صالح بن سليمان الراجحي
Member
"النوال في تحرير ما للمفسرين من أقوال" (12)
اكتب في (قوقل) (النوال. وأول الآية) التي تريد معرفة ملخص آراء المفسرين فيها.
قال الرازي رحمه الله في من يفهم آيات القرآن على الآراء الضعيفة: "أقول حقاً: إن الذين يتبعون أمثال ذلك قد حرموا الوقوف على معاني كلام الله تعالى حرماناً عظيماً".
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد.
قال الله تعالى في سورة "الواقعة": (وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ أُولَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ وَقَلِيلٌ مِنَ الْآخِرِينَ)
وقال في أصحاب اليمين: (ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ وَثُلَّةٌ مِنَ الْآخِرِينَ)
الثلة: الجماعة, والمراد بها في الآية الجماعة الكثيرة.
القول الراجح أن المراد بـ(الأولين) الأمم الماضية قبل هذه الأمة، والمراد بـ(الآخرين) هذه الأمة.
لأن الآيات تبين حال ومصير كل الأمم وكل الخلق.
والآن إلى ذكر أقوال المفسرين في الآية.
اختلف المفسرون في المراد بالأولين والآخرين في الموضعين في الآية على قولين:
(ذكر القولين دون ترجيح الماتريدي*, والبغوي*, والزمخشري*, وابن عطية*, والرازي*, والقرطبي*, وصاحب الظلال*)
القول الأول: أن الأولين والآخرين كلهم من هذه الأمة أمة محمد r, فالأولون أول الأمة والآخرون ما بعد ذلك. (رجح هذا القول ابن كثير*).
القول الثاني: أن المراد بالأولين الأمم الماضية قبل هذه الأمة، والمراد بالآخرين هذه الأمة.
(ضعف هذا القول ابن كثير*) (ورجحه الشنقيطي*)
(واقتصر عليه ابن جرير لكنه أشار إلى القول الثاني عند قوله: (ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ وَثُلَّةٌ مِنَ الْآخِرِينَ).
(وكذلك رجحه ابن عاشور* واقتصر عليه, وأشار إلى القول الثاني عند قوله: (ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ وَثُلَّةٌ مِنَ الْآخِرِينَ).
وهذا القول الثاني هو الراجح.
لأن الآيات تبين حال ومصير كل الأمم وكل الخلق.
وعلى هذا فالسابقون من الأمم الماضية أكثر من السابقين من هذه الأمة.
وليس هذا بغريب، لأن الأمم الماضية أمم كثيرة, وفيها أنبياء كثيرة ورسل، والله تعالى قال: (وَعَادًا وَثَمُودَ وَأَصْحَابَ الرَّسِّ وَقُرُونًا بَيْنَ ذَلِكَ كَثِيرًا)
وقال: (مِنْهُمْ مَنْ قَصَصْنَا عَلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ نَقْصُصْ عَلَيْكَ)
فليس بغريب أن يجتمع من سابقيها من لدن آدم إلى محمد r أكثر من سابقي هذه الأمة وحدها.
وهذا القول الراجح اقتصر عليه ابن جرير رحمه الله كما سلف.
ولكن ابن كثير اعترض على قول ابن جرير وضعفه فقال: "وهذا الذي اختاره ابن جرير هاهنا فيه نظر، بل هو قول ضعيف, لأن هذه الأمة هي خير الأمم بنص القرآن، فيبعد أن يكون المقربون في غيرها أكثر منها، اللهم إلا أن يقابل مجموع الأمم بهذه الأمة. والظاهر أن المقربين من هؤلاء أكثر من سائر الأمم، والله أعلم, فالقول الثاني في هذا المقام هو الراجح، وهو أن يكون المراد بقوله: { ثُلَّةٌ مِنَ الأوَّلِينَ } أي: من صدر هذه الأمة، { وَقَلِيلٌ مِنَ الآخِرِينَ } أي: من هذه الأمة"اهـ
قلت: بل ما ذهب إليه ابن جرير وغيره هو الراجح كما سبق والله أعلم, لأن الآيات تذكر بشكل واضح مصير الخلق كلهم فهم على هذا التصنيف.
قال تعالى: (إِذَا وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ (1) لَيْسَ لِوَقْعَتِهَا كَاذِبَةٌ (2) خَافِضَةٌ رَافِعَةٌ (3) إِذَا رُجَّتِ الْأَرْضُ رَجًّا (4) وَبُسَّتِ الْجِبَالُ بَسًّا (5) فَكَانَتْ هَبَاءً مُنْبَثًّا (6) وَكُنْتُمْ أَزْوَاجًا ثَلَاثَةً (7) فَأَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ (8) وَأَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ (9) وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ (10) أُولَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ (11) فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ (12) ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ (13) وَقَلِيلٌ مِنَ الْآخِرِينَ).
ولا ينافي ذلك أن هذه الأمة خير الأمم وأفضلها, وهي بمجموعها أكثر الأمم.
لكن ثلة السابقين المذكورين في الآية هم من مجموع الأمم ولذلك كانوا ثلة في مقابل القليل الذين هم من أمة محمد r فقط.
والله تعالى أعلم.
اكتب في (قوقل) (النوال. وأول الآية) التي تريد معرفة ملخص آراء المفسرين فيها.
قال الرازي رحمه الله في من يفهم آيات القرآن على الآراء الضعيفة: "أقول حقاً: إن الذين يتبعون أمثال ذلك قد حرموا الوقوف على معاني كلام الله تعالى حرماناً عظيماً".
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد.
قال الله تعالى في سورة "الواقعة": (وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ أُولَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ وَقَلِيلٌ مِنَ الْآخِرِينَ)
وقال في أصحاب اليمين: (ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ وَثُلَّةٌ مِنَ الْآخِرِينَ)
الثلة: الجماعة, والمراد بها في الآية الجماعة الكثيرة.
القول الراجح أن المراد بـ(الأولين) الأمم الماضية قبل هذه الأمة، والمراد بـ(الآخرين) هذه الأمة.
لأن الآيات تبين حال ومصير كل الأمم وكل الخلق.
والآن إلى ذكر أقوال المفسرين في الآية.
اختلف المفسرون في المراد بالأولين والآخرين في الموضعين في الآية على قولين:
(ذكر القولين دون ترجيح الماتريدي*, والبغوي*, والزمخشري*, وابن عطية*, والرازي*, والقرطبي*, وصاحب الظلال*)
القول الأول: أن الأولين والآخرين كلهم من هذه الأمة أمة محمد r, فالأولون أول الأمة والآخرون ما بعد ذلك. (رجح هذا القول ابن كثير*).
القول الثاني: أن المراد بالأولين الأمم الماضية قبل هذه الأمة، والمراد بالآخرين هذه الأمة.
(ضعف هذا القول ابن كثير*) (ورجحه الشنقيطي*)
(واقتصر عليه ابن جرير لكنه أشار إلى القول الثاني عند قوله: (ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ وَثُلَّةٌ مِنَ الْآخِرِينَ).
(وكذلك رجحه ابن عاشور* واقتصر عليه, وأشار إلى القول الثاني عند قوله: (ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ وَثُلَّةٌ مِنَ الْآخِرِينَ).
وهذا القول الثاني هو الراجح.
لأن الآيات تبين حال ومصير كل الأمم وكل الخلق.
وعلى هذا فالسابقون من الأمم الماضية أكثر من السابقين من هذه الأمة.
وليس هذا بغريب، لأن الأمم الماضية أمم كثيرة, وفيها أنبياء كثيرة ورسل، والله تعالى قال: (وَعَادًا وَثَمُودَ وَأَصْحَابَ الرَّسِّ وَقُرُونًا بَيْنَ ذَلِكَ كَثِيرًا)
وقال: (مِنْهُمْ مَنْ قَصَصْنَا عَلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ نَقْصُصْ عَلَيْكَ)
فليس بغريب أن يجتمع من سابقيها من لدن آدم إلى محمد r أكثر من سابقي هذه الأمة وحدها.
وهذا القول الراجح اقتصر عليه ابن جرير رحمه الله كما سلف.
ولكن ابن كثير اعترض على قول ابن جرير وضعفه فقال: "وهذا الذي اختاره ابن جرير هاهنا فيه نظر، بل هو قول ضعيف, لأن هذه الأمة هي خير الأمم بنص القرآن، فيبعد أن يكون المقربون في غيرها أكثر منها، اللهم إلا أن يقابل مجموع الأمم بهذه الأمة. والظاهر أن المقربين من هؤلاء أكثر من سائر الأمم، والله أعلم, فالقول الثاني في هذا المقام هو الراجح، وهو أن يكون المراد بقوله: { ثُلَّةٌ مِنَ الأوَّلِينَ } أي: من صدر هذه الأمة، { وَقَلِيلٌ مِنَ الآخِرِينَ } أي: من هذه الأمة"اهـ
قلت: بل ما ذهب إليه ابن جرير وغيره هو الراجح كما سبق والله أعلم, لأن الآيات تذكر بشكل واضح مصير الخلق كلهم فهم على هذا التصنيف.
قال تعالى: (إِذَا وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ (1) لَيْسَ لِوَقْعَتِهَا كَاذِبَةٌ (2) خَافِضَةٌ رَافِعَةٌ (3) إِذَا رُجَّتِ الْأَرْضُ رَجًّا (4) وَبُسَّتِ الْجِبَالُ بَسًّا (5) فَكَانَتْ هَبَاءً مُنْبَثًّا (6) وَكُنْتُمْ أَزْوَاجًا ثَلَاثَةً (7) فَأَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ (8) وَأَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ (9) وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ (10) أُولَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ (11) فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ (12) ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ (13) وَقَلِيلٌ مِنَ الْآخِرِينَ).
ولا ينافي ذلك أن هذه الأمة خير الأمم وأفضلها, وهي بمجموعها أكثر الأمم.
لكن ثلة السابقين المذكورين في الآية هم من مجموع الأمم ولذلك كانوا ثلة في مقابل القليل الذين هم من أمة محمد r فقط.
والله تعالى أعلم.