَبْلِهَا} أنا فائتونها في العلم وبالغون ما لم تبلغه. وازادوا في إظهار فضلهم عليها بذكر الناحية الدينية، أي: وكنا مسلمين دونها".
قلت: هذا القول من ابن عاشور رحمه الله وجيه وقوي والله أعلم.
القول الثاني: أنه من قول بلقيس, والمراد: { وَأُوتِينَا الْعِلْمَ } بصحة نبوة سليمان بالآيات المتقدمة من أمر الهدية والرسل، { مِنْ قَبْلِهَا } من هذه الحالة ومن قبل الآية في العرش { وَكُنَّا مُسْلِمِينَ } منقادين طائعين لأمر سليمان. (ذكره البغوي*, والزمخشري*, والرازي*, والقرطبي*) (واقتصر عليه صاحب الظلال*)
القول الثالث: أنه من قول سليمان, أي: وأوتينا العلم بإسلامها ومجيئها طائعة من قبل مجيئها وكنا مسلمين طائعين لله عز وجل.(ذكره البغوي*, والقرطبي*)
والله تعالى أعلم.
للاطلاع على مقدمة سلسلة (النوال)
انظر هنا
https://majles.alukah.net/t188624/