النوال... (118) (قُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَمَا يُبْدِئُ الْبَاطِلُ وَمَا يُعِيدُ)

إنضم
15/04/2018
المشاركات
322
مستوى التفاعل
13
النقاط
18
الإقامة
السعودية
"النوال في تحرير ما للمفسرين من أقوال" (118)

اكتب في (قوقل) (النوال. وكلمة من الآية) التي تريد معرفة ملخص آراء المفسرين فيها.

قال الرازي رحمه الله في من يفهم آيات القرآن على الآراء الضعيفة: "أقول حقاً: إن الذين يتبعون أمثال ذلك قد حرموا الوقوف على معاني كلام الله تعالى حرماناً عظيماً".

الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد.
قال الله تعالى في سورة "سبأ": (قُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَمَا يُبْدِئُ الْبَاطِلُ وَمَا يُعِيدُ)

القول الصحيح أن المراد بالباطل: ضد الحق, كالكفر والشرك والضلال.
فقوله: (وما يبدئ الباطل وما يعيد) كناية عن اضمحلاله وزواله وزهوقه.
والمعنى: جاء الحق وهلك الباطل وذهب وزهق فلم يبق منه بقية فما يصنع شيئاً.

والآن إلى ذكر أقوال المفسرين في الآية.
اختلف المفسرون في المراد بقوله: (وَمَا يُبْدِئُ الْبَاطِلُ وَمَا يُعِيدُ) على قولين:
القول الأول: أن المراد بالباطل: الأصنام والأوثان.
وقيل: الشيطان. والمعنى متقارب.
والمعنى: لا ينشئ خلقاً ولا يعيده حياً بعد فنائه.
كقوله تعالى: (ولا يملكون موتاً ولا حياة ولا نشورا)
(اقتصر على هذا القول ابن جرير*, والقرطبي*) (وضعفه ابن كثير*)

قال الزمخشري: "وعن الحسن: لا يبدئ لأهله خيراً ولا يعيده، أي: لا ينفعهم في الدنيا والآخرة".
وقال ابن عطية: "ما يفعل الشيطان شيئاً مفيداً أي: ليس يخلق ولا يرزق".

القول الثاني: أن المراد بالباطل: ضد الحق, كالكفر والشرك والضلال.
فقوله: (وما يبدئ الباطل وما يعيد) كناية عن اضمحلاله وزواله وزهوقه.

والمعنى: جاء الحق وهلك الباطل وذهب وزهق فلم يبق منه بقية فما يصنع شيئاً، كما قال تعالى: (بل نقذف بالحق على الباطل فيدمغه), وكقوله تعالى: (جاء الحق وزهق الباطل)
(اقتصر عليه ابن عاشور*, وصاحب الظلال*)
(وذكر القولين الماتريدي*, والبغوي*, والزمخشري*, وابن عطية*, والرازي*)
وهذا القول هو الصحيح.

قال الزمخشري: "والحي إما أن يبدئ فعلاً أو يعيده, فإذا هلك لم يبق له إبداء ولا إعادة، فجعلوا قولهم: لا يبدئ ولا يعيد مثلاً في الهلاك.
ومنه قول عبيد:
أقفر من أهله عبيد ... فاليوم لا يبدي ولا يعيد"

قال ابن كثير: "لم يبق للباطل مقالة ولا رياسة ولا كلمة"
قال ابن عطية: "قالت فرقة: (الباطل) هو غير (الحق) من الكذب والكفر ونحوه, استعار له الإبداء والإعادة ونفاهما عنه، كأنه قال: وما يصنع الباطل شيئاً"

قال الرازي: "وفيه معنى لطيف, وهو أن قوله تعالى: (قل إن ربي يقذف بالحق) لما كان فيه معنى قوله تعالى: (بل نقذف بالحق على الباطل فيدمغه) كان يقع لمتوهم أن الباطل كان فورد عليه الحق فأبطله ودمغه، فقال هاهنا: ليس للباطل تحقق أولاً وآخراً، وإنما المراد من قوله: (فيدمغه) أي: فيظهر بطلانه الذي لم يزل كذلك, وإليه الإشارة بقوله تعالى في موضع آخر: (وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقاً), يعني ليس أمراً متجدداً زهوق الباطل"

وذكر بعض المفسرين أن (ما) يحتمل أن تكون للاستفهام.
والمعنى: وأي شيء يصنع الباطل, وأي شيء يبديه, وأي شيء يعيده.
(ذكر هذا المعنى: الزمخشري*, وابن عطية*, والقرطبي*)

قال القرطبي: "يجوز أن يكون استفهاماً بمعنى أي شيء، أي: جاء الحق, فأي شيء بقي للباطل حتى يعيده ويبديه, أي: فلم يبق منه شيء، كقوله: (فهل ترى لهم من باقية), أي: لا ترى".
والله تعالى أعلم.

للاطلاع على مقدمة سلسلة (النوال)
انظر هنا
https://majles.alukah.net/t188624/
 
عودة
أعلى