النوال... (159) (يَاحَسْرَةً عَلَى الْعِبَادِ)

إنضم
15/04/2018
المشاركات
322
مستوى التفاعل
12
النقاط
18
الإقامة
السعودية
"النوال في تحرير ما للمفسرين من أقوال" (159)

اكتب في (قوقل) (النوال. وكلمة من الآية) التي تريد معرفة ملخص آراء المفسرين فيها.

قال الرازي رحمه الله في من يفهم آيات القرآن على الآراء الضعيفة: "أقول حقاً: إن الذين يتبعون أمثال ذلك قد حرموا الوقوف على معاني كلام الله تعالى حرماناً عظيماً".

الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد.
قال الله تعالى في سورة "يس": (يَاحَسْرَةً عَلَى الْعِبَادِ)
القول الأقرب في المراد بهذه الآية أنه من الله تعالى على سبيل الاستعارة والتمثيل في بيان تعظيم ما جنوه على أنفسهم في تكذيبهم لرسل الله.

والآن إلى ذكر أقوال المفسرين في الآية.
اختلف المفسرون في المراد بهذه الآية ومن هو المتحسر على خمسة أقوال:

القول الأول: أن المراد يا حسرة من العباد على أنفسها في استهزائهم برسل الله.
كقوله: (يا حسرتنا على ما فرطنا فيها)، وقوله: (يا حسرتى على ما فرطت في جنب الله) (اقتصر عليه ابن جرير*, والماتريدي*, وابن كثير*) (وذكره البغوي*, والقرطبي*) (وضعفه ابن عطية*)

القول الثاني: أن المراد أنهم أحقاء بأن يتحسر عليهم المتحسرون، ويتلهف على حالهم المتلهفون. (ذكره الزمخشري*, والقرطبي*) (ورجحه ابن عطية*) (واقتصر عليه صاحب الظلال*)

قال ابن عطية: "وإنما يتجه أن يكون المعنى تلهفاً على العباد، كأن الحال يقتضيه وطباع كل بشر توجب عند سماعه حالهم وعذابهم على الكفر وتضييعهم أمر الله تعالى أن يشفق ويتحسر على العباد"

القول الثالث: أن المراد أنهم متحسر عليهم من جهة الملائكة والمؤمنين. (ذكره الزمخشري*, والرازي*, والقرطبي*)

القول الرابع: أنه على سبيل الاستعارة والتمثيل من الله تعالى في معنى تعظيم ما جنوه على أنفسهم.
(ذكره الزمخشري*, والرازي*,) (واقتصر عليه ابن عاشور*)
وهذا القول هو الأقرب.

قال الزمخشري: "يجوز أن يكون من الله تعالى على سبيل الاستعارة في معنى تعظيم ما جنوه على أنفسهم ومحنوها به، وفرط إنكاره له وتعجيبه منه"

وقال ابن عاشور: "وموقع مثله في كلام الله تعالى تمثيل لحال عباد الله تعالى في تكذيبهم رسل الله بحال من يرثي له أهله وقوعه في هلاك أرادوا منه تجنبه".

القول الخامس: أنه لا متحسر أصلاً في الحقيقة إذ المقصود بيان أن ذلك وقت طلب الحسرة حيث تحققت الندامة عند تحقق العذاب. (انفرد بذكره الرازي*)

قال الرازي: "وهاهنا بحث لغوي: وهو أن المفعول قد يرفض رأساً إذا كان الغرض غير متعلق به، يقال: إن فلاناً يعطي ويمنع ولا يكون هناك شيء معطى، إذ المقصود أن له المنع والإعطاء، ورفض المفعول كثير وما نحن فيه رفض الفاعل وهو قليل، والوجه فيه ما ذكرنا أن ذكر المتحسر غير مقصود وإنما المقصود أن الحسرة متحققة في ذلك الوقت"

تنبيه:
هناك قول منسوب لأبي العالية أن العباد ها هنا الرسل الثلاثة، وذلك أن الكفار لما رأوا العذاب قالوا: يا حسرة على العباد. فتحسروا على قتلهم وترك الإيمان بهم.
(ذكره البغوي*, وابن عطية*, والقرطبي*)

وهذا رأي موغل في الضعف لأن الله قال بعدها: (مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ)
والعجيب عدم تنبيه من ذكروا هذا القول على ضعفه.

وهناك أقوال ضعيفة أخرى ذكرها القرطبي.
فقال: وقيل: (يا حسرة على العباد) من قول الرجل الذي جاء من أقصى المدينة يسعى، لما وثب القوم لقتله.

وقيل: هذا من قول الرسل الثلاثة هم الذين قالوا لما قتل القوم ذلك الرجل الذي جاء من أقصى المدينة يسعى وحل بالقوم العذاب: يا حسرة على هؤلاء.

وقيل: هذا من قول القوم قالوا لما قتلوا الرجل وفارقتهم الرسل أو قتلوا الرجل مع الرسل الثلاثة على اختلاف الروايات: يا حسرة على هؤلاء الرسل، وعلى هذا الرجل، ليتنا آمنا بهم
وتم الكلام على هذا، ثم ابتدأ فقال: (ما يأتيهم من رسول).
والله تعالى أعلم.

للاطلاع على مقدمة سلسلة (النوال)
انظر هنا
https://majles.alukah.net/t188624/
 
عودة
أعلى