بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خاتم الانبياء والمرسلين وعلى آله
النظم القرآني :( وهو تعبير واصطلاح يقصد به طريقة ترتيب آيات القرآن الكريم وتناسب آياته وسوره ، وأسرار إعجازه في نظمه وتركيبه ) معجم مصطلحات علوم القرآن - إعداد الاستاذ الدكتور محمد بن عبد الرحمن الشايع - ص 149 .
دلالة السياق :( هي مراعاة سابق الكلام ولاحقه في فهم معنى الآية ) نفس المصدر- ص 88 .
الاستاذ الكريم مخلد نلاحظ من التعريفين اعلاه أن النظم أعم من دلالة السياق لانه شامل لكل القرآن اما دلالة السياق فهي لا تعم القرآن كله والله تعالى اعلم .
بارك الله فيك :
أليس السياق القرآني هو دلالات النظم القرآني ؟
و كذلك السياق القرآني نوعان سياق المقال، و هو سابق الكلام و لاحقه ، و سياق المقام ، وهو حال المتكلِّم و المخاطَّب و الظروف التي رافقت الكلام ، و ما نسميه أسباب النزول .
أليس هذا يعني أن السياق القرآني أعمُّ من النظم القرآني ؟
اولا، تحديد العلاقة بتلك الطريقة يتوقف على التعريف، والذي به سنكتشف نقطة التداخل، فان وجد هذا التداخل، ننتقل الى تحليل مواد التعريفين من خلال ربطها بشبكة التداخل لنصل الى حكم على العلاقة من حيث العموم والخصوص وغير ذلك مما يميز به ..
ثالثا، ماذا يريد الامام رحمه الله بكلامه هذا ؟
أفهم أن الواو في قوله ( نظم الكلام و سياقه ) واو مغايرة يفيد الجمع وهذا الجمع باسناده الى الاتساق يفيد التداخل. ثم أفهم أن الواو تفيد الترتيب وأن النظم أعم من السياق بدليل التقديم، ودلالة التقديم تفيد هذا لأنه ذكر ( كلام العرب ) أولا فالكلام إذاً أعم من النظم والنظم أعم من السياق .
يقول الاستاذ المثنى عبدالفتاح محمود محمود في رسالته العلمية "السياق القرآني وأثره في الترجيح الدلالي" في الصفحة 17: (والسياق بهذا المفهوم خادم للنظم؛ إذ إن الأخير قد اختص بايضاح الوجوه البيانية ومدى تناسب المعاني مع الفاظها، إذ لا يتضح المعنى ويبين وجهه حتى يتم استجلاء السياق من حيث دلالته المعنوية بسباقه ولحاقه، ومن ثم يتضح الوجه المبحوث عنه من ناحية النظم؛ لأن ذلك أدعى لتلمس الحقيقة والكشف عن وجه حسنها ).
جزاك الله خيرا
عندما أُريد دراسة ( مصطلح الجهاد في السياق القرآني ) أم ( مصطلح الجهاد في النظم القرآني ) ؟
هل النظم القرآني هو ترتيب الألفاظ تقديما أو تأخيرا ... فقط ؟ أم أن هذه الألفاظ نُظِمتْ و رُتِبتْ وفق مراد الله -جل جلاله - فتكون نظم الألفاظ تابعا للمعاني التي قصدها المتكلِّم ؟
كيف يكون السياق خادما للنظم القرآني ، هل هما شيئان منفصلانِ ؟ مختلفانِ ؟ أم هما متلازمانِ ، لا ينفصلانِ ؟
و شكرا لكم على مشاركة هذا النقاش لإثراء الموضوع ، و جزاكم الله خيرا .
السياق خادم للنظم، مثال:
هل يمكن ان تتكلم في {وأسروه بضاعة} يوسف/19، من الناحية النظمية بمعزل عن السياق؟
لنقرأ عبدالفتاح محمود مجددا : (والسياق بهذا المفهوم خادم للنظم؛ إذ إن الأخير قد اختص بايضاح الوجوه البيانية ومدى تناسب المعاني مع الفاظها، إذ لا يتضح المعنى ويبين وجهه حتى يتم استجلاء السياق من حيث دلالته المعنوية بسباقه ولحاقه، ومن ثم يتضح الوجه المبحوث عنه من ناحية النظم؛ لأن ذلك أدعى لتلمس الحقيقة والكشف عن وجه حسنها ).
الان ( و-أسر-و-ه-بضاعة ) : استئناف وفعل وفاعل ومفعول وحال، فمن الفاعل؟ اختلف فيها أهل التفسير، اي يجب معرفة المعنى اولا ثم البحث في مدى تناسب هذا المعنى مع لفظه.
ويمكن القول بان السياق وجه المعنى لـكـن السياق انواع، فعن اي سياق نتحدث؟
بل يمكن الاستعانة بالسياق للدفاع عن كل الآراء التفسيرية التي ذكرها الامام الطبري رحمه الله.
بالسياق الخارجي اختار السياق النفسي (فرضية) لأقول: ان الواو في {ارسلوا} كناية عن اخوة يوسف هكذا اذ النفس صاحبة العادة فتستقر باستقرارها، فاذا انحرفت العادة اصابها قلق او خوف او هلع او توجس أو غير ذلك مما يسهم في فهمنا لـ {يا موسى لا تخف} و ( زملوني زملوني ) وغيرها. لكن انا اقرأ {يا بشرى هذا غلام}!!
الا ان تقول ان الله انزل على الوارد سكينة ما جعلته آمنا مطمئنا ويوسف معه كي لا يسقط من الدلو فزعا بردة فعل الوارد وتحتمل تمثيلات كثيرة، لان الخيال هنا لا يضبطه شيء، كما لم يضبطه في قول من قال ( فلما ارسل دلوه في الجب تعلق به يوسف ) لان القائل هذا صاحب خيال واسع جعل من الحدث شيئا عاديا ! !
القصة بالسياق الذي افترضه هنا عما حدث ليوسف بعد القاء اخوته له في الجب، رجعوا الى مكان الحدث ليتأكدوا من مصيره وليتكلموا في الحل بعد ان فشلت حكاية الذئب، فبينما هم كذلك، جاءت سيارة ولما عرف اخوة يوسف ان اصحابها متوجهون الى البئر بحثا عن الماء اتفقوا على خطة فارسلوا واردهم الى الجب ليستخرج يوسف قبل وصول السيارة.
جزاك الله خيرا :
إذاً السياق كما تقول هي المعاني السابقة و اللاحقة للموضع المراد دراسته ، و النظم هي ترتيب الألفاظ و تركيبها .
هل يمكن أن نقول أن النظم القرآني هو ترتيب الألفاظ و تركيبها تقديما و تأخيرا ...فقط مجردة عن المعاني التي أرادها الله - سبحانه - ؟
ما مَيزة كلام البشر ( نظمهم ) عن كلام الله ( النظم القرآني ) إذا كان النظم مجرد ترتيب الألفاظ ؟
إذا كان النظم القرآني هو ترتيب و تركيب الألفاظ للتعبير عن مراد الله - سبحانه - فالنص القرآني نُظِم وفقاً للمعاني. إذاً هل السياق هو المعاني السابقة و اللاحقة ؟
هل السياق القرآني هو ما يتولد عن النظم القرآني من دلالات و معاني ؟
هل نعتبر القرآن الكريم سياقا واحدا ؟ أم لكل سورة سياقها ؟
بارك الله فيكم
ما ذكرتَه أخي مخلد هو جزء من التعريف وليس التعريف كله.
ثم تسأل : ( هل يمكن أن نقول أن النظم القرآني هو ترتيب الألفاظ و تركيبها تقديما و تأخيرا ...فقط مجردة عن المعاني التي أرادها الله - سبحانه - ؟ )
أقول : الكشف البشري عن مراد الله من خطابه للبشر يكون بعلم هو علم التفسير؛ وهذا العلم لا ينفصل بحكم التعريف عن موضوعه وهدفه، واذا تباحثنا في معنى الـكـشـف فاننا لا محالة سنقول ان هذا العلم لا ينفصل عن منطلقاته وأدواته. بناء على هذا يجب أن نتفق على أن فن النظم لا ينفصل عن التفسير، وبالتالي الجواب المنطقي على سؤالك: لا.
بالمثال :
خذ معي قوله تعالى {فأدلى دلوه .. قال يا بشرى هذا غلام}.
من الذي ادلى دلوه وفيم؟ ومن قال هذا؟ وما "الدلو"؟ وما "يا بشرى"؟ ولماذا عبر بغلام؟ هذه اسئلة تفسيرية بيانية يُبحث فيها بالسياق والنحو والمعاني والبلاغة والقراءات والروايات..
يطرق النظم باب البيان واذا فتحه له سأله: ما خطبك؟
البيان: الذي ادلى دلوه هو الوارد الذي يرد المنهل والمنزل، وهو الذي أرسل دلوه في البئر، ويقال ( أدليت الدلو في البئر ) إذا أرسلتها فيه، فإذا استقيت فيها قلت ( دلوْتُ أدْلُو دلوًا ). في الكلام محذوف، استغنى بدلالة ما ذكر عليه، فترك، وذلك: (فأدلى دلوه)، فتعلق به يُوسف، فخرج، فقال المدلي: (يا بشرى هذا غلام) تبشيرا من المدلي دلوَه أصحابَه، في إصابته يوسف بأنه أصاب عبدا نفيسا.
النظم: شكرا.
يطرق النظم باب النحو واذا فتحه له سأله: وأنت؟
النحو: لو سألت سيدنا البيان عن جواب مفصل لاخبرك عني اذ طرق بابي قبلك لكن لا عليك سيدي النظم فانا خادمكم جميعا . سألتني عن مقالي فهاك: "فـ" حرف عطف، و "أدلى" فعل ماض، والفاعل ضمير مستتر تقديره هو، و "دلو" مفعول به منصوب، و "ـه" مضاف إليه، و "قال" فعل ماض، و "يا" للنداء والتعجب، و "بشرى" منادى نكرة مقصودة مبني على الضم في محل نصب، و "ها" للتنبيه، و "ذا" اسم إشارة مبني في محل رفع مبتدأ، و "غلام" خبر مرفوع.
النظم: شكرا.
استراح النظم بعد تلقي المعلومات من البيان والنحو ليعالجها، تذكرها فكتبها على ورق، ثم وضع سطرا تحت قول البيان ( وفي الكلام محذوف ) ليسأل: ( لماذا حذفت ؟ )، ثم وضع سطرا آخر تحت قول النحو ( نكرة ) ليسأل: ( لماذا التنكير ؟ )، ثم فكر في قولهما مجددا فرأى أن مقولة النحو خالية من ذكر التوكيد .. اذا: ( لماذا ؟ ).
هنا تأتي اشكالية تعريفية اخرى: ما الفرق بين النظم والبلاغة؟ اليست تلك الاسئلة اسئلة بلاغية؟
هي كذلك نفس الأسئلة لكن يطرحها النظم من جهة وتطرحها البلاغة من جهة اخرى، والجهة الثالثة مشتركة متشابهة، لعلها السبب الذي يجعلنا نتوهم الاتحاد بين البلاغة والنظم. هذه الجهة الثالثة موجودة بين (أ) و (ب): بين البلاغة والمعاني، بين النحو والنظم، بين البلاغة والفصاحة، بين الفصاحة والبيان، بين البلاغة والبراعة، بين النظم والاسلوب ..
هذه اشكالية رياضية حلها حصر ما ينتمي إلى (أ) ثم ما ينتمي إلى (ب)، وتبقى أشياء أخرى ستشكل مجموعة اخرى وهذه المجموعة عن تقاطع بين أ وب، أو اتحاد، او فرق متماثل الى آخره.
هنا يجب تتبع هذه الفنون في الممارسة والآراء قبل تقعيدها علميا في اطار ثم آراء أهل هذا الفن بعد وضعه:
ممارسات-اجتهادات ..... الجرجاني ..... بحث-نقد-اضافة
ولهذا قلت في اول رد: المسألة كلها متوقفة على الحد.