صالح بن سليمان الراجحي
Member
"النوال في تحرير ما للمفسرين من أقوال" (170)
اكتب في (قوقل) (النوال. وكلمة من الآية) التي تريد معرفة ملخص آراء المفسرين فيها.
قال الرازي رحمه الله في من يفهم آيات القرآن على الآراء الضعيفة: "أقول حقاً: إن الذين يتبعون أمثال ذلك قد حرموا الوقوف على معاني كلام الله تعالى حرماناً عظيماً".
الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد.
قال الله تعالى في سورة "النمل": (إِنِّي لَا يَخَافُ لَدَيَّ الْمُرْسَلُونَ إِلَّا مَنْ ظَلَمَ ثُمَّ بَدَّلَ حُسْنًا بَعْدَ سُوءٍ فَإِنِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ)
القول الأقرب أن الاستثناء متصل, والمعنى لا خوف على المرسلين إلا من وقع منه مخالفة، فإنه يخاف, فإذا تاب وبدل حسناً بعد سوء فإن الله غفور رحيم.
والآن إلى ذكر أقوال المفسرين في الآية.
اختلف المفسرون في قوله: (إِلَّا مَنْ ظَلَمَ ثُمَّ بَدَّلَ حُسْنًا بَعْدَ سُوءٍ) هل هو استثناء مما قبله فيكون المعنى إلا من وقع من المرسلين في مخالفة أم هو استثناء منقطع على قولين:
القول الأول: أنه استثناء منقطع وليس باستثناء من المرسلين, لأنه لا يجوز عليهم الظلم, وإنما المعنى لكن من ظلم من سائر الناس فإنه يخاف، فإن تاب وبدَّل حسناً بعد سوء فإن الله غفور رحيم (اقتصر عليه ابن كثير*, وصاحب الظلال*)
القول الثاني: أنه استثناء متصل, والمعنى لا خوف على المرسلين إلا من وقع منه مخالفة، فإنه يخاف, فإذا تاب وبدل حسناً بعد سوء فإن الله غفور رحيم (صوبه ابن جرير*)
(وذكر القولين الماتريدي*, و البغوي*, وابن عطية*, والقرطبي*, وابن عاشور*)
وهذا القول هو ظاهر الآية وهو الأقرب والله تعالى أعلم.
وقد وقع من الأنبياء ما يجوز على مثلهم.
قال آدم: (قَالاَ رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا وَإِن لَّمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ)
وقال موسى: (قَالَ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي)
وقال الله تعالى: (وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ)
وقال الله تعالى: (وَظَنَّ دَاوُودُ أَنَّمَا فَتَنَّاهُ فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ رَاكِعًا وَأَنَابَ فَغَفَرْنَا لَهُ ذَلِكَ)
(أما الزمخشري*) فاقتصر على القول الثاني, لكن جعل (إلا) بمعنى (لكن), (وكذلك الرازي*)
قال الزمخشري: "إلا بمعنى «لكن» لأنه لما أطلق نفي الخوف عن الرسل كان ذلك مظنة لطرو الشبهة فاستدرك ذلك. والمعنى: ولكن من ظلم منهم أي: فرطت منه صغيرة مما يجوز على الأنبياء، كالذي فرط من آدم ويونس وداود وسليمان وإخوة يوسف، ومن موسى بوكزه القبطي، ويوشك أن يقصد بهذا التعريض بما وجد من موسى، وهو من التعريضات التي يلطف مأخذها. وسماه ظلماً كما قال موسى: (رب إني ظلمت نفسي فاغفر لي)"
والله تعالى أعلم.
للاطلاع على مقدمة سلسلة (النوال)
انظر هنا
https://majles.alukah.net/t188624/
اكتب في (قوقل) (النوال. وكلمة من الآية) التي تريد معرفة ملخص آراء المفسرين فيها.
قال الرازي رحمه الله في من يفهم آيات القرآن على الآراء الضعيفة: "أقول حقاً: إن الذين يتبعون أمثال ذلك قد حرموا الوقوف على معاني كلام الله تعالى حرماناً عظيماً".
الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد.
قال الله تعالى في سورة "النمل": (إِنِّي لَا يَخَافُ لَدَيَّ الْمُرْسَلُونَ إِلَّا مَنْ ظَلَمَ ثُمَّ بَدَّلَ حُسْنًا بَعْدَ سُوءٍ فَإِنِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ)
القول الأقرب أن الاستثناء متصل, والمعنى لا خوف على المرسلين إلا من وقع منه مخالفة، فإنه يخاف, فإذا تاب وبدل حسناً بعد سوء فإن الله غفور رحيم.
والآن إلى ذكر أقوال المفسرين في الآية.
اختلف المفسرون في قوله: (إِلَّا مَنْ ظَلَمَ ثُمَّ بَدَّلَ حُسْنًا بَعْدَ سُوءٍ) هل هو استثناء مما قبله فيكون المعنى إلا من وقع من المرسلين في مخالفة أم هو استثناء منقطع على قولين:
القول الأول: أنه استثناء منقطع وليس باستثناء من المرسلين, لأنه لا يجوز عليهم الظلم, وإنما المعنى لكن من ظلم من سائر الناس فإنه يخاف، فإن تاب وبدَّل حسناً بعد سوء فإن الله غفور رحيم (اقتصر عليه ابن كثير*, وصاحب الظلال*)
القول الثاني: أنه استثناء متصل, والمعنى لا خوف على المرسلين إلا من وقع منه مخالفة، فإنه يخاف, فإذا تاب وبدل حسناً بعد سوء فإن الله غفور رحيم (صوبه ابن جرير*)
(وذكر القولين الماتريدي*, و البغوي*, وابن عطية*, والقرطبي*, وابن عاشور*)
وهذا القول هو ظاهر الآية وهو الأقرب والله تعالى أعلم.
وقد وقع من الأنبياء ما يجوز على مثلهم.
قال آدم: (قَالاَ رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا وَإِن لَّمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ)
وقال موسى: (قَالَ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي)
وقال الله تعالى: (وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ)
وقال الله تعالى: (وَظَنَّ دَاوُودُ أَنَّمَا فَتَنَّاهُ فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ رَاكِعًا وَأَنَابَ فَغَفَرْنَا لَهُ ذَلِكَ)
(أما الزمخشري*) فاقتصر على القول الثاني, لكن جعل (إلا) بمعنى (لكن), (وكذلك الرازي*)
قال الزمخشري: "إلا بمعنى «لكن» لأنه لما أطلق نفي الخوف عن الرسل كان ذلك مظنة لطرو الشبهة فاستدرك ذلك. والمعنى: ولكن من ظلم منهم أي: فرطت منه صغيرة مما يجوز على الأنبياء، كالذي فرط من آدم ويونس وداود وسليمان وإخوة يوسف، ومن موسى بوكزه القبطي، ويوشك أن يقصد بهذا التعريض بما وجد من موسى، وهو من التعريضات التي يلطف مأخذها. وسماه ظلماً كما قال موسى: (رب إني ظلمت نفسي فاغفر لي)"
والله تعالى أعلم.
للاطلاع على مقدمة سلسلة (النوال)
انظر هنا
https://majles.alukah.net/t188624/