صالح بن سليمان الراجحي
Member
"النوال في تحرير ما للمفسرين من أقوال" (186)
اكتب في (قوقل) (النوال. وكلمة من الآية) التي تريد معرفة ملخص آراء المفسرين فيها.
قال الرازي رحمه الله في من يفهم آيات القرآن على الآراء الضعيفة: "أقول حقاً: إن الذين يتبعون أمثال ذلك قد حرموا الوقوف على معاني كلام الله تعالى حرماناً عظيماً".
الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد.
قال الله تعالى في سورة "النمل": (فَلَمَّا جَاءَ سُلَيْمَانَ قَالَ أَتُمِدُّونَنِ بِمَالٍ فَمَا آتَانِيَ اللَّهُ خَيْرٌ مِمَّا آتَاكُمْ بَلْ أَنْتُمْ بِهَدِيَّتِكُمْ تَفْرَحُونَ)
قوله: (فَلَمَّا جَاءَ سُلَيْمَانَ)
كيف قيل:(فَلَمَّا جَاءَ سُلَيْمَانَ) وكذلك قال: (ارْجِعْ إِلَيْهِمْ فَلَنَأْتِيَنَّهُمْ بِجُنُودٍ لَا قِبَلَ لَهُمْ بِهَا)
فجعل الرسول واحداً، وهم جماعة كما في قوله تعالى: (فَنَاظِرَةٌ بِمَ يَرْجِعُ الْمُرْسَلُونَ)
في الجواب عن ذلك عدة احتمالات:
الأول: أن الرسول الذي وجَّهته ملكة سبأ كان واحداً، ولذلك قال: سليمان للرسول: (ارْجِعْ إِلَيْهِمْ)
وأن العرب تظهر الخبر في أمر كان من واحد على وجه الخبر عن جماعة إذا لم يقصد الخبر عن شخص واحد بعينه. (ذكره ابن جرير*)
الثاني: أن الرسول لفظه مفرد ويصدق بالواحد والجماعة. ( ذكره ابن عطية*, وابن عاشور*)
الثالث: أن هدايا الملوك يحملها ركب، فيجوز أن يكون فاعل {جَاءَ} الركب المعهود في إرسال هدايا أمثال الملوك. (انفرد بذكره ابن عاشور*)
قلت: الأقرب أن تكون أرسلت جماعة, والذي تولى التقدم إلى سليمان ومخاطبته كان واحداً وهو قائدهم وكبيرهم, ولهذا قال: (فَلَمَّا جَاءَ سُلَيْمَانَ) وقال له: (ارْجِعْ إِلَيْهِمْ).
وهذا الوجه أشار اليه البغوي* والقرطبي* بقولهما: "ثم قال للمنذر بن عمرو أمير الوفد: ارجع إليهم بالهدية"
وكذلك قال الزمخشري*: "ثم رد الهدية وقال للمنذر: ارجع إليهم"
واختلف المفسرون في المراد بقوله: (بَلْ أَنْتُمْ بِهَدِيَّتِكُمْ تَفْرَحُونَ) على ثلاثة أقوال:
الأول: أن المعنى بل أنتم تفرحون بالهدية التي تُهدى إليكم، لأنكم أهل مفاخرة بالدنيا ومكاثرة بها، (اقتصر عليه ابن جرير*, والبغوي*, والقرطبي*, وابن كثير*, وصاحب الظلال*) (وذكره الزمخشري*, والرازي*, وابن عاشور*)
القول الثاني: أن المعنى بل أنتم بهديتكم هذه تفرحون فرح افتخار بأنكم قدرتم على إهداء مثلها. (ذكره الزمخشري*, والرازي*, وابن عاشور*)
قلت: قد يقوي هذا الوجه قوله: (فَمَا آتَانِيَ اللَّهُ خَيْرٌ مِمَّا آتَاكُمْ)
القول الثالث: أن يكون عبارة عن رد الهدية لهم، أي: بل أنتم تفرحون بهذه الهدية حين تأخذونها وترد لكم. (ذكره الزمخشري*, والرازي*) (وضعفه الماتريدي*)
قال الماتريدي: "هذا بعيد لا تفرح برد الهدية إذا ردت إليها، ولم تقبل بل تحزن على ذلك وتهتم"
والله تعالى أعلم.
للاطلاع على مقدمة سلسلة (النوال)
انظر هنا
https://majles.alukah.net/t188624/
اكتب في (قوقل) (النوال. وكلمة من الآية) التي تريد معرفة ملخص آراء المفسرين فيها.
قال الرازي رحمه الله في من يفهم آيات القرآن على الآراء الضعيفة: "أقول حقاً: إن الذين يتبعون أمثال ذلك قد حرموا الوقوف على معاني كلام الله تعالى حرماناً عظيماً".
الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد.
قال الله تعالى في سورة "النمل": (فَلَمَّا جَاءَ سُلَيْمَانَ قَالَ أَتُمِدُّونَنِ بِمَالٍ فَمَا آتَانِيَ اللَّهُ خَيْرٌ مِمَّا آتَاكُمْ بَلْ أَنْتُمْ بِهَدِيَّتِكُمْ تَفْرَحُونَ)
قوله: (فَلَمَّا جَاءَ سُلَيْمَانَ)
كيف قيل:(فَلَمَّا جَاءَ سُلَيْمَانَ) وكذلك قال: (ارْجِعْ إِلَيْهِمْ فَلَنَأْتِيَنَّهُمْ بِجُنُودٍ لَا قِبَلَ لَهُمْ بِهَا)
فجعل الرسول واحداً، وهم جماعة كما في قوله تعالى: (فَنَاظِرَةٌ بِمَ يَرْجِعُ الْمُرْسَلُونَ)
في الجواب عن ذلك عدة احتمالات:
الأول: أن الرسول الذي وجَّهته ملكة سبأ كان واحداً، ولذلك قال: سليمان للرسول: (ارْجِعْ إِلَيْهِمْ)
وأن العرب تظهر الخبر في أمر كان من واحد على وجه الخبر عن جماعة إذا لم يقصد الخبر عن شخص واحد بعينه. (ذكره ابن جرير*)
الثاني: أن الرسول لفظه مفرد ويصدق بالواحد والجماعة. ( ذكره ابن عطية*, وابن عاشور*)
الثالث: أن هدايا الملوك يحملها ركب، فيجوز أن يكون فاعل {جَاءَ} الركب المعهود في إرسال هدايا أمثال الملوك. (انفرد بذكره ابن عاشور*)
قلت: الأقرب أن تكون أرسلت جماعة, والذي تولى التقدم إلى سليمان ومخاطبته كان واحداً وهو قائدهم وكبيرهم, ولهذا قال: (فَلَمَّا جَاءَ سُلَيْمَانَ) وقال له: (ارْجِعْ إِلَيْهِمْ).
وهذا الوجه أشار اليه البغوي* والقرطبي* بقولهما: "ثم قال للمنذر بن عمرو أمير الوفد: ارجع إليهم بالهدية"
وكذلك قال الزمخشري*: "ثم رد الهدية وقال للمنذر: ارجع إليهم"
واختلف المفسرون في المراد بقوله: (بَلْ أَنْتُمْ بِهَدِيَّتِكُمْ تَفْرَحُونَ) على ثلاثة أقوال:
الأول: أن المعنى بل أنتم تفرحون بالهدية التي تُهدى إليكم، لأنكم أهل مفاخرة بالدنيا ومكاثرة بها، (اقتصر عليه ابن جرير*, والبغوي*, والقرطبي*, وابن كثير*, وصاحب الظلال*) (وذكره الزمخشري*, والرازي*, وابن عاشور*)
القول الثاني: أن المعنى بل أنتم بهديتكم هذه تفرحون فرح افتخار بأنكم قدرتم على إهداء مثلها. (ذكره الزمخشري*, والرازي*, وابن عاشور*)
قلت: قد يقوي هذا الوجه قوله: (فَمَا آتَانِيَ اللَّهُ خَيْرٌ مِمَّا آتَاكُمْ)
القول الثالث: أن يكون عبارة عن رد الهدية لهم، أي: بل أنتم تفرحون بهذه الهدية حين تأخذونها وترد لكم. (ذكره الزمخشري*, والرازي*) (وضعفه الماتريدي*)
قال الماتريدي: "هذا بعيد لا تفرح برد الهدية إذا ردت إليها، ولم تقبل بل تحزن على ذلك وتهتم"
والله تعالى أعلم.
للاطلاع على مقدمة سلسلة (النوال)
انظر هنا
https://majles.alukah.net/t188624/