تم تعطيل الجافا سكربت. للحصول على تجربة أفضل، الرجاء تمكين الجافا سكربت في المتصفح الخاص بك قبل المتابعة.
أنت تستخدم أحد المتصفحات القديمة. قد لا يتم عرض هذا الموقع أو المواقع الأخرى بشكل صحيح.
يجب عليك ترقية متصفحك أو استخدام
أحد المتصفحات البديلة .
بسم الله الرحمن الرحيم ...............
قال تعالى :{وَلَئِنْ شِئْنَا لَنَذْهَبَن َّ بِالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ ثُمَّ لَا تَجِدُ لَكَ بِهِ عَلَيْنَا وَكِيلًا (86)}
قال القرطبي رحمه الله :
قَوْلُهُ تَعَالَى: ( وَلَئِنْ شِئْنا لَنَذْهَبَنَّ بِالَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ) يَعْنِي الْقُرْآنَ. أَيْ كَمَا قَدَرْنَا عَلَى إِنْزَالِهِ نَقْدِرُ عَلَى إِذْهَابِهِ حَتَّى يَنْسَاهُ الْخَلْقُ. وَيَتَّصِلُ هَذَا بِقَوْلِهِ:" وَما أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا" أَيْ وَلَوْ شِئْتُ أَنْ أَذْهَبَ بِذَلِكَ الْقَلِيلِ لَقَدَرْتُ عَلَيْهِ. (ثُمَّ لَا تَجِدُ لَكَ بِهِ عَلَيْنا وَكِيلًا) أَيْ نَاصِرًا يَرُدُّهُ عَلَيْكَ.
قال في زاد المسير :
قوله تعالى : { وَلَئِنْ شِئْنا لَنَذْهَبَنَّ بِالَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ } قَالَ الزَّجَّاجُ: مَعْنَاهُ لَوْ شِئْنَا لَمَحَوْنَاهُ مِنَ الْقُلُوبِ وَمِنَ الْكُتُبِ حَتَّى لَا يُوجَدَ لَهُ أَثَرٌ، ، { ثُمَّ لَا تَجِدُ لَكَ بِهِ عَلَيْنا وَكِيلًا } أي : لا تجدَ من يتوكل علينا في ردّ شيء منه.
قال في التحرير والتنوير :
وَجَمِيعُ أَخْطَاءِ أَهْلِ الضَّلَالَةِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَالْأَدْيَانِ الْمَاضِيَةِ تَسْرِي إِلَى عُقُولِهِمْ مِنَ النَّظَرِ السَّقِيمِ، وَالْأَقْيِسَةِ الْفَاسِدَةِ، وَتَقْدِيرِ الْحَقَائِقِ الْعَالِيَةِ بِمَقَادِيرَ مُتَعَارَفِهِمْ وَعَوَائِدِهِمْ، وَقِيَاسُ الْغَائِب على الشَّاهِد. وَقَدْ ضَلَّ كَثِيرٌ مِنْ فَرْقِ الْمُسْلِمِينَ فِي هَذِهِ الْمَسَالِكِ لَوْلَا أَنَّهُمْ يَنْتَهُونَ إِلَى مَعْلُومَاتٍ ضَرُورِيَّةٍ مِنَ الدِّينِ تَعْصِمُهُمْ عِنْدَ الْغَايَةِ عَنِ الْخُرُوجِ عَنْ دَائِرَةِ الْإِسْلَامِ وَقَدْ جَاءَ بَعْضُهُمْ وَأَوْشَكَ أَنْ يَقَعَ.
البداية .............
سبحان من هذا كلامه ........
هم الآن يقولون على من يقول بالنسخ أنه مفتر ومُختلق كما قال من سَبَقهم .........
هم يقولون أن النسخَ اضطرابٌ في الأحكام – والله يقولُ { لِيُثَبِّتَ الَّذِينَ آمَنُوا وَهُدىً وَبُشْرى لِلْمُسْلِمِينَ.....}
في هذه السورة :
وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّن َ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ (44)
وفيها :
وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ إِلَّا لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (64)
وفيها :
وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ (89)
وفيها آية من مراحل تحريم الخمر نسخا :
وَمِنْ ثَمَرَاتِ النَّخِيلِ وَالْأَعْنَابِ تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَرًا وَرِزْقًا حَسَنًا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (67)
وبفضل الله يوجد ملفٌ كامل باسم الآية التالية { وَإِذا بَدَّلْنا آيَةً مَكانَ آيَةٍ}
وقد بينتُ فيه بفضل الله دلالة الآية على وقوع النسخ ..
وطلبتُ من الثعالبِ المُستأجرة - الردَ – فاتخذوا لهم طريقةً من طرق الشيطان – الْوَسْوَسَةَ ثم الْخَنَس - وَالْخَنْس ُ وَالْخُنُوسُ: الِاخْتِفَاءُ.
وَأَهْلُ الْمَكْرِ وَالْكَيْدِ وَالتَّخَتُّلِ خَنَّاسُونَ لِأَنَّهُمْ يَتَحَيَّنُونَ غَفَلَاتِ النَّاسِ وَيَتَسَتَّرُونَ بِأَنْوَاعِ الْحِيَلِ لِكَيْلَا يَشْعُرَ النَّاسُ بِهِمْ.{التحرير والتنوير}
وهنا أزيدُ الأمر وضوحا بفضل الله :
1- قال في البحر المحيط في تفسير الآية -وسيأتي لاحقا إن شاء الله :
لِيُثْبِتَ مَعْنَاهُ أَنَّهُمْ لَا يَضْطَرِبُونَ فِي شَيْءٍ مِنْهُ لِكَوْنِهِ نُسِخَ، بَلِ النَّسْخُ مُثَبِّتٌ لَهُمْ عَلَى إِيمَانِهِمْ، لِعِلْمِهِمْ أَنَّهُ جَمِيعُهُ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ، لِصِحَّةِ إِيمَانِهِمْ وَاطْمِئْنَانِ قُلُوبِهِمْ يَعْلَمُونَ أَنَّهُ حَكِيمٌ، وَأَنَّ أَفْعَالَهُ كُلَّهَا صَادِرَةٌ عَنْ حِكْمَةٍ، فَهِيَ صَوَابُ كُلُّهَا.
قال في فتح القدير :
-2-لِيُثَبِّتَ الَّذِينَ آمَنُوا عَلَى الْإِيمَانِ، فَيَقُولُونَ: كُلٌّ مِنَ النَّاسِخِ وَالْمَنْسُوخِ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا، وَلِأَنَّهُمْ أَيْضًا إِذَا عَرَفُوا مَا فِي النَّسْخِ مِنَ الْمَصَالِحِ ثَبَتَتْ أَقْدَامُهُمْ عَلَى الْإِيمَانِ وَرَسَخَتْ عَقَائِدُهُمْ.
3- قال في التحرير والتنوير :
والمرد بِالْآيَةِ الْكَلَامُ التَّامُّ مِنَ الْقُرْآنِ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ عَلَامَةَ صِدْقِ الرَّسُولِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْنِي الْمُعْجِزَةَ بِقَرِينَةِ قَوْلِهِ تَعَالَى: وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِما يُنَزِّلُ.
قوله تعالى في سورة النحل :{ وَإِذا بَدَّلْنا آيَةً مَكانَ آيَةٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِما يُنَزِّلُ قالُوا إِنَّما أَنْتَ مُفْتَر ٍ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (101) قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ لِيُثَبِّتَ الَّذِينَ آمَنُوا وَهُدىً وَبُشْرى لِلْمُسْلِمِينَ (102)}
وقبل الحديث عن هذه الآية – أود أن ألفت انتباه إخواني الكرام أن هذه الآية سبقتها آية هي من مراحل تحريم الخمر نسخا – وهي قريبة من هذه الآية – وطبعا في نفس السورة – سورة النحل .
وإليك هذه الآية وكلام القاضي ابن العربي رحمه الله - عنها:
قوله تعالى : { وَمِنْ ثَمَرَاتِ النَّخِيلِ وَالْأَعْنَابِ تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَرًا وَرِزْقًا حَسَنًا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (67) }
قال القرطبي رحمه الله :
قَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ: إِنْ قِيلَ كَيْفَ يُنْسَخُ هَذَا وَهُوَ خَبَرٌ وَالْخَبَرُ لَا يَدْخُلُهُ النَّسْخُ، قُلْنَا: هَذَا كَلَامُ مَنْ لَمْ يَتَحَقَّقِ الشَّرِيعَةَ، وَقَدْ بَيَّنَّا أَنَّ الْخَبَرَ إِذَا كَانَ عَنِ الْوُجُودِ الْحَقِيقِيِّ أَوْ عَنْ إِعْطَاءِ ثَوَابٍ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ فَهُوَ الَّذِي لَا يَدْخُلُهُ النَّسْخُ، فَأَمَّا إِذَا تَضَمَّنَ الْخَبَرُ حُكْمًا شَرْعِيًّا فَالْأَحْكَامُ تَتَبَدَّلُ وَتُنْسَخُ، جَاءَتْ بِخَبَرٍ أَوْ أَمْرٍ، وَلَا يَرْجِعُ النَّسْخُ إِلَى نَفْسِ اللَّفْظِ وَإِنَّمَا يَرْجِعُ إِلَى مَا تَضَمَّنَهُ، فَإِذَا فَهِمْتُمْ هَذَا خَرَجْتُمْ عَنِ الصِّنْفِ الْغَبِيِّ الَّذِي أَخْبَرَ اللَّهُ عَنِ الْكُفَّارِ فِيهِ بِقَوْلِهِ:" وَإِذا بَدَّلْنا آيَةً مَكانَ آيَةٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِما يُنَزِّلُ قالُوا إِنَّما أَنْتَ مُفْتَرٍ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ ". الْمَعْنَى أَنَّهُمْ جَهِلُوا أَنَّ الرَّبَّ يَأْمُرُ بِمَا يَشَاءُ وَيُكَلِّفُ مَا يَشَاءُ، ويرفع من ذلك بعدل مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ مَا يَشَاءُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ.
ونعود إلى تفسير الآية ونبدأ بشيخ المفسرين الطبري رحمه الله :
قال الطبري رحمه الله :
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَإِذَا بَدَّلْنَا آيَةً مَكَانَ آيَةٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُنَزِّلُ قَالُوا إِنَّمَا أَنْتَ مُفْتَر ٍ، بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ}.
يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: وَإِذَا نَسَخْنَا حُكْمَ آيَةٍ فَأَبْدَلْنَا مَكَانَهُ حُكْمَ أُخْرَى، {وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُنَزِّلُ} يَقُولُ: وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِالَّذِي هُوَ أَصْلَحُ لِخَلْقِهِ فِيمَا يُبَدِّلُ وَيُغَيِّرُ مِنْ أَحْكَامِهِ، { قَالُوا إِنَّمَا أَنْتَ مُفْتَر ٍ} يَقُولُ: قَالَ الْمُشْرِكُونَ بِاللَّهِ الْمُكَذِّبُو رَسُولِهِ لِرَسُولِهِ: إِنَّمَا أَنْتَ يَا مُحَمَّدُ مُفْتَرٍ، أَيْ مُكَذِّبٌ تَخْرُصُ بِتَقَوُّلِ الْبَاطِلِ عَلَى اللَّهِ يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: بَلْ أَكْثَرُ هَؤُلاَءِ الْقَائِلِينَ لَكَ يَا مُحَمَّدُ إِنَّمَا أَنْتَ مُفْتَرٍ جُهَّالٌ بِأَنَّ الَّذِي تَأْتِيَهُمْ بِهِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ نَاسِخَهُ وَمَنْسُوخَهُ لاَ يَعْلَمُونَ حَقِيقَةَ صِحَّتِهِ.
عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِهِ: " {وَإِذَا بَدَّلْنَا آيَةً مَكَانَ آيَةٍ} رَفَعْنَاهَا فَأَنْزَلْنَا غَيْرَهَا "
عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ: {وَإِذَا بَدَّلْنَا آيَةً مَكَانَ آيَةٍ} قَالَ: " نَسَخْنَاهَا، بَدَّلْنَاهَا، رَفَعْنَاهَا، وَأَثْبَتْنَا غَيْرَهَا "
عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلُهُ: {وَإِذَا بَدَّلْنَا آيَةً مَكَانَ آيَةٍ} هُوَ كَقَوْلِهِ: {مَا نَنْسَخُ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا} "
قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِهِ: " {وَإِذَا بَدَّلْنَا آيَةً مَكَانَ آيَةٍ} قَالُوا: إِنَّمَا أَنْتَ مُفْتَرٍ، تَأْتِي بِشَيْءٍ وَتَنْقُضُهُ، فَتَأْتِي بِغَيْرِهِ قَالَ: وَهَذَا التَّبْدِيلُ نَاسِخٌ، وَلاَ نُبَدِّلُ آيَةً مَكَانَ آيَةٍ إِلاَّ بِنَسْخٍ "
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ لِيُثَبِّتَ الَّذِينَ آمَنُوا وَهُدًى وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ}.
يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ لِنَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: قُلْ يَا مُحَمَّدُ لِلْقَائِلِينَ لَكَ إِنَّمَا أَنْتَ مُفْتَرٍ فِيمَا تَتْلُو عَلَيْهِمْ مِنْ آيِ كِتَابِنَا: أَنْزَلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ، يَقُولُ: قُلْ جَاءَ بِهِ جَبْرَئِيلُ مِنْ عِنْدِ رَبِّي بِالْحَقِّ .
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ لِيُثَبِّتَ الَّذِينَ آمَنُوا وَهُدًى وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ}.
يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ لِنَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: قُلْ يَا مُحَمَّدُ لِلْقَائِلِينَ لَكَ إِنَّمَا أَنْتَ مُفْتَرٍ فِيمَا تَتْلُو عَلَيْهِمْ مِنْ آيِ كِتَابِنَا: أَنْزَلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ، يَقُولُ: قُلْ جَاءَ بِهِ جَبْرَئِيلُ مِنْ عِنْدِ رَبِّي بِالْحَقِّ .
وَقَوْلُهُ: {لِيُثَبِّتُ الَّذِينَ آمَنُوا} يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: قُلْ نَزَّلَ هَذَا الْقُرْآنَ، نَاسِخَهُ وَمَنْسُوخَهُ، رُوحُ الْقُدُسِ عَلَيَّ مِنْ رَبِّي، تَثْبِيتًا لِلْمُؤْمِنِينَ وَتَقْوِيَةً لِإِيمَانِهِمْ، لِيَزْدَادُوا بِتَصْدِيقِهِمْ لِنَاسِخِهِ وَمَنْسُوخِهِ إِيمَانًا لِإِيمَانِهِمْ، وَهُدًى لَهُمْ مِنَ الضَّلاَلَةِ، وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ الَّذِينَ اسْتَسْلَمُوا لِأَمْرِ اللَّهِ، وَانْقَادُوا لِأَمْرِهِ وَنَهْيِهِ، وَمَا أَنْزَلَهُ فِي آيِ كِتَابِهِ، فَأَقَرُّوا بِكُلِّ ذَلِكَ وَصَدَّقُوا بِهِ قَوْلاً وَعَمَلاً.
قال السعدي رحمه الله :
يذكر تعالى أن المكذبين بهذا القرآن يتتبعون ما يرونه حجة لهم، وهو أن الله تعالى هو الحاكم الحكيم، الذي يشرع الأحكام، ويبدل حكما مكان آخر لحكمته ورحمته، فإذا رأوه كذلك قدحوا في الرسول وبما جاء به و { قَالُوا إِنَّمَا أَنْتَ مُفْتَر ٍ } قال الله تعالى: { بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ } فهم جهال لا علم لهم بربهم ولا بشرعه، ومن المعلوم أن قدح الجاهل بلا علم لا عبرة به، فإن القدح في الشيء فرع عن العلم به، وما يشتمل عليه مما يوجب المدح أو القدح.
ولهذا ذكر تعالى حكمته في ذلك فقال: { قُلْ نزلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ } وهو جبريل الرسول المقدس المنزه عن كل عيب وخيانة وآفة.
{ بِالْحَقِّ } أي: نزوله بالحق وهو مشتمل على الحق في أخباره وأوامره ونواهيه، فلا سبيل لأحد أن يقدح فيه قدحا صحيحا، لأنه إذا علم أنه الحق علم أن ما عارضه وناقضه باطل.
{ لِيُثَبِّتَ الَّذِينَ آمَنُوا } عند نزول آياته وتواردها عليهم وقتا بعد وقت، فلا يزال الحق يصل إلى قلوبهم شيئا فشيئا حتى يكون إيمانهم أثبت من الجبال الرواسي، وأيضا فإنهم يعلمون أنه الحق، وإذا شرع حكما من الأحكام ثم نسخه علموا أنه أبدله بما هو مثله أو خير منه لهم وأن نسخه هو المناسب للحكمة الربانية والمناسبة العقلية.
{ وَهُدًى وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ } أي: يهديهم إلى حقائق الأشياء ويبين لهم الحق من الباطل والهدى من الضلال، ويبشرهم أن لهم أجرا حسنا، ماكثين فيه أبدا. وأيضا فإنه كلما نزل شيئا فشيئا، كان أعظم هداية وبشارة لهم مما لو أتاهم جملة واحدة وتفرق الفكر فيه بل ينزل الله حكما وبشارة أكثر فإذا فهموه وعقلوه وعرفوا المراد منه وترووا منه أنزل نظيره وهكذا. ولذلك بلغ الصحابة رضي الله عنهم به مبلغا عظيما، وتغيرت أخلاقهم وطبائعهم، وانتقلوا إلى أخلاق وعوائد وأعمال فاقوا بها الأولين والآخرين.
وكان أعلى وأولى لمن بعدهم أن يتربوا بعلومه ويتخلقوا بأخلاقه، ويستضيئوا بنوره في ظلمات الغي والجهالات ويجعلوه إمامهم في جميع الحالات، فبذلك تستقيم أمورهم الدينية والدنيوية.
قال البغوي رحمه الله :
وَإِذا بَدَّلْنا آيَةً مَكانَ آيَةٍ، يَعْنِي وَإِذَا نَسَخْنَا حُكْمَ آيَةٍ فَأَبْدَلْنَا مَكَانَهُ حُكْمًا آخَرَ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِما يُنَزِّلُ، أَعْلَمُ بِمَا هُوَ أَصْلَحُ لِخَلِقِهِ فِيمَا يُغَيِّرُ وَيُبَدِّلُ مِنْ أَحْكَامِهِ، قالُوا إِنَّما أَنْتَ، يَا مُحَمَّدُ، مُفْتَرٍ، مُخْتَلِقٌ ، وَذَلِكَ أَنَّ الْمُشْرِكِينَ قَالُوا: إِنَّ مُحَمَّدًا يَسْخَرُ بِأَصْحَابِهِ يَأْمُرُهُمُ الْيَوْمَ بِأَمْرٍ وَيَنْهَاهُمْ عَنْهُ غَدًا مَا هُوَ إِلَّا مُفْتَرٍ يَتَقَوَّلُهُ مِنْ تلقاء نفسه، قال اللَّهِ: بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ، حَقِيقَةَ الْقُرْآنِ، وَبَيَانَ النَّاسِخِ مِنَ المنسوخ.
قُلْ نَزَّلَهُ، يَعْنِي الْقُرْآنَ، رُوحُ الْقُدُسِ، جبريل عليه السلام ، مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ، بِالصِّدْقِ، لِيُثَبِّتَ الَّذِينَ آمَنُوا، أَيْ: لِيُثَبِّتَ قُلُوبَ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا وَيَقِينًا، وَهُدىً وَبُشْرى لِلْمُسْلِمِينَ.
قال في البحر المحيط :
وَبِالْحَقِّ حَالٌ أَيْ: مُلْتَبِسًا بِالْحَقِّ سَوَاءٌ كَانَ نَاسِخًا أَوْ مَنْسُوخًا، فَكُلُّهُ مَصْحُوبٌ بِالْحَقِّ لَا يَعْتَرِيهِ شَيْءٌ مِنَ الْبَاطِلِ. وَلِيُثْبِتَ مَعْنَاهُ أَنَّهُمْ لَا يَضْطَرِبُونَ فِي شَيْءٍ مِنْهُ لِكَوْنِهِ نُسِخَ، بَلِ النَّسْخُ مُثَبِّتٌ لَهُمْ عَلَى إِيمَانِهِمْ، لِعِلْمِهِمْ أَنَّهُ جَمِيعُهُ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ، لِصِحَّةِ إِيمَانِهِمْ وَاطْمِئْنَانِ قُلُوبِهِمْ يَعْلَمُونَ أَنَّهُ حَكِيمٌ، وَأَنَّ أَفْعَالَهُ كُلَّهَا صَادِرَةٌ عَنْ حِكْمَةٍ، فَهِيَ صَوَابُ كُلُّهَا.
وَدَلَّ اخْتِصَاصُ التَّعْلِيلِ بِالْمُسْلِمِينَ عَلَى اتِّصَافِ الْكُفَّارِ بِضِدِّهِ مِنْ لَحَاقِ الِاضْطِرَابِ لَهُمْ وَتَزَلْزُلِ عَقَائِدِهِمْ وضلالهم. وقرئ: لِيُثْبِتَ مُخَفَّفًا مِنْ أَثْبَتَ.
قال ابن كثير رحمه الله :
يُخْبِرُ تَعَالَى عَنْ ضَعْفِ عُقُولِ الْمُشْرِكِينَ وَقِلَّةِ ثَبَاتِهِمْ وَإِيقَانِهِمْ، وَأَنَّهُ لَا يَتَصَوَّرُ مِنْهُمُ الْإِيمَانَ وَقَدْ كَتَبَ عَلَيْهِمُ الشَّقَاوَةَ، وَذَلِكَ أَنَّهُمْ إِذَا رَأَوْا تَغْيِيرَ الْأَحْكَامِ نَاسِخِهَا بِمَنْسُوخِهَا قَالُوا لِلرَّسُولِ: {إِنَّمَا أَنْتَ مُفْتَرٍ} أَيْ: كَذَّابٌ وَإِنَّمَا هُوَ الرَّبُّ تَعَالَى يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ، وَيَحْكُمُ مَا يُرِيدُ.
وَقَالَ مُجَاهِدٌ: {بَدَّلْنَا آيَةً مَكَانَ آيَةٍ} أَيْ: رَفَعْنَاهَا وَأَثْبَتْنَا غَيْرَهَا.
وَقَالَ قَتَادَةُ: هُوَ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا}
فَقَالَ تَعَالَى مُجِيبًا لَهُمْ: {قُلْ نزلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ} أَيْ: جِبْرِيلُ، {مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ} أَيْ: بِالصِّدْقِ وَالْعَدْلِ، {لِيُثَبِّتَ الَّذِينَ آمَنُوا} فَيُصَدِّقُوا بِمَا أَنْزَلَ أَوَّلًا وَثَانِيًا وَتُخْبِتُ لَهُ قُلُوبُهُمْ، {وَهُدًى وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ} أَيْ: وَجَعَلَهُ هَادِيًا مُهْدِيًا وَبِشَارَةٍ للمسلمين الذين آمنوا بالله ورسله.
قال في فتح القدير :
وَإِذا بَدَّلْنا آيَةً مَكانَ آيَةٍ هَذَا شُرُوعٌ مِنْهُ سُبْحَانَهُ فِي حِكَايَةٍ شِبْهُ كُفْرِيَّةٍ وَدَفْعِهَا، وَمَعْنَى التَّبْدِيلِ: رَفْعُ الشَّيْءِ مَعَ وَضْعِ غَيْرِهِ مَكَانَهُ، وَتَبْدِيلُ الْآيَةِ رَفْعُهَا بِأُخْرَى غَيْرِهَا، وَهُوَ نَسْخُهَا بِآيَةٍ سِوَاهَا. قالُوا أَيْ: كُفَّارُ قُرَيْشٍ الْجَاهِلُونَ لِلْحِكْمَةِ فِي النَّسْخِ إِنَّما أَنْتَ يَا مُحَمَّدُ مُفْتَرٍ أَيْ: كَاذِبٌ مُخْتَلِقٌ عَلَى اللَّهِ مُتَقَوِّلٌ عَلَيْهِ بِمَا لَمْ يَقُلْ، حَيْثُ تَزْعُمُ أَنَّهُ أَمَرَكَ بِشَيْءٍ، ثُمَّ تَزْعُمُ أَنَّهُ أَمَرَكَ بِخِلَافِهِ، فَرَدَّ اللَّهُ سُبْحَانَهُ عَلَيْهِمْ بِمَا يُفِيدُ جَهْلَهُمْ فَقَالَ: بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ شَيْئًا مِنَ الْعِلْمِ أَصْلًا، أَوْ لَا يَعْلَمُونَ بِالْحِكْمَةِ فِي النَّسْخِ، فَإِنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى الْمَصَالِحِ الَّتِي يَعْلَمُهَا اللَّهُ سُبْحَانَهُ، فَقَدْ يَكُونُ فِي شَرْعِ هَذَا الشَّيْءِ مَصْلَحَةٌ مُؤَقَّتَةٌ بِوَقْتٍ، ثُمَّ تَكُونُ الْمَصْلَحَةُ بَعْدَ ذَلِكَ الْوَقْتِ فِي شَرْعِ غَيْرِهِ، وَلَوِ انْكَشَفَ الْغِطَاءُ لِهَؤُلَاءِ الْكَفَرَةِ لَعَرَفُوا أَنَّ ذَلِكَ وَجْهُ الصَّوَابِ وَمَنْهَجُ الْعَدْلِ وَالرِّفْقِ وَاللُّطْفِ.
ثُمَّ بَيَّنَ سُبْحَانَهُ لِهَؤُلَاءِ الْمُعْتَرِضِينَ عَلَى حِكْمَةِ النَّسْخِ الزَّاعِمِينَ أَنَّ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ، وَأَنَّ رَسُولَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ افْتَرَاهُ فَقَالَ: قُلْ نَزَّلَهُ أَيِ: الْقُرْآنَ الْمَدْلُولَ عَلَيْهِ بِذِكْرِ الْآيَةِ رُوحُ الْقُدُسِ أَيْ جِبْرِيلُ، وَالْقُدْسُ التَّطْهِيرُ وَالْمَعْنَى: نَزَّلَهُ الرُّوحُ الْمُطَهَّرُ مِنْ أَدْنَاسِ الْبَشَرِيَّةِ، فَهُوَ مِنْ إِضَافَةِ الموصوف إِلَى الصِّفَةِ مِنْ رَبِّكَ أَيِ: ابْتِدَاءُ تَنْزِيلِهِ من عنده سبحانه، وبِالْحَقِّ فِي مَحَلِّ نَصْبٍ عَلَى الْحَالِ: أَيْ مُتَلَبِّسًا بِكَوْنِهِ حَقًّا ثَابِتًا لِحِكْمَةٍ بَالِغَةٍ لِيُثَبِّتَ الَّذِينَ آمَنُوا عَلَى الْإِيمَانِ، فَيَقُولُونَ: كُلٌّ مِنَ النَّاسِخِ وَالْمَنْسُوخِ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا، وَلِأَنَّهُمْ أَيْضًا إِذَا عَرَفُوا مَا فِي النَّسْخِ مِنَ الْمَصَالِحِ ثَبَتَتْ أَقْدَامُهُمْ عَلَى الْإِيمَانِ وَرَسَخَتْ عَقَائِدُهُمْ. وَقُرِئَ لِيُثَبِّتَ مِنَ الْإِثْبَاتِ وَهُدىً وَبُشْرى لِلْمُسْلِمِينَ وَهُمَا مَعْطُوفَانِ عَلَى مَحَلِّ لِيُثَبِّتَ، أَيْ: تَثْبِيتًا لَهُمْ وَهِدَايَةً وَبِشَارَةً، وَفِيهِ تَعْرِيضٌ بِحُصُولِ أَضْدَادِ هَذِهِ الْخِصَالِ لِغَيْرِهِمْ.
قال في التحرير والتنوير :
وَلَمَّا كَانَ مَنْ أَكْبَرِ الْأَغْرَاضِ فِي هَذِهِ السُّورَةِ بَيَانُ أَنَّ الْقُرْآنَ مُنَزَّلٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ، وَبَيَانُ فَضْلِهِ وَهَدْيِهِ فَابْتُدِئَ فِيهَا بِآيَةِ يُنَزِّلُ الْمَلائِكَةَ بِالرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ [سُورَة النَّحْل: 2] ، ثُمَّ قُفِيَتْ بِمَا اخْتَلَقَهُ الْمُشْرِكُونَ مِنَ الطَّعْنِ فِيهِ بَعْدَ تَنَقُّلَاتٍ جَاءَ فِيهَا وَإِذا قِيلَ لَهُمْ مَاذَا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ قالُوا أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ [سُورَة النَّحْل: 24] ، وَأُتْبِعُ ذَلِكَ بِتَنَقُّلَاتٍ بَدِيعَةٍ فَأُعِيدُ الْكَلَامَ عَلَى الْقُرْآنِ وَفَضَائِلِهِ مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى: وَما أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ إِلَّا لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ [سُورَة النَّحْل: 64] ثُمَّ قَوْلُهُ وَنَزَّلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ تِبْياناً لِكُلِّ شَيْءٍ [سُورَة النَّحْل:89] . وَجَاءَ فِي عَقِبِ ذَلِكَ بِشَاهِدٍ يَجْمَعُ مَا جَاءَ بِهِ الْقُرْآنُ، وَذَلِكَ آيَةُ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسانِ [سُورَة النَّحْل: 90] ، فَلَمَّا اسْتَقَرَّ مَا يَقْتَضِي تَقَرُّرَ فَضْلِ الْقُرْآنِ فِي النُّفُوسِ نَبَّهَ عَلَى نَفَاسَتِهِ وَيُمْنِهِ بِقَوْلِهِ: فَإِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطانِ الرَّجِيمِ [سُورَة النَّحْل: 98] ، لَا جَرَمَ تَهَيَّأَ الْمَقَامُ لِإِبْطَالِ اخْتِلَاقٍ آخَرَ مِنِ اخْتِلَاقِهِمْ عَلَى الْقُرْآنِ اخْتِلَاقًا مُمَوَّهًا بِالشُّبَهَاتِ كَاخْتِلَاقِهِمُ السَّابِقِ الَّذِي أُشِيرُ إِلَيْهِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: وَإِذا قِيلَ لَهُمْ مَاذَا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ قالُوا أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ [سُورَة النَّحْل: 24] . ذَلِكَ الِاخْتِلَاقُ هُوَ تَعَمُّدُهُمُ التَّمْوِيهَ فِيمَا يَأْتِي مِنْ آيَاتِ الْقُرْآنِ مُخَالِفًا لِآيَاتٍ أُخْرَى لِاخْتِلَافِ الْمُقْتَضِي وَالْمَقَامِ. وَالْمُغَايَرَةِ بِاللِّينِ وَالشِّدَّةِ، أَوْ بِالتَّعْمِيمِ وَالتَّخْصِيصِ، وَنَحْوِ ذَلِكَ مِمَّا يَتْبَعُ اخْتِلَافُهُ اخْتِلَافَ الْمَقَامَاتِ وَاخْتِلَافَ الْأَغْرَاضِ وَاخْتِلَافَ الْأَحْوَالِ الَّتِي يَتَعَلَّقُ بِهَا، فَيَتَّخِذُونَ مِنْ ظَاهِرِ ذَلِكَ دُونَ وَضْعِهِ مَوَاضِعَهُ وَحَمْلِهِ مَحَامِلَهُ مَغَامِزَ يَتَشَدَّقُونَ بِهَا فِي نَوَادِيهِمْ، يَجْعَلُونَ ذَلِكَ اضْطِرَابًا مِنَ الْقَوْلِ وَيَزْعُمُونَهُ شَاهِدًا بِاقْتِدَاءِ قَائِلِهِ فِي إِحْدَى الْمَقَالَتَيْنِ أَوْ كِلْتَيْهِمَا. وَبَعض ذَلِك ناشئ عَنْ قُصُورِ مَدَارِكِهِمْ عَنْ إِدْرَاكِ مَرَامِي الْقُرْآنِ وَسُمُوِّ مَعَانِيه، وَبَعضه ناشئ عَنْ تَعَمُّدٍ لِلتَّجَاهُلِ تَعَلُّقًا بِظَوَاهِرِ الْكَلَامِ يُلَبِّسُونَ بِذَلِكَ عَلَى ضُعَفَاءِ الْإِدْرَاكِ مِنْ أَتْبَاعِهِمْ، وَلِذَلِكَ قَالَ تَعَالَى: بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ، أَيْ وَمِنْهُمْ مَنْ يَعْلَمُونَ وَلَكِنَّهُمْ يُكَابِرُونَ.
رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ: «كَانَ إِذَا نَزَلَتْ آيَةٌ فِيهَا شِدَّةٌ ثُمَّ نَزَلَتْ آيَةٌ أَلْيَنُ مِنْهَا يَقُولُ كُفَّارُ قُرَيْشٍ: وَاللَّهِ مَا مُحَمَّدٌ إِلَّا يَسْخَرُ بِأَصْحَابِهِ، الْيَوْمَ يَأْمُرُ بِأَمْرٍ وَغَدًا يَنْهَى عَنْهُ، وَأَنَّهُ لَا يَقُولُ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ إِلَّا مِنْ عِنْدِ نَفْسِهِ» اه.
وَهَذِهِ الْكَلِمَةُ أَحْسَنُ مَا قَالَهُ الْمُفَسِّرُونَ فِي حَاصِلِ مَعْنَى هَذِهِ الْآيَةِ. فَالْمُرَادُ مِنَ التَّبْدِيلِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى بَدَّلْنا مُطْلَقُ التَّغَايُرِ بَيْنَ الْأَغْرَاضِ وَالْمَقَامَاتِ، أَوِ التَّغَايُرُ فِي الْمَعَانِي وَاخْتِلَافُهَا بِاخْتِلَافِ الْمَقَاصِدِ وَالْمَقَامَاتِ مَعَ وُضُوحِ الْجَمْعِ بَين محاملها.
والمرد بِالْآيَةِ الْكَلَامُ التَّامُّ مِنَ الْقُرْآنِ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ عَلَامَةَ صِدْقِ الرَّسُولِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْنِي الْمُعْجِزَةَ بِقَرِينَةِ قَوْلِهِ تَعَالَى: وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِما يُنَزِّلُ.
فَيَشْمَلُ التَّبْدِيلُ نَسْخَ الْأَحْكَامِ مِثْلُ نَسْخِ قَوْلِهِ تَعَالَى: وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُخافِتْ بِها [سُورَة الْإِسْرَاء: 110] بِقَوْلِهِ تَعَالَى: فَاصْدَعْ بِما تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ [سُورَة الْحجر: 94] . وَهَذَا قَلِيلٌ فِي الْقُرْآنِ الَّذِي يُقْرَأُ عَلَى الْمُشْرِكِينَ لِأَنَّ نَسْخَ الْأَحْكَامِ إِنَّمَا كَثُرَ بَعْدَ الْهِجْرَةِ حِينَ تَكَوَّنَتِ الْجَامِعَةُ الْإِسْلَامِيَّةُ، وَأَمَّا نَسْخُ التِّلَاوَةِ فَلَمْ يَرِدْ مِنَ الْآثَارِ مَا يَقْتَضِي وُقُوعَهُ فِي مَكَّةَ فَمَنْ فَسَّرَ بِهِ الْآيَةَ كَمَا نُقِلَ عَنْ مُجَاهِدٍ فَهُوَ مُشْكِلٌ.
فَالتَّبْدِيلُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: بَدَّلْنا هُوَ التَّعْوِيضُ بِبَدَلٍ، أَيْ عِوَضٍ. وَالتَّعْوِيضُ لَا يَقْتَضِي إِبْطَالَ الْمُعَوَّضِ- بِفَتْحِ الْوَاوِ- بَلْ يَقْتَضِي أَنْ يَجْعَلَ شَيْءٍ عوضا عَن شَيْء. وَقَدْ يَبْدُو لِلسَّامِعِ أَنَّ مِثْلَ لَفْظِ الْمُعَوَّضِ- بِفَتْحِ الْوَاوِ- جُعِلَ عِوَضًا عَنْ مِثْلِ لَفْظِ الْعِوَضِ- بِالْكَسْرِ- فِي آيَاتٍ مُخْتَلِفَةٍ بِاخْتِلَافِ الْأَغْرَاضِ مِنْ تَبْشِيرٍ وَإِنْذَارٍ، أَوْ تَرْغِيبٍ وَتَرْهِيبٍ، أَوْ إِجْمَالٍ وَبَيَانٍ، فَيَجْعَلُهُ الطَّاعِنُونَ اضْطِرَابًا لِأَنَّ مِثْلَهُ قَدْ كَانَ بُدِّلَ .
وَلَا يَتَأَمَّلُونَ فِي اخْتِلَافِ الْأَغْرَاضِ. وَقَدْ تَقَدَّمَ شَيْءٌ مِنْ هَذَا الْمَعْنَى عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى: ائْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هَذَا أَوْ بَدِّلْهُ فِي سُورَةِ يُونُسَ [15] .
وَجُمْلَةُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِما يُنَزِّلُ مُعْتَرِضَةٌ بَيْنَ شَرْطِ إِذا وَجَوَابِهَا. وَالْمَقْصُودُ مِنْهَا تَعْلِيمُ الْمُسْلِمِينَ لَا الرَّدُّ عَلَى الْمُشْرِكِينَ، لِأَنَّهُمْ لَوْ عَلِمُوا أَنَّ اللَّهَ هُوَ الْمُنَزِّلُ لِلْقُرْآنِ لَارْتَفَعَ الْبُهْتَانُ. وَالْمَعْنَى: أَنَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُنَزِّلُ مِنْ آيَةٍ بَدَلَ آيَةٍ، فَهُوَ أَعْلَمُ بِمَكَانِ الْأُولَى وَمَكَانِ الثَّانِيَةِ وَمَحْمَلِ كِلْتَيْهِمَا، وَكُلٌّ عِنْدِهِ بِمِقْدَارٍ وَعَلَى اعْتِبَارٍ. وَأَصْلُ الِافْتِرَاءِ: الِاخْتِرَاعُ، وَغَلَبَ عَلَى اخْتِرَاعِ الْخَبَرِ، أَيِ اخْتِلَاقِهِ، فَسَاوَى الْكَذِبَ فِي الْمَعْنَى، وَلِذَلِكَ قَدْ يُطْلَقُ وَحْدَهُ كَمَا هُنَا، وَقَدْ يُطْلَقُ مُقْتَرِنًا بِالْكَذِبِ كَقَوْلِهِ الْآتِي: إِنَّما يَفْتَرِي الْكَذِبَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ [سُورَة النَّحْل: 105] إِرْجَاعًا بِهِ إِلَى أَصْلِ الِاخْتِرَاعِ فَيُجْعَلُ لَهُ مَفْعُولٌ هُوَ آيِلٌ إِلَى مَعْنَاهُ فَصَارَ فِي مَعْنَى الْمَفْعُولِ الْمُطْلَقِ. وَقَدْ تَقَدَّمَ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى: وَلكِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ فِي [سُورَةِ الْعُقُودِ: 103] .
وَفُهِمَ مِنَ الْحُكْمِ عَلَى أَكْثَرِهِمْ بِعَدَمِ الْعِلْمِ أَنَّ قَلِيلًا مِنْهُمْ يَعْلَمُونَ أَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ افْتِرَاءً وَلَكِنَّهُمْ يَقُولُونَ ذَلِكَ تَلْبِيسًا وَبُهْتَانًا وَلَا يَعْلَمُونَ أَنَّ التَّنْزِيلَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ لَا يُنَافِي إِبْطَالَ بَعْضِ الْأَحْكَامِ إِذَا اخْتَلَفَتِ الْمَصَالِحُ أَوْ رُوعِيَ الرِّفْقُ.
وَيَجُوزُ حَمْلُ لَفْظِ أَكْثَرُ عَلَى إِرَادَةِ جَمِيعِهِمْ كَمَا تَقَدَّمَ فِي هَذِه السُّورَة.
وَذُكِرَتْ عِلَّةٌ مِنْ عِلَلِ إِنْزَالِ الْقُرْآنِ عَلَى الْوَصْفِ الْمَذْكُورِ، أَيْ تَبْدِيلُ آيَةٍ مَكَانَ آيَةٍ، بِأَنَّ فِي ذَلِكَ تَثْبِيتًا لِلَّذِينِ آمَنُوا إِذْ يَفْهَمُونَ مَحْمَلَ كل آيَة ويهدون بِذَلِكَ وَتَكُونُ آيَاتُ الْبُشْرَى بِشَارَةً لَهُمْ وَآيَاتُ الْإِنْذَارِ مَحْمُولَةً عَلَى أَهْلِ الْكُفْرِ.
فَفِي قَوْلِهِ تَعَالَى: نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِنْ رَبِّكَ إِبْطَالٌ لِقَوْلِهِمْ: إِنَّما أَنْتَ مُفْتَرٍ [سُورَة النَّحْل: 101] ، وَفِي قَوْلِهِ تَعَالَى بِالْحَقِّ إِيقَاظٌ لِلنَّاسِ بِأَنْ يَنْظُرُوا فِي حِكْمَةِ اخْتِلَافِ أَغْرَاضِهِ وَأَنَّهَا حَقٌّ.
وَفِي التَّعْلِيلِ بِحِكْمَةِ التَّثْبِيتِ وَالْهُدَى وَالْبُشْرَى بَيَانٌ لِرُسُوخِ إِيمَانِ الْمُؤْمِنِينَ وَسَدَادِ آرَائِهِمْ فِي فَهْمِ الْكَلَامِ السَّامِي، وَأَنَّهُ تَثْبِيتٌ لِقُلُوبِهِمْ بِصِحَّةِ الْيَقِينِ وَهُدًى وَبُشْرَى لَهُمْ.
وَفِي تَعَلُّقِ الْمَوْصُولِ وَصِلَتِهِ بِفِعْلِ التَّثْبِيتِ إِيمَاءٌ إِلَى أَنَّ حُصُولِ ذَلِكَ لَهُمْ بِسَبَبِ إِيمَانِهِمْ، فَيُفِيدُ تَعْرِيضًا بِأَنَّ غير الْمُؤمنِينَ تقصر مَدَارِكُهُمْ عَنْ إِدْرَاكِ ذَلِكَ الْحَقِّ فَيَخْتَلِطُ عَلَيْهِمُ الْفَهْمُ وَيَزْدَادُونَ كُفْرًا وَيَضِلُّونَ وَيَكُونُ نِذَارَةً لَهُمْ.
وَالْمُرَادُ بِالْمُسْلِمِينَ الَّذِينَ آمَنُوا، فَكَانَ مُقْتَضَى الظَّاهِرِ أَنْ يُقَالَ: وَهُدًى وَبُشْرَى لَهُمْ، فَعَدَلَ إِلَى الْإِظْهَارِ لِزِيَادَةِ مَدْحِهِمْ بِوَصْفٍ آخَرَ شَرِيفٍ.
وهذا كلام ابن الجوزي رحمه الله ردا على المفترين :
قوله تعالى :{ إِنَّمَا يَفْتَرِي الْكَذِبَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْكَاذِبُونَ (105) }
قال ابن الجوزي رحمه الله :
قوله تعالى : { إِنَّمَا يَفْتَرِي الْكَذِبَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ } أي : الذين إِذا رأوا الآيات التي لا يقدر عليها إلاَّ الله ، كذَّبوا بها ، { اللَّهِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْكَاذِبُونَ } أي : أن الكذب نعت لازم لهم ، وعادة من عاداتهم ، وهذا ردَّ عليهم إِذ قالوا : { إِنما أنت مُفْترٍ } [ النحل : 101 ] . وهذه الآية من أبلغ الزجر عن الكذب ، لأنه خُص به مَن لا يؤمن .
قوله تعالى :{ وَهُوَ الْقاهِرُ فَوْقَ عِبادِهِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ (18)}
وهذا قول ابن عاشور رحمه الله مرة ثالثة في آية سورة الأنعام :
وَمَعْنَى الْقَهْر ِ فَوْقَ الْعِبَادِ أَنَّهُ خَالِقُ مَا لَا يَدْخُلُ تَحْتَ قُدَرِهِمْ بِحَيْثُ يُوجِدُ مَا لَا يُرِيدُونَ وُجُودَهُ كَالْمَوْتِ، وَيَمْنَعُ مَا يُرِيدُونَ تَحْصِيلَهُ كَالْوَلَدِ لِلْعَقِيمِ وَالْجَهْلِ بِكَثِيرٍ مِنَ الْأَشْيَاءِ، بِحَيْثُ إِنَّ كُلَّ أَحَدٍ يَجِدُ فِي نَفْسِهِ أُمُورًا يَسْتَطِيعُ فِعْلَهَا وَأُمُورًا لَا يَسْتَطِيعُ فِعْلَهَا وَأُمُورًا يَفْعَلُهَا تَارَةً وَلَا يَسْتَطِيعُ فِعْلَهَا تَارَةً، كَالْمَشْيِ لِمَنْ خَدِرَتْ رِجْلُهُ فَيَعْلَمُ كُلُّ أَحَدٍ أَنَّ اللَّهَ هُوَ خَالِقُ الْقُدَرِ وَالِاسْتِطَاعَاتِ لِأَنَّهُ قَدْ يَمْنَعُهَا، وَلِأَنَّهُ يَخْلُقُ مَا يَخْرُجُ عَنْ مَقْدُورِ الْبَشَرِ، ثُمَّ يَقِيسُ الْعَقْلُ عَوَالِمَ الْغَيْبِ عَلَى عَالَمِ الشَّهَادَةِ. وَقَدْ خَلَقَ اللَّهُ الْعَنَاصِرَ وَالْقُوَى وَسَلَّطَ بَعْضَهَا عَلَى بعض فَلَا يَسْتَطِيع الْمُدَافَعَةَ إِلَّا مَا خَوَّلَهَا اللَّهُ.
..............
نسأله تعالى العفو والقبول .......
قوله تعالى :{ مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (106) أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ (107) }
قال ابن كثير رحمه الله:
وَالْمُسْلِمُونَ كُلُّهُمْ مُتَّفِقُونَ عَلَى جَوَازِ النَّسْخِ فِي أَحْكَامِ اللَّهِ تَعَالَى، لِمَا لَهُ فِي ذَلِكَ مِنَ الْحِكَمِ الْبَالِغَةِ، وَكُلُّهُمْ قَالَ بِوُقُوعِهِ. وَقَالَ أَبُو مُسْلِمٍ الْأَصْبَهَانِيُّ الْمُفَسِّرُ: لَمْ يَقَعْ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ فِي الْقُرْآنِ، وَقَوْلُهُ هَذَا ضَعِيفٌ مَرْدُودٌ مَرْذُولٌ. وَقَدْ تَعَسَّفَ فِي الْأَجْوِبَةِ عَمَّا وَقَعَ مِنَ النَّسْخِ، فَمِنْ ذَلِكَ قَضِيَّةُ الْعِدَّةِ بِأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا بَعْدَ الْحَوْلِ لَمْ يُجِبْ عَلَى ذَلِكَ بِكَلَامٍ مَقْبُولٍ، وَقَضِيَّةُ تَحْوِيلِ الْقِبْلَةِ إِلَى الْكَعْبَةِ، عن بيت المقدس لم يجب بِشَيْءٍ، وَمِنْ ذَلِكَ نَسْخُ مُصَابَرَةِ الْمُسْلِمِ لِعَشَرَةٍ مِنَ الْكَفَرَةِ إِلَى مُصَابَرَةِ الِاثْنَيْنِ، وَمِنْ ذَلِكَ نَسْخُ وُجُوبِ الصَّدَقَةِ قَبْلَ مُنَاجَاةِ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَغَيْرُ ذَلِكَ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.