أبو عبد المعز
Active member
- إنضم
- 20/04/2003
- المشاركات
- 588
- مستوى التفاعل
- 25
- النقاط
- 28
1-
لا ريب أن أعظم ما يميز هذه الأمة المسلمة هو الربط –الذي لا انفصام له-بين العلم والعمل أو بين الأخلاق والمعرفة...وهذه أم القرآن-المفروض قراؤتها على كل مسلم مرات في اليوم والليلة-نددت برجلين من الناس:ضال ومغضوب عليه وما صارا إلى ما صارا إليه إلا جزاءا على تعسف الفصل بين ما لا ينفصلان.فأخذ أحدهما بالعمل مطرحا العلم فعارضه صاحبه معاكسا واتحدا رغم- تضادهما -في النبذ والسقوط.
لا ريب أن هذه الأمة المسلمة –إلا من استثني-محكومة قدرا باتباع سنن من قبلها ...
فلا عجب أن سرى إليها داء الفصل بين العلم والعمل وهو داء قتال فتاك....وإن كنا لا نعدم بين مسلمي اليوم من يزين لإخوانه هذا الداء ويقدمه لهم في صورة الدواء الترياق...وما العلمانية-التي يراها حلا للتخلف- إلا التجلي السياسي لمبدأ الفصل بين العلم والعمل.....
صحيح إن الغربيين الضالين والمغضوب عليهم لا يرون التفاعل بين العلم والأخلاق....وقد يحكمون على علم الرجل منهم بمعزل من أخلاقه ولا يجدون غضاضة في رفع واحد منهم إلى علياء التقديس العلمي مع أنهم يعرفون أنه في حكم التزكية والخلق معدود في حضيض الحبوان...وهذه ازدواجية خطيرة مآلها إلى نوع من الفصام الثقافي لا تقل خطرا عن الفصام العقلي المسمى سكيزوفرينيا:
-منظر الثورة العمالية وعدو البورجوازية مثلا –ماركس-عاطل يعيش على حساب رفيقه البورجوازي.لا بأس.
-مشرح الثقافة الغربية وقيمها-فوكو-ما أن ينتهي من محاضرته حتى يندس في صفوف الشواذ في علب الليل.لا باس.
-فيلسوفهم الحداثي-شوبنهور-يدعو إلى الانتحار ويقنع الناس بان الحياة غير جديرة أن تعاش....ويكتب ذلك كله وهو جالس إلى مائدة عليها كل ما لذ وطاب...لا بأس.
-شاعرهم الحداثي-بودلير-لا يكاد يستفيق من الخمر والمخدر.لا بأس.
هذه النجوم المتألقة عندهم....لا تزن شيئا عند الذين أنعم الله عليهم....
انظر مثلا إلى أهل الحديث-وفي أهل الحديث تتجلىالثقافة الإسلامية الحقيقية الناصعة-
لقد أسسوا "علم الرجال" وما علم الرجال؟
علم فريد لم يسبق إليه أحد قبلهم ولم يلحقهم أحد بعدهم ....علم يقرر أن العلم بدون أخلاق مطروح أرضا......
العدالة شرط لقبول الحديث.....
الأخلاق شرط لقبول العلم....
هذا دستور المحدث ومبدأ الإسلام.
2-
هذا إبان تصحيح مناهج التفسير.....
ولن يكون ذلك إلا بإدخال المقوم الخلقي مكونا لا بد منه .......
نسمع كثيرا عن تفسير الموضوعيين وتفسير البنائيين وتفسير البيانيين وتفسير الحركيين وتفسيرالاجتماعيين وتفسير العلميين وتفسير الحروفيين والرقميين.....!!!
لكننا لا نسمع شيئا عن" تفسير المتقين"!!!
جرب أن تسأل أستاذا أو شيخا :
-أستاذي أريد أن أجرب حظي في مجال التفسير ،انصحني!
لا شك أن الأستاذ-وهو رجل صالح غالبا-يرشد تلميذه إلى أمور منها :
تعلم العربية،
وتذوق أساليب البلغاء،
وإدمان النظر في كتب المفسرين،
واكتشاف وسبر مناهج العلماء......
لكن من المستبعد أن يقول لتلميذه مثلا:
-إذا أردت أن تكون مفسرا فعليك بصلاة الفجر في مسجدك القريب لا تخطيء جماعة...
أو
-ملكة التفسير تكتسب بالصدقة والاحسان إلى الجار وصلة الرحم.
أو
-علم التفسير يبدأ بالاعتناء بالسمت قبل قراءة "مفردات" الراغب.
قد يخطر بعض هذا في ذهن الأستاذ الصالح لكنه لا يجرؤ أن يشافه تلميذه به مخافة أن ينسبه المسترشد إلى السفه والسخرية وعدم الجدية.
الحقيقة ان التفسير لا يبدأ إلا من هنا:
ويدل عليه ختام أطول آية في كتاب الله:
{ وَاتَّقُواْ اللّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللّهُ وَاللّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} (282) سورة البقرة.
وأفضل علم هو العلم بكلام الله.....وهو تابع للتقوى.
قال القرطبي في تفسير الآية:
وعد من الله تعالى بأن من اتقاه علمه أي يجعل في قلبه نورا يفهم به ما يلقى إليه وقد يجعل الله في قلبه ابتداء فرقانا أي فيصلا يفصل به بين الحق والباطل ومنه قوله تعالى : { يا أيها الذين آمنوا إن تتقوا الله يجعل لكم فرقانا }.
قال الشوكاني مثل ذلك:
{ واتقوا الله } في فعل ما أمركم به وترك ما نهاكم عنه { ويعلمكم الله } ما تحتاجون إليه من العلم وفيه الوعد لمن اتقاه أن يعلمه ومنه قوله تعالى : { إن تتقوا الله يجعل لكم فرقانا }
هذا هو السبيل الذي لا سبيل غيره....
جاء في "العقود الدرية من مناقب شيخ الإسلام أحمد بن تيمية" لمصنفه محمد بن أحمد بن عبد الهادي بن قدامة المقدسي- رحمهم الله-:
وكان رحمه الله-يقصد ابن تيمية- يقول ربما طالعت على الآية الواحدة نحو مائة تفسير ثم أسأل الله الفهم وأقول يا معلم آدم وإبراهيم علمني وكنت أذهب إلى المساجد المهجورة ونحوها وأمرغ وجهي في التراب وأسأل الله تعالى وأقول يا معلم إبراهيم فهمني .
هذا أول درس في مادة التفسير خذه عن ابن تيمية- نظريا وعمليا-!
مائة تفسير يقرؤها واحد من أذكى البشر لكنها لا تجدي حتى تشفع بالتقوى:
إظهار الافتقار إلى الرب جل وعلا،
وسؤال الكريم سبحانه،
والصلاة الخالصة بعيدا عن أعين الناس في المساجد المهجورة...
وأسأل الله تعالى وأقول يا معلم إبراهيم فهمني .
نعم.
نحن في غمرة اعتدادنا بعلمنا نظن أننا قادرون على الاستنباط من القرآن وأننا نستخرج النكت بالمناقيش....وننسب ذلك-زورا- إلى ما نسميه آليات الاستكشاف ومستويات التحليل.....ونجهل الحقيقة السامية وهي أن الكريم صفة للقرآن لا صفة للقاريء....فإن أخذنا منه فبعد موافقته وبفضل كرمه لا بفضل مهاراتنا....
والقرآن لا يبسط مائدته إلا للمتقين..
صحيح قد يقع للفاسق من القرآن نكتة باهرة غابت عن الأبرار أنفسهم.....وما ذاك إلا من الاستدراج فقد تقع عليه غدا شبهة من القرآن تهشم عقيدته.
{ إن تتقوا الله يجعل لكم فرقانا }
التلازم شرطي ومحال ان ينفصلا.
التقوى جزء من التفسير ...وشرط فيه.
وعلى الذين يتصورون القرآن حقل تجارب لاختبار قدراتهم في الاستنباط والاستقراء أو لاختبار ملكتهم الذوقية أو لتفعيل نظرياتهم وفلسفاتهم أن يسألوا أنفسهم ما حظهم من التقوى في كل هذا..
وكم من الركعات في جوف الليل أتوا بها باكين مستعينين بها على فهم آية عليهم أشكلت!!
لا ريب أن أعظم ما يميز هذه الأمة المسلمة هو الربط –الذي لا انفصام له-بين العلم والعمل أو بين الأخلاق والمعرفة...وهذه أم القرآن-المفروض قراؤتها على كل مسلم مرات في اليوم والليلة-نددت برجلين من الناس:ضال ومغضوب عليه وما صارا إلى ما صارا إليه إلا جزاءا على تعسف الفصل بين ما لا ينفصلان.فأخذ أحدهما بالعمل مطرحا العلم فعارضه صاحبه معاكسا واتحدا رغم- تضادهما -في النبذ والسقوط.
لا ريب أن هذه الأمة المسلمة –إلا من استثني-محكومة قدرا باتباع سنن من قبلها ...
فلا عجب أن سرى إليها داء الفصل بين العلم والعمل وهو داء قتال فتاك....وإن كنا لا نعدم بين مسلمي اليوم من يزين لإخوانه هذا الداء ويقدمه لهم في صورة الدواء الترياق...وما العلمانية-التي يراها حلا للتخلف- إلا التجلي السياسي لمبدأ الفصل بين العلم والعمل.....
صحيح إن الغربيين الضالين والمغضوب عليهم لا يرون التفاعل بين العلم والأخلاق....وقد يحكمون على علم الرجل منهم بمعزل من أخلاقه ولا يجدون غضاضة في رفع واحد منهم إلى علياء التقديس العلمي مع أنهم يعرفون أنه في حكم التزكية والخلق معدود في حضيض الحبوان...وهذه ازدواجية خطيرة مآلها إلى نوع من الفصام الثقافي لا تقل خطرا عن الفصام العقلي المسمى سكيزوفرينيا:
-منظر الثورة العمالية وعدو البورجوازية مثلا –ماركس-عاطل يعيش على حساب رفيقه البورجوازي.لا بأس.
-مشرح الثقافة الغربية وقيمها-فوكو-ما أن ينتهي من محاضرته حتى يندس في صفوف الشواذ في علب الليل.لا باس.
-فيلسوفهم الحداثي-شوبنهور-يدعو إلى الانتحار ويقنع الناس بان الحياة غير جديرة أن تعاش....ويكتب ذلك كله وهو جالس إلى مائدة عليها كل ما لذ وطاب...لا بأس.
-شاعرهم الحداثي-بودلير-لا يكاد يستفيق من الخمر والمخدر.لا بأس.
هذه النجوم المتألقة عندهم....لا تزن شيئا عند الذين أنعم الله عليهم....
انظر مثلا إلى أهل الحديث-وفي أهل الحديث تتجلىالثقافة الإسلامية الحقيقية الناصعة-
لقد أسسوا "علم الرجال" وما علم الرجال؟
علم فريد لم يسبق إليه أحد قبلهم ولم يلحقهم أحد بعدهم ....علم يقرر أن العلم بدون أخلاق مطروح أرضا......
العدالة شرط لقبول الحديث.....
الأخلاق شرط لقبول العلم....
هذا دستور المحدث ومبدأ الإسلام.
2-
هذا إبان تصحيح مناهج التفسير.....
ولن يكون ذلك إلا بإدخال المقوم الخلقي مكونا لا بد منه .......
نسمع كثيرا عن تفسير الموضوعيين وتفسير البنائيين وتفسير البيانيين وتفسير الحركيين وتفسيرالاجتماعيين وتفسير العلميين وتفسير الحروفيين والرقميين.....!!!
لكننا لا نسمع شيئا عن" تفسير المتقين"!!!
جرب أن تسأل أستاذا أو شيخا :
-أستاذي أريد أن أجرب حظي في مجال التفسير ،انصحني!
لا شك أن الأستاذ-وهو رجل صالح غالبا-يرشد تلميذه إلى أمور منها :
تعلم العربية،
وتذوق أساليب البلغاء،
وإدمان النظر في كتب المفسرين،
واكتشاف وسبر مناهج العلماء......
لكن من المستبعد أن يقول لتلميذه مثلا:
-إذا أردت أن تكون مفسرا فعليك بصلاة الفجر في مسجدك القريب لا تخطيء جماعة...
أو
-ملكة التفسير تكتسب بالصدقة والاحسان إلى الجار وصلة الرحم.
أو
-علم التفسير يبدأ بالاعتناء بالسمت قبل قراءة "مفردات" الراغب.
قد يخطر بعض هذا في ذهن الأستاذ الصالح لكنه لا يجرؤ أن يشافه تلميذه به مخافة أن ينسبه المسترشد إلى السفه والسخرية وعدم الجدية.
الحقيقة ان التفسير لا يبدأ إلا من هنا:
ويدل عليه ختام أطول آية في كتاب الله:
{ وَاتَّقُواْ اللّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللّهُ وَاللّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} (282) سورة البقرة.
وأفضل علم هو العلم بكلام الله.....وهو تابع للتقوى.
قال القرطبي في تفسير الآية:
وعد من الله تعالى بأن من اتقاه علمه أي يجعل في قلبه نورا يفهم به ما يلقى إليه وقد يجعل الله في قلبه ابتداء فرقانا أي فيصلا يفصل به بين الحق والباطل ومنه قوله تعالى : { يا أيها الذين آمنوا إن تتقوا الله يجعل لكم فرقانا }.
قال الشوكاني مثل ذلك:
{ واتقوا الله } في فعل ما أمركم به وترك ما نهاكم عنه { ويعلمكم الله } ما تحتاجون إليه من العلم وفيه الوعد لمن اتقاه أن يعلمه ومنه قوله تعالى : { إن تتقوا الله يجعل لكم فرقانا }
هذا هو السبيل الذي لا سبيل غيره....
جاء في "العقود الدرية من مناقب شيخ الإسلام أحمد بن تيمية" لمصنفه محمد بن أحمد بن عبد الهادي بن قدامة المقدسي- رحمهم الله-:
وكان رحمه الله-يقصد ابن تيمية- يقول ربما طالعت على الآية الواحدة نحو مائة تفسير ثم أسأل الله الفهم وأقول يا معلم آدم وإبراهيم علمني وكنت أذهب إلى المساجد المهجورة ونحوها وأمرغ وجهي في التراب وأسأل الله تعالى وأقول يا معلم إبراهيم فهمني .
هذا أول درس في مادة التفسير خذه عن ابن تيمية- نظريا وعمليا-!
مائة تفسير يقرؤها واحد من أذكى البشر لكنها لا تجدي حتى تشفع بالتقوى:
إظهار الافتقار إلى الرب جل وعلا،
وسؤال الكريم سبحانه،
والصلاة الخالصة بعيدا عن أعين الناس في المساجد المهجورة...
وأسأل الله تعالى وأقول يا معلم إبراهيم فهمني .
نعم.
نحن في غمرة اعتدادنا بعلمنا نظن أننا قادرون على الاستنباط من القرآن وأننا نستخرج النكت بالمناقيش....وننسب ذلك-زورا- إلى ما نسميه آليات الاستكشاف ومستويات التحليل.....ونجهل الحقيقة السامية وهي أن الكريم صفة للقرآن لا صفة للقاريء....فإن أخذنا منه فبعد موافقته وبفضل كرمه لا بفضل مهاراتنا....
والقرآن لا يبسط مائدته إلا للمتقين..
صحيح قد يقع للفاسق من القرآن نكتة باهرة غابت عن الأبرار أنفسهم.....وما ذاك إلا من الاستدراج فقد تقع عليه غدا شبهة من القرآن تهشم عقيدته.
{ إن تتقوا الله يجعل لكم فرقانا }
التلازم شرطي ومحال ان ينفصلا.
التقوى جزء من التفسير ...وشرط فيه.
وعلى الذين يتصورون القرآن حقل تجارب لاختبار قدراتهم في الاستنباط والاستقراء أو لاختبار ملكتهم الذوقية أو لتفعيل نظرياتهم وفلسفاتهم أن يسألوا أنفسهم ما حظهم من التقوى في كل هذا..
وكم من الركعات في جوف الليل أتوا بها باكين مستعينين بها على فهم آية عليهم أشكلت!!