صالح بن سليمان الراجحي
Member
"النوال في تحرير ما للمفسرين من أقوال" (107)
اكتب في (قوقل) (النوال. وأول الآية) التي تريد معرفة ملخص آراء المفسرين فيها.
قال الرازي رحمه الله في من يفهم آيات القرآن على الآراء الضعيفة: "أقول حقاً: إن الذين يتبعون أمثال ذلك قد حرموا الوقوف على معاني كلام الله تعالى حرماناً عظيماً".
الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد.
قال الله تعالى في آخر سورة "سبأ": (وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَا يَشْتَهُونَ)
القول الراجح أن المراد حيل بينهم وبين الإيمان.
والآن إلى ذكر أقوال المفسرين في الآية.
القول الأول: أن المراد حيل بينهم وبين الإيمان.
ومثله قول من يقول: حيل بينهم وبين الرجوع إلى الدنيا ليتوبوا. (رجحه ابن جرير*) (واقتصر عليه ابن عاشور*, وصاحب الظلال*)
وهذا هو القول الراجح.
فهم حين يعاينون ويكشف الغطاء يتمنون الإيمان كما قال تعالى: (حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ).
ويؤيد هذا سياق الآيات:
قال تعالى: (وَلَوْ تَرَى إِذْ فَزِعُوا فَلَا فَوْتَ وَأُخِذُوا مِنْ مَكَانٍ قَرِيبٍ وَقَالُوا آمَنَّا بِهِ وَأَنَّى لَهُمُ التَّنَاوُشُ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ وَقَدْ كَفَرُوا بِهِ مِنْ قَبْلُ وَيَقْذِفُونَ بِالْغَيْبِ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَا يَشْتَهُونَ كَمَا فُعِلَ بِأَشْيَاعِهِمْ مِنْ قَبْلُ إِنَّهُمْ كَانُوا فِي شَكٍّ مُرِيبٍ)
القول الثاني: أن المراد وحيل بينهم وبين ما يشتهون من المال والولد وزهرة الدنيا وشهواتها.
(ذكر القولين الماتريدي*, والبغوي*, والزمخشري*, وابن عطية*, والرازي*, والقرطبي*, وابن كثير*)
قال ابن كثير: "والصحيح أنه لا منافاة بين القولين, فإنه قد حيل بينهم وبين شهواتهم في الدنيا وبين ما طلبوه في الآخرة فمنعوا منه".
قال صاحب الظلال: "«وَقالُوا: آمَنَّا بِهِ» .. الآن بعد فوات الأوان.. «وَأَنَّى لَهُمُ التَّناوُشُ مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ؟» وكيف يتناولون الإيمان من مكانهم هذا. ومكان الإيمان بعيد عنهم فقد كان ذلك في الدنيا، فضيعوه! «وَقَدْ كَفَرُوا بِهِ مِنْ قَبْلُ» .. فانتهى الأمر، ولم يعد لهم أن يحاولوه اليوم! «وَيَقْذِفُونَ بِالْغَيْبِ مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ» .. ذلك حين أنكروا هذا اليوم، وهو غيب كان، فلم يكن لهم على إنكاره من دليل، إنما كانوا يقذفون بالغيب من مكان بعيد. واليوم يحاولون تناول الإيمان به من مكان كذلك بعيد! «وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ ما يَشْتَهُونَ» .. من الإيمان في غير موعده، والإفلات من العذاب الذي يشهدونه، والنجاة من الخطر الذي يواجهونه"
والله تعالى أعلم.
للاطلاع على مقدمة سلسلة (النوال)
انظر هنا
https://majles.alukah.net/t188624/
اكتب في (قوقل) (النوال. وأول الآية) التي تريد معرفة ملخص آراء المفسرين فيها.
قال الرازي رحمه الله في من يفهم آيات القرآن على الآراء الضعيفة: "أقول حقاً: إن الذين يتبعون أمثال ذلك قد حرموا الوقوف على معاني كلام الله تعالى حرماناً عظيماً".
الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد.
قال الله تعالى في آخر سورة "سبأ": (وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَا يَشْتَهُونَ)
القول الراجح أن المراد حيل بينهم وبين الإيمان.
والآن إلى ذكر أقوال المفسرين في الآية.
القول الأول: أن المراد حيل بينهم وبين الإيمان.
ومثله قول من يقول: حيل بينهم وبين الرجوع إلى الدنيا ليتوبوا. (رجحه ابن جرير*) (واقتصر عليه ابن عاشور*, وصاحب الظلال*)
وهذا هو القول الراجح.
فهم حين يعاينون ويكشف الغطاء يتمنون الإيمان كما قال تعالى: (حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ).
ويؤيد هذا سياق الآيات:
قال تعالى: (وَلَوْ تَرَى إِذْ فَزِعُوا فَلَا فَوْتَ وَأُخِذُوا مِنْ مَكَانٍ قَرِيبٍ وَقَالُوا آمَنَّا بِهِ وَأَنَّى لَهُمُ التَّنَاوُشُ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ وَقَدْ كَفَرُوا بِهِ مِنْ قَبْلُ وَيَقْذِفُونَ بِالْغَيْبِ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَا يَشْتَهُونَ كَمَا فُعِلَ بِأَشْيَاعِهِمْ مِنْ قَبْلُ إِنَّهُمْ كَانُوا فِي شَكٍّ مُرِيبٍ)
القول الثاني: أن المراد وحيل بينهم وبين ما يشتهون من المال والولد وزهرة الدنيا وشهواتها.
(ذكر القولين الماتريدي*, والبغوي*, والزمخشري*, وابن عطية*, والرازي*, والقرطبي*, وابن كثير*)
قال ابن كثير: "والصحيح أنه لا منافاة بين القولين, فإنه قد حيل بينهم وبين شهواتهم في الدنيا وبين ما طلبوه في الآخرة فمنعوا منه".
قال صاحب الظلال: "«وَقالُوا: آمَنَّا بِهِ» .. الآن بعد فوات الأوان.. «وَأَنَّى لَهُمُ التَّناوُشُ مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ؟» وكيف يتناولون الإيمان من مكانهم هذا. ومكان الإيمان بعيد عنهم فقد كان ذلك في الدنيا، فضيعوه! «وَقَدْ كَفَرُوا بِهِ مِنْ قَبْلُ» .. فانتهى الأمر، ولم يعد لهم أن يحاولوه اليوم! «وَيَقْذِفُونَ بِالْغَيْبِ مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ» .. ذلك حين أنكروا هذا اليوم، وهو غيب كان، فلم يكن لهم على إنكاره من دليل، إنما كانوا يقذفون بالغيب من مكان بعيد. واليوم يحاولون تناول الإيمان به من مكان كذلك بعيد! «وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ ما يَشْتَهُونَ» .. من الإيمان في غير موعده، والإفلات من العذاب الذي يشهدونه، والنجاة من الخطر الذي يواجهونه"
والله تعالى أعلم.
للاطلاع على مقدمة سلسلة (النوال)
انظر هنا
https://majles.alukah.net/t188624/