النوال... (174) (يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة)

إنضم
15/04/2018
المشاركات
322
مستوى التفاعل
12
النقاط
18
الإقامة
السعودية
"النوال في تحرير ما للمفسرين من أقوال" (174)

اكتب في (قوقل) (النوال. وكلمة من الآية) التي تريد معرفة ملخص آراء المفسرين فيها.

قال الرازي رحمه الله في من يفهم آيات القرآن على الآراء الضعيفة: "أقول حقاً: إن الذين يتبعون أمثال ذلك قد حرموا الوقوف على معاني كلام الله تعالى حرماناً عظيماً".

الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد.
قال الله تعالى في سورة "إبراهيم": (يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ)
القول الأقرب والله تعالى أعلم أن المراد بالتثبيت في الحياة الدنيا (قبل الموت), والتثبيت في الآخرة (في القبور عند السؤال).
والقول بأن المراد التثبيت في الآخرة (في القبور وما بعد القبور من البعث وما بعده) قوي أيضاً.

والآن إلى ذكر أقوال المفسرين في الآية.
المراد بالقول الثابت الإيمان الصادق وشهادة أن لا إله الله وأن محمداً رسول الله.
والباء في قوله: {بِالْقَوْلِ} للسببية, أي: يثبتهم الله بسبب هذا الإيمان واليقين الذي في قلوبهم.

قال الزمخشري: "القول الثابت الذي ثبت بالحجة والبرهان في قلب صاحبه وتمكن فيه، فاعتقده واطمأنت إليه نفسه".
هكذا ذكر أكثر المفسرين أن القول الثابت هو قول الإيمان.

وقيل: المراد بالقول الثابت القرآن (ذكره الماتريدي*) (واقتصر عليه ابن عاشور*)

(وذهب صاحب الظلال*) إلى أن كليهما قول ثابت.
فقال: "يثبت الله الذين آمنوا في الحياة الدنيا وفي الآخرة بكلمة الإيمان المستقرة في الضمائر، الثابتة في الفطر، المثمرة بالعمل الصالح المتجدد الباقي في الحياة. ويثبتهم بكلمات القرآن وكلمات الرسول وبوعده للحق بالنصر في الدنيا، والفوز في الآخرة .. وكلها كلمات ثابتة صادقة حقة، لا تتخلف ولا تتفرق بها السبل، ولا يمس أصحابها قلق ولا حيرة ولا اضطراب".

وقول جمهور المفسرين أقرب.

واختلف المفسرون في المراد بالتثبيت في الحياة الدنيا وفي الآخرة على ثلاثة أقوال:

القول الأول: أن المراد بالتثبيت في الحياة الدنيا قبل الموت, والتثبيت في الآخرة في القبور عند السؤال. (رجحه ابن جرير*, والبغوي*, وابن عطية*) (وذكره الماتريدي*, والزمخشري*) (واقتصر عليه الرازي*, وابن كثير*)
وقال البغوي: "هذا قول أكثر أهل التفسير".
وهذا القول هو الأقرب والله تعالى أعلم.

ومما يؤيده حديث البراء بن عازب رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (المسلم إذا سئل في القبر يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله, فذلك قوله: {يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة} متفق عليه.
وهو إذا ثبت ونجا في هذه الفتنة التي في القبر فهذا يدل على ثباته ونجاته بعد ذلك.

القول الثاني: أن المراد بالتثبيت في الحياة الدنيا عند السؤال في القبر، والتثبيت في الآخرة عند البعث. (ذكره ابن جرير*, والبغوي*, وابن عطية*, والقرطبي*)
قال ابن عطية: "ووجه هذا القول لأن ذلك في مدة وجود الدنيا".

القول الثالث: أن المراد أن المراد بالتثبيت في الحياة الدنيا قبل الموت, والتثبيت في الآخرة في القبور وما بعد القبور من البعث وما بعده من مواقف القيامة. (ذكره الزمخشري* والقرطبي*) (واقتصر عليه ابن عاشور*) (وهو الظاهر من كلام صاحب الظلال*)
وهذا القول قوي أيضاً.

قال الزمخشري: "ذكر أن المراد بالأخرة أنهم إذا سئلوا عند تواقف الأشهاد عن معتقدهم ودينهم، لم يتلعثموا ولم يبهتوا، ولم تحيرهم أهوال الحشر".

وقال ابن عاشور: "وأما في الآخرة فبإلفائهم الأحوال على نحو مما علموه في الدنيا، فلم تعترهم ندامة ولا لهف. ويكون ذلك بمظاهر كثيرة يظهر فيها ثباتهم بالحق قولاً وانسياقاً، وتظهر فيها فتنة غير المؤمنين في الأحوال كلها".
ثم قال: "ومن مظاهر هذا التثبيت فيهما ما ورد من وصف فتنة سؤال القبر".
والله تعالى أعلم.

للاطلاع على مقدمة سلسلة (النوال)
انظر هنا
https://majles.alukah.net/t188624/
 
عودة
أعلى