النوال... (160) (وَقَتَلْتَ نَفْسًا فَنَجَّيْنَاكَ مِنَ الْغَمِّ وَفَتَنَّاكَ فُتُونًا)

إنضم
15/04/2018
المشاركات
322
مستوى التفاعل
13
النقاط
18
الإقامة
السعودية
"النوال في تحرير ما للمفسرين من أقوال" (160)

اكتب في (قوقل) (النوال. وكلمة من الآية) التي تريد معرفة ملخص آراء المفسرين فيها.

قال الرازي رحمه الله في من يفهم آيات القرآن على الآراء الضعيفة: "أقول حقاً: إن الذين يتبعون أمثال ذلك قد حرموا الوقوف على معاني كلام الله تعالى حرماناً عظيماً".

الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد.
قال الله تعالى في سورة "طه": (وَقَتَلْتَ نَفْسًا فَنَجَّيْنَاكَ مِنَ الْغَمِّ وَفَتَنَّاكَ فُتُونًا)
القول الراجح في قوله: (وَفَتَنَّاكَ فُتُونًا) أن المراد الابتلاء والاختبار لموسى ووقوعه في محنة بعد محنة.

والآن إلى ذكر أقوال المفسرين في الآية.
قوله: (فُتُونًا) يحتمل أنها مصدر مثل: شكرناك شكوراً.
ويحتمل أنها جمع فتنة.

قال الزمخشري: "يجوز أن يكون مصدراً، كالثبور والشكور والكفور.
وجمع فتن أو فتنة، على ترك الاعتداد بتاء التأنيث، كحجوز وبدور، في حجزة وبدرة. أي: فتناك ضروباً من الفتن".
(وذكر الاحتمالين الماتريدي*, والرازي*, والشنقيطي*) (واقتصر ابن عاشور* على الاحتمال الأول).

واختلف المفسرون في المراد بقوله: (وَفَتَنَّاكَ فُتُونًا) على ثلاثة أقوال:
القول الأول: أن المراد الابتلاء والاختبار لموسى ووقوعه في محنة بعد محنة, ومن ذلك أن أمه حملته في السنة التي كان فرعون يذبح الأطفال، وإلقاؤه في البحر في التابوت، ومنعه الرضاع إلا من ثدي أمه، وقتله القبطي، وخروجه إلى مدين خائفاً وغير ذلك. (اقتصر عليه الماتريدي*، والشنقيطي*، وصاحب الظلال*)
وهذا هو القول الراجح.

قال ابن عطية: "وعلى هذا التأويل لا يراد إلا ما اختبر به موسى بعد بلوغه وتكليفه وما كان قبل ذلك فلا يدخل في اختبار موسى".

القول الثاني: أن معنى (فتناك فتونا) خلصناك وأخلصناك إخلاصاً من تلك الفتن.

قال ابن عطية: "هذا قول جمهور المفسرين".

قال البغوي: "كما يفتن الذهب بالنار فيخلص من كل خبث فيه".
(وذكر القولين ابن جرير*, والبغوي*, والزمخشري*, وابن عطية*, والرازي*, والقرطبي*)

القول الثالث: أن المراد بالفتون الخوف الذي وقع له بعد قتل القبطي. (انفرد به ابن عاشور*)

قال ابن عاشور: "جملة {وَفَتَنَّاكَ فُتُوناً} كالاستدراك على قوله: {فَنَجَّيْنَاكَ مِنَ الْغَمِّ}، أي: نجيناك وحصل لك خوف، كقوله {فَأَصْبَحَ فِي الْمَدِينَةِ خَائِفاً يَتَرَقَّبُ} فذلك الفتون.
والمراد بهذا الفتون خوف موسى من عقاب فرعون وخروجه من البلد المذكور في قوله تعالى: {فأصبح في المدينة خائفا يترقب}"اهـ

قلت: هذا قول بعيد.

قال الرازي: "وهاهنا سؤال: وهو أن الله تعالى عدد أنواع مننه على موسى عليه السلام في هذا المقام فكيف يليق بهذا الموضع قوله: (وفتناك فتوناً).
الجواب عنه من وجهين:
أحدهما : أن الفتنة تشديد المحنة، ولما كان التشديد في المحنة مما يوجب كثرة الثواب لا جرم عده الله تعالى من جملة النعم.
وثانيها : فتناك فتوناً أي خلصناك تخليصاً من قولهم: فتنت الذهب من الفضة إذا أردت تخليصه".
والله تعالى أعلم.

للاطلاع على مقدمة سلسلة (النوال)
انظر هنا
https://majles.alukah.net/t188624/
 
عودة
أعلى