صالح بن سليمان الراجحي
Member
"النوال في تحرير ما للمفسرين من أقوال" (141)
اكتب في (قوقل) (النوال. وكلمة من الآية) التي تريد معرفة ملخص آراء المفسرين فيها.
قال الرازي رحمه الله في من يفهم آيات القرآن على الآراء الضعيفة: "أقول حقاً: إن الذين يتبعون أمثال ذلك قد حرموا الوقوف على معاني كلام الله تعالى حرماناً عظيماً".
الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد.
قال الله تعالى في سورة "مريم": (يَا زَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلَامٍ اسْمُهُ يَحْيَى لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِيًّا)
القول الأقرب أن المراد بقوله: (لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِيًّا) لم نجعل له من قبله مثيلاً وشبيهاً ونظيراً.
والآن إلى ذكر أقوال المفسرين في الآية.
اختلف المفسرون في المراد بقوله: (لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِيًّا) على قولين:
القول الأول: أن المراد لم نجعل له من قبله مثيلاً وشبيهاً ونظيراً (ضعفه الرازي*, والشنقيطي*) (ورجحه ابن عاشور*)
والقائلون بهذا القول منهم من فسر هذا بأنه كان سيداً وحصوراً لم يعص ولم يهم بمعصية.
قال الرازي: "وهذا الوجه ضعيف لأنه يقتضي تفضيله على الأنبياء الذين كانوا قبله كآدم ونوح وإبراهيم وموسى وذلك باطل بالاتفاق".
وقال ابن عطية: "وفي هذا بعد, لأنه لا يفضل على إبراهيم وموسى اللهم إلا أن يفضل في خاص بالسؤود والحصر". (وقال مثله القرطبي)
ومنهم من فسره بأن الله هو الذي سماه وكانت تسميته قبل أن يوجد فليس له نظير في ذلك.
ومنهم من فسره بأنه ولد بين شيخ فان وعجوز عاقر.
وقال ابن عاشور: "وهذا أظهر في الثناء على يحيى والامتنان على أبيه، والمعنى: أنه لم يجيء قبل يحيى من الأنبياء من اجتمع له ما اجتمع ليحيى فإنه أعطي النبوءة وهو صبي، وجعل حصوراً ليكون غير مشقوق عليه في عصمته عن الحرام، ولئلا تكون له مشقة في الجمع بين حقوق العبادة وحقوق الزوجة، وولد لأبيه بعد الشيخوخة ولأمه بعد العقر. وبعث مبشراً برسالة عيسى عليه السلام، ولم يكن هو رسولاً، وجعل اسمه العلم مبتكراً غير سابق من قبله. وهذه مزايا وفضائل وهبت له ولأبيه، وهي لا تقتضي أنه أفضل الأنبياء لأن الأفضلية تكون بمجموع فضائل لا ببعضها وإن جلت، ولذلك قيل المزية لا تقتضي الأفضلية وهي كلمة صدق".
هذا القول الأول هو الأقرب, وهو أن المراد لم نجعل له من قبله مثيلاً وشبيهاً ونظيراً, وما ذكره ابن عاشور في بيان ذلك قوي جداً, والله تعالى أعلم.
القول الثاني: أن المراد أنه لم يسمّ باسمه أحد قبله (رجحه ابن جرير*, والرازي*, والشنقيطي*) (ومال اليه ابن عطية* والقرطبي*) (واقتصر عليه صاحب الظلال*) (وذكر القولين الماتريدي*, والبغوي*, والزمخشري*, وابن كثير*)
وقد يقوي هذا القول أن الله تعالى ذكر اسمه ثم ذكر أنه لم يجعل له سمياً فقال تعالى: (يَا زَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلَامٍ اسْمُهُ يَحْيَى لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِيًّا)
لكن قد يقال: ليس هذا بمؤكد فقد يكون ذكر اسمه ثم ثنى بذكر وصفه بأنه ليس له مثيلاً وشبيهاً في الصفات والله أعلم.
قال ابن الجوزي في "زاد المسير": "فإن اعترض معترض فقال: ما وجه المدحة باسم لم يسم به أحد قبله، ونرى كثيراً من الأسماء لم يسبق إليها؟
فالجواب: أن وجه الفضيلة أن الله تعالى تولى تسميته، ولم يكل ذلك إلى أبويه، فسماه باسم لم يسبق إليه".
والله تعالى أعلم.
للاطلاع على مقدمة سلسلة (النوال)
انظر هنا
https://majles.alukah.net/t188624/
اكتب في (قوقل) (النوال. وكلمة من الآية) التي تريد معرفة ملخص آراء المفسرين فيها.
قال الرازي رحمه الله في من يفهم آيات القرآن على الآراء الضعيفة: "أقول حقاً: إن الذين يتبعون أمثال ذلك قد حرموا الوقوف على معاني كلام الله تعالى حرماناً عظيماً".
الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد.
قال الله تعالى في سورة "مريم": (يَا زَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلَامٍ اسْمُهُ يَحْيَى لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِيًّا)
القول الأقرب أن المراد بقوله: (لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِيًّا) لم نجعل له من قبله مثيلاً وشبيهاً ونظيراً.
والآن إلى ذكر أقوال المفسرين في الآية.
اختلف المفسرون في المراد بقوله: (لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِيًّا) على قولين:
القول الأول: أن المراد لم نجعل له من قبله مثيلاً وشبيهاً ونظيراً (ضعفه الرازي*, والشنقيطي*) (ورجحه ابن عاشور*)
والقائلون بهذا القول منهم من فسر هذا بأنه كان سيداً وحصوراً لم يعص ولم يهم بمعصية.
قال الرازي: "وهذا الوجه ضعيف لأنه يقتضي تفضيله على الأنبياء الذين كانوا قبله كآدم ونوح وإبراهيم وموسى وذلك باطل بالاتفاق".
وقال ابن عطية: "وفي هذا بعد, لأنه لا يفضل على إبراهيم وموسى اللهم إلا أن يفضل في خاص بالسؤود والحصر". (وقال مثله القرطبي)
ومنهم من فسره بأن الله هو الذي سماه وكانت تسميته قبل أن يوجد فليس له نظير في ذلك.
ومنهم من فسره بأنه ولد بين شيخ فان وعجوز عاقر.
وقال ابن عاشور: "وهذا أظهر في الثناء على يحيى والامتنان على أبيه، والمعنى: أنه لم يجيء قبل يحيى من الأنبياء من اجتمع له ما اجتمع ليحيى فإنه أعطي النبوءة وهو صبي، وجعل حصوراً ليكون غير مشقوق عليه في عصمته عن الحرام، ولئلا تكون له مشقة في الجمع بين حقوق العبادة وحقوق الزوجة، وولد لأبيه بعد الشيخوخة ولأمه بعد العقر. وبعث مبشراً برسالة عيسى عليه السلام، ولم يكن هو رسولاً، وجعل اسمه العلم مبتكراً غير سابق من قبله. وهذه مزايا وفضائل وهبت له ولأبيه، وهي لا تقتضي أنه أفضل الأنبياء لأن الأفضلية تكون بمجموع فضائل لا ببعضها وإن جلت، ولذلك قيل المزية لا تقتضي الأفضلية وهي كلمة صدق".
هذا القول الأول هو الأقرب, وهو أن المراد لم نجعل له من قبله مثيلاً وشبيهاً ونظيراً, وما ذكره ابن عاشور في بيان ذلك قوي جداً, والله تعالى أعلم.
القول الثاني: أن المراد أنه لم يسمّ باسمه أحد قبله (رجحه ابن جرير*, والرازي*, والشنقيطي*) (ومال اليه ابن عطية* والقرطبي*) (واقتصر عليه صاحب الظلال*) (وذكر القولين الماتريدي*, والبغوي*, والزمخشري*, وابن كثير*)
وقد يقوي هذا القول أن الله تعالى ذكر اسمه ثم ذكر أنه لم يجعل له سمياً فقال تعالى: (يَا زَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلَامٍ اسْمُهُ يَحْيَى لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِيًّا)
لكن قد يقال: ليس هذا بمؤكد فقد يكون ذكر اسمه ثم ثنى بذكر وصفه بأنه ليس له مثيلاً وشبيهاً في الصفات والله أعلم.
قال ابن الجوزي في "زاد المسير": "فإن اعترض معترض فقال: ما وجه المدحة باسم لم يسم به أحد قبله، ونرى كثيراً من الأسماء لم يسبق إليها؟
فالجواب: أن وجه الفضيلة أن الله تعالى تولى تسميته، ولم يكل ذلك إلى أبويه، فسماه باسم لم يسبق إليه".
والله تعالى أعلم.
للاطلاع على مقدمة سلسلة (النوال)
انظر هنا
https://majles.alukah.net/t188624/