صالح بن سليمان الراجحي
Member
"النوال في تحرير ما للمفسرين من أقوال" (180)
اكتب في (قوقل) (النوال. وكلمة من الآية) التي تريد معرفة ملخص آراء المفسرين فيها.
قال الرازي رحمه الله في من يفهم آيات القرآن على الآراء الضعيفة: "أقول حقاً: إن الذين يتبعون أمثال ذلك قد حرموا الوقوف على معاني كلام الله تعالى حرماناً عظيماً".
الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد.
قال الله تعالى في سورة "طه": (وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِنِّي وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي)
القول الأقرب في قوله: (وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِنِّي) أن المراد أن الله حببه إلى خلقه وألقى في قلوبهم محبته.
والآن إلى ذكر أقوال المفسرين في الآية.
اختلف المفسرون في المراد بقوله: (وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِنِّي) على قولين:
القول الأول: أن المراد الإخبار عن محبته الله له.
القول الثاني: أن المراد أن الله حببه إلى خلقه وألقى في قلوبهم محبته (اقتصر عليه ابن جرير*, وابن عطية*, وابن كثير*, وابن عاشور*) (ومال إليه الرازي*)
وهذا القول هو الأقرب.
(ذكر القولين الزمخشري*) (وجمع بينهما الشنقيطي*)
(وجمع بينهما البغوي*, والقرطبي* بذكرهما لقول ابن عباس رضي الله عنه: (أحبه الله وحببه إلى خلقه) (واقتصر صاحب الظلال* على الأول)
قال الزمخشري: "قوله: (مني) لا يخلو إما أن يتعلق بألقيت، فيكون المعنى على: أني أحببتك ومن أحبه الله أحبته القلوب.
وإما أن يتعلق بمحذوف هو صفة لمحبة، أي: محبة حاصلة أو واقعة مني، قد ركزتها أنا في القلوب وزرعتها فيها، فلذلك أحبك فرعون وكل من أبصرك".
قال ابن عاشور: "وإلقاء المحبة مجاز في تعلق المحبة به، أي: خلق المحبة في قلب المحب بدون سبب عادي حتى كأنه وضع باليد لا مقتضى له في العادة.
ووصف المحبة بأنها من الله للدلالة على أنها محبة خارقة للعادة لعدم ابتداء أسباب المحبة العرفية من الإلف والانتفاع، ألا ترى قول امرأة فرعون: {عَسَى أَنْ يَنْفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَداً} مع قولها: {قُرَّتُ عَيْنٍ لِي وَلَكَ}. فكان قرة عين لها قبل أن ينفعها وقبل اتخاذه ولدا".
قال صاحب الظلال: "إنها مقابلة عجيبة في تصوير المشهد. مقابلة بين القوى الجبارة الطاغية التي تتربص بالطفل الصغير، والخشونة القاسية فيما يحيط به من ملابسات وظروف .. والرحمة اللينة اللطيفة تحرسه من المخاوف، وتقيه من الشدائد وتلفه من الخشونة، ممثلة في المحبة لا في صيال أو نزال".
وقوله: (وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي) أي: لتربى وتغذى وتنشأ بمرآى ورعاية وحفظ مني.
قال القرطبي: "قال النحاس: وذلك معروف في اللغة، يقال: صنعت الفرس وأصنعت إذا أحسنت القيام عليه".
قال ابن عاشور: "جملة {وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي} عطف على جملة {إِذْ أَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّكَ} الخ.
والتقدير: وإذ تمشي أختك فتقول هل أدلكم على من يكفله لأجل أن تصنع على عيني.
والصنع: مستعار للتربية والتنمية، تشبيها لذلك بصنع شيء مصنوع، ومنه يقال لمن أنعم عليه أحد نعمة عظيمة: هو صنيعة فلان".
قال صاحب الظلال: "«وَلِتُصْنَعَ عَلى عَيْنِي» .. وما من شرح يمكن أن يضيف شيئاً إلى ذلك الظل الرفيق اللطيف العميق الذي يلقيه التعبير القرآني العجيب: «وَلِتُصْنَعَ عَلى عَيْنِي» وكيف يصف لسان بشري خلقاً يصنع على عين الله.
إن قصارى أي بشري أن يتأمله ويتملاه ..
إنها منزلة وإنها كرامة أن ينال إنسان لحظة من العناية. فكيف بمن يصنع صنعاً على عين الله".
والله تعالى أعلم.
للاطلاع على مقدمة سلسلة (النوال)
انظر هنا
https://majles.alukah.net/t188624/
اكتب في (قوقل) (النوال. وكلمة من الآية) التي تريد معرفة ملخص آراء المفسرين فيها.
قال الرازي رحمه الله في من يفهم آيات القرآن على الآراء الضعيفة: "أقول حقاً: إن الذين يتبعون أمثال ذلك قد حرموا الوقوف على معاني كلام الله تعالى حرماناً عظيماً".
الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد.
قال الله تعالى في سورة "طه": (وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِنِّي وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي)
القول الأقرب في قوله: (وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِنِّي) أن المراد أن الله حببه إلى خلقه وألقى في قلوبهم محبته.
والآن إلى ذكر أقوال المفسرين في الآية.
اختلف المفسرون في المراد بقوله: (وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِنِّي) على قولين:
القول الأول: أن المراد الإخبار عن محبته الله له.
القول الثاني: أن المراد أن الله حببه إلى خلقه وألقى في قلوبهم محبته (اقتصر عليه ابن جرير*, وابن عطية*, وابن كثير*, وابن عاشور*) (ومال إليه الرازي*)
وهذا القول هو الأقرب.
(ذكر القولين الزمخشري*) (وجمع بينهما الشنقيطي*)
(وجمع بينهما البغوي*, والقرطبي* بذكرهما لقول ابن عباس رضي الله عنه: (أحبه الله وحببه إلى خلقه) (واقتصر صاحب الظلال* على الأول)
قال الزمخشري: "قوله: (مني) لا يخلو إما أن يتعلق بألقيت، فيكون المعنى على: أني أحببتك ومن أحبه الله أحبته القلوب.
وإما أن يتعلق بمحذوف هو صفة لمحبة، أي: محبة حاصلة أو واقعة مني، قد ركزتها أنا في القلوب وزرعتها فيها، فلذلك أحبك فرعون وكل من أبصرك".
قال ابن عاشور: "وإلقاء المحبة مجاز في تعلق المحبة به، أي: خلق المحبة في قلب المحب بدون سبب عادي حتى كأنه وضع باليد لا مقتضى له في العادة.
ووصف المحبة بأنها من الله للدلالة على أنها محبة خارقة للعادة لعدم ابتداء أسباب المحبة العرفية من الإلف والانتفاع، ألا ترى قول امرأة فرعون: {عَسَى أَنْ يَنْفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَداً} مع قولها: {قُرَّتُ عَيْنٍ لِي وَلَكَ}. فكان قرة عين لها قبل أن ينفعها وقبل اتخاذه ولدا".
قال صاحب الظلال: "إنها مقابلة عجيبة في تصوير المشهد. مقابلة بين القوى الجبارة الطاغية التي تتربص بالطفل الصغير، والخشونة القاسية فيما يحيط به من ملابسات وظروف .. والرحمة اللينة اللطيفة تحرسه من المخاوف، وتقيه من الشدائد وتلفه من الخشونة، ممثلة في المحبة لا في صيال أو نزال".
وقوله: (وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي) أي: لتربى وتغذى وتنشأ بمرآى ورعاية وحفظ مني.
قال القرطبي: "قال النحاس: وذلك معروف في اللغة، يقال: صنعت الفرس وأصنعت إذا أحسنت القيام عليه".
قال ابن عاشور: "جملة {وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي} عطف على جملة {إِذْ أَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّكَ} الخ.
والتقدير: وإذ تمشي أختك فتقول هل أدلكم على من يكفله لأجل أن تصنع على عيني.
والصنع: مستعار للتربية والتنمية، تشبيها لذلك بصنع شيء مصنوع، ومنه يقال لمن أنعم عليه أحد نعمة عظيمة: هو صنيعة فلان".
قال صاحب الظلال: "«وَلِتُصْنَعَ عَلى عَيْنِي» .. وما من شرح يمكن أن يضيف شيئاً إلى ذلك الظل الرفيق اللطيف العميق الذي يلقيه التعبير القرآني العجيب: «وَلِتُصْنَعَ عَلى عَيْنِي» وكيف يصف لسان بشري خلقاً يصنع على عين الله.
إن قصارى أي بشري أن يتأمله ويتملاه ..
إنها منزلة وإنها كرامة أن ينال إنسان لحظة من العناية. فكيف بمن يصنع صنعاً على عين الله".
والله تعالى أعلم.
للاطلاع على مقدمة سلسلة (النوال)
انظر هنا
https://majles.alukah.net/t188624/