صالح بن سليمان الراجحي
Member
"النوال في تحرير ما للمفسرين من أقوال" (113)
اكتب في (قوقل) (النوال. وكلمة من الآية) التي تريد معرفة ملخص آراء المفسرين فيها.
قال الرازي رحمه الله في من يفهم آيات القرآن على الآراء الضعيفة: "أقول حقاً: إن الذين يتبعون أمثال ذلك قد حرموا الوقوف على معاني كلام الله تعالى حرماناً عظيماً".
الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد.
قال الله تعالى في سورة "الكهف": (حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ وَوَجَدَ عِنْدَها قَوْماً)
أي: بلغ مغرب الشمس في نظر الرائي وهو أقصى مكان بلغه دون البحر فرآها في منظر العين كأنها تغرب في الماء.
قال ابن كثير: "رأى الشمس في منظره تغرب في البحر المحيط، وهذا شأن كل من انتهى إلى ساحله، يراها كأنها تغرب فيه"
وقال ابن عاشور: "المراد مكان مغرب الشمس من حيث يلوح الغروب من جهات المعمور من طريق غزوته أو مملكته. وذلك حيث يلوح أنه لا أرض وراءه بحيث يبدو الأفق من جهة مستبحرة، إذ ليس للشمس مغرب حقيقي إلا فيما يلوح للتخيل.
والأشبه أن يكون ذو القرنين قد بلغ بحر الخزر وهو بحيرة قزوين فإنها غرب بلاد الصين".
وقال صاحب الظلال: "ومغرب الشمس هو المكان الذي يرى الرائي أن الشمس تغرب عنده وراء الأفق. وهو يختلف بالنسبة للمواضع. فبعض المواضع يرى الرائي فيها أن الشمس تغرب خلف جبل. وفي بعض المواضع يرى أنها تغرب في الماء كما في المحيطات الواسعة والبحار. وفي بعض المواضع يرى أنها تغرب في الرمال إذا كان في صحراء مكشوفة على مد البصر ..
والظاهر من النص أن ذا القرنين غرب حتى وصل إلى نقطة على شاطئ المحيط الأطلسي - وكان يسمى بحر الظلمات ويظن أن اليابسة تنتهي عنده - فرأى الشمس تغرب فيه".
ونقل الرازي عن الجبائي قوله: "إن ذا القرنين لما بلغ موضعها في المغرب ولم يبق بعده شيء من العمارات وجد الشمس كأنها تغرب في عين وهدة مظلمة وإن لم تكن كذلك في الحقيقة كما أن راكب البحر يرى الشمس كأنها تغيب في البحر إذا لم ير الشط وهي في الحقيقة تغيب وراء البحر".
قال الرازي: وقيل: إن للجانب الغربي من الأرض مساكن يحيط البحر بها فالناظر إلى الشمس يتخيل كأنها تغيب في تلك البحار، ولا شك أن البحار الغربية قوية السخونة فهي حامية وهي أيضاً حمئة لكثرة ما فيها من الحمأة السوداء والماء فقوله: (تغرب في عين حمئة) إشارة إلى أن الجانب الغربي من الأرض قد أحاط به البحر وهو موضع شديد السخونة.
وقال القرطبي: "قال القفال: قال بعض العلماء: المراد أنه انتهى إلى آخر العمارة من جهة المغرب ومن جهة المشرق، فوجدها في رأي العين تغرب في عين حمئة، كما أنا نشاهدها في الأرض الملساء كأنها تدخل في الأرض، ولهذا قال: (وَجَدَها تَطْلُعُ عَلى قَوْمٍ لَمْ نَجْعَلْ لَهُمْ مِنْ دُونِها سِتْراً), ولم يرد أنها تطلع عليهم بأن تماسهم وتلاصقهم، بل أراد أنهم أول من تطلع عليهم. وقال القتبي: ويجوز أن تكون هذه العين من البحر".
(والقول بأنه رآها تغرب في الماء في نظر الرائي نقله البغوي* أيضاً عن القتيبي, وذكره ابن عطية* عن بعض البغداديين).
وقوله: (في عين حمئة) أي: فيها حمأة, وهو الطين المنتن المتغير في لونه.
وقرئت (حامية) أي: حارة.
قال ابن عطية: قال أبو حاتم: وقد يمكن أن تكون (حاميئة) مهموزة، بمعنى ذات حمأة، فتكون القراءتان بمعنى واحد.
وقال القرطبي: "يجوز أن تكون "حامية" من الحمأة فخففت الهمزة وقلبت ياء".
قلت: ما قاله أبو حاتم والقرطبي قول قوي, فالأصل والغالب أن معاني القراءات متماثلة أو ملتقية.
وعلى القول بأنها حامية بمعنى حارة فلا تنافي بين المعنيين.
قال الزمخشري: "ولا تنافى بين الحمئة والحامية، فجائز أن تكون العين جامعة للوصفين جميعاً".
ونحو ذلك قال ابن جرير, والقرطبي, وابن كثير.
وقوله: (ووجد عندها قوماً) أي: وجد عند هذه العين الحمئة قوماً.
والمراد بالعين الحمئة البحر كما سبق (اقتصر عليه ابن كثير*, وذكره كما سبق الرازي*, والقرطبي* وغيرهما)
وقال صاحب الظلال: "والأرجح أنه كان عند مصب أحد الأنهار. حيث تكثر الأعشاب ويتجمع حولها طين لزج هو الحمأ.
وتوجد البرك وكأنها عيون الماء .. فرأى الشمس تغرب هناك و«وَجَدَها تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ»".
وقال ابن عاشور: "ويظهر أن هذه العين من عيون النفط الواقعة على ساحل بحر الخزر حيث مدينة باكو، وفيها منابع النفط الآن ولم يكن معروفاً يومئذ.
والمؤرخون المسلمون يسمونها البلاد المنتنة"اهـ
والله تعالى أعلم.
للاطلاع على مقدمة سلسلة (النوال)
انظر هنا
https://majles.alukah.net/t188624/
اكتب في (قوقل) (النوال. وكلمة من الآية) التي تريد معرفة ملخص آراء المفسرين فيها.
قال الرازي رحمه الله في من يفهم آيات القرآن على الآراء الضعيفة: "أقول حقاً: إن الذين يتبعون أمثال ذلك قد حرموا الوقوف على معاني كلام الله تعالى حرماناً عظيماً".
الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد.
قال الله تعالى في سورة "الكهف": (حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ وَوَجَدَ عِنْدَها قَوْماً)
أي: بلغ مغرب الشمس في نظر الرائي وهو أقصى مكان بلغه دون البحر فرآها في منظر العين كأنها تغرب في الماء.
قال ابن كثير: "رأى الشمس في منظره تغرب في البحر المحيط، وهذا شأن كل من انتهى إلى ساحله، يراها كأنها تغرب فيه"
وقال ابن عاشور: "المراد مكان مغرب الشمس من حيث يلوح الغروب من جهات المعمور من طريق غزوته أو مملكته. وذلك حيث يلوح أنه لا أرض وراءه بحيث يبدو الأفق من جهة مستبحرة، إذ ليس للشمس مغرب حقيقي إلا فيما يلوح للتخيل.
والأشبه أن يكون ذو القرنين قد بلغ بحر الخزر وهو بحيرة قزوين فإنها غرب بلاد الصين".
وقال صاحب الظلال: "ومغرب الشمس هو المكان الذي يرى الرائي أن الشمس تغرب عنده وراء الأفق. وهو يختلف بالنسبة للمواضع. فبعض المواضع يرى الرائي فيها أن الشمس تغرب خلف جبل. وفي بعض المواضع يرى أنها تغرب في الماء كما في المحيطات الواسعة والبحار. وفي بعض المواضع يرى أنها تغرب في الرمال إذا كان في صحراء مكشوفة على مد البصر ..
والظاهر من النص أن ذا القرنين غرب حتى وصل إلى نقطة على شاطئ المحيط الأطلسي - وكان يسمى بحر الظلمات ويظن أن اليابسة تنتهي عنده - فرأى الشمس تغرب فيه".
ونقل الرازي عن الجبائي قوله: "إن ذا القرنين لما بلغ موضعها في المغرب ولم يبق بعده شيء من العمارات وجد الشمس كأنها تغرب في عين وهدة مظلمة وإن لم تكن كذلك في الحقيقة كما أن راكب البحر يرى الشمس كأنها تغيب في البحر إذا لم ير الشط وهي في الحقيقة تغيب وراء البحر".
قال الرازي: وقيل: إن للجانب الغربي من الأرض مساكن يحيط البحر بها فالناظر إلى الشمس يتخيل كأنها تغيب في تلك البحار، ولا شك أن البحار الغربية قوية السخونة فهي حامية وهي أيضاً حمئة لكثرة ما فيها من الحمأة السوداء والماء فقوله: (تغرب في عين حمئة) إشارة إلى أن الجانب الغربي من الأرض قد أحاط به البحر وهو موضع شديد السخونة.
وقال القرطبي: "قال القفال: قال بعض العلماء: المراد أنه انتهى إلى آخر العمارة من جهة المغرب ومن جهة المشرق، فوجدها في رأي العين تغرب في عين حمئة، كما أنا نشاهدها في الأرض الملساء كأنها تدخل في الأرض، ولهذا قال: (وَجَدَها تَطْلُعُ عَلى قَوْمٍ لَمْ نَجْعَلْ لَهُمْ مِنْ دُونِها سِتْراً), ولم يرد أنها تطلع عليهم بأن تماسهم وتلاصقهم، بل أراد أنهم أول من تطلع عليهم. وقال القتبي: ويجوز أن تكون هذه العين من البحر".
(والقول بأنه رآها تغرب في الماء في نظر الرائي نقله البغوي* أيضاً عن القتيبي, وذكره ابن عطية* عن بعض البغداديين).
وقوله: (في عين حمئة) أي: فيها حمأة, وهو الطين المنتن المتغير في لونه.
وقرئت (حامية) أي: حارة.
قال ابن عطية: قال أبو حاتم: وقد يمكن أن تكون (حاميئة) مهموزة، بمعنى ذات حمأة، فتكون القراءتان بمعنى واحد.
وقال القرطبي: "يجوز أن تكون "حامية" من الحمأة فخففت الهمزة وقلبت ياء".
قلت: ما قاله أبو حاتم والقرطبي قول قوي, فالأصل والغالب أن معاني القراءات متماثلة أو ملتقية.
وعلى القول بأنها حامية بمعنى حارة فلا تنافي بين المعنيين.
قال الزمخشري: "ولا تنافى بين الحمئة والحامية، فجائز أن تكون العين جامعة للوصفين جميعاً".
ونحو ذلك قال ابن جرير, والقرطبي, وابن كثير.
وقوله: (ووجد عندها قوماً) أي: وجد عند هذه العين الحمئة قوماً.
والمراد بالعين الحمئة البحر كما سبق (اقتصر عليه ابن كثير*, وذكره كما سبق الرازي*, والقرطبي* وغيرهما)
وقال صاحب الظلال: "والأرجح أنه كان عند مصب أحد الأنهار. حيث تكثر الأعشاب ويتجمع حولها طين لزج هو الحمأ.
وتوجد البرك وكأنها عيون الماء .. فرأى الشمس تغرب هناك و«وَجَدَها تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ»".
وقال ابن عاشور: "ويظهر أن هذه العين من عيون النفط الواقعة على ساحل بحر الخزر حيث مدينة باكو، وفيها منابع النفط الآن ولم يكن معروفاً يومئذ.
والمؤرخون المسلمون يسمونها البلاد المنتنة"اهـ
والله تعالى أعلم.
للاطلاع على مقدمة سلسلة (النوال)
انظر هنا
https://majles.alukah.net/t188624/