النوال... (120) (وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ وَالشُّهَدَاء وَقُضِيَ بَيْنَهُم بِالْحَقِّ)

إنضم
15/04/2018
المشاركات
322
مستوى التفاعل
13
النقاط
18
الإقامة
السعودية
"النوال في تحرير ما للمفسرين من أقوال" (120)

اكتب في (قوقل) (النوال. وكلمة من الآية) التي تريد معرفة ملخص آراء المفسرين فيها.

قال الرازي رحمه الله في من يفهم آيات القرآن على الآراء الضعيفة: "أقول حقاً: إن الذين يتبعون أمثال ذلك قد حرموا الوقوف على معاني كلام الله تعالى حرماناً عظيماً".

الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد.
قال الله تعالى في سورة "الزمر": (وَأَشْرَقَتِ الأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا وَوُضِعَ الْكِتَابُ وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ وَالشُّهَدَاء وَقُضِيَ بَيْنَهُم بِالْحَقِّ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ)

القول الأقرب أن المراد بالشهداء الملائكة الحفظة على أعمال العباد.
كما قال تعالى: {وَجَاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَعَهَا سَائِقٌ وَشَهِيدٌ}

والآن إلى ذكر أقوال المفسرين في الآية.
قوله: (وَوُضِعَ الْكِتَابُ) المراد به كتب أعمالهم التي أحصيت عليهم.
وقوله: (وَقُضِيَ بَيْنَهُم بِالْحَقِّ) أي: قضي بين العباد.

اختلف المفسرون في المراد بقوله: {والشهداء} على أربعة أقوال:
القول الأول: أن المراد بالشهداء الذين قتلوا في سبيل الله.
(ضعفه ابن جرير*, وابن عطية*) (وذكره الزمخشري*, والرازي* والقرطبي*, والشنقيطي*)

القول الثاني: أن المراد بالشهداء أمة محمد صلى الله عليه وسلم، يستشهدهم ربهم على الرسل.
وهو كقوله تعالى: {وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا}.
(رجحه ابن جرير*) (وذكره البغوي*, وابن عطية*, والرازي* والقرطبي*, والشنقيطي*)

قال ابن جرير: "قوله: {وجيء بالنبيين والشهداء وقضي بينهم بالحق} في ذلك دليل واضح على صحة ما قلنا من أنه إنما دعي بالنبيين والشهداء للقضاء بين الأنبياء وأممها، وأن الشهداء إنما هي جمع شهيد، الذين يشهدون للأنبياء على أممهم كما ذكرنا".

القول الثالث: أنهم الرسل. (ذكره الماتريدي*, وابن عطية*) (ورجحه الشنقيطي*)
فهو كقوله: (فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا)

قال ابن عطية: "عطف الصفة على الصفة بالواو، كما تقول: جاء زيد الكريم والعاقل".

قال الشنقيطي: "أظهر الأقوال في الآية عندي أن الشهداء هم الرسل من البشر، الذين أرسلوا إلى الأمم، لأنه لا يقضي بين الأمة حتى يأتي رسولها، كما صرح تعالى بذلك في سورة يونس في قوله تعالى: (ولكل أمة رسول فإذا جاء رسولهم قضي بينهم بالقسط وهم لا يظلمون).
فصرح جل وعلا بأنه يسأل الرسل عما أجابتهم به أممهم، كما قال تعالى: (يوم يجمع الله الرسل فيقول ماذا أجبتم)
وقال تعالى: (فلنسألن الذين أرسل إليهم ولنسألن المرسلين)
وقد يشير إلى ذلك قوله تعالى: (فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيداً), لأن كونه صلى الله عليه وسلم هو الشهيد على هؤلاء الذين هم أمته يدل على أن الشهيد على كل أمة هو رسولها.
وقد بين تعالى أن الشهيد على كل أمة من أنفس الأمة فدل على أنه ليس من الملائكة، وذلك في قوله تعالى: (ويوم نبعث في كل أمة شهيداً عليهم من أنفسهم) والرسل من أنفس الأمم)".

قلت: البين من ظاهر الآية أن عطف الشهداء على النبيين يقتضي أنهم غيرهم والله أعلم.

القول الرابع: أنهم الملائكة الحفظة على أعمال العباد.
كما قال تعالى: {وَجَاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَعَهَا سَائِقٌ وَشَهِيدٌ} فالسائق يسوقها إلى الحساب والشهيد يشهد عليها، وهو الملك الموكل بالإنسان.
(ذكره الماتريدي, والبغوي*, وابن عطية*, والرازي*, والقرطبي*, والشنقيطي*) (واقتصر عليه ابن كثير*, وابن عاشور*, وصاحب الظلال*)
وهذا القول أرجح الأقوال.

(وجمع الزمخشري* بين هذا القول والقول الثاني فقال: "الشهداء الذين يشهدون للأمم وعليهم من الحفظة والأخيار").

تنبيه:
سبق أن المراد بقوله: (وَوُضِعَ الْكِتَابُ) كتب الأعمال.
هذا هو القول الصحيح. (اقتصر عليه أكثر المفسرين)
وقيل: المراد الميزان. (انفرد بذكره الماتريدي*).
وقيل: المراد اللوح المحفوظ. (ذكره الرازي*, والقرطبي*) (وضعفه ابن عطية*)

قال ابن عطية: "وقالت فرقة: وضع اللوح المحفوظ، وهذا شاذ وليس فيه معنى التوعد وهو مقصد الآية".

وقال ابن عاشور: "ويجوز أن يكون المراد بالكتاب كتب الشرائع التي شرعها الله للعباد على ألسنة الرسل ويكون إحضارها شاهدة على الأمم بتفاصيل ما بلغه الرسل إليهم لئلا يزعموا أنهم لم تبلغهم الأحكام".
والله تعالى أعلم.

للاطلاع على مقدمة سلسلة (النوال)
انظر هنا
https://majles.alukah.net/t188624/
 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
محور الآية يتعلق برسالة الرسل التي هي الوحي المنزل في الكتب السماوية ، لهذا فإن موضوع الشهادة هنا يتعلق بالشهادة على تبليغ الوحي إلى الناس ، فالرسل والأنبياء شهداء على وصول الوحي إلى أممهم والشهداء ممن قتل في سبيل الله شهداء على رفض الكفار للوحي .
والكتاب الموضوع يكون شاهداً على الأمم سواءاً من تمسكو بالوحي وإتبعوه أو من قامو بتحريفه أو من أضاعوه بتفريطهم وعدم حرصهم على الحفاظ عليه .
والله أعلم
 
عودة
أعلى