صالح بن سليمان الراجحي
Member
"النوال في تحرير ما للمفسرين من أقوال" (147)
اكتب في (قوقل) (النوال. وكلمة من الآية) التي تريد معرفة ملخص آراء المفسرين فيها.
قال الرازي رحمه الله في من يفهم آيات القرآن على الآراء الضعيفة: "أقول حقاً: إن الذين يتبعون أمثال ذلك قد حرموا الوقوف على معاني كلام الله تعالى حرماناً عظيماً".
الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد.
قال الله تعالى في سورة "الكهف": (وَتَرَى الشَّمْسَ إِذَا طَلَعَتْ تَزَاوَرُ عَنْ كَهْفِهِمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَإِذَا غَرَبَتْ تَقْرِضُهُمْ ذَاتَ الشِّمَالِ)
القول الأقرب والله أعلم كما قال بعض المفسرين أن الكهف كان اتجاهه نحو الشمال, فكانت الشمس لا تصيبهم, فعند طلوعها تكون على يمين الكهف، وعند الغروب تكون على شماله.
والآن إلى ذكر أقوال المفسرين في الآية.
قوله: (تزاور) أي: تميل.
يقال: في فلان ازورار عن فلان، إذا كان فيه إعراض وميل عنه.
قال عنترة:
فازْوَرَّ مِنْ وَقْعِ القَنا بِلَبانِهِ وشَكا إليَّ بعَبْرَةٍ وَتحَمْحُمِ
وقوله: (تقرضهم) أي: تنصرف عنهم وتعدل عنهم.
والمعنى: أن الشمس لا تصيبهم إصابة مباشرة عند الشروق والغروب فتؤذيهم, بل تميل عنهم عند طلوعها وعند غروبها.
واختلف المفسرون في كيفية ذلك على قولين:
القول الأول: أن الكهف كان اتجاهه نحو الشمال, فكانت الشمس لا تصيبهم, فعند طلوعها تكون على يمين الكهف، وعند الغروب تكون على شماله. (اقتصر على هذا القول ابن كثير*, وابن عاشور*)
وهذا القول أقرب والله أعلم.
القول الثاني: أن أصحاب الكهف كانوا في فجوة من الكهف على سمت تصيبه الشمس وتقابله، إلا أن الله منع ضوء الشمس من الوقوع عليهم على وجه خرق العادة (رجحه الشنقيطي*)
(ورجحه الماتريدي*) لكن قال هكذا: "إنما الآية فيما تقع الشمس عليهم ثم يدفع عنهم ضررها وأذاها، فإذا كانوا بحيث لا تصيبهم الشمس فأذاها وضررها لا يصيبهم، فليس في ذلك كبير آية وحكمة، ولكن يذكر لطفه حيث منع ضرر الشمس وأذاها عنهم مع إصابة الشمس إياهم ووقوعها عليهم، والله أعلم".
(وذكر القولين دون ترجيح البغوي*, والزمخشري*, وابن عطية*, والرازي*, والقرطبي*)
وعلى هذا القول فمعنى تزاور الشمس عن كهفهم ذات اليمين عند طلوعها، وقرضها إياهم ذات الشمال عند غروبها هو أن الله يقلص ضوءها عنهم، ويبعده إلى جهة اليمين عند الطلوع، وإلى جهة الشمال عند الغروب.
قال البغوي: "قال بعضهم: الله صرف الشمس عنهم بقدرته وحال بينها وبينهم ألا ترى أنه قال: {ذلك من آيات الله} من عجائب صنع الله ودلالات قدرته".
وقال الزمخشري: "المعنى أنهم في ظل نهارهم كله لا تصيبهم الشمس في طلوعها ولا غروبها، مع أنهم في مكان واسع منفتح معرض لإصابة الشمس لولا أن الله يحجبها عنهم".
وقال الرازي: "القول الثاني: أن المراد أن الشمس إذا طلعت منع الله ضوء الشمس من الوقوع. وكذا القول حال غروبها، وكان ذلك فعلاً خارقاً للعادة وكرامة عظيمة خص الله بها أصحاب الكهف، وهذا قول الزجاج واحتج على صحته بقوله: (ذلك من آيات الله) قال: ولو كان الأمر كما ذكره أصحاب القول الأول لكان ذلك أمراً معتاداً مألوفاً فلم يكن ذلك من آيات الله، وأما إذا حملنا الآية على هذا الوجه الثاني كان ذلك كرامة عجيبة فكانت من آيات الله".
قال الرازي: "والذين لم يقولوا بهذا قالوا: المراد بقوله: (ذلك من آيات الله) أي: ذلك الحفظ الذي حفظهم الله في الغار تلك المدة الطويلة من آيات الدالة على عجائب قدرته وبدائع حكمته"اهـ
وقيل: معنى تقرضهم: تقطعهم من ضوئها شيئاً ثم يزول سريعاً كالقرض يسترد, كقول: أقرضني درهماً أي: اقطعه لي من مالك.
وقالوا: كان في مسها لهم بالعشي صلاح لأجسامهم (ذكر هذا القول ابن عطية*, والقرطبي*) (وضعفه الشنقيطي*)
وهو قول بعيد.
قال ابن عطية: "وقوله {ذات اليمين وذات الشمال} يحتمل أن يريد ذات يمين الكهف بأن نقدر باب الكهف بمثابة وجه إنسان فإن الشمس تجيء منه أول النهار عن يمين، وآخره عن شمال، ويحتمل أن يريد ذات يمين الشمس وذات شمالها، بأن نقدر الشعاع الممتد منها إلى الكهف بمثابة وجه إنسان، والوجه الأول أصح"
والله تعالى أعلم.
للاطلاع على مقدمة سلسلة (النوال)
انظر هنا
https://majles.alukah.net/t188624/
اكتب في (قوقل) (النوال. وكلمة من الآية) التي تريد معرفة ملخص آراء المفسرين فيها.
قال الرازي رحمه الله في من يفهم آيات القرآن على الآراء الضعيفة: "أقول حقاً: إن الذين يتبعون أمثال ذلك قد حرموا الوقوف على معاني كلام الله تعالى حرماناً عظيماً".
الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد.
قال الله تعالى في سورة "الكهف": (وَتَرَى الشَّمْسَ إِذَا طَلَعَتْ تَزَاوَرُ عَنْ كَهْفِهِمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَإِذَا غَرَبَتْ تَقْرِضُهُمْ ذَاتَ الشِّمَالِ)
القول الأقرب والله أعلم كما قال بعض المفسرين أن الكهف كان اتجاهه نحو الشمال, فكانت الشمس لا تصيبهم, فعند طلوعها تكون على يمين الكهف، وعند الغروب تكون على شماله.
والآن إلى ذكر أقوال المفسرين في الآية.
قوله: (تزاور) أي: تميل.
يقال: في فلان ازورار عن فلان، إذا كان فيه إعراض وميل عنه.
قال عنترة:
فازْوَرَّ مِنْ وَقْعِ القَنا بِلَبانِهِ وشَكا إليَّ بعَبْرَةٍ وَتحَمْحُمِ
وقوله: (تقرضهم) أي: تنصرف عنهم وتعدل عنهم.
والمعنى: أن الشمس لا تصيبهم إصابة مباشرة عند الشروق والغروب فتؤذيهم, بل تميل عنهم عند طلوعها وعند غروبها.
واختلف المفسرون في كيفية ذلك على قولين:
القول الأول: أن الكهف كان اتجاهه نحو الشمال, فكانت الشمس لا تصيبهم, فعند طلوعها تكون على يمين الكهف، وعند الغروب تكون على شماله. (اقتصر على هذا القول ابن كثير*, وابن عاشور*)
وهذا القول أقرب والله أعلم.
القول الثاني: أن أصحاب الكهف كانوا في فجوة من الكهف على سمت تصيبه الشمس وتقابله، إلا أن الله منع ضوء الشمس من الوقوع عليهم على وجه خرق العادة (رجحه الشنقيطي*)
(ورجحه الماتريدي*) لكن قال هكذا: "إنما الآية فيما تقع الشمس عليهم ثم يدفع عنهم ضررها وأذاها، فإذا كانوا بحيث لا تصيبهم الشمس فأذاها وضررها لا يصيبهم، فليس في ذلك كبير آية وحكمة، ولكن يذكر لطفه حيث منع ضرر الشمس وأذاها عنهم مع إصابة الشمس إياهم ووقوعها عليهم، والله أعلم".
(وذكر القولين دون ترجيح البغوي*, والزمخشري*, وابن عطية*, والرازي*, والقرطبي*)
وعلى هذا القول فمعنى تزاور الشمس عن كهفهم ذات اليمين عند طلوعها، وقرضها إياهم ذات الشمال عند غروبها هو أن الله يقلص ضوءها عنهم، ويبعده إلى جهة اليمين عند الطلوع، وإلى جهة الشمال عند الغروب.
قال البغوي: "قال بعضهم: الله صرف الشمس عنهم بقدرته وحال بينها وبينهم ألا ترى أنه قال: {ذلك من آيات الله} من عجائب صنع الله ودلالات قدرته".
وقال الزمخشري: "المعنى أنهم في ظل نهارهم كله لا تصيبهم الشمس في طلوعها ولا غروبها، مع أنهم في مكان واسع منفتح معرض لإصابة الشمس لولا أن الله يحجبها عنهم".
وقال الرازي: "القول الثاني: أن المراد أن الشمس إذا طلعت منع الله ضوء الشمس من الوقوع. وكذا القول حال غروبها، وكان ذلك فعلاً خارقاً للعادة وكرامة عظيمة خص الله بها أصحاب الكهف، وهذا قول الزجاج واحتج على صحته بقوله: (ذلك من آيات الله) قال: ولو كان الأمر كما ذكره أصحاب القول الأول لكان ذلك أمراً معتاداً مألوفاً فلم يكن ذلك من آيات الله، وأما إذا حملنا الآية على هذا الوجه الثاني كان ذلك كرامة عجيبة فكانت من آيات الله".
قال الرازي: "والذين لم يقولوا بهذا قالوا: المراد بقوله: (ذلك من آيات الله) أي: ذلك الحفظ الذي حفظهم الله في الغار تلك المدة الطويلة من آيات الدالة على عجائب قدرته وبدائع حكمته"اهـ
وقيل: معنى تقرضهم: تقطعهم من ضوئها شيئاً ثم يزول سريعاً كالقرض يسترد, كقول: أقرضني درهماً أي: اقطعه لي من مالك.
وقالوا: كان في مسها لهم بالعشي صلاح لأجسامهم (ذكر هذا القول ابن عطية*, والقرطبي*) (وضعفه الشنقيطي*)
وهو قول بعيد.
قال ابن عطية: "وقوله {ذات اليمين وذات الشمال} يحتمل أن يريد ذات يمين الكهف بأن نقدر باب الكهف بمثابة وجه إنسان فإن الشمس تجيء منه أول النهار عن يمين، وآخره عن شمال، ويحتمل أن يريد ذات يمين الشمس وذات شمالها، بأن نقدر الشعاع الممتد منها إلى الكهف بمثابة وجه إنسان، والوجه الأول أصح"
والله تعالى أعلم.
للاطلاع على مقدمة سلسلة (النوال)
انظر هنا
https://majles.alukah.net/t188624/