صالح بن سليمان الراجحي
Member
"النوال في تحرير ما للمفسرين من أقوال" (102)
اكتب في (قوقل) (النوال. وأول الآية) التي تريد معرفة ملخص آراء المفسرين فيها.
قال الرازي رحمه الله في من يفهم آيات القرآن على الآراء الضعيفة: "أقول حقاً: إن الذين يتبعون أمثال ذلك قد حرموا الوقوف على معاني كلام الله تعالى حرماناً عظيماً".
الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد.
قال الله تعالى في سورة "الأنبياء": (كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ)
القول الراجح في الآية أن المراد كما بدأنا الخلق أولاً من العدم نقدر على الإعادة فنعيدهم كما بدأناهم.
والآن إلى ذكر أقوال المفسرين في الآية.
اختلف المفسرون في المراد بهذه الآية على ثلاثة أقوال:
الأول: أن المراد كما بدأنا الخلق أولاً من العدم نقدر على الإعادة فنعيدهم كما بدأناهم. (اقتصر على هذا القول الزمخشري*, والرازي*) (وذكره الماتريدي*, وابن عطية*, وابن كثير*)
وهذا القول هو الراجح في معنى الآية.
قال الزمخشري: "والمعنى: نعيد أول الخلق كما بدأناه، تشبيهاً للإعادة بالإبداء في تناول القدرة لهما على السواء، فإن قلت: وما أول الخلق حتى يعيده كما بدأه؟ قلت: أوله إيجاده عن العدم، فكما أوجده أولاً عن عدم، يعيده ثانياً عن عدم"
قال الزمخشري: "فإن قلت: ما بال خَلْقٍ منكراً؟
قلت: هو كقولك: هو أول رجل جاءني، تريد أول الرجال، ولكنك وحدته ونكرته إرادة تفصيلهم رجلاً رجلاً، فكذلك معنى أَوَّلَ خَلْقٍ: أول الخلق، بمعنى: أول الخلائق، لأن الخلق مصدر لا يجمع".
القول الثاني: كما كنا ولا شيء غيرنا قبل أن نخلق شيئاً، كذلك نهلك الأشياء فنعيدها فانية، حتى لا يكون شيء سوانا. (ذكره ابن جرير*, والقرطبي*, وابن كثير*)
قال القرطبي: "قال ابن عباس: المعنى نهلك كل شيء ونفنيه كما كان أول مرة، وعلى هذا فالكلام متصل بقوله: (يوم نطوي السماء) أي: نطويها فنعيدها إلى الهلاك والفناء فلا تكون شيئاً".
القول الثالث: أن المراد كما بدأنا خلقهم حفاة عراة غرلاً نعيدهم هكذا يوم القيامة. (رجحه ابن جرير*, والقرطبي*) (ومال إليه ابن عطية*) (واقتصر عليه البغوي*) (وذكره الماتريدي*)
ورجح بعضهم كابن جرير وابن عطية هذا القول بما ثبت عن ابن عباس قال: قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم خطيباً بموعظة فقال: (يا أيها الناس إنكم تحشرون إلى الله حفاة عراة غرلاً (كما بدأنا أول خلق نعيده وعداً علينا إنا كنا فاعلين)
قلت: لكن قد يكون استدلال النبي صلى الله عليه وسلم بالآية على البعث والحشر لا على صفاتهم حين يحشرون, والله أعلم.
(وجمع ابن عاشور*) بين القولين الأول والثالث.
حيث قال: "وظاهر ما أفاده الكاف من التشبيه في قوله تعالى: (كما بدأنا أول خلق نعيده) أن إعادة خلق الأجسام شبهت بابتداء خلقها. ووجه الشبه هو إمكان كليهما والقدرة عليهما وهو الذي سيق له الكلام".
ثم ذكر قول النبي: (إنكم تحشرون إلى الله حفاة عراة غرلاً ) (كما بدأنا أول خلق نعيده) وقال: فهذا تفسير لبعض ما أفاده التشبيه وهو من طريق الوحي واللفظ لا يأباه فيجب أن يعتبر معنى للكاف مع المعنى الذي دلت عليه بظاهر السياق".
والله تعالى أعلم.
للاطلاع على مقدمة سلسلة (النوال)
انظر هنا
https://majles.alukah.net/t188624/
اكتب في (قوقل) (النوال. وأول الآية) التي تريد معرفة ملخص آراء المفسرين فيها.
قال الرازي رحمه الله في من يفهم آيات القرآن على الآراء الضعيفة: "أقول حقاً: إن الذين يتبعون أمثال ذلك قد حرموا الوقوف على معاني كلام الله تعالى حرماناً عظيماً".
الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد.
قال الله تعالى في سورة "الأنبياء": (كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ)
القول الراجح في الآية أن المراد كما بدأنا الخلق أولاً من العدم نقدر على الإعادة فنعيدهم كما بدأناهم.
والآن إلى ذكر أقوال المفسرين في الآية.
اختلف المفسرون في المراد بهذه الآية على ثلاثة أقوال:
الأول: أن المراد كما بدأنا الخلق أولاً من العدم نقدر على الإعادة فنعيدهم كما بدأناهم. (اقتصر على هذا القول الزمخشري*, والرازي*) (وذكره الماتريدي*, وابن عطية*, وابن كثير*)
وهذا القول هو الراجح في معنى الآية.
قال الزمخشري: "والمعنى: نعيد أول الخلق كما بدأناه، تشبيهاً للإعادة بالإبداء في تناول القدرة لهما على السواء، فإن قلت: وما أول الخلق حتى يعيده كما بدأه؟ قلت: أوله إيجاده عن العدم، فكما أوجده أولاً عن عدم، يعيده ثانياً عن عدم"
قال الزمخشري: "فإن قلت: ما بال خَلْقٍ منكراً؟
قلت: هو كقولك: هو أول رجل جاءني، تريد أول الرجال، ولكنك وحدته ونكرته إرادة تفصيلهم رجلاً رجلاً، فكذلك معنى أَوَّلَ خَلْقٍ: أول الخلق، بمعنى: أول الخلائق، لأن الخلق مصدر لا يجمع".
القول الثاني: كما كنا ولا شيء غيرنا قبل أن نخلق شيئاً، كذلك نهلك الأشياء فنعيدها فانية، حتى لا يكون شيء سوانا. (ذكره ابن جرير*, والقرطبي*, وابن كثير*)
قال القرطبي: "قال ابن عباس: المعنى نهلك كل شيء ونفنيه كما كان أول مرة، وعلى هذا فالكلام متصل بقوله: (يوم نطوي السماء) أي: نطويها فنعيدها إلى الهلاك والفناء فلا تكون شيئاً".
القول الثالث: أن المراد كما بدأنا خلقهم حفاة عراة غرلاً نعيدهم هكذا يوم القيامة. (رجحه ابن جرير*, والقرطبي*) (ومال إليه ابن عطية*) (واقتصر عليه البغوي*) (وذكره الماتريدي*)
ورجح بعضهم كابن جرير وابن عطية هذا القول بما ثبت عن ابن عباس قال: قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم خطيباً بموعظة فقال: (يا أيها الناس إنكم تحشرون إلى الله حفاة عراة غرلاً (كما بدأنا أول خلق نعيده وعداً علينا إنا كنا فاعلين)
قلت: لكن قد يكون استدلال النبي صلى الله عليه وسلم بالآية على البعث والحشر لا على صفاتهم حين يحشرون, والله أعلم.
(وجمع ابن عاشور*) بين القولين الأول والثالث.
حيث قال: "وظاهر ما أفاده الكاف من التشبيه في قوله تعالى: (كما بدأنا أول خلق نعيده) أن إعادة خلق الأجسام شبهت بابتداء خلقها. ووجه الشبه هو إمكان كليهما والقدرة عليهما وهو الذي سيق له الكلام".
ثم ذكر قول النبي: (إنكم تحشرون إلى الله حفاة عراة غرلاً ) (كما بدأنا أول خلق نعيده) وقال: فهذا تفسير لبعض ما أفاده التشبيه وهو من طريق الوحي واللفظ لا يأباه فيجب أن يعتبر معنى للكاف مع المعنى الذي دلت عليه بظاهر السياق".
والله تعالى أعلم.
للاطلاع على مقدمة سلسلة (النوال)
انظر هنا
https://majles.alukah.net/t188624/