صالح بن سليمان الراجحي
Member
"النوال في تحرير ما للمفسرين من أقوال" (148)
اكتب في (قوقل) (النوال. وكلمة من الآية) التي تريد معرفة ملخص آراء المفسرين فيها.
قال الرازي رحمه الله في من يفهم آيات القرآن على الآراء الضعيفة: "أقول حقاً: إن الذين يتبعون أمثال ذلك قد حرموا الوقوف على معاني كلام الله تعالى حرماناً عظيماً".
الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد.
قال الله تعالى في سورة "الأنعام": {إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَسْتَخْلِفْ مِنْ بَعْدِكُمْ مَا يَشَاءُ كَمَا أَنْشَأَكُمْ مِنْ ذُرِّيَّةِ قَوْمٍ آخَرِينَ}
القول الأقرب والله أعلم في قوله: {كَمَا أَنْشَأَكُمْ مِنْ ذُرِّيَّةِ قَوْمٍ آخَرِينَ} أن المراد كما أوجدكم من ذرية قوم آخرين لم يكونوا على صفتكم, وهم أهل سفينة نوح, فكانوا على الإيمان, ومن ذرياتهم خلقكم الله فكنتم على الكفر, فهو قادر على أن يذهبكم ويستخلف بعدكم من يكون على الإيمان.
والآن إلى ذكر أقوال المفسرين في الآية.
اختلف المفسرون في المراد بقوله {كَمَا أَنْشَأَكُمْ مِنْ ذُرِّيَّةِ قَوْمٍ آخَرِينَ} على ثلاثة أقوال:
القول الأول: أن (من) بمعنى البدل, والمعنى: كما أنشأكم بدل قوم آخرين كانوا قبلكم فأذهبهم الله وأتى بكم. (اقتصر عليه ابن جرير*)
قال ابن جرير: "{كما أنشأكم من ذرية قوم آخرين} كما أحدثكم وابتدعكم من بعد خلق آخرين كانوا قبلكم.
ومعنى {من} في هذا الموضع: التعقيب، كما يقال في الكلام: أعطيتك من دينارك ثوباً، بمعنى: مكان الدينار ثوباً، لا أن الثوب من الدينار بعض.
كذلك الذين خوطبوا بقوله: {كما أنشأكم} لم يرد بإخبارهم هذا الخبر أنهم أنشئوا من أصلاب قوم آخرين، ولكن معنى ذلك ما ذكرنا من أنهم أنشئوا مكان خلق خلف قوم آخرين قد هلكوا قبلهم".
القول الثاني: أن المعنى: أنشأكم من نسل آبائكم الماضين قرناً بعد قرن. (اقتصر عليه الماتريدي*, والبغوي*, وابن عطية*, وصاحب الظلال*)
القول الثالث: أن المراد كما أوجدكم من ذرية قوم آخرين لم يكونوا على صفتكم, وهم أهل سفينة نوح, فكانوا على الإيمان, ومن ذرياتهم خلقكم الله فكنتم على الكفر, فهو قادر على أن يذهبكم ويستخلف بعدكم من يكون على الإيمان. (اقتصر عليه الزمخشري*) (وأشار إليه وحام حوله ابن عاشور*)
وهذا القول قوي.
قال الزمخشري: "(كما أنشأكم من ذرية قوم آخرين) من أولاد قوم آخرين لم يكونوا على مثل صفتكم، وهم أهل سفينة نوح عليه السلام".
فالمعنى: لو شاء أذهبكم أيها العصاة ويستخلف بعدكم طائعين، كما أنكم عصاة أنشأكم من ذرية قوم طائعين.
قلت: وفي ذلك كمال قدرة الله أن ينشئ أمماً من ذريات أمم أخرى يخالفونهم في الطرائق والمسالك والعقائد.
ويؤيد هذا القول والله أعلم أن الله تعالى قال: (أنشأكم من ذرية قوم آخرين), ولم يقل: (أنشأكم من قوم آخرين).
والله تعالى أعلم.
للاطلاع على مقدمة سلسلة (النوال)
انظر هنا
https://majles.alukah.net/t188624/
اكتب في (قوقل) (النوال. وكلمة من الآية) التي تريد معرفة ملخص آراء المفسرين فيها.
قال الرازي رحمه الله في من يفهم آيات القرآن على الآراء الضعيفة: "أقول حقاً: إن الذين يتبعون أمثال ذلك قد حرموا الوقوف على معاني كلام الله تعالى حرماناً عظيماً".
الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد.
قال الله تعالى في سورة "الأنعام": {إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَسْتَخْلِفْ مِنْ بَعْدِكُمْ مَا يَشَاءُ كَمَا أَنْشَأَكُمْ مِنْ ذُرِّيَّةِ قَوْمٍ آخَرِينَ}
القول الأقرب والله أعلم في قوله: {كَمَا أَنْشَأَكُمْ مِنْ ذُرِّيَّةِ قَوْمٍ آخَرِينَ} أن المراد كما أوجدكم من ذرية قوم آخرين لم يكونوا على صفتكم, وهم أهل سفينة نوح, فكانوا على الإيمان, ومن ذرياتهم خلقكم الله فكنتم على الكفر, فهو قادر على أن يذهبكم ويستخلف بعدكم من يكون على الإيمان.
والآن إلى ذكر أقوال المفسرين في الآية.
اختلف المفسرون في المراد بقوله {كَمَا أَنْشَأَكُمْ مِنْ ذُرِّيَّةِ قَوْمٍ آخَرِينَ} على ثلاثة أقوال:
القول الأول: أن (من) بمعنى البدل, والمعنى: كما أنشأكم بدل قوم آخرين كانوا قبلكم فأذهبهم الله وأتى بكم. (اقتصر عليه ابن جرير*)
قال ابن جرير: "{كما أنشأكم من ذرية قوم آخرين} كما أحدثكم وابتدعكم من بعد خلق آخرين كانوا قبلكم.
ومعنى {من} في هذا الموضع: التعقيب، كما يقال في الكلام: أعطيتك من دينارك ثوباً، بمعنى: مكان الدينار ثوباً، لا أن الثوب من الدينار بعض.
كذلك الذين خوطبوا بقوله: {كما أنشأكم} لم يرد بإخبارهم هذا الخبر أنهم أنشئوا من أصلاب قوم آخرين، ولكن معنى ذلك ما ذكرنا من أنهم أنشئوا مكان خلق خلف قوم آخرين قد هلكوا قبلهم".
القول الثاني: أن المعنى: أنشأكم من نسل آبائكم الماضين قرناً بعد قرن. (اقتصر عليه الماتريدي*, والبغوي*, وابن عطية*, وصاحب الظلال*)
القول الثالث: أن المراد كما أوجدكم من ذرية قوم آخرين لم يكونوا على صفتكم, وهم أهل سفينة نوح, فكانوا على الإيمان, ومن ذرياتهم خلقكم الله فكنتم على الكفر, فهو قادر على أن يذهبكم ويستخلف بعدكم من يكون على الإيمان. (اقتصر عليه الزمخشري*) (وأشار إليه وحام حوله ابن عاشور*)
وهذا القول قوي.
قال الزمخشري: "(كما أنشأكم من ذرية قوم آخرين) من أولاد قوم آخرين لم يكونوا على مثل صفتكم، وهم أهل سفينة نوح عليه السلام".
فالمعنى: لو شاء أذهبكم أيها العصاة ويستخلف بعدكم طائعين، كما أنكم عصاة أنشأكم من ذرية قوم طائعين.
قلت: وفي ذلك كمال قدرة الله أن ينشئ أمماً من ذريات أمم أخرى يخالفونهم في الطرائق والمسالك والعقائد.
ويؤيد هذا القول والله أعلم أن الله تعالى قال: (أنشأكم من ذرية قوم آخرين), ولم يقل: (أنشأكم من قوم آخرين).
والله تعالى أعلم.
للاطلاع على مقدمة سلسلة (النوال)
انظر هنا
https://majles.alukah.net/t188624/