صالح بن سليمان الراجحي
Member
"النوال في تحرير ما للمفسرين من أقوال" (173)
اكتب في (قوقل) (النوال. وكلمة من الآية) التي تريد معرفة ملخص آراء المفسرين فيها.
قال الرازي رحمه الله في من يفهم آيات القرآن على الآراء الضعيفة: "أقول حقاً: إن الذين يتبعون أمثال ذلك قد حرموا الوقوف على معاني كلام الله تعالى حرماناً عظيماً".
الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد.
قال الله تعالى في سورة "طه": (قَالُوا إِنْ هَذَانِ لَسَاحِرَانِ يُرِيدَانِ أَنْ يُخْرِجَاكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ بِسِحْرِهِمَا وَيَذْهَبَا بِطَرِيقَتِكُمُ الْمُثْلَى)
القول الأقرب في قوله: (وَيَذْهَبَا بِطَرِيقَتِكُمُ الْمُثْلَى) أن المراد يذهبا بسنتكم ودينكم ومذهبكم وعوائدكم التي أنتم عليها.
والآن إلى ذكر أقوال المفسرين في الآية.
اختلف المفسرون في المراد بقوله: (وَيَذْهَبَا بِطَرِيقَتِكُمُ الْمُثْلَى) على أربعة أقوال:
القول الأول: أن المراد بطريقتهم سراة قومهم ووجوههم وساداتهم وأشرافهم الذين هم قدوة لغيرهم، يقال: هؤلاء طريقة قومهم أي: أشرافهم (ذكره ابن جرير*, والماتريدي*, والبغوي*, والزمخشري*, وابن عطية*, والرازي*, والقرطبي*, وابن كثير*)
وقيل: أرادوا بني إسرائيل فإنهم كانوا أكثر عدداً وأموالاً فقالوا: يريدان أن يذهبا بهم لأنفسهما.
لقول موسى: (فأرسل معنا بني إسرائيل) (ذكره ابن جرير*, والزمخشري*, والرازي*, والقرطبي*, وابن كثير*)
وهذا القول الأول ضعيف.
القول الثاني: أن المراد يذهبا بسنتكم ودينكم ومذهبكم وعوائدكم التي أنتم عليها (ذكره الماتريدي*, والبغوي*, والزمخشري*, والقرطبي*, والرازي*, وابن كثير*) (وضعفه ابن جرير*) (ورجحه ابن عطية*) (واقتصر عليه ابن عاشور*)
وهذا القول هو الأقرب.
يؤيده قوله: (إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُبَدِّلَ دِينَكُمْ أَوْ أَنْ يُظْهِرَ فِي الأرْضِ الْفَسَادَ)
وقالوا: (أَتَذَرُ مُوسَى وَقَوْمَهُ لِيُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ)
قال ابن عطية: "والأظهر في الطريقة هنا أنها السيرة والمملكة والحال التي هي عليها".
ومعنى (يذهبا بطريقتكم) أي: يذهبانها ويقضيان عليها.
قال ابن عاشور: "والباء في {بطريقتكم} لتعدية فعل {يذهبا}.
والمعنى: يُذهبانِها، وهو أبلغ في تعلق الفعل بالمفعول من نصب المفعول. وتقدم عند قوله تعالى: {ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ}".
القول الثالث: أن المراد ملكهم وجاههم ومناصبهم وعيشهم الأمثل (ذكره الماتريدي*, والرازي*, وابن كثير*)
قال الماتريدي: "قال الحسن: قوله: (وَيَذْهَبَا بِطَرِيقَتِكُمُ الْمُثْلَى)، أي: بعيشكم أمثل العيش، لأنهم كانوا جبابرة وفراعنة، وكانوا بنو إسرائيل لهم خدماً وخولاً يستخدمونهم ويستعملونهم في حوائجهم، فكان تعيشهم بهم"
وقال ابن كثير: "قد تقدم في حديث الفتون عن ابن عباس قال في قوله: {وَيَذْهَبَا بِطَرِيقَتِكُمُ الْمُثْلَى } يعني: ملكهم الذي هم فيه والعيش"
وقال الرازي: "وهذا أيضاً له تأثير شديد في القلب فإن العدو إذا جاء واستولى على جميع المناصب والأشياء التي يرغب فيها فذلك يكون في نهاية المشقة على النفس فهم ذكروا هذه الوجوه للمبالغة في التنفير عن موسى والترغيب في دفعه وإبطال أمره".
القول الرابع: أن المراد يستبدا بهذه الطريقة، وهي السحر، فإنهم كانوا معظمين بسببها، لهم أموال وأرزاق عليها، يقولون: إذا غلب هذان أهلكاكم وأخرجاكم من الأرض، وتفردا بذلك، وتمحضت لهما الرياسة بها دونكم. (انفرد به ابن كثير*)
وقوله: (المثلى): مؤنث الأمثل, وهو اسم تفضيل يقال: فلان أمثل قومه، أي: أحسنهم وأفضلهم.
والله تعالى أعلم.
للاطلاع على مقدمة سلسلة (النوال)
انظر هنا
https://majles.alukah.net/t188624/
اكتب في (قوقل) (النوال. وكلمة من الآية) التي تريد معرفة ملخص آراء المفسرين فيها.
قال الرازي رحمه الله في من يفهم آيات القرآن على الآراء الضعيفة: "أقول حقاً: إن الذين يتبعون أمثال ذلك قد حرموا الوقوف على معاني كلام الله تعالى حرماناً عظيماً".
الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد.
قال الله تعالى في سورة "طه": (قَالُوا إِنْ هَذَانِ لَسَاحِرَانِ يُرِيدَانِ أَنْ يُخْرِجَاكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ بِسِحْرِهِمَا وَيَذْهَبَا بِطَرِيقَتِكُمُ الْمُثْلَى)
القول الأقرب في قوله: (وَيَذْهَبَا بِطَرِيقَتِكُمُ الْمُثْلَى) أن المراد يذهبا بسنتكم ودينكم ومذهبكم وعوائدكم التي أنتم عليها.
والآن إلى ذكر أقوال المفسرين في الآية.
اختلف المفسرون في المراد بقوله: (وَيَذْهَبَا بِطَرِيقَتِكُمُ الْمُثْلَى) على أربعة أقوال:
القول الأول: أن المراد بطريقتهم سراة قومهم ووجوههم وساداتهم وأشرافهم الذين هم قدوة لغيرهم، يقال: هؤلاء طريقة قومهم أي: أشرافهم (ذكره ابن جرير*, والماتريدي*, والبغوي*, والزمخشري*, وابن عطية*, والرازي*, والقرطبي*, وابن كثير*)
وقيل: أرادوا بني إسرائيل فإنهم كانوا أكثر عدداً وأموالاً فقالوا: يريدان أن يذهبا بهم لأنفسهما.
لقول موسى: (فأرسل معنا بني إسرائيل) (ذكره ابن جرير*, والزمخشري*, والرازي*, والقرطبي*, وابن كثير*)
وهذا القول الأول ضعيف.
القول الثاني: أن المراد يذهبا بسنتكم ودينكم ومذهبكم وعوائدكم التي أنتم عليها (ذكره الماتريدي*, والبغوي*, والزمخشري*, والقرطبي*, والرازي*, وابن كثير*) (وضعفه ابن جرير*) (ورجحه ابن عطية*) (واقتصر عليه ابن عاشور*)
وهذا القول هو الأقرب.
يؤيده قوله: (إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُبَدِّلَ دِينَكُمْ أَوْ أَنْ يُظْهِرَ فِي الأرْضِ الْفَسَادَ)
وقالوا: (أَتَذَرُ مُوسَى وَقَوْمَهُ لِيُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ)
قال ابن عطية: "والأظهر في الطريقة هنا أنها السيرة والمملكة والحال التي هي عليها".
ومعنى (يذهبا بطريقتكم) أي: يذهبانها ويقضيان عليها.
قال ابن عاشور: "والباء في {بطريقتكم} لتعدية فعل {يذهبا}.
والمعنى: يُذهبانِها، وهو أبلغ في تعلق الفعل بالمفعول من نصب المفعول. وتقدم عند قوله تعالى: {ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ}".
القول الثالث: أن المراد ملكهم وجاههم ومناصبهم وعيشهم الأمثل (ذكره الماتريدي*, والرازي*, وابن كثير*)
قال الماتريدي: "قال الحسن: قوله: (وَيَذْهَبَا بِطَرِيقَتِكُمُ الْمُثْلَى)، أي: بعيشكم أمثل العيش، لأنهم كانوا جبابرة وفراعنة، وكانوا بنو إسرائيل لهم خدماً وخولاً يستخدمونهم ويستعملونهم في حوائجهم، فكان تعيشهم بهم"
وقال ابن كثير: "قد تقدم في حديث الفتون عن ابن عباس قال في قوله: {وَيَذْهَبَا بِطَرِيقَتِكُمُ الْمُثْلَى } يعني: ملكهم الذي هم فيه والعيش"
وقال الرازي: "وهذا أيضاً له تأثير شديد في القلب فإن العدو إذا جاء واستولى على جميع المناصب والأشياء التي يرغب فيها فذلك يكون في نهاية المشقة على النفس فهم ذكروا هذه الوجوه للمبالغة في التنفير عن موسى والترغيب في دفعه وإبطال أمره".
القول الرابع: أن المراد يستبدا بهذه الطريقة، وهي السحر، فإنهم كانوا معظمين بسببها، لهم أموال وأرزاق عليها، يقولون: إذا غلب هذان أهلكاكم وأخرجاكم من الأرض، وتفردا بذلك، وتمحضت لهما الرياسة بها دونكم. (انفرد به ابن كثير*)
وقوله: (المثلى): مؤنث الأمثل, وهو اسم تفضيل يقال: فلان أمثل قومه، أي: أحسنهم وأفضلهم.
والله تعالى أعلم.
للاطلاع على مقدمة سلسلة (النوال)
انظر هنا
https://majles.alukah.net/t188624/