صالح بن سليمان الراجحي
Member
"النوال في تحرير ما للمفسرين من أقوال" (178)
اكتب في (قوقل) (النوال. وكلمة من الآية) التي تريد معرفة ملخص آراء المفسرين فيها.
قال الرازي رحمه الله في من يفهم آيات القرآن على الآراء الضعيفة: "أقول حقاً: إن الذين يتبعون أمثال ذلك قد حرموا الوقوف على معاني كلام الله تعالى حرماناً عظيماً".
الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد.
قال الله تعالى في سورة "طه": (فَأَخْرَجَ لَهُمْ عِجْلًا جَسَدًا لَهُ خُوَارٌ فَقَالُوا هَذَا إِلَهُكُمْ وَإِلَهُ مُوسَى فَنَسِيَ)
أخرج لهم السامري من ذلك الحلي المجتمع عجلاً له صوت خوار.
وهل صاغه السامري أم تحول هو بنفسه إلى صورة عجل؟
اختلف المفسرون في ذلك على قولين:
الأول: أنه تحول بنفسه بقدرة الله. (اقتصر عليه الزمخشري*) (ورجحه ابن عطية*).
الثاني: أنه صاغه (اقتصر عليه ابن عاشور*, وصاحب الظلال*) (وذكر القولين ابن جرير*, والقرطبي*)
قال ابن عاشور: "والإخراج: إظهار ما كان محجوباً. والتعبير بالإخراج إشارة إلى أنه صنعه بحيلة مستورة عنهم حتى أتمه".
قال ابن عطية: "فروي مع هذا الاختلاف أن الحلي اجتمع عند العجل وأنه صاغ العجل وألقى القبضة فيه فخار، وروي وهو الأصح الأكثر أنه ألقى الناس الحلي في حفرة أو نحوها وألقى هو عليه القبضة فتجسد العجل وهذا وجه فتنة الله تعالى لهم، وعلى هذا نقول انخرقت للسامري عادة, وأما على أن يصوغه فلم تتخرق له عادة وإنما فتنوا حينئذ بخواره فقط وذلك الصوت قد تولد في الأجرام بالصنعة"
وقال أيضاً: "وقوله: {فكذلك ألقى} أي: فكما قذفنا نحن {فكذلك} أيضاً {ألقى السامري} ما كان بيده, وهذه الألفاظ تقتضي أن العجل لم يصغه السامري"
واختلف المفسرون في العجل هل كان صورة مجسدة أم تحول إلى حقيقة من لحم ودم على قولين:
القول الأول: أنه كان صورة عجل مجسدة بشكله وقوائمه. (اقتصر عليه ابن عاشور*, وصاحب الظلال*) (ورجحه الماتريدي*)
القول الثاني: أنه تحول إلى حقيقة من لحم ودم بقدرة الله. (اقتصر عليه الزمخشري*) (ورجحه الشنقيطي*) (وذكر القولين ابن عطية*, والرازي*, والقرطبي*)
قيل: كان يخور ويمشي (ذكره ابن عطية*, وابن كثير*)
قال الشنقيطي: "قال بعض العلماء: جعل الله بقدرته ذلك الحلي المصوغ جسداً من لحم ودم، وهذا هو ظاهر قوله عجلاً جسداً.
وقال بعض العلماء: لم تكن تلك الصورة لحماً ولا دماً، ولكن إذا دخلت فيها الريح صوتت كخوار العجل.
والأول أقرب لظاهر الآية، والله تعالى قادر على أن يجعل الجماد لحماً ودماً، كما جعل آدم لحماً ودماً وكان طيناً".
وقال الرازي: "فاختلفوا في أنه هل كان ذلك الجسد حياً أم لا؟
فالقول الأول: لا لأنه لا يجوز إظهار خرق العادة على يد الضال بل السامري صور صورة على شكل العجل وجعل فيها منافذ ومخارق بحيث تدخل فيها الرياح فيخرج صوت يشبه صوت العجل.
والقول الثاني: أنه صار حياً وخار كما يخور العجل واحتجوا عليه بأنه تعالى سماه عجلاً والعجل حقيقة في الحيوان وسماه جسداً وهو إنما يتناول الحي.
وبأنه أثبت له الخوار.
وأجابوا عن حجة الأولين بأن ظهور خوارق العادة على يد مدعي الإلهية جائز لأنه لا يحصل الالتباس وهاهنا كذلك".
قال ابن عاشور: "وصنع لهم السامري صنماً على صورة عجل لأنهم كانوا قد اعتادوا في مصر عبادة العجل ايبيس، فلما رأوا ما صاغه السامري في صورة معبود عرفوه من قبل ورأوه يزيد عليه بأن له خواراً، رسخ في أوهامهم الآفنة أن ذلك هو الإله الحقيقي".
وقوله: (لَهُ خُوَارٌ): أي: صوت كصوت البقر, جعل في جوفه منافذ يدخل منها الهواء فتخرج أصوات كصوت الخوار.
وعلى القول الأخر كان صوتاً حقيقياً.
وقوله: (فَنَسِيَ) اختلف المفسرون على من يعود الضمير على قولين:
القول الأول: أن الضمير يعود إلى موسى, والمعنى: أن موسى نسي فذهب يبحث عن إلهه وهو موجود هنا. (رجحه ابن جرير*) (واقتصر عليه البغوي*, وصاحب الظلال*) (وذكره ابن كثير*, والرازي*) (وضعفه ابن عاشور*)
وقيل: يعود إلى موسى ولكن المعنى: أن موسى نسي أن يذكركم أن هذا إلهكم. (ذكره ابن كثير*, والشنقيطي*)
قال ابن عاشور: "جعله جمع من المفسرين عائداً إلى موسى، أي: فنسي موسى إلهكم وإلهه، أي: غفل عنه، وذهب إلى الطور يفتش عليه وهو بين أيديكم، وموقع فاء التفريع يبعد هذا التفسير".
القول الثاني: أن الضمير يعود إلى السامري, والمعنى: أنه نسي أي: ترك ما كان عليه من الإسلام. (ذكر القولين الماتريدي*, والزمخشري*, وابن عطية*, والقرطبي*, وابن كثير*, والشنقيطي*)
والله تعالى أعلم.
للاطلاع على مقدمة سلسلة (النوال)
انظر هنا
https://majles.alukah.net/t188624/
اكتب في (قوقل) (النوال. وكلمة من الآية) التي تريد معرفة ملخص آراء المفسرين فيها.
قال الرازي رحمه الله في من يفهم آيات القرآن على الآراء الضعيفة: "أقول حقاً: إن الذين يتبعون أمثال ذلك قد حرموا الوقوف على معاني كلام الله تعالى حرماناً عظيماً".
الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد.
قال الله تعالى في سورة "طه": (فَأَخْرَجَ لَهُمْ عِجْلًا جَسَدًا لَهُ خُوَارٌ فَقَالُوا هَذَا إِلَهُكُمْ وَإِلَهُ مُوسَى فَنَسِيَ)
أخرج لهم السامري من ذلك الحلي المجتمع عجلاً له صوت خوار.
وهل صاغه السامري أم تحول هو بنفسه إلى صورة عجل؟
اختلف المفسرون في ذلك على قولين:
الأول: أنه تحول بنفسه بقدرة الله. (اقتصر عليه الزمخشري*) (ورجحه ابن عطية*).
الثاني: أنه صاغه (اقتصر عليه ابن عاشور*, وصاحب الظلال*) (وذكر القولين ابن جرير*, والقرطبي*)
قال ابن عاشور: "والإخراج: إظهار ما كان محجوباً. والتعبير بالإخراج إشارة إلى أنه صنعه بحيلة مستورة عنهم حتى أتمه".
قال ابن عطية: "فروي مع هذا الاختلاف أن الحلي اجتمع عند العجل وأنه صاغ العجل وألقى القبضة فيه فخار، وروي وهو الأصح الأكثر أنه ألقى الناس الحلي في حفرة أو نحوها وألقى هو عليه القبضة فتجسد العجل وهذا وجه فتنة الله تعالى لهم، وعلى هذا نقول انخرقت للسامري عادة, وأما على أن يصوغه فلم تتخرق له عادة وإنما فتنوا حينئذ بخواره فقط وذلك الصوت قد تولد في الأجرام بالصنعة"
وقال أيضاً: "وقوله: {فكذلك ألقى} أي: فكما قذفنا نحن {فكذلك} أيضاً {ألقى السامري} ما كان بيده, وهذه الألفاظ تقتضي أن العجل لم يصغه السامري"
واختلف المفسرون في العجل هل كان صورة مجسدة أم تحول إلى حقيقة من لحم ودم على قولين:
القول الأول: أنه كان صورة عجل مجسدة بشكله وقوائمه. (اقتصر عليه ابن عاشور*, وصاحب الظلال*) (ورجحه الماتريدي*)
القول الثاني: أنه تحول إلى حقيقة من لحم ودم بقدرة الله. (اقتصر عليه الزمخشري*) (ورجحه الشنقيطي*) (وذكر القولين ابن عطية*, والرازي*, والقرطبي*)
قيل: كان يخور ويمشي (ذكره ابن عطية*, وابن كثير*)
قال الشنقيطي: "قال بعض العلماء: جعل الله بقدرته ذلك الحلي المصوغ جسداً من لحم ودم، وهذا هو ظاهر قوله عجلاً جسداً.
وقال بعض العلماء: لم تكن تلك الصورة لحماً ولا دماً، ولكن إذا دخلت فيها الريح صوتت كخوار العجل.
والأول أقرب لظاهر الآية، والله تعالى قادر على أن يجعل الجماد لحماً ودماً، كما جعل آدم لحماً ودماً وكان طيناً".
وقال الرازي: "فاختلفوا في أنه هل كان ذلك الجسد حياً أم لا؟
فالقول الأول: لا لأنه لا يجوز إظهار خرق العادة على يد الضال بل السامري صور صورة على شكل العجل وجعل فيها منافذ ومخارق بحيث تدخل فيها الرياح فيخرج صوت يشبه صوت العجل.
والقول الثاني: أنه صار حياً وخار كما يخور العجل واحتجوا عليه بأنه تعالى سماه عجلاً والعجل حقيقة في الحيوان وسماه جسداً وهو إنما يتناول الحي.
وبأنه أثبت له الخوار.
وأجابوا عن حجة الأولين بأن ظهور خوارق العادة على يد مدعي الإلهية جائز لأنه لا يحصل الالتباس وهاهنا كذلك".
قال ابن عاشور: "وصنع لهم السامري صنماً على صورة عجل لأنهم كانوا قد اعتادوا في مصر عبادة العجل ايبيس، فلما رأوا ما صاغه السامري في صورة معبود عرفوه من قبل ورأوه يزيد عليه بأن له خواراً، رسخ في أوهامهم الآفنة أن ذلك هو الإله الحقيقي".
وقوله: (لَهُ خُوَارٌ): أي: صوت كصوت البقر, جعل في جوفه منافذ يدخل منها الهواء فتخرج أصوات كصوت الخوار.
وعلى القول الأخر كان صوتاً حقيقياً.
وقوله: (فَنَسِيَ) اختلف المفسرون على من يعود الضمير على قولين:
القول الأول: أن الضمير يعود إلى موسى, والمعنى: أن موسى نسي فذهب يبحث عن إلهه وهو موجود هنا. (رجحه ابن جرير*) (واقتصر عليه البغوي*, وصاحب الظلال*) (وذكره ابن كثير*, والرازي*) (وضعفه ابن عاشور*)
وقيل: يعود إلى موسى ولكن المعنى: أن موسى نسي أن يذكركم أن هذا إلهكم. (ذكره ابن كثير*, والشنقيطي*)
قال ابن عاشور: "جعله جمع من المفسرين عائداً إلى موسى، أي: فنسي موسى إلهكم وإلهه، أي: غفل عنه، وذهب إلى الطور يفتش عليه وهو بين أيديكم، وموقع فاء التفريع يبعد هذا التفسير".
القول الثاني: أن الضمير يعود إلى السامري, والمعنى: أنه نسي أي: ترك ما كان عليه من الإسلام. (ذكر القولين الماتريدي*, والزمخشري*, وابن عطية*, والقرطبي*, وابن كثير*, والشنقيطي*)
والله تعالى أعلم.
للاطلاع على مقدمة سلسلة (النوال)
انظر هنا
https://majles.alukah.net/t188624/