ابن العربي
New member
- إنضم
- 05/02/2004
- المشاركات
- 58
- مستوى التفاعل
- 0
- النقاط
- 6
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد للله والصلاة والسلام على رسول الله أما بعد :
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته :
فهذا موضوع النسخ في القرآن الكريم إشارك به في هذا الملتقى المبارك وسوف أتناول فيه المحاور التالية :
أولا- تعريف النسخ :
النسخ : مصدر نسخ ينسخ وله اطلاقان هما : -
(1) يطلق على الأزالة ولها معنيان وهما : (أ) إزالة الشيء مع إقامة شيء آخر مقامه كقولك : نسخت الشمس الظل
(ب) إزالة الشيء مع عدم إقامة شيء آخر مقامه كقولك : نسخت الريح آثار الديار أي أزالتها دون عوض .
2- يطلق على النقل وله حالتان هما :
(أ) نقل الشء من مكان إلى آخر أو حال إلى حال أخرى مع بقائه في المحل الأول كقولك : نسخت الكتاب أي نقلت ما فيه إلى كتاب آخر مع بقاء الأصل أي لم يتغير المنسوخ منه .
(ب) نقل الشيء من مكان إلى آخر أو من حال إلى أخرى مع عدم بقائه في المحل الأول كقولك : نسخت النحل العسل أي نقلته من خلية إلى خلية أخرى دون بقائه في المحل الأول .
ثانياً- أنواع النسخ :
النوع الأول : ما نسخ حكمه وبقي لفظه أي الآية باقية مثل نسخ آية الصدقة بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم مع بقاء تلاوتها إلى يوم القيامة .
النوع الثاني : ما نسخ لفظه وحكمه مثل ماروى أن سورة الأحزاب كانت بقدر سورة البقرة فرفع جزء كبير منها فهذا نسخ الحكم ، ونسخ اللفظ .
النوع الثالث : ما نسخ لفظه وبقي حكمه مثل آية الرجم ( الشيخ والشيخة إذا زنيا فرجموهما البتة نكالاً من الله ) .
وكلام أهل العلم عن النسخ كله يدور على النوع الأول " ما نسخ حكمه وبقي لفظه "
ثالثاً - دعوى النسخ :
قد توسع بعض أهل العلم في الناسخ والمنسوخ وادعوا أن كثير من الآيات منسوخة مثل آية السيف التي نسخ بها كثير من أهل العلم آيات معدودات . حتى نسخوا بها قوله تعالى : " اليس الله بأحكم الحاكمين " وهذه الآية وإن كانت صيغتها صيغة الانشاء ولكنها في معنى الخبر ، والنسخ لا يدخل الجمل الخبرية قط ، النسخ لا يدخل إلا الجمل الانشائية يدخل الأوامر والنواهي ، أما الاخبار فلا يدخلها النسخ ولا يصح ؛ لأن نسخ الخبر يستلزم كذب المخبر والله تعالى منزه عن الكذب .
رابعاً - النسخ في اصطلاح المتقدمين والمتأخرين :
فالمتأخرون يطلقون النسخ على التخصيص فيسمون التخصيص نسخ ، والتخصيص هو رفع بعض الحكم لا كله
المتقدمون : يسمون التخصيص نسخ وهو في الحقيقة نسخ ؛ لأن رفع الحكم أو جزء منه يعد نسخ لكن اصطلاح المتأخرين في النسخ هو رفع الحكم بالكلية .
وقد اصطلح المتأخرون على أن رفع جزء الحكم يسمى تخصيص لا نسخ . فعلى اصطلاح المتأخرين كون هذا يسمى نسخ وهذا يسمى تخصيص يجب التنبه إلى ما يقوله المتقدمون من سلف الأمة إن هذه الآية منسوخة وما قصدوا أنها منسوخة كلها بل قصدوا أنها مخصوصة وهذا أمر مهم جداً ؛ لأن كثير من آيات القرآن التي ادعي أنها منسوخة لم تكن كذلك بل هي مخصوصة ومن أمثلة ذلك :
1- قول النبي صلى الله عليه وسلم : ( لا وصية لوارث ) قالوا هذا الحديث نسخ به قول الله تعالى : " إن ترك خيراً الوصية للوالدين والأقربين "
وهذا ليس بنسخ هذا تخصيص ؛ لأن الوصية للوالدين ليست منسوخة على الاطلاق ؛ فالجد الذي هو أبو الأب أب وتصح الوصية له إذا كان غير وارث كأن يكون محجوب بالأب ،
وتجوز الوصية للوالدين إذا كان الأب ممنوع من الأرث بمانع كالقتل أو الكفر فتجوز له الوصية .
وبذلك هذه الآية ليست منسوخة ، وإذا قلنا بالنسخ فقد الغينا الحكم بالكلية وسلبنا النص حكمه ودلالته وإذا قلنا بالتخصيص بقي جزء من الحكم .
2- مثال آخر : قول الله تعالى : ( واللاتي يأتين الفاحشة من نسائكم فستشهدوا عليهن أربعة منكم فإن شهدوا فأمسيكوهن في البيوت حتى يتوفاهن الموت أو يجعل الله لهن سبيلا )
فكانت المرأة في أول الإسلام إذا زنت سجنت في البيت ، ثم جعل الله لهن سبيلا وهو الجلد أو الرجم .
وكثير من أهل العلم أطلق على هذه الآية النسخ ، والواقع هي ليست منسوخة بل هي مخصوصة ؛ لأن قوله : " استشهدوا عليهن أربعة منكم " ليست منسوخة بل هي محكمة ولا يثبت حد الزنا إلا بأربعة شهداء أو الاقرار أما لحكم الذي ثبت بعد الأربعة شهداء فهذا نسخ الذي في سورة النساء وبقي الذي في سورة النور .
خامساً - شروط النسخ :
1- أن يعلم التاريخ للنصين أو أحدهما فهذا متأخر وهذا متقدم وهذا لا يعلم إلا بالرواية عن طريق الصحابي .
2-أن يتعذر الجمع بين النصين فإن صح الجمع بينهما فلاتجوز دعوى النسخ ، والجمع بين النصين أخذ بالحكمين معاً .
3- الترجيح إذا تعذر معرفة التاريخ وتعذر الجمع يرجح أحد النصين .
والله تعالى أعلم وصلى الله على نبينا محمد
الحمد للله والصلاة والسلام على رسول الله أما بعد :
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته :
فهذا موضوع النسخ في القرآن الكريم إشارك به في هذا الملتقى المبارك وسوف أتناول فيه المحاور التالية :
أولا- تعريف النسخ :
النسخ : مصدر نسخ ينسخ وله اطلاقان هما : -
(1) يطلق على الأزالة ولها معنيان وهما : (أ) إزالة الشيء مع إقامة شيء آخر مقامه كقولك : نسخت الشمس الظل
(ب) إزالة الشيء مع عدم إقامة شيء آخر مقامه كقولك : نسخت الريح آثار الديار أي أزالتها دون عوض .
2- يطلق على النقل وله حالتان هما :
(أ) نقل الشء من مكان إلى آخر أو حال إلى حال أخرى مع بقائه في المحل الأول كقولك : نسخت الكتاب أي نقلت ما فيه إلى كتاب آخر مع بقاء الأصل أي لم يتغير المنسوخ منه .
(ب) نقل الشيء من مكان إلى آخر أو من حال إلى أخرى مع عدم بقائه في المحل الأول كقولك : نسخت النحل العسل أي نقلته من خلية إلى خلية أخرى دون بقائه في المحل الأول .
ثانياً- أنواع النسخ :
النوع الأول : ما نسخ حكمه وبقي لفظه أي الآية باقية مثل نسخ آية الصدقة بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم مع بقاء تلاوتها إلى يوم القيامة .
النوع الثاني : ما نسخ لفظه وحكمه مثل ماروى أن سورة الأحزاب كانت بقدر سورة البقرة فرفع جزء كبير منها فهذا نسخ الحكم ، ونسخ اللفظ .
النوع الثالث : ما نسخ لفظه وبقي حكمه مثل آية الرجم ( الشيخ والشيخة إذا زنيا فرجموهما البتة نكالاً من الله ) .
وكلام أهل العلم عن النسخ كله يدور على النوع الأول " ما نسخ حكمه وبقي لفظه "
ثالثاً - دعوى النسخ :
قد توسع بعض أهل العلم في الناسخ والمنسوخ وادعوا أن كثير من الآيات منسوخة مثل آية السيف التي نسخ بها كثير من أهل العلم آيات معدودات . حتى نسخوا بها قوله تعالى : " اليس الله بأحكم الحاكمين " وهذه الآية وإن كانت صيغتها صيغة الانشاء ولكنها في معنى الخبر ، والنسخ لا يدخل الجمل الخبرية قط ، النسخ لا يدخل إلا الجمل الانشائية يدخل الأوامر والنواهي ، أما الاخبار فلا يدخلها النسخ ولا يصح ؛ لأن نسخ الخبر يستلزم كذب المخبر والله تعالى منزه عن الكذب .
رابعاً - النسخ في اصطلاح المتقدمين والمتأخرين :
فالمتأخرون يطلقون النسخ على التخصيص فيسمون التخصيص نسخ ، والتخصيص هو رفع بعض الحكم لا كله
المتقدمون : يسمون التخصيص نسخ وهو في الحقيقة نسخ ؛ لأن رفع الحكم أو جزء منه يعد نسخ لكن اصطلاح المتأخرين في النسخ هو رفع الحكم بالكلية .
وقد اصطلح المتأخرون على أن رفع جزء الحكم يسمى تخصيص لا نسخ . فعلى اصطلاح المتأخرين كون هذا يسمى نسخ وهذا يسمى تخصيص يجب التنبه إلى ما يقوله المتقدمون من سلف الأمة إن هذه الآية منسوخة وما قصدوا أنها منسوخة كلها بل قصدوا أنها مخصوصة وهذا أمر مهم جداً ؛ لأن كثير من آيات القرآن التي ادعي أنها منسوخة لم تكن كذلك بل هي مخصوصة ومن أمثلة ذلك :
1- قول النبي صلى الله عليه وسلم : ( لا وصية لوارث ) قالوا هذا الحديث نسخ به قول الله تعالى : " إن ترك خيراً الوصية للوالدين والأقربين "
وهذا ليس بنسخ هذا تخصيص ؛ لأن الوصية للوالدين ليست منسوخة على الاطلاق ؛ فالجد الذي هو أبو الأب أب وتصح الوصية له إذا كان غير وارث كأن يكون محجوب بالأب ،
وتجوز الوصية للوالدين إذا كان الأب ممنوع من الأرث بمانع كالقتل أو الكفر فتجوز له الوصية .
وبذلك هذه الآية ليست منسوخة ، وإذا قلنا بالنسخ فقد الغينا الحكم بالكلية وسلبنا النص حكمه ودلالته وإذا قلنا بالتخصيص بقي جزء من الحكم .
2- مثال آخر : قول الله تعالى : ( واللاتي يأتين الفاحشة من نسائكم فستشهدوا عليهن أربعة منكم فإن شهدوا فأمسيكوهن في البيوت حتى يتوفاهن الموت أو يجعل الله لهن سبيلا )
فكانت المرأة في أول الإسلام إذا زنت سجنت في البيت ، ثم جعل الله لهن سبيلا وهو الجلد أو الرجم .
وكثير من أهل العلم أطلق على هذه الآية النسخ ، والواقع هي ليست منسوخة بل هي مخصوصة ؛ لأن قوله : " استشهدوا عليهن أربعة منكم " ليست منسوخة بل هي محكمة ولا يثبت حد الزنا إلا بأربعة شهداء أو الاقرار أما لحكم الذي ثبت بعد الأربعة شهداء فهذا نسخ الذي في سورة النساء وبقي الذي في سورة النور .
خامساً - شروط النسخ :
1- أن يعلم التاريخ للنصين أو أحدهما فهذا متأخر وهذا متقدم وهذا لا يعلم إلا بالرواية عن طريق الصحابي .
2-أن يتعذر الجمع بين النصين فإن صح الجمع بينهما فلاتجوز دعوى النسخ ، والجمع بين النصين أخذ بالحكمين معاً .
3- الترجيح إذا تعذر معرفة التاريخ وتعذر الجمع يرجح أحد النصين .
والله تعالى أعلم وصلى الله على نبينا محمد