محمد كالو
New member
- إنضم
- 30/03/2004
- المشاركات
- 297
- مستوى التفاعل
- 1
- النقاط
- 18
- الإقامة
- تركيا
- الموقع الالكتروني
- www.facebook.com
[align=center]دراسات قرآنية
محمد محمود كالو [/align]
الماء أصل الحياة( ) ، ومادة كل خلق ، وهو أول المخلوقات بدليل قوله تعالى : وهو الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام وكان عرشه على الماء ليبلوكم أيكم أحسن عملا ولئن قلت إنكم مبعوثون من بعد الموت ليقولن الذين كفروا إن هذا إلا سحر مبين ( ) .
قال الإمام القرطبي في تفسيره : وكان عرشه على الماء ( ): بين أن خلق العرش والماء قبل خلق الأرض والسماء.
فلا عجب إذن ، أن يضع الله تعالى في هذا المخلوق المبارك أسراراً تميزه عن باقي المخلوقات، فقد جعله الله تعالى أساس تكوين الخلية ، وقد أثبت علم الكيمياء الحيوية أن الماء لازم لحدوث جميع التفاعلات و التحولات التي تتم داخل أجسام الكائنات الحية وبضمنها الإنسان ، فإن أكثر من 70 % من وزنه ماء ، وقد يوجد بين الأحياء كائنات تحيا دون هواء ، ولكن ليس بين الكائنات الحية ( حيوانية ونباتية ، وأحياء مجهرية دقيقة ) كائن واحد يستطيع العيش دون ماء ، والماء ضروري لقيام كل عضو من الأعضاء بوظائفه التي بدونها لا تتوفر له مظاهر الحياة ومقوماتها ، قال الله تعالى : والله خلق كل دابة من ماء فمنهم من يمشي على بطنه ومنهم من يمشي على رجلين ومنهم من يمشي على أربع يخلق الله ما يشاء إن الله على كل شيء قدير ( ) .
والماء أصل الإنسان ومنه خلق ، قال الله تعالى : فلينظر الإنسان مم خلق، خلق من ماء دافق، يخرج من بين الصلب والترائب ( ) .
والماء أصل النبات أيضاً ، قال الله تعالى : هُوَ الَّذِي أَنزَلَ مِنَ السَّمَاء مَاء لَّكُم مِّنْهُ شَرَابٌ وَمِنْهُ شَجَرٌ فِيهِ تُسِيمُونَ . يُنبِتُ لَكُم بِهِ الزَّرْعَ وَالزَّيْتُونَ وَالنَّخِيلَ وَالأَعْنَابَ وَمِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُون ( ) .
والماء هو المادة الرئيسة في أصل كل شيء ، وفي صنع كل شيء ، قال الله تعالى :
وجعلنا من الماء كل شيء حي أفلا يؤمنون ( ) .
ومن خواص الماء :
1 ـ يوجد الماء في الحالات الثلاث : الصلبة والسائلة والغازية .
2 ـ تقل كثافته عند تجمده ، وهو بهذه الصفة يشذ عن جميع مواد الأرض ، لذلك يبقى طافياً على سطح الماء السائل ، وفي هذه الخاصية رحمة عظيمة لمخلوقات الأرض كلها ، فلو كان الجليد أكثر كثافة من الماء السائل لغطست كتل الجليد إلى أعماق البحار والبحيرات ولتجمدت كل الأجسام المائية في المناطق الباردة ولانعدمت الحياة في هذه البحار ، ولكن الجليد الطافي يحمي الماء تحته من التجمد.
3 ـ إن للماء القابلية على إذابة العناصر والمعادن ، وأكبر دليل على قابليته هذه ، هو أن نصف المعادن المعروفة موجودة بشكل ذائب في ماء البحر ، وبدون خاصية الإذابة هذه فإن تغذية جميع الكائنات سوف تتوقف .
4 ـ المط السطحي (أو الشد السطحي ): جزيئة الماء آصرة الهيدروجين تعطي تماسكاً لجزيئات الماء ، والتي تعطي الماء خصائص هامة منها ظاهرة الشد السطحي ، فبهذه الخاصية تصعد الرطوبة في التربة من أعماق الأرض ، وكذلك بهذه الخاصية يصعد الماء إلى ارتفاعات خيالية في الأشجار ( ) .
ويمكن فهم هذا المط السطحي ( أو الشد السطحي ) بمثال بسيط ، وهو أنك لو ملأت كوباً بالماء فإنه لن يفيض إلا إذا ارتفع عن سطح الكوب قدراً معيناً ، والسبب في ذلك أن جزيئات السوائل عندما لا تجد شيئاً تتصل به فوق سطح الكوب تتحول إلى ما هو تحتها ، وعندئذ توجد غشاوة مرنة على سطح الماء ، وهذه الغشاوة هي التي تمنع الماء من الخروج عن الكوب لمسافة معينة ، وهي غشاوة قوية لدرجة أنك لو وضعت عليها إبرة من حديد ، فإنها لن تغوص !! وهذه الظاهرة هي ما تسمى بالمط السطحي ، الذي يحول دون اختلاط الماء بالزيت والذي يفصل بين الماء العذب والمَلِح ( ) .
5 ـ أظهرت الفيزياء النووية ، مزايا إضافية خارقة للماء تفسر سلوكية الماء الغريبة ، أول هذه المزايا هي الطاقة الهائلة التي يحتاجها فصل ذرات جزيئة الماء ، وينطلق نفس المقدار من الطاقة عند اتحاد هذه الذرات ( ) .
النظام المائي للكرة الأرضية :
يقول الله تعالى : وأنزلنا من السماء ماء بقدر فأسكناه في الأرض وإنا على ذهاب به لقادرون ( ) .
ففي قوله تعالى ( بِقَدَر ) إشارة لطيفة ، ودقيقة علمية ، وهي أن الماء ينـزل من السماء بقدر ثابت ، وأن هناك توازناً بين طرفي المعادلة ، أي بين ما يسقط من السماء من مطر وثلج وبرد ، وما يصعد إليها من أبخرة ، وذلك لتتم الميزانية المائية على الكرة الأرضية ، التي لو حصل فيها أي خلل ،لأدت إلى وقوع كارثة محتومة ، إما إلى جفاف يأكل بعضه بعضاً ، وإما إلى طوفان يغرق بعضه بعضاً ، فهو نازل بنظام تام ، وبقدر ما تقتضيه المصلحة وتستدعي الحكمة ، فلا أكثر فيغرق ، ولا أقل فيكون الجدب.
العلاقة بين الجبال والأنـهار :
النهر وليد الجبل ، قال الله تعالى : وألقى في الأرض رواسي أن تميد بكم ( ) .
وقال تعالى : وهو الذي مد الأرض وجعل فيها رواسي وأنـهاراً ( ) .
وقال أيضاً : وجعلنا فيها رواسي شامخات وأسقيناكم ماء فراتاً ( ) .
في هذه الآيات مشاهد تشد الأذهان إلى التأمل والتفكر في مخلوقات الله تعالى ، فمنذ أن خلق الله تعالى الأرض ، جعل الجبال والأنهار في فلك واحد ، وهذا الترابط قائم إلى أن يرث الله الأرض ، فالجبال خزانات عظيمة للمياه التي تتجمع من الأمطار ، ثم تخرج ينابيع وعيوناً تجري أنهاراً .
ونلاحظ في الآية الثالثة ، التي تذكر إسقاء الماء الفرات ، قد وصف الله تعالى فيها الرواسي بصفة جديدة ، هي قوله ( شامخات ) ، أما الآيات الأخرى فلم توصف الجبال الرواسي بشيء ، وفي ذلك سر دفين ، فلقد قرر علماء المناخ : أن أغزر الأمطار تنـزل على أكثر الجبال شموخاً ، وكلما انخفض الجبل كلما قلت أمطاره ( ) .
الخزن وراء السدود :
السد : حاجز يبنى عبر جدول أو نهر فيحجز سيل الماء ( ) ، ويكوّن بحيرة صناعية أمام السد، يمكن استخدامه لتخزين ماء الشرب ، أو نقل مياهه عبر قنوات إلى المزارع المجاورة، وكما يستخدم لتوليد الطاقة الكهربائية ، وفي أو قات الفيضانات يمكن أن يقي السد المدن والتجمعات السكنية من النكبات والكوارث.
وفكرة بناء السدود اقتبسها المهندسون من بعض مخلوقات الله تعالى، ألا وهي القنادس( )، وهي بطبيعة الحال أول بناة للسدود بالفطرة ، وهي التي أوحت للإنسان ببعض أمجاده الهندسية الرائعة ، ولاحظ الإنسان أن القنادس أحياناً تحطم سدودها بمحض إرادتها بغية إغراق عدوّها.
قال الله تعالى : وأرسلنا الرياح لواقح فأنزلنا من السماء ماء فأسقيناكموه وما أنتم له بخازنين ( ) .
ذهب بعض المفسرين في تفسير هذه الآية وأرسلنا الرياح لواقح إلى أن الرياح تحمل اللقاح من شجرة إلى أخرى ، إلا أن سياق الآية لا يشير إلى ذلك ، ولا يذكر الإنبات أبداً ، بل المراد هنا تلقيح السحاب وإلى ذلك ذهب الصحابي الجليل عبد الله بن مسعود حينما قال : يرسل الله الرياح لتلقيح السحاب فتحمل الماء فتمجه في السحاب ، ثم تمر به فتدر كما تدر الملقحة ( ) .
قوله تعالى فأسقيناكموه تميزت هذه الكلمة عن سائر كلمات القرآن الكريم ، بأنها أطول كلمة في القرآن ، فهي تتكون من أحد عشر حرفاً من حروف الهجاء ، منها عشرة حروف غير مكررة من مجموع حروف اللغة العربية التي هي ثمانية وعشرون حرفاً ، وكما أنها تتكون من تسعة حروف من الحروف المقطعة الواردة في فواتح السور ، ومنها ثمانية حروف غير مكررة من مجموع الحروف المقطعة التي هي أربعة عشر حرفاً .
ولفظ ( فأسقيناكموه ) لا يقصد به شرب الماء وحده ، بل كل حاجات الناس للماء من ري المزروعات وسقي الأنعام والدواب ، والاستخدامات اليومية الضرورية للإنسان في منـزله أو مصنعه أو غير ذلك .
واختلف المفسرون في شرح قوله تعالى : وما أنتم لـه بخازنين ،قال القرطبي في تفسيره : أي ليست خزائنه عندكم؛ أي نحن الخازنون لهذا الماء ، ننـزله إذا شئنا ، ونمسكه إذا شئنا.
وقال ابن كثير في تفسيره : يحتمل أن المراد: وما أنتم لـه بحافظين، بل نحن ننـزله ونحفظه عليكم ، ونجعله معيناً وينابيع في الأرض، ولو شاء تعالى لأغاره وذهب به، ولكن من رحمته أنزله ، وجعله عذباً ، وحفظه في العيون والآبار والأنهار، ليبقى لهم في طول السنة ، يشربون ويسقون أنعامهم وزروعهم وثمارهم.
ولعل ما قاله القرطبي وابن كثير في التفسيريْن أقرب المراد من الآية الكريمة والله تعالى أعلم، وليس في سياق الآية ما يعطي معنى التحدي ، بل يظهر نعم الله تعالى على الإنسان، ولكن هذا الكلام كله يتعلق بالخزن تحت سطح الأرض ، أو بحفظه في خزائن الله سبحانه وتعالى ، فما القول في الخزن وراء السدود فوق الأرض ؟؟
إن إحصائية عام 1990 م تقول بأن في العالم / 38000 / سد من السدود الكبيرة ، ولكن المياه المستخدمة بالفعل لا تزيد عن 15% فقط .
وتقول مديرة مشروع السياسات المائية العالمي ساندرا بوستل في لقاء أجرته معها إذاعة لندن في تقرير مفصل حول المياه :
( في واقع الأمر أننا نستفاد من 30% فقط من كل المياه التي تتدفق من اليابسة إلى البحر كل عام ، أي تلك التي تتدفق من الأنهار والمجاري والطبقات الصخرية المائية ، والطريقة التي نحصل بها على هذا الماء هي :
1 ـ إما أن نحفر بئراً لاستخراج المياه الجوفية.
2 ـ أو نبني سداً لنتحكم في ماء النهر .
ومن نسبة 30% المتاحة أمامنا نجد أننا نستخدم بالفعل أكثر من نصف هذه النسبة ( أي 15% فقط ) ، ومن ثَمَّ فإن ما يتبقى لنا من موارد مائية محدودة للغاية ).
ثم قالت : ( ومن دواعي الأسف أن الإكثار من تحويل مجرى الأنهار يمكن أن يسبب مشاكل غير متوقعة ، ومن الصعب عادة إدراك مثل هذه المشاكل إلا بعد أن تحدث ) .
واستشهدت بما حدث في الاتحاد السوفييتي السابق في الخمسينات ، حينما حول المخططون السوفييت مجرى نهرَيْن كبيرين يغذيان ( بحر أورال ) من أجل زراعة القطن في بعض الدول الواقعة في آسيا الوسطى ، ونتيجة ذلك لم تعد البحيرة ـ التي كانت رابع أكبر بحيرة في العالم ـ تمتلئ ثانية بالماء وبدأت تنكمش ، ففقدت البحيرة نصف مساحتها وثلاثة أرباع حجمها ، ومن النتائج السيئة التي حلت بتلك البحيرة ، اختفاء عشرين فصيلة من فصائل الأسماك الأربعة والعشرين التي كانت موجودة ، وأدى ذلك إلى اختفاء صناعة الأسماك التي كان يعيش عليها نحو 60 ألف شخص ، ونقصت الأراضي الخصبة في الدلتا( ) بنسبة 85% مما يعني أيضاً اختفاء الطيور والحياة البرية ، إضافة إلى ذلك فإن عدم تدفق الماء جعل مياه البحيرة أكثر ملوحة ، كما أن الملوثات التي تحملها الأسمدة أصبحت مركزة إلى حد السمومية ، ويسبب ذلك كله مشكل صحية شديدة وخطيرة .
ومن أكبر وأهم مشاكل السدود ، مشكلة رواسب الطين المجتمعة خلف السدود ، فهذه الخزانات الفسيحة ستمتلئ يوماً من الأيام بالطين والرسوبيات ، وما بحيرة ( ميد ) الذي يقع أمام سد ( هوفر ) إلا مثال واقعي على تجمع الوحل والرسوبيات ، وتأتي هذه الرواسب بفعل جرف المياه لحبيبات التربة من قاع وضفاف النهر.
وهناك مشكلات أخرى تتعرض لها السدود ، فلربما تنهار في بعض الأحيان وتؤدي إلى كوارث ، كما حدث لسد ( فيجاري تيرا ) في عام 1959م والمقام على نـهر ( تيرا ) الإسباني ، وما كارثة سد زيزون في سوريا عنا ببعيد ، ففي يوم الثلاثاء 4 حزيران 2002م ، تصدع سد زيزون وانـهار ، وأدى إلى خسائر جسيمة.
كما يمكن أن ينهار سد بشكل لا يمكن أن يتنبأ به المهندس ، وذلك بتعرضه إلى زلزال أرضي ، مع أن بناة السدود يتحرون الابتعاد عن خطوط الزلازل ، كما حدث لسد
( هبجين ) على نهر ماديسون في مونتانا عام 1959م .
وفي عام 1959م أيضاً انـهار سد ملباسيت على نهر ( ريوان ) واقتحم السيل مدينة فريجوس وقضى على / 421 / شخصاً ( ).
ومن مشكلات السدود الحروب والمعارك ، ففي الحرب العالمية الثانية ، نسف سلاح الطيران البريطاني ثلاثة سدود ألمانية ، محدثاً نكبة رهيبة ، ودمرت جزءاً كبيراً من المنطقة الصناعية في حوض الروهر ، وكذلك حطم سلاح الطيران الأمريكي سداً في إيطاليا سنة 1944م ، فغمر الجيوش الألمانية بالماء ، وعمد الروس إلى نسف سد
دنيبر ستروي ( ) الروسي سنة 1941م حتى لا يسقط في أيدي الجيوش النازية.
البرزخ والحاجز والحجر المحجور :
قال الله تعالى : وهو الذي مرج البحرين هذا عذب فرات وهذا ملح أجاج وجعل بينهما برزخاً وحجراً محجوراً ( ) .
ويقول أيضاً : مرج البحرين يلتقيان . بينهما برزخ لا يبغيان . فبأي آلاء ربكما تكذبان . يخرج منهما اللؤلؤ والمرجان ( ) .
ويقول جل جلاله : أَمَّن جَعَلَ الأَرْضَ قَرَارًا وَجَعَلَ خِلالَهَا أَنْهَارًا وَجَعَلَ لَهَا رَوَاسِيَ وَجَعَلَ بَيْنَ الْبَحْرَيْنِ حَاجِزًا أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ ( ) .
هذه الآيات تتحدث عن حقائق علمية في عالم البحار ، اكتشفت باستخدام تقنيات هذا العصر من أجهزة متطورة وجهود متضافرة لعلماء ومتخصصين وتوجت باستخدام الأقمار الصناعية مما زاد الصورة وضوحاً .
نلاحظ من خلال الآيات السابقة ، أنها جميعاً تناولت ظاهرة البرزخ الناشئ بين المائَيْن ، فالآية الأولى تشرح البرزخ الناشئ بين ماء النهر العذب وماء البحر المالح ، ووصف الله تعالى البرزخ بينهما بأنه حجر محجور ، ثم جاءت الآيات من سورة الرحمن ، توضح البرزخ الناشئ بين البحرين المالحين ، لأن المرجان لا يكون إلا في البحار المالحة ،
أما الشاهد الثالث من سورة النحل ، فإن الآية لم تحدد نوعية البحرين ، بل جاءت بوصف عام ، ولم تحدد نوعية الحاجز أيضاً ، ولا بد من شرح لغوي لهذه الأوصاف
( البرزخ والحاجز والحجر المحجور ) قبل الحديث عنها.
البرزخ : الذي بين شيئين اثنين ،قال في لسان العرب : البَرْزَخُ: ما بين كل شيئين، وفي الصحاح: الحاجز بين الشيئين.
والحاجز : المانع ، قال في لسان العرب : الحَجْز: الفصل بين الشيئين، حَجَز بينهما يَحْجُِزُ حَجْزاً وحِجازَةً فاحْتَجَز؛ واسم ما فصل بينهما: الحاجِزُ. الأَزهري: الحَجْز أَن يَحْجِز بين مقاتلين، والحِجَاز الاسم، وكذلك الحاجِزُ. قال الله تعالى: وجَعَل بين البحرين حاجِزاً؛ أَي حِجازاً بين ماءٍ مِلْح وماءٍ عَذْبٍ لا يختلطان، وذلك الحجاز قدرة الله. وحَجَزَه يَحْجُِزُه حَجْزاً: منعه.
والحجر المحجور : هو المكان الممنوع ، قال الأصفهاني في مفرداته لألفاظ القرآن : والحجر: الممنوع منه بتحريمه،قال تعالى:وقالوا: هذه أنعام وحرث حجر( )، ويقولون حجراً محجوراً ( ) ،كان الرجل إذا لقي من يخاف يقول ذلك .....، قال تعالى: وجعل بينهما برزخاً وحجراً محجوراً ( )، أي: منعاً لا سبيل إلى رفعه ودفعه، وفلان في حجر فلان، أي: في منع منه عن التصرف في ماله وكثير من أحواله، وجمعه: حجور.
قال القرطبي في تفسيره : ( وحجراً محجوراً ) : أي ستراً مستوراً يمنع أحدهما من الاختلاط بالآخر. فالبرزخ الحاجز، والحجر المانع.
الحاجز بين النهر العذب والبحر المالح :
قال الله تعالى : وهو الذي مرج البحرين هذا عذب فرات وهذا ملح أجاج وجعل بينهما برزخاً وحجراً محجوراً ( ) .
فالعذب الفرات : هو ماء النهر ، ووصفه بذلك أي أنه سائغ شرابه .
والملح الأجاج : هو ماء البحر ، ووصفه بأنه أجاج أي شديد الملوحة لا يستساغ شرابه.
والبرزخ : هو الحاجز المائي الفاصل بين العذب الفرات والملح الأجاج ، وهو عبارة عن منطقة انتقالية فيها خليط من المائيْن العذب والمالح ، فهو أقل كثافة من ماء البحر وأكثر كثافة من ماء النهر ، وهذا ما يجعله يستقر بين البحرين العذب والمالح ، فهو حاجز يمنع طغيان بحر على آخر ويمنع الخصائص والميزات الموجودة في بحر بأن تطغى على البحر الآخر.
والحجر المحجور : هو المكان الممنوع ، يمنع الكائنات الحية التي تعيش ضمن هذا الشريط الضيق من الخروج منه ، وبنفس الوقت فإن هذا الشريط المائي ممنوع على معظم الأحياء الأخرى من أن تدخل إليه ، فهي منطقة ممنوع الدخول إليها أو الخروج منها فهي حجر محجور .
أما الحاجز بين البحرين المالحين :
قال الله تعالى : مرج البحرين يلتقيان . بينهما برزخ لا يبغيان . فبأي آلاء ربكما تكذبان . يخرج منهما اللؤلؤ والمرجان ( ) .
المقصود هنا بالبحرين بحران مالحان، بدليل قوله تعالى: يخرج منهما اللؤلؤ والمرجان
فالمرجان( ) لا يوجد إلا في البحار المالحة ، فالآية تتحدث عن بحرين مالحين غير أنهما متباينين في درجة تركيز ملوحتهما وخواصهما الأخرى ، والآية لم تتحدث عن الحجر المحجور ، فالبحران مالحان وقد يكون الفرق في درجة ملوحتهما قليلاً ، لذلك ربما لا تشكل منطقة البرزخ حجراً على الكائنات الحية من دخوله واختراقها والانتقال بينهما دون أي عائق أو عرقلة .
وكلمة ( مرج ) تعطينا معنى القلق والاضطراب ، وكأن هذه الكلمة تشير إلى ظاهرَتَيْ المد والجزر ( ) اللتين تحدثان في كل يوم وليلة ، فينتج عنهما أيضاً دفع الحاجز بينهما إلى الأمام أو الخلف ، ويتحقق معنى القلق والاضطراب في معنى مرج .
الأرض الهامدة والأرض الخاشعة :
ـ قال الله تبارك وتعالى : يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِن كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِّنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِن مُّضْغَةٍ مُّخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ لِّنُبَيِّنَ لَكُمْ وَنُقِرُّ فِي الأرْحَامِ مَا نَشَاء إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلاً ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ وَمِنكُم مَّن يُتَوَفَّى وَمِنكُم مَّن يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْلا يَعْلَمَ مِن بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئًا وَتَرَى الأرْضَ هَامِدَةً فَإِذَا أَنزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاء اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنبَتَتْ مِن كُلِّ زَوْجٍ بَهِيج ( ) .
ـ وقال سبحانه وتعالى : وَمِنْ آيَاتِهِ أَنَّكَ تَرَى الأرْضَ خَاشِعَةً فَإِذَا أَنزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاء اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ إِنَّ الَّذِي أَحْيَاهَا لَمُحْيِي الْمَوْتَى إِنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ( ) .
الأرض الهامدة :
في الآية الأولى يخاطب الله تبارك وتعالى الناس جميعاً ، إن كانوا في شك من البعث بعد الموت ، فهاهو الدليل الذي لا مراء فيه ، فإن الله تعالى خلق الإنسان من تراب ، ثم من نطفة ماء ، ثم من علقة وهي قطرة الدم ، ثم من مضغة مخلقة وغير مخلقة ، ثم تحولت الآية لتصور مشهداً آخر عن مقدرة الله تبارك وتعالى ، فهذه الأرض الهامدة :
قال في لسان العرب : الهامِدةُ: الأَرضُ المُسْتَنّة، وهُمُودُها: أَن لا يكون فيها حياةٌ ولا نَبْت ولا عُود ولم يصبها مطر.
فالأرض الهامدة التي لا حياة فيها ، يابسة مجدبة قاحلة ، وقد أخذ الشح منها كل مأخذ ، فبدت صفراء شاحبة ، فتدركها رحمة الله تبارك وتعالى لتعيد رسم الصورة من جديد بألوان زاهية ، تعطي للحياة روحها ، وللأشكال ألوانـها : فَإِذَا أَنزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاء اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنبَتَتْ مِن كُلِّ زَوْجٍ بَهِيج ، حقاً إنها عظمة الخالق سبحانه وتعالى ليس بعدها عظمة .
قارن الله تعالى بين خلق الإنسان وخلق النبات ، لأنهما يشتركان في أمرين اثنين :
1 ـ خلق الإنسان من تراب ، قال الله تبارك وتعالى: فإنَّا خلقناكم من تراب ، وكذلك خلق النبات من تراب ، فقال تبارك وتعالى : وَتَرَى الأرْضَ هَامِدَةً فَإِذَا أَنزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاء اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنبَتَتْ ، فالإنسان والنبات من أصل واحد وهو التراب.
وفي القرآن آيات تذكر بأن الإنسان خلق من طين فقال تبارك وتعالى : وَبَدَأَ خَلْقَ الإِنسَانِ مِن طِينٍ ( ) ، فهذه الآية أعطت تصنيف التربة التي خلق منها الإنسان وهي مادة الطين ، ونستنتج من خلال الترابط والمقارنة بين بدء خلق الإنسان وبدء خلق النبات ، أن الأرض المقصودة في الآية الكريمة والتي أنـزل الله تعالى عليها الماء فاهتزَّت وربت وأنبتت ، إنما هي أرض طينية كالتي خلق منها الإنسان .
2 ـ حياة الإنسان بدأت بوجود الماء فقال تعال : ثم من نطفة ، وكذلك حياة النبات بدأت بوجود الماء فقال تعالى : فإذا أنـزلنا عليها الماء اهتزَّت وربت وأنبتت .
وفي الحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله : (( ما بين النفختين أربعون. قال أربعون يوماً ؟ قال ( أي أبو هريرة ) : أبيتُ ، قال أربعون شهراً ؟ قال : أبيتُ ، قال أربعون سنة ؟ قال : أبيتُ ( أي أبى أبو هريرة أن يحدد الأربعين أهي يوماً أو شهراً أو سنة ) ، قال ( أي النبي ) : ثم ينـزل الله من السماء ماء فينبتون كما ينبت البقل ، ليس من الإنسان شيء إلا يبلى إلا عظماً واحداً وهو عجبُ الذنب ، ومنه يركب الخلق يوم القيامة ))( ) .
ما أشبه خلق الإنسان بالنبات ، عجب الذنب مثل حبة خردل منه ينشأ الإنسان تماماً كالنبات ، فسبحان الله !!
الأرض الخاشعة :
وقال سبحانه وتعالى : وَمِنْ آيَاتِهِ أَنَّكَ تَرَى الأرْضَ خَاشِعَةً فَإِذَا أَنزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاء اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ إِنَّ الَّذِي أَحْيَاهَا لَمُحْيِي الْمَوْتَى إِنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ( ) .
الأرض الخاشعة : هي الأرض الذليلة ، قال في لسان العرب : والخاشِعُ من الأَرض: الذي تُثِيره الرّياح لسُهولته فتمحو آثارَه. وقال الزجاج: وقوله تعالى: ومن آياته أَنك ترى الأَرض خاشعة، قال: الخاشِعة المتَغَبّرة المُتَهَشِّمة، وأَراد المُتهشِّمةَ النبات.
فالأرض الخاشعة هي الأرض التي فيها حياة ونبات ولكنها تلفظ أنفاسها الأخيرة ، تترنح على شفا جرف هار ، تستغيث بخشوع وتذلل وانكسار وذبول لما أصابها من جفاف وقلة ماء ، ومن مظاهر الأرض الخاشعة أنك ترى الأرض مليئة بالنباتات المختلفة في أنواعها وأشكالها ،ولكنها جميعاً مشتركة في صفة واحدة ، أنها جميعاً متهدلة الأغصان ، مصفرة الأوراق أو تكاد ، فأكدت الآية أن هذه الأرض الخاشعة بأمسِّ الحاجة إلى قطرات الماء لتستأنف نشاطها الحيوي الذي توقف أو كاد ( ).
وأثبت العلم الحديث في علم النبات : أن النبات يمر بمرحلتَيْ ذبول :
1ـ مرحلة الذبول المؤقت.
2 ـ مرحلة الذبول الدائمي.
وبين هاتين المرحلتين يكون النبات على قيد الحياة المهددة بالموت ، ففي حالة الذبول المؤقت تكون الأرض خاشعة ، فإذا زوِّد بالماء استأنف حياته الطبيعية ، أما إذا تجاوز مرحلة الذبول الدائمي ، فإنه لا رجعة له بعد ذلك إلى الحياة ، ويكون قد مات .
ولو أمعنا النظر في نص الآية ، لوجدناها تضع الهالات حول موضوع النشأة وإعادة الخلق، فما هذه الأرض الخاشعة إلا ساحة نشرت فيها القبور ( قبور النباتات وهي كقبور بني آدم ) إن الذي أحياها لمحي الموتى ، وهذا شأن الباري جل جلاله يحيي ويميت ، وهو حي لا يموت.
وقوله تبارك وتعالى : اهتـزت وربت يشير الله تبارك وتعالى بهذين اللفظين إلى عملية انتفاخ التربة ( )، حيث تملأ الفراغات الموجودة بين حبيبات التربة ، ( اهتـزت ) أي تحركت حبيبة التربة بشكل منفرد وبمعزل عن بقية الحبيبات المجاورة لها ، حركة خطية باتجاه واحد ، وتمثل هذه الكلمة (اهتَزَّتْ) الهزات الأرضية الناتجة عن انتفاخ التربة ،
أما إذا تحركت الحبيبات بصورة مجتمعة ، فسوف تتحرك التربة وتنتفخ بجميع الاتجاهات، وهذه العملية تعطي معنى كلمة (ورَبَتْ) أي نمت وزادت.
وظاهرة انتفاخ التربة تعد من أعقد المشاكل أمام المهندس المدني ، لما لها من أضرار تؤثر على المنشآت المشيدة وعلى نطاق عالمي ، حيث تشير الإحصائيات إلى أن الأضرار الناتجة عن مشكلة الانتفاخ تساوي ضعف الأضرار الناتجة عن تأثيرات الهزات الأرضية والأعاصير والفيضانات تقريباً .
وحرف العطف ( و ) يفيد الجمع أي أن العمليتين تحدثان في وقت واحد ، حيث إن عملية ( اهتَزَّتْ ) تعدُّ جزءاً من عملية ( رَبَتْ ) ، فهناك تداخل وتلاحم بين الحركتين ، ولا يمكن حدوث إحداهما دون الأخرى.
ونلاحظ أيضاً أن الآية من سورة الحج ذكرت كلمة ( وأنبتت ) إشارة إلى أن الأرض قاحلة جرداء لا نبات فيها ، وبعد نـزول الماء أنبتت من كل زوج بهيج ، بينما في سورة فصلت لم تذكر كلمة ( أنبتت ) إشارة إلى أن النبات موجود ، ولكنه بحاجة إلى الماء ليستأنف النشاط الحيوي من جديد ( ) .
وهكذا نجد أن إرادة الله تبارك وتعالى شاءت أن تجعل من هذه الآيات القرآنية ، آيات كونية يتطرق إليها العلماء والباحثون ، كل حسب تخصصه في وقت معين وحتى قيام الساعة ، ليكون الجميع على يقين لا تشوبه شائبة ، أن هذا الكتاب هو كتاب
خالق الكون ومدبره ، والعالم بأسراره ونواميسه ، ينثر مفردات قليلة ، فتأتي بأمره متناسقة في ترتيب معجز ، إنه كتاب الله رب العالمين.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الهوامش والمراجع :
ـ الماء : سائل عديم الرائحة والمذاق واللون, إلا إذا كان الجسم المائي كبيراً أو عميقاً فعندئذ يبدو أزرق، يتركب جزيؤه من ذرتي هيدروجين وذرة أكسجين واحدة، ويزن السنتيمتر المكعب الواحد من الماء, حين تكون درجة حرارته 4 مئوية, غراماً واحداً. وثقل الماء النوعي هذا يتخذ مقياساً لتحديد الأوزان النوعية لجميع السوائل والجوامد; ومن أجل ذلك نقول إنه (أي ثقل الماء النوعي) يساوي 1، يتمدد الماء إذا ما رفعت حرارته إلى ما فوق 4 مئوية أو خفضت إلى ما تحتها، وحرارة الماء النوعية هي 1 أيضاً، وهذا يعني أننا نحتاج إلى سعرة واحدة من الحرارة لرفع حرارة غرام واحد من الماء درجة مئوية واحدة، وإنما يتحول الماء إلى بخار إذا رفعت حرارته إلى درجة مائة مئوية (أو إلى درجة 212 فارنهايتية), ويتحول إلى جليد إذا خفضت حرارته إلى درجة صفر مئوية (أو إلى درجة 32 فارنهايتية)، وبخار الماء أخف من الهواء, ومن هنا كان الهواء الرطب أقل كثافة من الهواء الجاف عند تساوي الحرارة، والماء موصل للكهرباء, وإن لم يكن موصلاً جيداً، وهو أكثر المذيبات شيوعاً وأعظمها شأناً, باعتباره قادراً - إلى حد ما - على إذابة جميع المواد المعروفة تقريباً، والماء هو أكثر المركبات الكيميائية وفرة وأعظمها أهمية أيضاً، فالجسم البشري يتألف ثلثاه, أو أكثر من ثلثيه, من الماء; وأكثر من ثلثي سطح الأرض مغمور بالماء، والماء ضروري لجميع الكائنات الحية. وقد أشار القرآن الكريم إلى هذه الواقعة فقال تعالى في الآية الثلاثين من سورة الأنبياء:
وجعلنا من الماء كل شيء حي أفلا يؤمنون ، وهو إلى ذلك أساسي في عملية التخليق الضوئي .
ـ هود : 7 .
ـ ولقد ذهب كثير من المفسرين الذين فاتتهم الفكرة القرآنية ، إلى تفسير الاسم المعين ( الماء ) بمعنى الاسم غير المعين ( ماء ) الذي يساوي سائل منوي .
ـ النور : 45 .
ـ الطارق : 5 ـ 6 .
ـ النحل : 10 ـ 11 .
ـ الأنبياء : 30 .
ـ علم تكنولوجيا البيئة : د . طارق أحمد محمود .
ـ الإسلام يتحدى ، وحيد الدين خان : 125 .
ـ انظر علم تكنولوجيا البيئة : د . طارق أحمد محمود ، و المياه في القرآن ، منهاج لتفسير الإشارات العلمية في الآيات القرآنية ، المهندس أحمد عامر الدليمي : 18.
ـ المؤمنون : 18 .
ـ النحل : 15 .
ـ الرعد : 3 .
ـ المرسلات : 28 .
ـ انظر الإسلام والحقائق العلمية ، محمود القاسم : 39 .
ـ السد : حاجز يقام في مجرى مياه لخزنها أو توليد الكهرباء بواسطتها. يبنى من التراب ومن ركام الصخر, وكثيراً ما يبنى من خرسانة مسلحة أيضاً. وإنما تقام السدود لغرضين اثنين:
الأول : خزن المياه ثم جرها في أنابيب إلى المدن والقرى النائية.
والغرض الثاني : احتجاز المياه على مستوى عال بحيث يستخدم الضغط الهائل الذي تحدثه, عند انحدارها إلى مستوى أدنى, في توليد الطاقة الكهربائية. من أعظم سدود العالم السد العالي على نهر النيل في مصر ، وسد هوفر على نهر كولورادو بالولايات المتحدة الأميركية.
ـ القندس أو السمور: حيوان نصف مائي من رتبة القوارض أو القواضم ، ذو ذيل عريض مسطح عديم الشعر, وقائمتين خلفيتين كفيتين (كأقدام الإوز) وأذنين صغيرتين مدورتين, وفرو ناعم ثمين، والقندس في سبيله إلى الانقراض، وهو يحيا في مستعمرات صغيرة يقيمها في الغدران حيث ينشئ سدوداً من القضبان والصخور والطين، ويقتات بلحاء الشجر في المقام الأول.
ـ الحجر : 22 .
ـ انظر تفسير الخازن : 3 / 93 .
ـ الدلتا : سهل عند مصب نهر تترسب فيه مقادير كبيرة من الطمي، والدلتات لا تتشكل إلا عندما تكون المياه الساحلية التي يصب فيها النهر غير منخفضة انخفاضاً حاداً عن مستوى ماء النهر, وإلا عندما تعجز تيارات المد عن اجتراف الطمي المترسب, وهي تعتبر من أخصب الأراضي في العالم، ومن أشهر الدلتات في العالم دلتا النيل, ودلتا الميسيسيبي, ودلتا الدانوب, ودلتا الفولغا, ودلتا الراين, ودلتا النهر الأصفر.
ـ انظر السدود والأنـهار ، آلان كالين ، تعريب : عبد المعطي علي باشا ، 1965م ، مكتبة مصر.
ـ نـهر دنيبر : نهر في الاتحاد السوفيتي، يعتبر أطول أنهار أوروبا بعد نهر الفولغا ونهر الدانوب، يصب في البحر الأسود، طوله 2,255 كيلومتراً.
ـ الفرقان : 53 .
ـ الرحمن : 19 ـ 20 ـ 21 ـ 22 .
ـ النمل : 61 .
ـ الأنعام: 138.
ـ الفرقان:22 .
ـ الفرقان : 53 .
ـ الفرقان : 53 .
ـ الرحمن : 19 ـ 20 ـ 21 ـ 22 .
ـ اللؤلؤ : أجسام كروية أو إجاصية الشكل, ملساء, لامعة, تتكون في أصداف بعض القشريات ،وتعتبر جواهر نفيسة، تتكون اللؤلؤة عندما يدخل جسم غريب, هو عادة حبة رمل أو دودة صغيرة, صدفة الحيوان القشري فيعمد هذا الحيوان إلى إفراز مادة قوامها كربونات الكلسيوم تتراكم على الجسم الغريب حتى يتحول ذلك الجسم إلى كرة صغيرة بيضاء كريمية أو رمادية, أو زرقاء, أو وردية, أو خضراء, أو سوداء, أو غير ذلك، وإنما يكثر اللؤلؤ في مياه الخليج العربي, وبخاصة في البحرين, وفي سواحل أستراليا والهند والصين وولاية كاليفورنيا الأميركية, حيث يقوم الغواصون بصيده، ومن اللؤلؤ نوع صنعي زائف يعد بطلي الخرز الزجاجي بمادة مصنوعة من حراشف السمك ، والمرجان : صغار اللؤلؤ.
ـ المد والجزر : تعاقب ارتفاع مياه البحار والمحيطات (وهذا هو المد) وانخفاضها وهو رد فعل طبيعي لحركة المد فارتفاع مستوى الماء في بعض جهات الأرض يتبعه بالضرورة انحسارها عن مناطق أخرى (وهذا هو الجزر). وإنما تحدث هذه الظاهرة مرتين في اليوم ، بسبب من جاذبية القمر والشمس التي تجعل المياه ترتفع حين يكون الجذب على أشده لتعود فتنحسر نتيجة لدوران الأرض حول محورها، ولما كان القمر أقرب إلى الأرض من الشمس، فإن أثر جذب القمر لمياه البحار والمحيطات يبلغ ضعفي أثر جذب الشمس لها أو أكثر قليلاً ، وحين يجذب القمر والشمس المياه من جهة واحدة أو من جهتين متقابلتين (أي حين يقع القمر والشمس على خط مستقيم وهو ما يحدث حين يكون القمر هلالاً وحين يكون بدراً ) فإن الجذب الإضافي الذي تحدثه الشمس يجعل المد أعلى من المعتاد والجزر أدنى من المعتاد، وحين يكون جذب الشمس على زاوية قائمة بالنسبة إلى جذب القمر ، فعندئذ تكون فاعلية الجذب أقل ويكون المد محدوداً, وكذلك الجزر.
ـ الحج : 5 .
ـ فصلت : 39 .
ـ السجدة : 7 .
ـ رواه البخاري في كتاب الإيمان باب تفاضل أهل الإيمان في الأعمال برقم : / 21 / ومسلم في كتاب الفتن وأشراط الساعة باب ما بين النفختين برقم : / 5253 / والنسائي في كتاب الجنائز باب أرواح المؤمنين برقم : / 2050 / وأبو داود في كتاب السنة باب في ذكر البعث والصور برقم : / 4118 / وابن ماجه في كتاب الزهد باب ذكر القبر والبلى برقم : / 4256 / وأحمد في مسند باقي المكثرين برقم : / 7833 / ومالك في كتاب الجنائز برقم : / 503 / .
ـ فصلت : 39 .
ـ انظر المياه في القرآن ، منهاج لتفسير الإشارات العلمية في الآيات القرآنية ، المهندس أحمد عامر الدليمي ، دار النفائس ، بيروت الطبعة الأولى عام 1423 هـ 2002 م : 147 .
ـ التربة : ذلك الجزء من سطح الأرض الذي تنمو فيه النباتات، يتفاوت عمق التربة فلا يعدو بضعة سنتيمترات في بعض المواطن, ويصل إلى ثلاثة أمتار في بعض المواطن, ويتفاوت خصبها تبعا لتركيبها الكيميائي، ويتفاوت لونها فتكون سوداء, وتكون حمراء, وتكون غير ذلك، وتتفاوت طبيعتها فتكون حمضية أو تكون قاعدية (أو قلوية) وتكون متعادلة، وتتحكم في تكوين التربة عوامل كثيرة منها المناخ, والمواد العضوية المتحللة, والزمان, والطبيعة الجيولوجية للصخور، وإنما تتألف التربة, في المقام الأول, من رمل وطفل وفلذ صخرية، وهي تشتمل على جمهرة من الفلزات, كالألومنيوم والحديد والكلسيوم والمغنسيوم والصوديوم والبوتاسيوم والفوسفور والكبريت والزنك والكوبلت والنحاس, وعلى مواد عضوية من مثل الكربون والهيدروجين والأكسجين.
ـ انظر دراسة بعض الخصائص الانتفاخية لتربة مدينة الموصل رسالة ماجستير ، عثمان عبد الكريم ناصر ، كلية الهندسة ، جامعة الموصل عام 1997 م
محمد محمود كالو [/align]
الماء أصل الحياة( ) ، ومادة كل خلق ، وهو أول المخلوقات بدليل قوله تعالى : وهو الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام وكان عرشه على الماء ليبلوكم أيكم أحسن عملا ولئن قلت إنكم مبعوثون من بعد الموت ليقولن الذين كفروا إن هذا إلا سحر مبين ( ) .
قال الإمام القرطبي في تفسيره : وكان عرشه على الماء ( ): بين أن خلق العرش والماء قبل خلق الأرض والسماء.
فلا عجب إذن ، أن يضع الله تعالى في هذا المخلوق المبارك أسراراً تميزه عن باقي المخلوقات، فقد جعله الله تعالى أساس تكوين الخلية ، وقد أثبت علم الكيمياء الحيوية أن الماء لازم لحدوث جميع التفاعلات و التحولات التي تتم داخل أجسام الكائنات الحية وبضمنها الإنسان ، فإن أكثر من 70 % من وزنه ماء ، وقد يوجد بين الأحياء كائنات تحيا دون هواء ، ولكن ليس بين الكائنات الحية ( حيوانية ونباتية ، وأحياء مجهرية دقيقة ) كائن واحد يستطيع العيش دون ماء ، والماء ضروري لقيام كل عضو من الأعضاء بوظائفه التي بدونها لا تتوفر له مظاهر الحياة ومقوماتها ، قال الله تعالى : والله خلق كل دابة من ماء فمنهم من يمشي على بطنه ومنهم من يمشي على رجلين ومنهم من يمشي على أربع يخلق الله ما يشاء إن الله على كل شيء قدير ( ) .
والماء أصل الإنسان ومنه خلق ، قال الله تعالى : فلينظر الإنسان مم خلق، خلق من ماء دافق، يخرج من بين الصلب والترائب ( ) .
والماء أصل النبات أيضاً ، قال الله تعالى : هُوَ الَّذِي أَنزَلَ مِنَ السَّمَاء مَاء لَّكُم مِّنْهُ شَرَابٌ وَمِنْهُ شَجَرٌ فِيهِ تُسِيمُونَ . يُنبِتُ لَكُم بِهِ الزَّرْعَ وَالزَّيْتُونَ وَالنَّخِيلَ وَالأَعْنَابَ وَمِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُون ( ) .
والماء هو المادة الرئيسة في أصل كل شيء ، وفي صنع كل شيء ، قال الله تعالى :
وجعلنا من الماء كل شيء حي أفلا يؤمنون ( ) .
ومن خواص الماء :
1 ـ يوجد الماء في الحالات الثلاث : الصلبة والسائلة والغازية .
2 ـ تقل كثافته عند تجمده ، وهو بهذه الصفة يشذ عن جميع مواد الأرض ، لذلك يبقى طافياً على سطح الماء السائل ، وفي هذه الخاصية رحمة عظيمة لمخلوقات الأرض كلها ، فلو كان الجليد أكثر كثافة من الماء السائل لغطست كتل الجليد إلى أعماق البحار والبحيرات ولتجمدت كل الأجسام المائية في المناطق الباردة ولانعدمت الحياة في هذه البحار ، ولكن الجليد الطافي يحمي الماء تحته من التجمد.
3 ـ إن للماء القابلية على إذابة العناصر والمعادن ، وأكبر دليل على قابليته هذه ، هو أن نصف المعادن المعروفة موجودة بشكل ذائب في ماء البحر ، وبدون خاصية الإذابة هذه فإن تغذية جميع الكائنات سوف تتوقف .
4 ـ المط السطحي (أو الشد السطحي ): جزيئة الماء آصرة الهيدروجين تعطي تماسكاً لجزيئات الماء ، والتي تعطي الماء خصائص هامة منها ظاهرة الشد السطحي ، فبهذه الخاصية تصعد الرطوبة في التربة من أعماق الأرض ، وكذلك بهذه الخاصية يصعد الماء إلى ارتفاعات خيالية في الأشجار ( ) .
ويمكن فهم هذا المط السطحي ( أو الشد السطحي ) بمثال بسيط ، وهو أنك لو ملأت كوباً بالماء فإنه لن يفيض إلا إذا ارتفع عن سطح الكوب قدراً معيناً ، والسبب في ذلك أن جزيئات السوائل عندما لا تجد شيئاً تتصل به فوق سطح الكوب تتحول إلى ما هو تحتها ، وعندئذ توجد غشاوة مرنة على سطح الماء ، وهذه الغشاوة هي التي تمنع الماء من الخروج عن الكوب لمسافة معينة ، وهي غشاوة قوية لدرجة أنك لو وضعت عليها إبرة من حديد ، فإنها لن تغوص !! وهذه الظاهرة هي ما تسمى بالمط السطحي ، الذي يحول دون اختلاط الماء بالزيت والذي يفصل بين الماء العذب والمَلِح ( ) .
5 ـ أظهرت الفيزياء النووية ، مزايا إضافية خارقة للماء تفسر سلوكية الماء الغريبة ، أول هذه المزايا هي الطاقة الهائلة التي يحتاجها فصل ذرات جزيئة الماء ، وينطلق نفس المقدار من الطاقة عند اتحاد هذه الذرات ( ) .
النظام المائي للكرة الأرضية :
يقول الله تعالى : وأنزلنا من السماء ماء بقدر فأسكناه في الأرض وإنا على ذهاب به لقادرون ( ) .
ففي قوله تعالى ( بِقَدَر ) إشارة لطيفة ، ودقيقة علمية ، وهي أن الماء ينـزل من السماء بقدر ثابت ، وأن هناك توازناً بين طرفي المعادلة ، أي بين ما يسقط من السماء من مطر وثلج وبرد ، وما يصعد إليها من أبخرة ، وذلك لتتم الميزانية المائية على الكرة الأرضية ، التي لو حصل فيها أي خلل ،لأدت إلى وقوع كارثة محتومة ، إما إلى جفاف يأكل بعضه بعضاً ، وإما إلى طوفان يغرق بعضه بعضاً ، فهو نازل بنظام تام ، وبقدر ما تقتضيه المصلحة وتستدعي الحكمة ، فلا أكثر فيغرق ، ولا أقل فيكون الجدب.
العلاقة بين الجبال والأنـهار :
النهر وليد الجبل ، قال الله تعالى : وألقى في الأرض رواسي أن تميد بكم ( ) .
وقال تعالى : وهو الذي مد الأرض وجعل فيها رواسي وأنـهاراً ( ) .
وقال أيضاً : وجعلنا فيها رواسي شامخات وأسقيناكم ماء فراتاً ( ) .
في هذه الآيات مشاهد تشد الأذهان إلى التأمل والتفكر في مخلوقات الله تعالى ، فمنذ أن خلق الله تعالى الأرض ، جعل الجبال والأنهار في فلك واحد ، وهذا الترابط قائم إلى أن يرث الله الأرض ، فالجبال خزانات عظيمة للمياه التي تتجمع من الأمطار ، ثم تخرج ينابيع وعيوناً تجري أنهاراً .
ونلاحظ في الآية الثالثة ، التي تذكر إسقاء الماء الفرات ، قد وصف الله تعالى فيها الرواسي بصفة جديدة ، هي قوله ( شامخات ) ، أما الآيات الأخرى فلم توصف الجبال الرواسي بشيء ، وفي ذلك سر دفين ، فلقد قرر علماء المناخ : أن أغزر الأمطار تنـزل على أكثر الجبال شموخاً ، وكلما انخفض الجبل كلما قلت أمطاره ( ) .
الخزن وراء السدود :
السد : حاجز يبنى عبر جدول أو نهر فيحجز سيل الماء ( ) ، ويكوّن بحيرة صناعية أمام السد، يمكن استخدامه لتخزين ماء الشرب ، أو نقل مياهه عبر قنوات إلى المزارع المجاورة، وكما يستخدم لتوليد الطاقة الكهربائية ، وفي أو قات الفيضانات يمكن أن يقي السد المدن والتجمعات السكنية من النكبات والكوارث.
وفكرة بناء السدود اقتبسها المهندسون من بعض مخلوقات الله تعالى، ألا وهي القنادس( )، وهي بطبيعة الحال أول بناة للسدود بالفطرة ، وهي التي أوحت للإنسان ببعض أمجاده الهندسية الرائعة ، ولاحظ الإنسان أن القنادس أحياناً تحطم سدودها بمحض إرادتها بغية إغراق عدوّها.
قال الله تعالى : وأرسلنا الرياح لواقح فأنزلنا من السماء ماء فأسقيناكموه وما أنتم له بخازنين ( ) .
ذهب بعض المفسرين في تفسير هذه الآية وأرسلنا الرياح لواقح إلى أن الرياح تحمل اللقاح من شجرة إلى أخرى ، إلا أن سياق الآية لا يشير إلى ذلك ، ولا يذكر الإنبات أبداً ، بل المراد هنا تلقيح السحاب وإلى ذلك ذهب الصحابي الجليل عبد الله بن مسعود حينما قال : يرسل الله الرياح لتلقيح السحاب فتحمل الماء فتمجه في السحاب ، ثم تمر به فتدر كما تدر الملقحة ( ) .
قوله تعالى فأسقيناكموه تميزت هذه الكلمة عن سائر كلمات القرآن الكريم ، بأنها أطول كلمة في القرآن ، فهي تتكون من أحد عشر حرفاً من حروف الهجاء ، منها عشرة حروف غير مكررة من مجموع حروف اللغة العربية التي هي ثمانية وعشرون حرفاً ، وكما أنها تتكون من تسعة حروف من الحروف المقطعة الواردة في فواتح السور ، ومنها ثمانية حروف غير مكررة من مجموع الحروف المقطعة التي هي أربعة عشر حرفاً .
ولفظ ( فأسقيناكموه ) لا يقصد به شرب الماء وحده ، بل كل حاجات الناس للماء من ري المزروعات وسقي الأنعام والدواب ، والاستخدامات اليومية الضرورية للإنسان في منـزله أو مصنعه أو غير ذلك .
واختلف المفسرون في شرح قوله تعالى : وما أنتم لـه بخازنين ،قال القرطبي في تفسيره : أي ليست خزائنه عندكم؛ أي نحن الخازنون لهذا الماء ، ننـزله إذا شئنا ، ونمسكه إذا شئنا.
وقال ابن كثير في تفسيره : يحتمل أن المراد: وما أنتم لـه بحافظين، بل نحن ننـزله ونحفظه عليكم ، ونجعله معيناً وينابيع في الأرض، ولو شاء تعالى لأغاره وذهب به، ولكن من رحمته أنزله ، وجعله عذباً ، وحفظه في العيون والآبار والأنهار، ليبقى لهم في طول السنة ، يشربون ويسقون أنعامهم وزروعهم وثمارهم.
ولعل ما قاله القرطبي وابن كثير في التفسيريْن أقرب المراد من الآية الكريمة والله تعالى أعلم، وليس في سياق الآية ما يعطي معنى التحدي ، بل يظهر نعم الله تعالى على الإنسان، ولكن هذا الكلام كله يتعلق بالخزن تحت سطح الأرض ، أو بحفظه في خزائن الله سبحانه وتعالى ، فما القول في الخزن وراء السدود فوق الأرض ؟؟
إن إحصائية عام 1990 م تقول بأن في العالم / 38000 / سد من السدود الكبيرة ، ولكن المياه المستخدمة بالفعل لا تزيد عن 15% فقط .
وتقول مديرة مشروع السياسات المائية العالمي ساندرا بوستل في لقاء أجرته معها إذاعة لندن في تقرير مفصل حول المياه :
( في واقع الأمر أننا نستفاد من 30% فقط من كل المياه التي تتدفق من اليابسة إلى البحر كل عام ، أي تلك التي تتدفق من الأنهار والمجاري والطبقات الصخرية المائية ، والطريقة التي نحصل بها على هذا الماء هي :
1 ـ إما أن نحفر بئراً لاستخراج المياه الجوفية.
2 ـ أو نبني سداً لنتحكم في ماء النهر .
ومن نسبة 30% المتاحة أمامنا نجد أننا نستخدم بالفعل أكثر من نصف هذه النسبة ( أي 15% فقط ) ، ومن ثَمَّ فإن ما يتبقى لنا من موارد مائية محدودة للغاية ).
ثم قالت : ( ومن دواعي الأسف أن الإكثار من تحويل مجرى الأنهار يمكن أن يسبب مشاكل غير متوقعة ، ومن الصعب عادة إدراك مثل هذه المشاكل إلا بعد أن تحدث ) .
واستشهدت بما حدث في الاتحاد السوفييتي السابق في الخمسينات ، حينما حول المخططون السوفييت مجرى نهرَيْن كبيرين يغذيان ( بحر أورال ) من أجل زراعة القطن في بعض الدول الواقعة في آسيا الوسطى ، ونتيجة ذلك لم تعد البحيرة ـ التي كانت رابع أكبر بحيرة في العالم ـ تمتلئ ثانية بالماء وبدأت تنكمش ، ففقدت البحيرة نصف مساحتها وثلاثة أرباع حجمها ، ومن النتائج السيئة التي حلت بتلك البحيرة ، اختفاء عشرين فصيلة من فصائل الأسماك الأربعة والعشرين التي كانت موجودة ، وأدى ذلك إلى اختفاء صناعة الأسماك التي كان يعيش عليها نحو 60 ألف شخص ، ونقصت الأراضي الخصبة في الدلتا( ) بنسبة 85% مما يعني أيضاً اختفاء الطيور والحياة البرية ، إضافة إلى ذلك فإن عدم تدفق الماء جعل مياه البحيرة أكثر ملوحة ، كما أن الملوثات التي تحملها الأسمدة أصبحت مركزة إلى حد السمومية ، ويسبب ذلك كله مشكل صحية شديدة وخطيرة .
ومن أكبر وأهم مشاكل السدود ، مشكلة رواسب الطين المجتمعة خلف السدود ، فهذه الخزانات الفسيحة ستمتلئ يوماً من الأيام بالطين والرسوبيات ، وما بحيرة ( ميد ) الذي يقع أمام سد ( هوفر ) إلا مثال واقعي على تجمع الوحل والرسوبيات ، وتأتي هذه الرواسب بفعل جرف المياه لحبيبات التربة من قاع وضفاف النهر.
وهناك مشكلات أخرى تتعرض لها السدود ، فلربما تنهار في بعض الأحيان وتؤدي إلى كوارث ، كما حدث لسد ( فيجاري تيرا ) في عام 1959م والمقام على نـهر ( تيرا ) الإسباني ، وما كارثة سد زيزون في سوريا عنا ببعيد ، ففي يوم الثلاثاء 4 حزيران 2002م ، تصدع سد زيزون وانـهار ، وأدى إلى خسائر جسيمة.
كما يمكن أن ينهار سد بشكل لا يمكن أن يتنبأ به المهندس ، وذلك بتعرضه إلى زلزال أرضي ، مع أن بناة السدود يتحرون الابتعاد عن خطوط الزلازل ، كما حدث لسد
( هبجين ) على نهر ماديسون في مونتانا عام 1959م .
وفي عام 1959م أيضاً انـهار سد ملباسيت على نهر ( ريوان ) واقتحم السيل مدينة فريجوس وقضى على / 421 / شخصاً ( ).
ومن مشكلات السدود الحروب والمعارك ، ففي الحرب العالمية الثانية ، نسف سلاح الطيران البريطاني ثلاثة سدود ألمانية ، محدثاً نكبة رهيبة ، ودمرت جزءاً كبيراً من المنطقة الصناعية في حوض الروهر ، وكذلك حطم سلاح الطيران الأمريكي سداً في إيطاليا سنة 1944م ، فغمر الجيوش الألمانية بالماء ، وعمد الروس إلى نسف سد
دنيبر ستروي ( ) الروسي سنة 1941م حتى لا يسقط في أيدي الجيوش النازية.
البرزخ والحاجز والحجر المحجور :
قال الله تعالى : وهو الذي مرج البحرين هذا عذب فرات وهذا ملح أجاج وجعل بينهما برزخاً وحجراً محجوراً ( ) .
ويقول أيضاً : مرج البحرين يلتقيان . بينهما برزخ لا يبغيان . فبأي آلاء ربكما تكذبان . يخرج منهما اللؤلؤ والمرجان ( ) .
ويقول جل جلاله : أَمَّن جَعَلَ الأَرْضَ قَرَارًا وَجَعَلَ خِلالَهَا أَنْهَارًا وَجَعَلَ لَهَا رَوَاسِيَ وَجَعَلَ بَيْنَ الْبَحْرَيْنِ حَاجِزًا أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ ( ) .
هذه الآيات تتحدث عن حقائق علمية في عالم البحار ، اكتشفت باستخدام تقنيات هذا العصر من أجهزة متطورة وجهود متضافرة لعلماء ومتخصصين وتوجت باستخدام الأقمار الصناعية مما زاد الصورة وضوحاً .
نلاحظ من خلال الآيات السابقة ، أنها جميعاً تناولت ظاهرة البرزخ الناشئ بين المائَيْن ، فالآية الأولى تشرح البرزخ الناشئ بين ماء النهر العذب وماء البحر المالح ، ووصف الله تعالى البرزخ بينهما بأنه حجر محجور ، ثم جاءت الآيات من سورة الرحمن ، توضح البرزخ الناشئ بين البحرين المالحين ، لأن المرجان لا يكون إلا في البحار المالحة ،
أما الشاهد الثالث من سورة النحل ، فإن الآية لم تحدد نوعية البحرين ، بل جاءت بوصف عام ، ولم تحدد نوعية الحاجز أيضاً ، ولا بد من شرح لغوي لهذه الأوصاف
( البرزخ والحاجز والحجر المحجور ) قبل الحديث عنها.
البرزخ : الذي بين شيئين اثنين ،قال في لسان العرب : البَرْزَخُ: ما بين كل شيئين، وفي الصحاح: الحاجز بين الشيئين.
والحاجز : المانع ، قال في لسان العرب : الحَجْز: الفصل بين الشيئين، حَجَز بينهما يَحْجُِزُ حَجْزاً وحِجازَةً فاحْتَجَز؛ واسم ما فصل بينهما: الحاجِزُ. الأَزهري: الحَجْز أَن يَحْجِز بين مقاتلين، والحِجَاز الاسم، وكذلك الحاجِزُ. قال الله تعالى: وجَعَل بين البحرين حاجِزاً؛ أَي حِجازاً بين ماءٍ مِلْح وماءٍ عَذْبٍ لا يختلطان، وذلك الحجاز قدرة الله. وحَجَزَه يَحْجُِزُه حَجْزاً: منعه.
والحجر المحجور : هو المكان الممنوع ، قال الأصفهاني في مفرداته لألفاظ القرآن : والحجر: الممنوع منه بتحريمه،قال تعالى:وقالوا: هذه أنعام وحرث حجر( )، ويقولون حجراً محجوراً ( ) ،كان الرجل إذا لقي من يخاف يقول ذلك .....، قال تعالى: وجعل بينهما برزخاً وحجراً محجوراً ( )، أي: منعاً لا سبيل إلى رفعه ودفعه، وفلان في حجر فلان، أي: في منع منه عن التصرف في ماله وكثير من أحواله، وجمعه: حجور.
قال القرطبي في تفسيره : ( وحجراً محجوراً ) : أي ستراً مستوراً يمنع أحدهما من الاختلاط بالآخر. فالبرزخ الحاجز، والحجر المانع.
الحاجز بين النهر العذب والبحر المالح :
قال الله تعالى : وهو الذي مرج البحرين هذا عذب فرات وهذا ملح أجاج وجعل بينهما برزخاً وحجراً محجوراً ( ) .
فالعذب الفرات : هو ماء النهر ، ووصفه بذلك أي أنه سائغ شرابه .
والملح الأجاج : هو ماء البحر ، ووصفه بأنه أجاج أي شديد الملوحة لا يستساغ شرابه.
والبرزخ : هو الحاجز المائي الفاصل بين العذب الفرات والملح الأجاج ، وهو عبارة عن منطقة انتقالية فيها خليط من المائيْن العذب والمالح ، فهو أقل كثافة من ماء البحر وأكثر كثافة من ماء النهر ، وهذا ما يجعله يستقر بين البحرين العذب والمالح ، فهو حاجز يمنع طغيان بحر على آخر ويمنع الخصائص والميزات الموجودة في بحر بأن تطغى على البحر الآخر.
والحجر المحجور : هو المكان الممنوع ، يمنع الكائنات الحية التي تعيش ضمن هذا الشريط الضيق من الخروج منه ، وبنفس الوقت فإن هذا الشريط المائي ممنوع على معظم الأحياء الأخرى من أن تدخل إليه ، فهي منطقة ممنوع الدخول إليها أو الخروج منها فهي حجر محجور .
أما الحاجز بين البحرين المالحين :
قال الله تعالى : مرج البحرين يلتقيان . بينهما برزخ لا يبغيان . فبأي آلاء ربكما تكذبان . يخرج منهما اللؤلؤ والمرجان ( ) .
المقصود هنا بالبحرين بحران مالحان، بدليل قوله تعالى: يخرج منهما اللؤلؤ والمرجان
فالمرجان( ) لا يوجد إلا في البحار المالحة ، فالآية تتحدث عن بحرين مالحين غير أنهما متباينين في درجة تركيز ملوحتهما وخواصهما الأخرى ، والآية لم تتحدث عن الحجر المحجور ، فالبحران مالحان وقد يكون الفرق في درجة ملوحتهما قليلاً ، لذلك ربما لا تشكل منطقة البرزخ حجراً على الكائنات الحية من دخوله واختراقها والانتقال بينهما دون أي عائق أو عرقلة .
وكلمة ( مرج ) تعطينا معنى القلق والاضطراب ، وكأن هذه الكلمة تشير إلى ظاهرَتَيْ المد والجزر ( ) اللتين تحدثان في كل يوم وليلة ، فينتج عنهما أيضاً دفع الحاجز بينهما إلى الأمام أو الخلف ، ويتحقق معنى القلق والاضطراب في معنى مرج .
الأرض الهامدة والأرض الخاشعة :
ـ قال الله تبارك وتعالى : يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِن كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِّنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِن مُّضْغَةٍ مُّخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ لِّنُبَيِّنَ لَكُمْ وَنُقِرُّ فِي الأرْحَامِ مَا نَشَاء إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلاً ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ وَمِنكُم مَّن يُتَوَفَّى وَمِنكُم مَّن يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْلا يَعْلَمَ مِن بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئًا وَتَرَى الأرْضَ هَامِدَةً فَإِذَا أَنزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاء اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنبَتَتْ مِن كُلِّ زَوْجٍ بَهِيج ( ) .
ـ وقال سبحانه وتعالى : وَمِنْ آيَاتِهِ أَنَّكَ تَرَى الأرْضَ خَاشِعَةً فَإِذَا أَنزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاء اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ إِنَّ الَّذِي أَحْيَاهَا لَمُحْيِي الْمَوْتَى إِنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ( ) .
الأرض الهامدة :
في الآية الأولى يخاطب الله تبارك وتعالى الناس جميعاً ، إن كانوا في شك من البعث بعد الموت ، فهاهو الدليل الذي لا مراء فيه ، فإن الله تعالى خلق الإنسان من تراب ، ثم من نطفة ماء ، ثم من علقة وهي قطرة الدم ، ثم من مضغة مخلقة وغير مخلقة ، ثم تحولت الآية لتصور مشهداً آخر عن مقدرة الله تبارك وتعالى ، فهذه الأرض الهامدة :
قال في لسان العرب : الهامِدةُ: الأَرضُ المُسْتَنّة، وهُمُودُها: أَن لا يكون فيها حياةٌ ولا نَبْت ولا عُود ولم يصبها مطر.
فالأرض الهامدة التي لا حياة فيها ، يابسة مجدبة قاحلة ، وقد أخذ الشح منها كل مأخذ ، فبدت صفراء شاحبة ، فتدركها رحمة الله تبارك وتعالى لتعيد رسم الصورة من جديد بألوان زاهية ، تعطي للحياة روحها ، وللأشكال ألوانـها : فَإِذَا أَنزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاء اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنبَتَتْ مِن كُلِّ زَوْجٍ بَهِيج ، حقاً إنها عظمة الخالق سبحانه وتعالى ليس بعدها عظمة .
قارن الله تعالى بين خلق الإنسان وخلق النبات ، لأنهما يشتركان في أمرين اثنين :
1 ـ خلق الإنسان من تراب ، قال الله تبارك وتعالى: فإنَّا خلقناكم من تراب ، وكذلك خلق النبات من تراب ، فقال تبارك وتعالى : وَتَرَى الأرْضَ هَامِدَةً فَإِذَا أَنزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاء اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنبَتَتْ ، فالإنسان والنبات من أصل واحد وهو التراب.
وفي القرآن آيات تذكر بأن الإنسان خلق من طين فقال تبارك وتعالى : وَبَدَأَ خَلْقَ الإِنسَانِ مِن طِينٍ ( ) ، فهذه الآية أعطت تصنيف التربة التي خلق منها الإنسان وهي مادة الطين ، ونستنتج من خلال الترابط والمقارنة بين بدء خلق الإنسان وبدء خلق النبات ، أن الأرض المقصودة في الآية الكريمة والتي أنـزل الله تعالى عليها الماء فاهتزَّت وربت وأنبتت ، إنما هي أرض طينية كالتي خلق منها الإنسان .
2 ـ حياة الإنسان بدأت بوجود الماء فقال تعال : ثم من نطفة ، وكذلك حياة النبات بدأت بوجود الماء فقال تعالى : فإذا أنـزلنا عليها الماء اهتزَّت وربت وأنبتت .
وفي الحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله : (( ما بين النفختين أربعون. قال أربعون يوماً ؟ قال ( أي أبو هريرة ) : أبيتُ ، قال أربعون شهراً ؟ قال : أبيتُ ، قال أربعون سنة ؟ قال : أبيتُ ( أي أبى أبو هريرة أن يحدد الأربعين أهي يوماً أو شهراً أو سنة ) ، قال ( أي النبي ) : ثم ينـزل الله من السماء ماء فينبتون كما ينبت البقل ، ليس من الإنسان شيء إلا يبلى إلا عظماً واحداً وهو عجبُ الذنب ، ومنه يركب الخلق يوم القيامة ))( ) .
ما أشبه خلق الإنسان بالنبات ، عجب الذنب مثل حبة خردل منه ينشأ الإنسان تماماً كالنبات ، فسبحان الله !!
الأرض الخاشعة :
وقال سبحانه وتعالى : وَمِنْ آيَاتِهِ أَنَّكَ تَرَى الأرْضَ خَاشِعَةً فَإِذَا أَنزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاء اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ إِنَّ الَّذِي أَحْيَاهَا لَمُحْيِي الْمَوْتَى إِنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ( ) .
الأرض الخاشعة : هي الأرض الذليلة ، قال في لسان العرب : والخاشِعُ من الأَرض: الذي تُثِيره الرّياح لسُهولته فتمحو آثارَه. وقال الزجاج: وقوله تعالى: ومن آياته أَنك ترى الأَرض خاشعة، قال: الخاشِعة المتَغَبّرة المُتَهَشِّمة، وأَراد المُتهشِّمةَ النبات.
فالأرض الخاشعة هي الأرض التي فيها حياة ونبات ولكنها تلفظ أنفاسها الأخيرة ، تترنح على شفا جرف هار ، تستغيث بخشوع وتذلل وانكسار وذبول لما أصابها من جفاف وقلة ماء ، ومن مظاهر الأرض الخاشعة أنك ترى الأرض مليئة بالنباتات المختلفة في أنواعها وأشكالها ،ولكنها جميعاً مشتركة في صفة واحدة ، أنها جميعاً متهدلة الأغصان ، مصفرة الأوراق أو تكاد ، فأكدت الآية أن هذه الأرض الخاشعة بأمسِّ الحاجة إلى قطرات الماء لتستأنف نشاطها الحيوي الذي توقف أو كاد ( ).
وأثبت العلم الحديث في علم النبات : أن النبات يمر بمرحلتَيْ ذبول :
1ـ مرحلة الذبول المؤقت.
2 ـ مرحلة الذبول الدائمي.
وبين هاتين المرحلتين يكون النبات على قيد الحياة المهددة بالموت ، ففي حالة الذبول المؤقت تكون الأرض خاشعة ، فإذا زوِّد بالماء استأنف حياته الطبيعية ، أما إذا تجاوز مرحلة الذبول الدائمي ، فإنه لا رجعة له بعد ذلك إلى الحياة ، ويكون قد مات .
ولو أمعنا النظر في نص الآية ، لوجدناها تضع الهالات حول موضوع النشأة وإعادة الخلق، فما هذه الأرض الخاشعة إلا ساحة نشرت فيها القبور ( قبور النباتات وهي كقبور بني آدم ) إن الذي أحياها لمحي الموتى ، وهذا شأن الباري جل جلاله يحيي ويميت ، وهو حي لا يموت.
وقوله تبارك وتعالى : اهتـزت وربت يشير الله تبارك وتعالى بهذين اللفظين إلى عملية انتفاخ التربة ( )، حيث تملأ الفراغات الموجودة بين حبيبات التربة ، ( اهتـزت ) أي تحركت حبيبة التربة بشكل منفرد وبمعزل عن بقية الحبيبات المجاورة لها ، حركة خطية باتجاه واحد ، وتمثل هذه الكلمة (اهتَزَّتْ) الهزات الأرضية الناتجة عن انتفاخ التربة ،
أما إذا تحركت الحبيبات بصورة مجتمعة ، فسوف تتحرك التربة وتنتفخ بجميع الاتجاهات، وهذه العملية تعطي معنى كلمة (ورَبَتْ) أي نمت وزادت.
وظاهرة انتفاخ التربة تعد من أعقد المشاكل أمام المهندس المدني ، لما لها من أضرار تؤثر على المنشآت المشيدة وعلى نطاق عالمي ، حيث تشير الإحصائيات إلى أن الأضرار الناتجة عن مشكلة الانتفاخ تساوي ضعف الأضرار الناتجة عن تأثيرات الهزات الأرضية والأعاصير والفيضانات تقريباً .
وحرف العطف ( و ) يفيد الجمع أي أن العمليتين تحدثان في وقت واحد ، حيث إن عملية ( اهتَزَّتْ ) تعدُّ جزءاً من عملية ( رَبَتْ ) ، فهناك تداخل وتلاحم بين الحركتين ، ولا يمكن حدوث إحداهما دون الأخرى.
ونلاحظ أيضاً أن الآية من سورة الحج ذكرت كلمة ( وأنبتت ) إشارة إلى أن الأرض قاحلة جرداء لا نبات فيها ، وبعد نـزول الماء أنبتت من كل زوج بهيج ، بينما في سورة فصلت لم تذكر كلمة ( أنبتت ) إشارة إلى أن النبات موجود ، ولكنه بحاجة إلى الماء ليستأنف النشاط الحيوي من جديد ( ) .
وهكذا نجد أن إرادة الله تبارك وتعالى شاءت أن تجعل من هذه الآيات القرآنية ، آيات كونية يتطرق إليها العلماء والباحثون ، كل حسب تخصصه في وقت معين وحتى قيام الساعة ، ليكون الجميع على يقين لا تشوبه شائبة ، أن هذا الكتاب هو كتاب
خالق الكون ومدبره ، والعالم بأسراره ونواميسه ، ينثر مفردات قليلة ، فتأتي بأمره متناسقة في ترتيب معجز ، إنه كتاب الله رب العالمين.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الهوامش والمراجع :
ـ الماء : سائل عديم الرائحة والمذاق واللون, إلا إذا كان الجسم المائي كبيراً أو عميقاً فعندئذ يبدو أزرق، يتركب جزيؤه من ذرتي هيدروجين وذرة أكسجين واحدة، ويزن السنتيمتر المكعب الواحد من الماء, حين تكون درجة حرارته 4 مئوية, غراماً واحداً. وثقل الماء النوعي هذا يتخذ مقياساً لتحديد الأوزان النوعية لجميع السوائل والجوامد; ومن أجل ذلك نقول إنه (أي ثقل الماء النوعي) يساوي 1، يتمدد الماء إذا ما رفعت حرارته إلى ما فوق 4 مئوية أو خفضت إلى ما تحتها، وحرارة الماء النوعية هي 1 أيضاً، وهذا يعني أننا نحتاج إلى سعرة واحدة من الحرارة لرفع حرارة غرام واحد من الماء درجة مئوية واحدة، وإنما يتحول الماء إلى بخار إذا رفعت حرارته إلى درجة مائة مئوية (أو إلى درجة 212 فارنهايتية), ويتحول إلى جليد إذا خفضت حرارته إلى درجة صفر مئوية (أو إلى درجة 32 فارنهايتية)، وبخار الماء أخف من الهواء, ومن هنا كان الهواء الرطب أقل كثافة من الهواء الجاف عند تساوي الحرارة، والماء موصل للكهرباء, وإن لم يكن موصلاً جيداً، وهو أكثر المذيبات شيوعاً وأعظمها شأناً, باعتباره قادراً - إلى حد ما - على إذابة جميع المواد المعروفة تقريباً، والماء هو أكثر المركبات الكيميائية وفرة وأعظمها أهمية أيضاً، فالجسم البشري يتألف ثلثاه, أو أكثر من ثلثيه, من الماء; وأكثر من ثلثي سطح الأرض مغمور بالماء، والماء ضروري لجميع الكائنات الحية. وقد أشار القرآن الكريم إلى هذه الواقعة فقال تعالى في الآية الثلاثين من سورة الأنبياء:
وجعلنا من الماء كل شيء حي أفلا يؤمنون ، وهو إلى ذلك أساسي في عملية التخليق الضوئي .
ـ هود : 7 .
ـ ولقد ذهب كثير من المفسرين الذين فاتتهم الفكرة القرآنية ، إلى تفسير الاسم المعين ( الماء ) بمعنى الاسم غير المعين ( ماء ) الذي يساوي سائل منوي .
ـ النور : 45 .
ـ الطارق : 5 ـ 6 .
ـ النحل : 10 ـ 11 .
ـ الأنبياء : 30 .
ـ علم تكنولوجيا البيئة : د . طارق أحمد محمود .
ـ الإسلام يتحدى ، وحيد الدين خان : 125 .
ـ انظر علم تكنولوجيا البيئة : د . طارق أحمد محمود ، و المياه في القرآن ، منهاج لتفسير الإشارات العلمية في الآيات القرآنية ، المهندس أحمد عامر الدليمي : 18.
ـ المؤمنون : 18 .
ـ النحل : 15 .
ـ الرعد : 3 .
ـ المرسلات : 28 .
ـ انظر الإسلام والحقائق العلمية ، محمود القاسم : 39 .
ـ السد : حاجز يقام في مجرى مياه لخزنها أو توليد الكهرباء بواسطتها. يبنى من التراب ومن ركام الصخر, وكثيراً ما يبنى من خرسانة مسلحة أيضاً. وإنما تقام السدود لغرضين اثنين:
الأول : خزن المياه ثم جرها في أنابيب إلى المدن والقرى النائية.
والغرض الثاني : احتجاز المياه على مستوى عال بحيث يستخدم الضغط الهائل الذي تحدثه, عند انحدارها إلى مستوى أدنى, في توليد الطاقة الكهربائية. من أعظم سدود العالم السد العالي على نهر النيل في مصر ، وسد هوفر على نهر كولورادو بالولايات المتحدة الأميركية.
ـ القندس أو السمور: حيوان نصف مائي من رتبة القوارض أو القواضم ، ذو ذيل عريض مسطح عديم الشعر, وقائمتين خلفيتين كفيتين (كأقدام الإوز) وأذنين صغيرتين مدورتين, وفرو ناعم ثمين، والقندس في سبيله إلى الانقراض، وهو يحيا في مستعمرات صغيرة يقيمها في الغدران حيث ينشئ سدوداً من القضبان والصخور والطين، ويقتات بلحاء الشجر في المقام الأول.
ـ الحجر : 22 .
ـ انظر تفسير الخازن : 3 / 93 .
ـ الدلتا : سهل عند مصب نهر تترسب فيه مقادير كبيرة من الطمي، والدلتات لا تتشكل إلا عندما تكون المياه الساحلية التي يصب فيها النهر غير منخفضة انخفاضاً حاداً عن مستوى ماء النهر, وإلا عندما تعجز تيارات المد عن اجتراف الطمي المترسب, وهي تعتبر من أخصب الأراضي في العالم، ومن أشهر الدلتات في العالم دلتا النيل, ودلتا الميسيسيبي, ودلتا الدانوب, ودلتا الفولغا, ودلتا الراين, ودلتا النهر الأصفر.
ـ انظر السدود والأنـهار ، آلان كالين ، تعريب : عبد المعطي علي باشا ، 1965م ، مكتبة مصر.
ـ نـهر دنيبر : نهر في الاتحاد السوفيتي، يعتبر أطول أنهار أوروبا بعد نهر الفولغا ونهر الدانوب، يصب في البحر الأسود، طوله 2,255 كيلومتراً.
ـ الفرقان : 53 .
ـ الرحمن : 19 ـ 20 ـ 21 ـ 22 .
ـ النمل : 61 .
ـ الأنعام: 138.
ـ الفرقان:22 .
ـ الفرقان : 53 .
ـ الفرقان : 53 .
ـ الرحمن : 19 ـ 20 ـ 21 ـ 22 .
ـ اللؤلؤ : أجسام كروية أو إجاصية الشكل, ملساء, لامعة, تتكون في أصداف بعض القشريات ،وتعتبر جواهر نفيسة، تتكون اللؤلؤة عندما يدخل جسم غريب, هو عادة حبة رمل أو دودة صغيرة, صدفة الحيوان القشري فيعمد هذا الحيوان إلى إفراز مادة قوامها كربونات الكلسيوم تتراكم على الجسم الغريب حتى يتحول ذلك الجسم إلى كرة صغيرة بيضاء كريمية أو رمادية, أو زرقاء, أو وردية, أو خضراء, أو سوداء, أو غير ذلك، وإنما يكثر اللؤلؤ في مياه الخليج العربي, وبخاصة في البحرين, وفي سواحل أستراليا والهند والصين وولاية كاليفورنيا الأميركية, حيث يقوم الغواصون بصيده، ومن اللؤلؤ نوع صنعي زائف يعد بطلي الخرز الزجاجي بمادة مصنوعة من حراشف السمك ، والمرجان : صغار اللؤلؤ.
ـ المد والجزر : تعاقب ارتفاع مياه البحار والمحيطات (وهذا هو المد) وانخفاضها وهو رد فعل طبيعي لحركة المد فارتفاع مستوى الماء في بعض جهات الأرض يتبعه بالضرورة انحسارها عن مناطق أخرى (وهذا هو الجزر). وإنما تحدث هذه الظاهرة مرتين في اليوم ، بسبب من جاذبية القمر والشمس التي تجعل المياه ترتفع حين يكون الجذب على أشده لتعود فتنحسر نتيجة لدوران الأرض حول محورها، ولما كان القمر أقرب إلى الأرض من الشمس، فإن أثر جذب القمر لمياه البحار والمحيطات يبلغ ضعفي أثر جذب الشمس لها أو أكثر قليلاً ، وحين يجذب القمر والشمس المياه من جهة واحدة أو من جهتين متقابلتين (أي حين يقع القمر والشمس على خط مستقيم وهو ما يحدث حين يكون القمر هلالاً وحين يكون بدراً ) فإن الجذب الإضافي الذي تحدثه الشمس يجعل المد أعلى من المعتاد والجزر أدنى من المعتاد، وحين يكون جذب الشمس على زاوية قائمة بالنسبة إلى جذب القمر ، فعندئذ تكون فاعلية الجذب أقل ويكون المد محدوداً, وكذلك الجزر.
ـ الحج : 5 .
ـ فصلت : 39 .
ـ السجدة : 7 .
ـ رواه البخاري في كتاب الإيمان باب تفاضل أهل الإيمان في الأعمال برقم : / 21 / ومسلم في كتاب الفتن وأشراط الساعة باب ما بين النفختين برقم : / 5253 / والنسائي في كتاب الجنائز باب أرواح المؤمنين برقم : / 2050 / وأبو داود في كتاب السنة باب في ذكر البعث والصور برقم : / 4118 / وابن ماجه في كتاب الزهد باب ذكر القبر والبلى برقم : / 4256 / وأحمد في مسند باقي المكثرين برقم : / 7833 / ومالك في كتاب الجنائز برقم : / 503 / .
ـ فصلت : 39 .
ـ انظر المياه في القرآن ، منهاج لتفسير الإشارات العلمية في الآيات القرآنية ، المهندس أحمد عامر الدليمي ، دار النفائس ، بيروت الطبعة الأولى عام 1423 هـ 2002 م : 147 .
ـ التربة : ذلك الجزء من سطح الأرض الذي تنمو فيه النباتات، يتفاوت عمق التربة فلا يعدو بضعة سنتيمترات في بعض المواطن, ويصل إلى ثلاثة أمتار في بعض المواطن, ويتفاوت خصبها تبعا لتركيبها الكيميائي، ويتفاوت لونها فتكون سوداء, وتكون حمراء, وتكون غير ذلك، وتتفاوت طبيعتها فتكون حمضية أو تكون قاعدية (أو قلوية) وتكون متعادلة، وتتحكم في تكوين التربة عوامل كثيرة منها المناخ, والمواد العضوية المتحللة, والزمان, والطبيعة الجيولوجية للصخور، وإنما تتألف التربة, في المقام الأول, من رمل وطفل وفلذ صخرية، وهي تشتمل على جمهرة من الفلزات, كالألومنيوم والحديد والكلسيوم والمغنسيوم والصوديوم والبوتاسيوم والفوسفور والكبريت والزنك والكوبلت والنحاس, وعلى مواد عضوية من مثل الكربون والهيدروجين والأكسجين.
ـ انظر دراسة بعض الخصائص الانتفاخية لتربة مدينة الموصل رسالة ماجستير ، عثمان عبد الكريم ناصر ، كلية الهندسة ، جامعة الموصل عام 1997 م