النوال... (191) (فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ)

إنضم
15/04/2018
المشاركات
322
مستوى التفاعل
12
النقاط
18
الإقامة
السعودية
"النوال في تحرير ما للمفسرين من أقوال" (191)

اكتب في (قوقل) (النوال. وكلمة من الآية) التي تريد معرفة ملخص آراء المفسرين فيها.

قال الرازي رحمه الله في من يفهم آيات القرآن على الآراء الضعيفة: "أقول حقاً: إن الذين يتبعون أمثال ذلك قد حرموا الوقوف على معاني كلام الله تعالى حرماناً عظيماً".

الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد.
قال الله تعالى في سورة "مريم": (فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا)
القول الراجح في قوله: (يرثني ويرث من آل يعقوب) أن المراد وراثة النبوة والشرع والعلم.

والآن إلى ذكر أقوال المفسرين في الآية.
قوله: (ولياً) أي: ولداً وارثاً ومعيناً.
واختلف المفسرون في المراد بقوله: (يرثني ويرث من آل يعقوب) على ثلاثة أقوال:
القول الأول: أن المراد وراثة المال. (ذكره ابن عطية*, والرازي*, والقرطبي*, والشنقيطي*)
قال ابن عطية: "والأكثر من المفسرين على أنه أراد وراثة المال".

القول الثاني: أن المراد وراثة النبوة والشرع والعلم. (ذكر ابن جرير* ذلك في بعض الروايات التي ذكرها عن بعض السلف) (وذكره الماتريدي*, والبغوي*, والرازي*) (واقتصر عليه الزمخشري*, وصاحب الظلال*) (ورجحه ابن عطية*, والقرطبي*, وابن كثير*, والشنقيطي*)
وهذا هو القول الراجح كما سيأتي.

القول الثالث: أن المراد بقوله: (يرثني) وراثة المال, وبقوله: (ويرث من آل يعقوب) العلم والنبوة (ذكره ابن جرير*, والماتريدي*, والبغوي*, وابن عطية*, والرازي*, والقرطبي*, وابن كثير*, والشنقيطي*)

قال الزجاج: "والأولى أن يحمل على ميراث غير المال لأنه يبعد أن يشفق زكريا وهو نبي من الأنبياء أن يرث بنو عمه ماله".

وقال ابن كثير: "فإن النبي أعظم منزلة وأجل قدراً من أن يشفق على ماله إلي ما هذا حده أن يأنف من وراثة عصباته له، ويسأل أن يكون له ولد فيحوز ميراثه دونهم.
الثاني: أنه لم يُذكر أنه كان ذا مال، بل كان نجاراً يأكل من كسب يديه، ومثل هذا لا يجمع مالاً ولا سيما الأنبياء عليهم السلام، فإنهم كانوا أزهد شيء في الدنيا.
الثالث: أنه قد ثبت في الصحيحين من غير وجه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (لا نورث، ما تركنا فهو صدقة)"

وقال ابن عطية: "والأظهر الأليق أنه يريد وراثة العلم والدين فتكون الوراثة مستعارة، ألا ترى أنه إنما طلب {ولياً}، ولم يخصص ولداً فبلغه الله أمله على أكمل الوجوه".

قال الزمخشري: "فخافهم على الدين أن يغيروه ويبدلوه، وأن لا يحسنوا الخلافة على أمته، فطلب عقباً من صلبه صالحاً يقتدي به في إحياء الدين ويرتسم مراسمه فيه".

وقال البغوي: "والمعنى: أنه خاف تضييع بني عمه دين الله وتغيير أحكامه على ما كان شاهده من بني إسرائيل من تبديل الدين وقتل الأنبياء، فسأل ربه ولياً صالحاً يأمنه على أمته ويرث نبوته وعلمه لئلا يضيع الدين".

وأما ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (رحم الله أخي زكريا، ما كان عليه من ورثة ماله)
روي هذا عن الحسن وقتادة.
قال ابن كثير: "هذه مرسلات لا تعارض الصحاح، والله أعلم".

فهذا القول إذاً هو الراجح, وإن نفوس الأنبياء لا تطمح إلا لمعالي الأمور ومصالح الدين.

(ممن توسع وناقش الخلاف في هذه الآية الرازي*, وابن كثير*, والشنقيطي*)

وقوله: (وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا)
(رضي) فعيل بمعنى مفعول, أي: مرضياً في دينه وبره وتقواه.
والله تعالى أعلم.

للاطلاع على مقدمة سلسلة (النوال)
انظر هنا
https://majles.alukah.net/t188624/
 
عودة
أعلى