النوال... (108) (أَوَلَمْ تَأْتِهِمْ بَيِّنَةُ مَا فِي الصُّحُفِ الْأُولَى)

إنضم
15/04/2018
المشاركات
322
مستوى التفاعل
13
النقاط
18
الإقامة
السعودية
"النوال في تحرير ما للمفسرين من أقوال" (108)

اكتب في (قوقل) (النوال. وأول الآية) التي تريد معرفة ملخص آراء المفسرين فيها.

قال الرازي رحمه الله في من يفهم آيات القرآن على الآراء الضعيفة: "أقول حقاً: إن الذين يتبعون أمثال ذلك قد حرموا الوقوف على معاني كلام الله تعالى حرماناً عظيماً".

الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد.
قال الله تعالى في سورة "طه": (وَقَالُوا لَوْلَا يَأْتِينَا بِآيَةٍ مِنْ رَبِّهِ أَوَلَمْ تَأْتِهِمْ بَيِّنَةُ مَا فِي الصُّحُفِ الْأُولَى)

القول الأقرب في المراد بقوله: (بَيِّنَةُ مَا فِي الصُّحُفِ الْأُولَى) البينة التي في الصحف الأولى كالتوراة والإنجيل, وهي البشارة بمحمد, وهذا بينة وآية وشاهد على صدقه.

والآن إلى ذكر أقوال المفسرين في الآية.
اختلف المفسرون في المراد بقوله: (أَوَلَمْ تَأْتِهِمْ بَيِّنَةُ مَا فِي الصُّحُفِ الْأُولَى) على قولين:

القول الأول: أن المراد ببينة ما في الصحف الأولى البينة التي في الصحف الأولى كالتوراة والإنجيل, والتي هي البشارة بمحمد وهذا بينة على صدقه, فهي أعظم شاهد وأكبر آية له. (اقتصر عليه ابن عطية*) (وذكره الرازي*, والقرطبي*, وابن عاشور*)

وهو القول الأقرب.
فهو مثل قوله تعالى: (أَوَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ آيَةً أَنْ يَعْلَمَهُ عُلَمَاءُ بَنِي إِسْرَائِيلَ)
وقوله تعالى: (قُلْ كَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ) على القول الراجح في المراد بالآية كما سبق في سورة الرعد أنهم علماء اليهود والنصارى, لأنهم يجدون في كتبهم ذكر النبي صلى الله عليه وسلم.

القول الثاني: أن المراد ببينة ما في الصحف الأولى القرآن.
واختلف القائلون بأنه القرآن في المراد بالآية على ثلاثة أقوال:

القول الأول: أن المراد ببينة ما في الصحف الأولى بيان ما في الكتب السابقة من ذكر أنباء الأمم حين اقترحوا الآيات، فلما أتتهم لم يؤمنوا بها، فعجل لهم العذاب.

والمعنى أو لم يأتهم بيان ما في تلك الكتب من أهلاك القوم فماذا يؤمنهم إن أتتهم الآية أن يكون حالهم حال أولئك. (اقتصر عليه ابن جرير*) (وذكره البغوي*, والرازي*, والقرطبي*)

وقد أضاف الرازي قوله: "وإنما أتاهم هذا البيان في القرآن، فلهذا وصف القرآن بكونه: {بَيِّنَةُ مَا فِي الصُّحُفِ الاولَى}.
ولم يذكر هذا الباقون لكن يبدو أن هذا هو مرادهم, والله أعلم.

القول الثاني: أن المراد أن القرآن بينة وبرهان على ما في سائر الكتب المنزلة ودليل على صحتها. (ذكره البغوي*) (واقتصر عليه الزمخشري*, والشنقيطي* ورجحه)

القول الثالث: أن المراد أن القرآن بَيَّن ما في الصحف الأولى ووافقها ولم يخالفها مع أن النبي صلى الله عليه وسلم أمي لم يتعلم, فهذا يدل على صدقه. (اقتصر عليه الماتريدي*, وابن كثير*, وصاحب الظلال*) (وذكره الرازي*, والقرطبي*) (أما ابن عاشور* فقد دمج بين هذا القول وبين القول الأول الذي ذكرت أنه أقرب الأقوال)

وإذا قيل بالرأي الثاني وهو أن المراد بالبينة القرآن فهذا الرأي الثالث أقوى الأقوال الثلاثة في بيان المراد والله تعالى أعلم.
فالمعنى على هذا الرأي الثالث أنه قد جاءهم ما يدل على صدق محمد بمجيئ هذا القرآن موافقاً لما في الكتب السابقة, فهو مبين لما في تلك الكتب موافق لها.

(فعلى هذا القول يكون المعنى أن ما في القرآن من البيان لما في تلك الكتب دليل على صحة القرآن, وعلى القول الذي قبله يكون ما في القرآن من البيان لما في تلك الكتب دليل على صحتها). (وفرق بين القولين)
والله تعالى أعلم.

للاطلاع على مقدمة سلسلة (النوال)
انظر هنا

https://majles.alukah.net/t188624/
 
عودة
أعلى