النوال... (11) (رُدُّوهَا عَلَيَّ فَطَفِقَ مَسْحًا بِالسُّوقِ وَالْأَعْنَاقِ)

إنضم
15/04/2018
المشاركات
322
مستوى التفاعل
12
النقاط
18
الإقامة
السعودية
"النوال في تحرير ما للمفسرين من أقوال" (11)

اكتب في (قوقل) (النوال. وأول الآية) التي تريد معرفة ملخص آراء المفسرين فيها.

قال الرازي رحمه الله في من يفهم آيات القرآن على الآراء الضعيفة: "أقول حقاً: إن الذين يتبعون أمثال ذلك قد حرموا الوقوف على معاني كلام الله تعالى حرماناً عظيماً".

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد.
قال الله تعالى في سورة (ص): (وَوَهَبْنَا لِدَاوُودَ سُلَيْمَانَ نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ إِذْ عُرِضَ عَلَيْهِ بِالْعَشِيِّ الصَّافِنَاتُ الْجِيَادُ فَقَالَ إِنِّي أَحْبَبْتُ حُبَّ الْخَيْرِ عَنْ ذِكْرِ رَبِّي حَتَّى تَوَارَتْ بِالْحِجَابِ رُدُّوهَا عَلَيَّ فَطَفِقَ مَسْحًا بِالسُّوقِ وَالْأَعْنَاقِ)

عُرِض على سليمان عليه السلام الخيل الأصيلة الجياد فانشغل بها عن الذكر حتى توارت الشمس بالحجاب أي: اختفت بما يحجبها عن المشاهدة, أي: غربت, فتنبه أنها أشغلته وجعلته يغفل, فأمر بردها عليه.

فالقول الراجح أن المراد أن سليمان عليه السلام ذبح الخيل لما أحس أنه أحبها حتى أشغلته عن ذكر ربه وأراد بهذا الفعل أن يقطع هذا السبب الذي يعكر صفو قلبه وخلوصه لله وذكره ومحبته.

والآن إلى ذكر أقوال المفسرين في الآية.
اختلف المفسرون في المراد بقوله تعالى: (فَطَفِقَ مَسْحًا بِالسُّوقِ وَالْأَعْنَاقِ) على قولين:
(ذكر القولين دون ترجيح الماتريدي*, والزمخشري*, وابن عطية*, والقرطبي*, وابن عاشور*)

القول الأول:
أنه عقرها وضرب أعناقها، من قولهم: مسح علاوته: إذا ضرب عنقه. (ضعفه ابن جرير*, والرازي*) (ورجحه البغوي*, وابن كثير*)

وهذا قول الجمهور وهو الأقرب في معنى الآية.
فإن الأنبياء عليهم السلام يراقبون قلوبهم أشد المراقبة عن أن يشغلها أي شاغل عن الله وذكره, ألا ترى أن النبي صلى الله عليه وسلم لما نظر نظرة واحدة إلى الإنبجانية في الصلاة ردها على صاحبها.
فسليمان عليه السلام لما أحس أنه أحب الخيل حتى أشغلته عن ذكر ربه أراد بهذا الفعل أن يقطع هذا السبب الذي يعكر صفو قلبه وخلوصه لله وذكره ومحبته, ولا يزاحمه شيء من متاع الدنيا.
ولذلك وصفه ربه بأنه (أَوَّابٌ)

وذبحه للخيل حتى يصفو قلبه لمحبة ربه ليس بكثير ولا غريب.
ألا تعلم أنه وقع لقوم ما هو أشد من ذلك.
هؤلاء بنو إسرائيل أمروا بأن يقتلوا أنفسهم توبة وقربة إلى الله.
قال تعالى: (إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنْفُسَكُمْ بِاتِّخَاذِكُمُ الْعِجْلَ فَتُوبُوا إِلَى بَارِئِكُمْ فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ عِنْدَ بَارِئِكُمْ)

قال الماتريدي: "قال عامة أهل التأويل: أي: جعل يعقر سوق الخيل ويضرب أعناقها لما شغلته عن ذكر ربه وعن صلاة العصر حتى غفل عنها، فجعل يقطع سوقها ويضرب أعناقها كفارة عما شغل عن ذكر ربه".

قال البغوي: "هذا قول ابن عباس والحسن وقتادة ومقاتل وأكثر المفسرين".

القول الثاني:
أن المراد: جعل يمسح أعرافها وعراقيبها بيده حباً وإكراماً لها. (رجحه ابن جرير*, والرازي*) (وضعفه البغوي*, وابن كثير*)

قال ابن جرير: لأن نبي الله صلى الله عليه وسلم لم يكن إن شاء الله ليعذب حيواناً بالعرقبة، ويهلك مالاً من ماله بغير سبب، سوى أنه اشتغل عن صلاته بالنظر إليها، ولا ذنب لها باشتغاله بالنظر إليها".

قال البغوي: هذا قول ضعيف والمشهور هو الأول.

وقال ابن كثير: "وهذا الذي رجح به ابن جرير فيه نظر, لأنه قد يكون في شرعهم جواز مثل هذا ولا سيما إذا كان غضباً لله عز وجل بسبب أنه اشتغل بها حتى خرج وقت الصلاة, ولهذا لما خرج عنها لله تعالى عوضه الله تعالى ما هو خير منها وهي الريح التي تجري بأمره رخاء حيث أصاب غدوها شهر ورواحها شهر فهذا أسرع وخير من الخيل".

قلت: مما يدل على ضعف هذا القول أنه لا مناسبة بين كونه يعطي أمراً صارماً بردها فيبدأ بمسحها حباً وإكراماً, وبين قوله: (إِنِّي أَحْبَبْتُ حُبَّ الْخَيْرِ عَنْ ذِكْرِ رَبِّي).
كان المتوقع أن يبادر إلى ما فاته من ذكر ربه لا أن يعيد انشغاله بمسحها عن ذكر ربه.

ويرى صاحب الظلال* أن كلا القولين بعيد فيقول: "كلتا الروايتين لا دليل عليها. ويصعب الجزم بشيء عنها, ومن ثم لا يستطيع متثبت أن يقول شيئاً عن تفصيل هذا الحادث المشار إليه في القرآن...".

وضعف الرازي القول الأول بشدة, وذكر أوجهاً كثيرة يستبعد بها هذا القول, ولكنها أوجه ضعيفة غير قوية.
وقد تولى مناقشته وبين خطأه الألوسي في "روح المعاني".
والله تعالى أعلم.
 
تتمة:
وقد فسر الرازي الآية تفسيراً بعيداً فقال:

"والصواب أن نقول إن رباط الخيل كان مندوباً إليه في دينهم كما أنه كذلك في دين محمد صلى الله عليه وسلم, ثم إن سليمان عليه السلام احتاج إلى الغزو فجلس وأمر بإحضار الخيل وأمر بإجرائها وذكر أني لا أحبها لأجل الدنيا ونصيب النفس.
وإنما أحبها لأمر الله وطلب تقوية دينه, وهو المراد من قوله: (عَنْ ذِكْرِ رَبِّي)، ثم إنه عليه السلام أمر بإعدائها وتسييرها حتى توارت بالحجاب أي: غابت عن بصره.
ثم أمر الرائضين بأن يردوا تلك الخيل إليه فلما عادت إليه طفق يمسح سوقها وأعناقها تشريفاً لها وإبانة لعزتها لكونها من أعظم الأعوان في دفع العدو...
فهذا التفسير الذي ذكرناه ينطبق عليه لفظ القرآن انطباقاً مطابقاً موافقاً، ولا يلزمنا نسبة شيء من تلك المنكرات والمحذورات، وأقول: أنا شديد التعجب من الناس كيف قبلوا هذه الوجوه السخيفة مع أن العقل والنقل يردها، وليس لهم في إثباتها شبهة فضلاً عن حجة".

ومن التفسيرات الضعيفة القول بأن المراد بقوله: (تَوَارَتْ بِالْحِجَابِ) الخيل, أي: حتى ابتعدت وتوارت وصار لا يشاهدها ثم قال: (رُدُّوهَا عَلَيَّ).

ومن التفسيرات الضعيفة ما نقله القرطبي عن النحاس أنه قال: "إن سليمان عليه السلام كان في صلاة فجئ إليه بخيل لتعرض عليه قد غنمت, فأشار بيده لأنه كان يصلي حتى توارت الخيل وسترتها جدر الإصطبلات, فلما فرغ من صلاته قال: (ردوها علي فطفق مسحا) أي: فأقبل يمسحها مسحاً".

ومن التفسيرات الضعيفة ما نقله ابن عطية عن بعض الناس "أن سليمان عرض عليه الخيل وهو في الصلاة، فأشار إليهم، أي: في الصلاة، فأزالوها عنه حتى أدخلوها في الاصطبلات، فقال هو لما فرغ من صلاته: (إِنِّي أَحْبَبْتُ حُبَّ الْخَيْرِ) أي: الذي عند الله في الآخرة بسبب ذكر ربي، كأنه يقول: فشغلني ذلك عن رؤية الخيل حتى أدخلت اصطبلاتها (رُدُّوها عَلَيَّ) فطفق يمسح أعناقها وسوقها محبة لها"

ومن التفسيرات الضعيفة ما ذكره ابن عطية عن الثعلبي "أن هذا المسح إنما كان وسماً في السوق والأعناق بوسم حبس في سبيل الله".

ومن التفسيرات الضعيفة ما نقله البغوي أنه قيل في معنى قوله: (ردوها علي) يعني الشمس, يقول سليمان بأمر الله عز وجل للملائكة الموكلين بالشمس (ردوها علي) فردوها عليه حتى صلى العصر في وقتها، وذلك أنه كان يعرض عليه الخيل لجهاد عدو حتى توارت بالحجاب.
 
جزاك الله شيخنا الكريم، وشكر لك هذا الطرح المميز..
ولعلك في قابل الايام تفيدنا في قوله تعالى( للذين أحسنوا الحسنى وزيادة) وتوجيه كلام المفسرين في معنى (الحسنى) و(وزيادة).
 
جزاك الله خيرا اخي الكريم لقد صوبت راينا في هذه الايه وفتحت لنا امرا جديدا علينا من حيث لاتدري

فعلا اين الدليل على ان سليمان عقر الخيل ؟!! وهل هذا الفعل هو الفعل الاصوب اللذي يستحق الثناء عليه ؟ لماذا لم يهديها او يطلقها او يبيعها بدلا ان يقتلها ؟ كيف والانبياء هم احكم الناس

ارى والله اعلم مثل هذا الفعل غير سائغ في حق الانبياء
والاية لم تصرح بعقر سليمان للخيل
وقياسك بامر الله لبني اسرائيل بقتل انفسهم نتيجه لعصيانهم قياس ليس في محله
فالعقاب هنا يعود على اصحابة وليس على اي شئ آخر
ماذنب الخيل في خطا سليمان؟
لو اردت القياس
لماذا اسمع الله سليمان النملة وهي تقول "ادخلوا مساكنكم لا يحطمنكم سليمان وجنوده وهم لا يشعرون"
تدبر هذه الايه وستجد القول الاصوب والارجح بان الله اراد لسليمان ان يتجاوز النمل ولا يقتلها رحمة بها
هذا في النمل فكيف بالخيل ؟
ثم اين الدليل في الايه على عقر الخيل؟؟؟؟
معنى طفق

طَفِقَ :
طَفِقَ يَفْعَلُ الشيءَ طَفِقَ َ طَفَقًا ، وطُفوقا : جَعَلَ أو استمر يفعله .
وفي التنزيل العزيز : الأعراف آية 22 وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيهمَا مِنْ وَرَق الجَنّةِ ) ) .
و طَفِقَ به : ظَفِرَ .
المعجم: المعجم الوسيط -
طفق - يطفق ، طفقا وطفوقا:
1 - طفق : يفعل كذا : أخذ ، جعل . 2 - طفق الموضع : لزمه . 3 - طفق بالشيء : ظفر به ، ناله .

https://www.facebook.com/IslamMoorals/posts/581596118529180/

ثم منذ متى اصبح المسح بمعنى العقر ؟
ذكرت كلمة مسح (م س ح) 4 مرات في القران الكريم
فامسحوا بوجوهكم وايديكم ان الله كان عفوا غفورا
وامسحوا برءوسكم وارجلكم
فامسحوا بوجوهكم وايديكم
ردوها علي فطفق مسحا بالسوق والاعناق
ليس في آية واحدة دليل على ان المقصود بالمسح الضرب او العقر
ولو تلاحظ
مسح سليمان للخيل في العنق والساق من ظمن مايمسح به عادة تلطفا وتوددا للخيل
كالوجه والرقبة والفخذ . والساق تظمن الفخذ

واللذي يظهر لي والله اعلم
ان الخيل قد اشغلته فعلا عن ذكر ربه لا كما يقول الرازي
وتوارت بالحجاب عائدة على الشمس والدليل الاية اللتي قبلها
اذ عرض عليه بالعشي
انما طلبه لرد الخيل والمسح كان بغرض التودد والتلطف لها
والله اعلم بلسان حاله في هذا المشهد
كان يقول مثلا "اني احبك ولاكن ليس بحبك باكبر عندي من حب الله"
ارى ان الله اراد ان يصور لنا هذا المشهد المليئ بالرحمة لحكمة
وهي ان لانعاقب غيرنا على اخطائنا
والله اعلم
 
السلام عليكم ورحمة الله

نميل إلى ما قاله الرازي إلى حد كبير مع بعض التحفظات على بعض الجُمل .
( ردوها عليّ ) :
أى : قال سليمان لجنده : ردوا الصافنات الجياد علىّ ، فردوها عليه ، فأخذ فى مسح سيقانها وأعناقها إعجابا بها ، وسرورا بما هى عليه من قوة هو فى حاجة إليها للجهاد فى سبيل الله تعالى لاسيما أن سليمان كان ملكاً محارباً ( مجاهداً ) في سبيل الله .

هذا هو التفسير الذى تطمئن إليه نفوسنا لهذه الآيات ، لخلوه من كل ما يتنافى مع سمو منزلة الأنبياء عليهم الصلاة والسلام .

فتأويل الآية على أنه قتل الخيل إذ اشتغل بها عن الصلاة ، خرافة موضوعة . . قد جمعت أفانين من القول؛ لأن فيها معاقبة خيل لا ذنب لها والتمثيل بها . وإتلاف مال منتفع به بلا معنى . ونسبة تضييع الصلاة إلى نبى مرسل . ثم يُعاقِب الخيل على ذنبه لا على ذنبها .
وإنما معنى الآية أنه أخبر أنه أحب حب الخير ، من أجل ذكر ربه حتى توارت الشمس أو تلك الصافنات بحجابها

وعندنا عن أبي هريرة رضي الله عنه
wAAACH5BAEKAAAALAAAAAABAAEAAAICRAEAOw==
​ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم
wAAACH5BAEKAAAALAAAAAABAAEAAAICRAEAOw==
​ قال : ( نزل نبي من الأنبياء تحت شجرة فلدغَتْهُ نملةٌ ، فأمر بجهازه فأُخرج من تحتها ، ثم أمر ببيتها فأُحرق بالنار ، فأوحى الله إليه : فهلا نملةٌ واحدة ؟ ) متفق عليه
وفي رواية لمسلم : ( فأوحى الله إليه أفي أن قرصتك نملة أهلكت أمة من الأمم تسبح ؟ )

عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما
wAAACH5BAEKAAAALAAAAAABAAEAAAICRAEAOw==
​، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم
wAAACH5BAEKAAAALAAAAAABAAEAAAICRAEAOw==
​ قال: ((عُذِّبَتِ امرأةٌ في هرَّة حبسَتْها حتى ماتت جوعًا، فدخلَتْ فيها النار))، قال: فقال والله أعلم : ((لا أنتِ أطعمتِها ولا سقيتِها حين حبستِها، ولا أنتِ أرسلتِها، فأكلَتْ من خشاش الأرض))

هذا في النمل والقطط فكيف بالخيل ؟ هذا بالإضافة الى ما جرى مع سليمان نفسه مع النملة في وادي النمل .

ومعنى طَفِقَ لا يساعد على مراد القائلين بالقطع .
وكما قال الأخ أبو طالب :
ورد لفظ طَفِقَ ، ولفظ مَسَحَ ، ولفظ قَطَعَ في القرآن فيجب ذكر دلالة كل من هذه الألفاظ .

والعجيب أنني رأيت بعضا من المفسرين يقولون ، وقوله : ( فقال إني أحببت حب الخير عن ذكر ربي حتى توارت بالحجاب ) أنه اشتغل بعرضها حتى فات وقت صلاة العصر والذي يقطع به أنه لم يتركها عمدا بل نسيانا كما شغل النبي صلى الله عليه وسلم يوم الخندق عن صلاة العصر حتى صلاها بعد الغروب وذلك ثابت في الصحيحين من غير وجه ، من ذلك عن جابر قال : جاء عمر ، رضي الله عنه يوم الخندق بعد ما غربت الشمس فجعل يسب كفار قريش ، ويقول : يا رسول الله ، والله ما كدت أصلي العصر حتى كادت الشمس تغرب . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " والله ما صليتها " فقال : فقمنا إلى بطحان فتوضأ للصلاة وتوضأنا لها فصلى العصر بعد ما غربت الشمس ثم صلى بعدها المغرب .

إذ لا دليل في الآية على أنه فاتته صلاة أصلاً حتى نسوغ لسليمان عليه الصلاة والسلام اشتغاله بالخيل ، وقد يذكر المرء ربه دون الحاجة لصلاةٍ ما ، فقد ورد عن نبينا صلى الله عليه وسلم أنه كان يذكر ربنا في كل حين ، سواء في الصلاة أم خارجها .​
 
أهلا بك أخي الكريم أبا طالب.
أحسنت عرض الحجج وإليك جوابها.
وهو في الوقت نفسه جواب لأخي الكريم صالح.

أولاً:
من قال إن عقر الخيل كان عقاباً لها.
بل كان من سليمان عليه السلام عقاباً لنفسه وتزكية لها صفاء لقلبه, فالأنبياء قلوبهم معلقة بالله والدار الآخرة. (إِنَّا أَخْلَصْنَاهُمْ بِخَالِصَةٍ ذِكْرَى الدَّارِ).
وقد خلد الله هذه القصة في القرآن ليكون ذلك أسوة حسنة لكل مسلم أن يقطع كل ما يعيقه في مسيره إلى الله.

ألا تعلم أن ذبح الخيل جائز ولو بدون سبب إلا للأكل, فهي مما امتن الله على العباد بركوبها أو بأكلها. (لِتَرْكَبُوا مِنْهَا وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ)
أتضن أن سليمان ذبحها ورماها! كلا.
فإن الصدقة وإطعام الطعام من أعظم القربات (وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا)

أما النمل فالذي حفظهم من الحطم أنهم دخلوا مساكنهم أخذاً بنصيحة النملة.
وإسماع سليمان لها ليشكر الله على هذه النعمة. (وَقَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ)

ثانياً:
طفق من أفعال الشروع. أي: شرع وجعل يفعل كذا. وهذ معروف.
والمسح بمعنى العقر معروف ذكره ابن جرير, ولم ينكره أحد, ولم ينكره الزمخشري وهو إمام في اللغه, حتى ابن عاشور لم ينكره وهو ضليع في اللغة.
قال ابن فارس في "معجم مقاييس اللغة: "وَالْمَسْحُ يَكُونُ بِالسَّيْفِ أَيْضًا عَلَى جِهَةِ الِاسْتِعَارَةِ. وَمَسَحَ يَدَهُ بِالسَّيْفِ: قَطَعَهَا".

ثالثاً:
يبعد كما ذكرت من قبل أن سليمان يعطي أمراً صارماً بردها فيبدأ بمسحها حباً وإكراماً وتودداً وتلطفاً, فلا مناسبة البتة بين هذا وبين قوله: (إِنِّي أَحْبَبْتُ حُبَّ الْخَيْرِ عَنْ ذِكْرِ رَبِّي).
كان الأجدر أن يبادر إلى ما فاته من ذكر ربه لا أن يعيد انشغاله بها.

رابعاً:
إنما ضرب سوقها لأجل أن لا تفر كما قال بعض المفسرين.
أو لأن هذا عادة عندهم عند ذبح الخيل.
أو إمعاناً في تنفيذ ما هم به بكل حزم حتى لا يتردد.
أو غير ذلك.

خامساً:
ليس دائماً يعرض القرآن المشاهد المليئة بالرحمة.
فالقرآن كتاب هداية.
فقد يعرض مشهد الحزم والحسم والمفاصلة (وَقَالَ نُوحٌ رَبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا)
وقد يعرض بيع النفس لله (إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ)
وقد يعرض مشهد الابتلاء (فَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي)
وقد يعرض مشهد قطع العلائق في طريق السير إلى الله (فَقَالَ إِنِّي أَحْبَبْتُ حُبَّ الْخَيْرِ عَنْ ذِكْرِ رَبِّي حَتَّى تَوَارَتْ بِالْحِجَابِ رُدُّوهَا عَلَيَّ فَطَفِقَ مَسْحًا بِالسُّوقِ وَالْأَعْنَاقِ)
وغير ذلك من المشاهد الكثيرة.
 
الصافنات: جمع صافن، والصافن من الخيل: الذي يقف على ثلاثة أرجل ويرفع الرابعة فيقف على مقدم حافرها.

والجياد: جمع جواد، وهو الفرس السريع العدو، الجيد الركض، سواء أكان ذكرا أم أنثى، يقال: جاد الفرس يجود جودة فهو جواد، إذا كان سريع الجري، فاره المظهر..

ظاهر الايه ان هذه الخيول ليسة خيول عادية

اسالك سؤال اتمنى ان تتامل فيه وتجاوب

اليس من الحكمة (والانبياء احكم الناس) اهداء هذه الخيول (الغير عادية) للفقراء بدلا من ذبحها وتوزيع لحمها
اذا قلت ان سليمان اراد ان يظهر مدى حبه لله بان ارخص هذه الخيول في سبيله

ايهما افضل واكثر قربة لله
اهداء هذه الخيول الى الفقراء لكي ينتفعوا باثمانها
ام ذبحها وتوزيح لحمها على الفقراء

اذا قلت ان في زمن سليمان لم يكن هناك فقراء ولا تفرق معهم اكل لحوم الخيول الاصيلة او الهجينة
فعليك بالاتيان بالدليل
هل خلى الفقراء في زمن سليمان بحيث لايجد احد يهديه هذه الخيول لكي ينتفع بها وياتي بدل الخيل الواحدة كذا راس من الخراف وهي انفع واجود لحما

لقد اسمع الله سليمان النمله لكي يتلافاهم رحمة بهم
وايضا لكي يظهر الله لسليمان آية من آياته
ولو تدبرنا اكثر سنجد حكم اكثر واكثر
فالله عز وجل حكمه لاتعد

لاكن كما قلت لك
تدبر في معنى الاية ستجد ان الله اسمع سليمان النملة لكي يتلافاهم رحمة بهم
تاويل سائغ جدا

حصر الحكمة باسماع الله سليمان للنمله فقط لكي يشكره فيه اجحاف وحصر لحكم الله عز وجل وحصر لمعنى الاية

اوزعني ان اشكر نعمتك
كلمة نعمتك شاملة لكل النعم اللتي انعمها الله على سليمان وعلى والديه

كما في قولة تعالى
ووصينا الانسان بوالديه احسانا حملته امه كرها ووضعته كرها وحمله وفصاله ثلاثون شهرا حتى اذا بلغ اشده وبلغ اربعين سنة قال رب اوزعني ان اشكر نعمتك

واللذي حفظ النمل من التحطيم هو قول النملة فيه تكلف ولا دليل عليه
لست خبيرا في سلوك النمل لاكن نلاحظ ان من طبعة الانتشار
تجد النمل بكل مكان ولاتعرف اين مساكنهم
هل تتخيل ان هذه النمله نجحت فعلا بانقاذ كل النمل!

هل تتخيل ان سليمان لم يامر جنوده بالحذر من دهس النمل

لا يا اخي العزيز لقد اسمع الله سليمان النملة رحمة بالنمل
النمل مخلوق فريد اخي العزيز
وقد انزل الله سورة باسمهم

لايوجد دليل في الايه على ان المسح هنا بمعنى العقر
الكلمة على ظاهرها مسحا اي .... مسحا !

ما المانع ان سليمان قال جملته
ردوها علي فطفق مسحا بالسوق والاعناق
بعد ان ادى مافاته من الذكر

اعتقد ذكر هذه النقاط كافية ان شاء الله
والله تعالى اعلم
 
عودة
أعلى