النوال... (142) (ثُمَّ بَعَثْنَاهُمْ لِنَعْلَمَ أَيُّ الْحِزْبَينِ أَحصى لما لبِثوا أَمدا)

إنضم
15/04/2018
المشاركات
322
مستوى التفاعل
13
النقاط
18
الإقامة
السعودية
"النوال في تحرير ما للمفسرين من أقوال" (142)

اكتب في (قوقل) (النوال. وكلمة من الآية) التي تريد معرفة ملخص آراء المفسرين فيها.

قال الرازي رحمه الله في من يفهم آيات القرآن على الآراء الضعيفة: "أقول حقاً: إن الذين يتبعون أمثال ذلك قد حرموا الوقوف على معاني كلام الله تعالى حرماناً عظيماً".

الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد.
قال الله تعالى في سورة "الكهف": (ثُمَّ بَعَثْنَاهُمْ لِنَعْلَمَ أَيُّ الْحِزْبَيْنِ أَحْصَى لِمَا لَبِثُوا أَمَدًا)
الحزبان فريقان: أحدهما مصيب والآخر مخطئ في عد الأمد الذي مضى عليهم في الكهف.

والقول الأقرب والله أعلم أن الحزبين كليهما من أهل القرية.
وأن قوله: (أحصى) أفعل تفضيل. فالمعنى: لنعلم أي الحزبين أتقن إحصاء وعدَّاً للمدة.

والآن إلى ذكر أقوال المفسرين في الآية.
اختلف المفسرون في المراد بالحزبين على ثلاثة أقوال:
القول الأول: أن الحزبين من أهل القرية.
والمعنى: أيقظناهم من رقدتهم لنعلم أي الطائفتين من أهل القرية الذين اختلفوا في مدة لبثهم في الكهف أحصى وأصوب لقدر لبثهم. (اقتصر على هذا القول ابن جرير*, والبغوي*) (وذكره الماتريدي*, والزمخشري*, وابن عطية*, والقرطبي*, والرازي*, والشنقيطي*) (ورجحه ابن عاشور*)
وهذا هو الأقرب والله أعلم.

القول الثاني: أن الحزبين هم أصحاب الكهف وأصحاب القرية. (رجحه ابن عطية*, والقرطبي*) (وذكره الماتريدي*, والرازي*, والشنقيطي*)

قال ابن عطية: "والظاهر من الآية أن الحزب الواحد هم الفتية، إذ ظنوا لبثهم قليلاً، والحزب الثاني هم أهل المدينة الذين بعث الفتية على عهدهم حين كان عندهم التاريخ بأمر الفتية، وهذا قول الجمهور من المفسرين".

القول الثالث: أن الحزبين كليهما من أصحاب الكهف, لأنهم لما انتبهوا اختلفوا في مدة نومهم كما قال تعالى: (قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ كَمْ لَبِثْتُمْ قَالُوا لَبِثْنَا يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالُوا رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثْتُمْ) (ذكره الماتريدي*, والزمخشري*, والرازي*) (ورجحه الشنقيطي*) (وضعفه ابن عاشور*)

قال ابن عاشور: "هذا بعيد, لأن أهل الكهف ما قصدوا الإحصاء لمدة لبثهم عند إفاقتهم بل خالوها زمناً قليلاً".

واختلفوا في قوله: (أحصى) هل هو فعل ماض أم أفعل تفضيل.
فقيل: هو فعل ماض, وقوله: (أمداً) مفعوله. (رجحه الزمخشري*, وابن عطية*) (واقتصر عليه الرازي*) (وذكره القرطبي*)

وقيل: هو أفعل تفضيل, وقوله: (أمداً) تمييز. (رجحه ابن جرير*, وابن عاشور*, والشنقيطي*) (واقتصر عليه البغوي*) (وضعفه الزمخشري*, (وذكره القرطبي*)
وهذا هو الأقرب.
فالمعنى: لنعلم أي الحزبين أتقن إحصاء وعدَّاً للمدة.
وقوله: (أمداً) أي: غاية.

قال الزمخشري: "فإن قلت: كيف جعل الله تعالى العلم بإحصائهم المدة غرضاً في الضرب على آذانهم؟
قلت: الله عز وجل لم يزل عالماً بذلك، وإنما أراد ما تعلق به العلم من ظهور الأمر لهم، ليزدادوا إيماناً واعتباراً، ويكون لطفاً لمؤمني زمانهم، وآية بينة لكفاره".

وقال الشنقيطي: "فإن قيل: أي فائدة مهمة في معرفة الناس للحزب المحصي أمد اللبث من غيره، حتى يكون علة غائية لقوله: (ثم بعثناهم لنعلم) الآية؟
فالجواب أن الذي يظهر لنا والله تعالى أعلم أن ما ذكر من إعلام الناس بالحزب الذي هو أحصى أمداً لما لبثوا يلزمه أن يظهر للناس حقيقة أمر هؤلاء الفتية، وأن الله ضرب على آذانهم في الكهف ثلاثمائة سنين وازدادوا تسعاً، ثم بعثهم أحياء طرية أبدانهم، لم يتغير لهم حال، وهذا من غريب صنعه جل وعلا الدال على كمال قدرته، وعلى البعث بعد الموت، ولاعتبار هذا اللازم جعل ما ذكرنا علة غائية، والله تعالى أعلم"
والله تعالى أعلم.

للاطلاع على مقدمة سلسلة (النوال)
انظر هنا
https://majles.alukah.net/t188624/
 
عودة
أعلى