الموت والحياة بين الألوهية والربوبية

إنضم
05/07/2014
المشاركات
305
مستوى التفاعل
1
النقاط
18
العمر
57
الإقامة
مصر
من الفروق بين الألوهية والربوبية

من صفات الله سبحانه وتعلى أنه يحيي الموتى ويميت الأحياء،
قال تعالى: { هُوَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ فَإِذَا قَضَى أَمْراً فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُن فَيَكُونُ} (غافر : 68 )}.

وكذلك من أسمائه الحسنى القيوم، قال الشيخ العثيمين رحمه الله: (فهو القائم على نفسه فلا يحتاج إلى أحد من خلقه؛ والقائم على غيره فكل أحد محتاج إليه)[SUP]([1])[/SUP]، فحياة المخلوقين قائمة به سبحانه وتعالى.

وإذا راجعنا آيات الذكر الحكيم والأحاديث التي تحدثت عن الموت والحياة، سنجدها كلها تنسب الموت والحياة إلى لفظ الجلالة ((الله))، أو ((اللهم))، أو ((لا إله إلا هو))، أو نحو ذلك من ألفاظ الألوهية.

ومن ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم إذا أراد أن ينام قال: ((باسمك اللهم أموت وأحيا))[SUP]([2])[/SUP].
ولم يرد باسمك ربي أموت وأحيا، أو نحو ذلك.

بخلاف حركة الإنسان قبل النوم وبعده، ففي الحديث الآخر قال صلى الله عليه وسلم: ((باسمك ربي وضعت جنبي وبك أرفعه))[3] ،
وقد صح بلفظ: ((باسمك اللهم وضعت جنبي ...))[SUP]([4])[/SUP].

فحركة الإنسان قبل النوم وبعده من لوازم الربوبية، ولما كانت الربوبية جزء من الألوهية جاز نسبة كل لوازم الربوبية إلى الألوهية وليس العكس[SUP]([5])[/SUP].

ومثل هذا الموضوع ينفعنا في التدقيق في ألفاظ الشريعة فكل كلمة لها مدلول لا يشاركها فيه غيرها، وكذلك ينفعنا في التفكر في آلاء الله وصفاته وأسمائه وأفعاله، والتفرقة بين لوازم الألوهية ولوازم الربوبية.

ولو راجعت آيات القرآن التي تحدثت عن الموت والحياة ستجدهما منسوبين للفظ الجلالة (الله) دون الربوبية، لتوقن بأن السلف الصالح قدموا لنا السنة النبوية صحيحة سليمة من الخطأ، يصدق بعضها بعضا، وتصدق الكتاب الحكيم.


وهذه هي بعض الآيات التي ورد فيها الموت والحياة منسوبين إلى الألوهية:
** {كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنتُمْ أَمْوَاتاً فَأَحْيَاكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} (البقرة : 28 ).
** {كَذَلِكَ يُحْيِي اللّهُ الْمَوْتَى وَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ} (البقرة : 73 ).
** {وَمَا أَنزَلَ اللّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِن مَّاء فَأَحْيَا بِهِ الأرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا} (البقرة : 164 ).
** {فَقَالَ لَهُمُ اللّهُ مُوتُواْ ثُمَّ أَحْيَاهُمْ} (البقرة : 243 ).
** {قَالَ أَنَّىَ يُحْيِـي هَـَذِهِ اللّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا فَأَمَاتَهُ اللّهُ مِئَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ} (البقرة : 259 ).
** {وَأُحْيِـي الْمَوْتَى بِإِذْنِ اللّهِ} (آل عمران : 49 ).
** {وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلاَّ بِإِذْنِ الله كِتَاباً مُّؤَجَّلاً} (آل عمران : 145 ).
**{وَاللّهُ يُحْيِـي وَيُمِيتُ وَاللّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} (آل عمران : 156 ).
** {وَالْمَوْتَى يَبْعَثُهُمُ اللّهُ ثُمَّ إِلَيْهِ يُرْجَعُونَ} (الأنعام : 36 ).
** {إِنَّ اللّهَ فَالِقُ الْحَبِّ وَالنَّوَى يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَمُخْرِجُ الْمَيِّتِ مِنَ الْحَيِّ ذَلِكُمُ اللّهُ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ} (الأنعام : 95 ).
** {لا إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ يُحْيِـي وَيُمِيتُ} (الأعراف : 158 ).
** {إِنَّ اللّهَ لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ يُحْيِـي وَيُمِيتُ وَمَا لَكُم مِّن دُونِ اللّهِ مِن وَلِيٍّ وَلاَ نَصِيرٍ} (التوبة : 116 ).
** {قُلْ مَن يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ أَمَّن يَمْلِكُ السَّمْعَ والأَبْصَارَ وَمَن يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيَّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَن يُدَبِّرُ الأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللّهُ فَقُلْ أَفَلاَ تَتَّقُونَ} (يونس : 31 ).
** {وَأَقْسَمُواْ بِاللّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لاَ يَبْعَثُ اللّهُ مَن يَمُوتُ بَلَى وَعْداً عَلَيْهِ حَقّاً وَلـكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ} (النحل : 38 ).
** {وَاللّهُ أَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَحْيَا بِهِ الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِّقَوْمٍ يَسْمَعُونَ} (النحل : 65 ).
** {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّهُ يُحْيِي الْمَوْتَى وَأَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} (الحج : 6 ).
** {وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّن نَّزَّلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ مِن بَعْدِ مَوْتِهَا لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ} (العنكبوت : 63 ).
** {اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ ثُمَّ رَزَقَكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ هَلْ مِن شُرَكَائِكُم مَّن يَفْعَلُ مِن ذَلِكُم مِّن شَيْءٍ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ} (الروم : 40 ).
** {فَانظُرْ إِلَى آثَارِ رَحْمَتِ اللَّهِ كَيْفَ يُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ ذَلِكَ لَمُحْيِي الْمَوْتَى وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} (الروم : 50 ).
** {إِنَّ اللَّهَ عِندَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَّاذَا تَكْسِبُ غَداً وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ} (لقمان : 34 ).
** {وَاللَّهُ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَاباً فَسُقْنَاهُ إِلَى بَلَدٍ مَّيِّتٍ فَأَحْيَيْنَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا كَذَلِكَ النُّشُورُ} (فاطر : 9 ).
** {اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} (الزمر : 42 ).
** {أَمِ اتَّخَذُوا مِن دُونِهِ أَوْلِيَاء فَاللَّهُ هُوَ الْوَلِيُّ وَهُوَ يُحْيِي المَوْتَى وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} (الشورى : 9 ).
** {لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ رَبُّكُمْ وَرَبُّ آبَائِكُمُ الْأَوَّلِينَ} (الدخان : 8 ).
** {وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَمَا أَنزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِن رِّزْقٍ فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ آيَاتٌ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ} (الجاثية : 5 ).
** {قُلِ اللَّهُ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يَجْمَعُكُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَا رَيبَ فِيهِ وَلَكِنَّ أَكَثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ} (الجاثية : 26 ).
** {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَمْ يَعْيَ بِخَلْقِهِنَّ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى بَلَى إِنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} (الأحقاف : 33 ).
** {اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ} (الحديد : 17 ).

فكل هذه الآيات محكمة في نسبة الموت والحياة إلى لفظ الجلالة ((الله))، أو صفة الألوهية ((لا إله إلا هو))، ونحو ذلك،،،



من كتاباتي/ أبو مالك المعتز بالله محمد جمعة

-----------هوامش
[1] في تفسير آية الكرسي.
[2] صحيح البخاري.
[3] صحيح البخاري.
[4] رواه النووي في الأذكار، وصححه أحمد شاكر في المسند.
[5] يراجع موضوع الفرق بين لفظ (الله) ولفظ (رب العالمين).
 
السلام عليكم
كلمة " الله " علم على الذات
والحياة والموت من سنن الربوبية
قال تعالى " [FONT=&quot]أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي [/FONT][FONT=&quot]رَبِّهِ [/FONT][FONT=&quot]أَنْ آَتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ [/FONT][FONT=&quot]رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ[/FONT][FONT=&quot] ....."[/FONT]
 
بارك الله فيك، ونفع بك:

أحسنت بارك الله فيك،

أما بخصوص لفظ الجلالة (الله) فهو علم، وشامل لجميع صفات الله وأسمائه وأفعاله، بخلاف كلمة رب أو ربكم أو نحو ذلك فهي شاملة لأفعالة التي يربي بها عبادة لا غير.

بخصوص الآية: هذا موضوع بين عشرات المواضع، فينبغي رد المتشابه للمحكم، ففي رأيك أيهما محكم وأيهما متشابه؟

لكن انظر إلى الآية بعد الموضع الذي ذكرت: {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِـي الْمَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِن قَالَ بَلَى وَلَـكِن لِّيَطْمَئِنَّ قَلْبِي قَالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِّنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ ثُمَّ اجْعَلْ عَلَى كُلِّ جَبَلٍ مِّنْهُنَّ جُزْءاً ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْياً وَاعْلَمْ أَنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} (البقرة : 260 ).

فانظر إلى نهاية الآية التي حكمت وفصلت القول بأن الإماتة والاحياء من لوازم الألوهية. بخلاف الكلام المنسوب إلى سيدنا إبراهيم عليه السلام.

فالكلام في الموضوعين منسوب إلى سيدنا إبراهيم عليه السلام بخلاف الأحكام الصادرة من الله سبحانه وتعالى في جميع الآيات التي سقتها، فكلها نسبت الموت والحياة إلى الله سبحانه وتعالى.

بارك الله فيك ونفع بك،،،
 
عودة
أعلى