صالح بن سليمان الراجحي
Member
"النوال في تحرير ما للمفسرين من أقوال" (101)
اكتب في (قوقل) (النوال. وأول الآية) التي تريد معرفة ملخص آراء المفسرين فيها.
قال الرازي رحمه الله في من يفهم آيات القرآن على الآراء الضعيفة: "أقول حقاً: إن الذين يتبعون أمثال ذلك قد حرموا الوقوف على معاني كلام الله تعالى حرماناً عظيماً".
الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد.
قال الله تعالى في سورة "النحل": (وَعَلَى الله قَصْدُ السَّبِيلِ وَمِنْهَا جَائِرٌ وَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ)
السبيل: الطريق.
وقصد السبيل: هو الطريق المستقيم القاصد، الذي لا اعوجاج فيه.
وقوله: (وَمِنْهَا جَائِرٌ) يعني: ومن السبيل جائر مائل عن الاستقامة معوج.
وكأن الأقرب في المراد بقوله: (وَعَلَى الله قَصْدُ السَّبِيلِ) أي: هي موصلة إلى الله، ليست حائدة ولا جائرة عن الوصول إليه وإلى مرضاته.
ومن الطريق جائر لا يصل إلى الله، بل هو زائغ وحائد عن الوصول إليه والعلم عند الله تعالى.
والآن إلى ذكر أقوال المفسرين في الآية.
اختلف المفسرون في قوله تعالى: (وَعَلَى الله قَصْدُ السَّبِيلِ) على قولين:
القول الاول: أن المراد على الله بيان الطريق المستقيم فهو كقوله: (إن علينا للهدى) (اقتصر على هذا القول ابن جرير*, والبغوي*, والزمخشري*, والرازي*, وابن عاشور*, وصاحب الظلال*) (وذكره الماتريدي*, والقرطبي*)
قال الرازي: "ففي الآية حذف، والتقدير: وعلى الله بيان قصد السبيل".
القول الثاني: أن المراد بقوله: (وَعَلَى الله قَصْدُ السَّبِيلِ) أي: هي موصلة إلى الله، ليست حائدة ولا جائرة عن الوصول إليه وإلى مرضاته.
ومن الطريق جائر لا يصل إلى الله، بل هو زائغ وحائد عن الوصول إليه. (رجحه ابن كثير*, والشنقيطي*) (وذكر القولين ابن عطية*)
وكأن هذا القول أقرب والعلم عند الله تعالى.
قال ابن عطية: "يحتمل أن يكون المعنى أن مسلك السبيل القاصد فعلى الله ورحمته وتنعيمه طريقه وإلى ذلك مصيره، فيكون هذا مثل قوله تعالى: (هذا صراط علي مستقيم)
قال ابن كثير: "لما ذكر تعالى من الحيوانات ما يسار عليه في السبل الحسية نبه على الطرق المعنوية الدينية، وكثيراً ما يقع في القرآن العبور من الأمور الحسية إلى الأمور المعنوية النافعة الدينية، كما قال تعالى: {وتزودوا فإن خير الزاد التقوى}، وقال: {يا بني آدم قد أنزلنا عليكم لباساً يواري سوآتكم وريشا ولباس التقوى ذلك خير}.
ولما ذكر في هذه السورة الحيوانات من الأنعام وغيرها، التي يركبونها ويبلغون عليها حاجة في صدورهم، وتحمل أثقالهم إلى البلاد والأماكن البعيدة والأسفار الشاقة شرع في ذكر الطرق التي يسلكها الناس إليه، فبين أن الحق منها ما هي موصلة إليه، فقال: {وعلى الله قصد السبيل} كما قال: {وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله}، وقال: {هذا صراط علي مستقيم}.
قال مجاهد: {وعلى الله قصد السبيل} قال: طريق الحق على الله.
وقول مجاهد هاهنا أقوى من حيث السياق, لأنه تعالى أخبر أن ثم طرقاً تسلك إليه، فليس يصل إليه منها إلا طريق الحق، وهي الطريق التي شرعها ورضيها وما عداها مسدودة، والأعمال فيها مردودة، ولهذا قال تعالى: {ومنها جائر} أي: حائد مائل زائغ عن الحق".
والله تعالى أعلم.
للاطلاع على مقدمة سلسلة (النوال)
انظر هنا
https://majles.alukah.net/t188624/
اكتب في (قوقل) (النوال. وأول الآية) التي تريد معرفة ملخص آراء المفسرين فيها.
قال الرازي رحمه الله في من يفهم آيات القرآن على الآراء الضعيفة: "أقول حقاً: إن الذين يتبعون أمثال ذلك قد حرموا الوقوف على معاني كلام الله تعالى حرماناً عظيماً".
الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد.
قال الله تعالى في سورة "النحل": (وَعَلَى الله قَصْدُ السَّبِيلِ وَمِنْهَا جَائِرٌ وَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ)
السبيل: الطريق.
وقصد السبيل: هو الطريق المستقيم القاصد، الذي لا اعوجاج فيه.
وقوله: (وَمِنْهَا جَائِرٌ) يعني: ومن السبيل جائر مائل عن الاستقامة معوج.
وكأن الأقرب في المراد بقوله: (وَعَلَى الله قَصْدُ السَّبِيلِ) أي: هي موصلة إلى الله، ليست حائدة ولا جائرة عن الوصول إليه وإلى مرضاته.
ومن الطريق جائر لا يصل إلى الله، بل هو زائغ وحائد عن الوصول إليه والعلم عند الله تعالى.
والآن إلى ذكر أقوال المفسرين في الآية.
اختلف المفسرون في قوله تعالى: (وَعَلَى الله قَصْدُ السَّبِيلِ) على قولين:
القول الاول: أن المراد على الله بيان الطريق المستقيم فهو كقوله: (إن علينا للهدى) (اقتصر على هذا القول ابن جرير*, والبغوي*, والزمخشري*, والرازي*, وابن عاشور*, وصاحب الظلال*) (وذكره الماتريدي*, والقرطبي*)
قال الرازي: "ففي الآية حذف، والتقدير: وعلى الله بيان قصد السبيل".
القول الثاني: أن المراد بقوله: (وَعَلَى الله قَصْدُ السَّبِيلِ) أي: هي موصلة إلى الله، ليست حائدة ولا جائرة عن الوصول إليه وإلى مرضاته.
ومن الطريق جائر لا يصل إلى الله، بل هو زائغ وحائد عن الوصول إليه. (رجحه ابن كثير*, والشنقيطي*) (وذكر القولين ابن عطية*)
وكأن هذا القول أقرب والعلم عند الله تعالى.
قال ابن عطية: "يحتمل أن يكون المعنى أن مسلك السبيل القاصد فعلى الله ورحمته وتنعيمه طريقه وإلى ذلك مصيره، فيكون هذا مثل قوله تعالى: (هذا صراط علي مستقيم)
قال ابن كثير: "لما ذكر تعالى من الحيوانات ما يسار عليه في السبل الحسية نبه على الطرق المعنوية الدينية، وكثيراً ما يقع في القرآن العبور من الأمور الحسية إلى الأمور المعنوية النافعة الدينية، كما قال تعالى: {وتزودوا فإن خير الزاد التقوى}، وقال: {يا بني آدم قد أنزلنا عليكم لباساً يواري سوآتكم وريشا ولباس التقوى ذلك خير}.
ولما ذكر في هذه السورة الحيوانات من الأنعام وغيرها، التي يركبونها ويبلغون عليها حاجة في صدورهم، وتحمل أثقالهم إلى البلاد والأماكن البعيدة والأسفار الشاقة شرع في ذكر الطرق التي يسلكها الناس إليه، فبين أن الحق منها ما هي موصلة إليه، فقال: {وعلى الله قصد السبيل} كما قال: {وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله}، وقال: {هذا صراط علي مستقيم}.
قال مجاهد: {وعلى الله قصد السبيل} قال: طريق الحق على الله.
وقول مجاهد هاهنا أقوى من حيث السياق, لأنه تعالى أخبر أن ثم طرقاً تسلك إليه، فليس يصل إليه منها إلا طريق الحق، وهي الطريق التي شرعها ورضيها وما عداها مسدودة، والأعمال فيها مردودة، ولهذا قال تعالى: {ومنها جائر} أي: حائد مائل زائغ عن الحق".
والله تعالى أعلم.
للاطلاع على مقدمة سلسلة (النوال)
انظر هنا
https://majles.alukah.net/t188624/