النوال... (185) (فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ)

إنضم
15/04/2018
المشاركات
322
مستوى التفاعل
12
النقاط
18
الإقامة
السعودية
"النوال في تحرير ما للمفسرين من أقوال" (185)

اكتب في (قوقل) (النوال. وكلمة من الآية) التي تريد معرفة ملخص آراء المفسرين فيها.

قال الرازي رحمه الله في من يفهم آيات القرآن على الآراء الضعيفة: "أقول حقاً: إن الذين يتبعون أمثال ذلك قد حرموا الوقوف على معاني كلام الله تعالى حرماناً عظيماً".

الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد.
قال الله تعالى في سورة "الفرقان": (فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ)
القول الراجح أن المراد يبدل الله سيئاتهم حسنات لهم يوم القيامة فيضع مكان كل سيئة حسنة لحديث أبي ذر وهو حديث ثابت.
أما في أهل الإيمان فالأمر واضح وأما في غير أهل الإيمان فالأمر محتمل.

والآن إلى ذكر أقوال المفسرين في الآية.
اختلف المفسرون في المراد بهذه الآية على قولين:
القول الأول: أن هذا التبديل في الدنيا والمراد يبدل الله بقبائح أعمالهم محاسن الأعمال فيبدلهم بالشرك إيماناً، وبالزنا عفة وإحصاناً وهكذا (رجحه ابن جرير*) (واقتصر عليه ابن عاشور*)

القول الثاني: أن المراد يبدل الله سيئاتهم حسنات لهم يوم القيامة فيضع مكان كل سيئة حسنة. (مال اليه القرطبي*, وابن كثير*) (واقتصر عليه صاحب الظلال*)

(وذكر القولين الماتريدي*, والبغوي*, والزمخشري*, والرازي*)
(وذكرهما ابن عطية*) لكنه قيد القول الثاني بأهل الإيمان فقال: "وقد ورد حديث في كتاب مسلم يقتضي أن الله تعالى يبدل يوم القيامة لمن يريد المغفرة من الموحدين بدل سيئات حسنات"
قال ابن عطية: "وهو معنى كرم العفو"
والتقييد هو ظاهر قول صاحب الظلال.

قال الماتريدي: "لما كان منهم الندامة والحسرة على كل سيئة كانت منهم في الدنيا"

قال القرطبي: "قلت: فلا يبعد في كرم الله تعالى إذا صحت توبة العبد أن يضع مكان كل سيئة حسنة"

وقال ابن كثير: "فيوم القيامة وإن وجده مكتوباً عليه لكنه لا يضره وينقلب حسنة في صحيفته، كما ثبتت السنة بذلك، وصحت به الآثار المروية عن السلف، رحمهم الله تعالى...
وقال علي بن الحسين زين العابدين: {يبدل الله سيئاتهم حسنات} قال: في الآخرة.
وقال مكحول: يغفرها لهم فيجعلها حسنات.
رواهما ابن أبي حاتم، وروى ابن جرير، عن سعيد بن المسيب مثله"

قال صاحب الظلال: "ويعد التائبين المؤمنين العاملين أن يبدل ما عملوه من سيئات قبل التوبة حسنات بعدها تضاف إلى حسناتهم الجديدة: «فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات».
وهو فيض من عطاء الله لا مقابل له من عمل العبد إلا أنه اهتدى ورجع عن الضلال، وثاب إلى حمى الله، ولاذ به بعد الشرود والمتاهة. «وكان الله غفوراً رحيما»"

وقد ثبت من حديث أبي ذر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إني لأعلم آخر أهل الجنة دخولاً الجنة وآخر أهل النار خروجاً منها, رجل يؤتى به يوم القيامة فيقال: اعرضوا عليه صغار ذنوبه وارفعوا عنه كبارها, فتعرض عليه صغار ذنوبه فيقال: عملت يوم كذا وكذا كذا وكذا وعملت يوم كذا وكذا كذا وكذا, فيقول: نعم لا يستطيع أن ينكر وهو مشفق من كبار ذنوبه أن تعرض عليه, فيقال له: فإن لك مكان كل سيئة حسنة فيقول: رب قد عملت أشياء لا أراها ههنا, فلقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ضحك حتى بدت نواجذه) أخرجه مسلم.

قلت: فهذا القول هو الراجح لحديث أبي ذر هذا وهو حديث ثابت.
ولظاهر الآية.
ولأنه لو قيل بالقول الآخر فسيكون معنى الآية هكذا:
إلا من تاب وبدل سياته حسنات فإن الله يبدل سياته حسنات.
لأن التوبة والعمل الصالح هو بمعنى تبديل السيئات حسنات.

وفضل الله عظيم.
وقد ثبت من حديث أبي هريرة رضي الله عنه في حديث (تحاجت الجنة والنار... ) قال: (ولكل واحدة منهما ملؤها قال: وأما الجنة فإن الله عز وجل ينشئ لها خلقاً) متفق عليه.
قال ابن حجر: "وفيه دلالة على أن الثواب ليس موقوفاً على العمل"
قلت: أما في أهل الإيمان فالأمر واضح خاصة أن الآيات من أولها في أوصاف عباد الرحمن من قوله:
(وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا)
وأما في غير أهل الإيمان فالأمر محتمل.
والله تعالى أعلم.

للاطلاع على مقدمة سلسلة (النوال)
انظر هنا
https://majles.alukah.net/t188624/
 
عودة
أعلى