النوال... (126) (وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ أُولَئِكَ هُم الصديقون والشهداء)

إنضم
15/04/2018
المشاركات
322
مستوى التفاعل
13
النقاط
18
الإقامة
السعودية
"النوال في تحرير ما للمفسرين من أقوال" (126)

اكتب في (قوقل) (النوال. وكلمة من الآية) التي تريد معرفة ملخص آراء المفسرين فيها.

قال الرازي رحمه الله في من يفهم آيات القرآن على الآراء الضعيفة: "أقول حقاً: إن الذين يتبعون أمثال ذلك قد حرموا الوقوف على معاني كلام الله تعالى حرماناً عظيماً".

الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد.
قال الله تعالى في سورة "الحديد": (وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ أُولَئِكَ هُمُ الصِّدِّيقُونَ وَالشُّهَدَاءُ عِنْدَ رَبِّهِمْ لَهُمْ أَجْرُهُمْ وَنُورُهُمْ)

القول الراجح أن قوله: (والشهداء) متصلة بما قبلها, والواو للعطف, فهي من صفة الذين آمنوا بالله ورسله, فهم الصديقون وهم الشهداء عند ربهم.
والمراد بهم شهداء يوم القيامة يشهدون على الأمم وعلى الناس.

والآن إلى ذكر أقوال المفسرين في الآية.
اختلف المفسرون في قوله: (والشهداء عند ربهم) هل هي جملة مستأنفة أم معطوفة على ما قبلها على قولين:

القول الأول: أنها مبتدأ في جملة مستأنفة, وأن الكلام انتهى عند قوله: (والذين آمنوا بالله ورسله أولئك هم الصديقون)
ثم استأنف فقال: (والشهداء عند ربهم لهم أجرهم ونورهم) (رجح هذا القول بن جرير*) (واقتصر عليه صاحب الظلال*)

قال ابن جرير: "وإنما قلنا: إن ذلك أولى الأقوال في ذلك بالصواب لأن ذلك هو الأغلب من معانيه في الظاهر، وأن الإيمان غير موجب في المتعارف للمؤمن اسم شهيد لا بمعنى غيره".

القول الثاني: أن قوله: (والشهداء) متصلة بما قبلها, والواو للعطف, فهي من صفة الذين آمنوا بالله ورسله, فهم الصديقون وهم الشهداء عند ربهم.
وهذا القول هو الراجح.
(ذكر القولين دون ترجيح الماتريدي*, والبغوي*, والزمخشري*, وابن عطية*, والرازي*, والقرطبي*, وابن كثير*, وابن عاشور*)

وما المراد بالشهداء على القولين؟
أما على القول الأول وهو أنها جملة مستأنفة:
فقيل: المراد بالشهداء هم الذين قتلوا في سبيل الله (رجحه ابن جرير*) (واقتصر عليه ابن كثير*, وابن عاشور*, وصاحب الظلال*)

وقيل: المراد بالشهداء الأنبياء الذين يشهدون على أممهم, كما قال تعالى: (فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيداً) (اقتصر عليه الماتريدي*) (وذكر القولين البغوي*, وابن عطية*, والرازي*, والقرطبي*)

(وذكر القرطبي أنه قيل أيضاً: أنهم أمم الرسل يشهدون يوم القيامة لأنبيائهم بتبليغهم الرسالة إلى أممهم)

وأما على القول الثاني وهو أنها معطوفة ومتصلة بما قبلها:
فقيل: المراد أن المؤمنين بالله ورسله هم عند الله بمنزلة الصديقين والشهداء (اقتصر عليه الزمخشري*)
(وذكره ابن عاشور*) لكن قال هكذا: "وقيل معناه: أن مؤمني هذه الأمة كشهداء الأمم، أي كقتلاهم في سبيل الله".

وقيل: المراد شهداء يوم القيامة يشهدون على الأمم وعلى الناس. (اقتصر عليه الماتريدي*) (وذكره ابن جرير*, وابن عطية*, والرازي*, وابن عاشور*)
وهذا هو الراجح في معنى الآية.
قال تعالى: (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ)

قال ابن عطية: "قال بعضهم: هو من معنى الشاهد لا من معنى الشهيد، وذلك نحو قوله تعالى: {لتكونوا شهداء على الناس} فكأنه قال في هذه الآية: هم أهل الصدق والشهادة على الأمم عند ربهم".

وأخرج ابن جرير من حديث البراء بن عازب رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (مؤمنو أمتي شهداء. قال: ثم تلا النبي صلى الله عليه وسلم هذه الآية (والذين آمنوا بالله ورسله أولئك هم الصديقون والشهداء عند ربهم).

وروى أبو الدرداء رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا يكون اللعانون شفعاء ولا شهداء يوم القيامة) أخرجه مسلم وغيره.

فائدة:
قال الماتريدي: "فإن قيل: إن أبا بكر رضي الله عنه فضل باسم الصديق على غيره من الأمة، فإذا استحق غيره من المؤمنين هذا الاسم لم يختص هو بتلك الفضيلة؟
قيل: إن أبا بكر سمي صديقاً وخص به من بين سائر الصحابة والمؤمنين لمعنى اختص به من بينهم، وغيره من المؤمنين سموا صديقين من بين سائر أهل الأرض جميعاً إلا في مقابلته، كهو اختص بهذا الاسم من بين سائرهم إلا في مقابلة النبي وسائر الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، هذا هو معنى تفضيله، والفضل عند المقابلة يكون.
ويحتمل أن يكون ذلك الاختصاص له للاعتقاد والمعاملة جميعاً وسائر المؤمنين سموا صديقين للاعتقاد خاصة، ومن وفى الأمرين جميعاً كان أفضل ممن وفى أمراً واحداً".
والله تعالى أعلم.

للاطلاع على مقدمة سلسلة (النوال)
انظر هنا
https://majles.alukah.net/t188624/
 
عودة
أعلى