أبو الخير صلاح كرنبه
New member
- إنضم
- 18/07/2007
- المشاركات
- 627
- مستوى التفاعل
- 0
- النقاط
- 16
[align=center]المنهج إلى التذوق البلاغي للقصيدة العربية
منهج فقه الشعر وتذوقه[/align]
فقه الشعر وتذوقه ونقده ليس فعلا إنسانيا تمارسه الدهماء بل هو عمل آدمى يعالجه الصفوة. وإذا ما كان عملا لا فعلا فهو قائم على علم وقصد واحتشاد ، حتى يستحيل بالخبرة والدربة وطول المراس صناعة.
وهو لا يستحيل من كونه فعلا إلى كونه عملا ثم صناعة إلا إذا كان هنالك منهاج ينتهج يضبط الحركة ، ويرصد الغاية.
وهو إذ يضبط إنما يضبط ضبطا متآخيا مع واقع ما ينتهج فيه وإليه ، فلا يتعبد برسومه ، ولكن يسترشد بمعالمه. ومن ثم لا تكون إقامة معالمه للتطبيق ، بل للاستهداء به فى التحليل.
الدراسات التطبيقية لا تتواءم مع حقيقة البيان وطبيعته ومن ثم فإن المنهج التطبيقى لا أراه صالحا لقراءة الشعر وتذوقه ونقده.
المنهج التحليلى هو سبيل الرشاد إلى ذلك
ذلك بيان حقيقة المنهاج الواضح إلى قراءة الشعر: منهاج التحليل والتفصيل والتـتبع لكل شئ. ورفض الإجمال والإبهام وهو حين يجعل القراءة البيانية للشعر قراءة تحليلية فاحصة كل مكوناته ومكنوناته واقفة على ما هو الحسن العلى وما هو من دون ذلك لا يرتضى من القارئ المحلل والمتذوق المفصل أن تكون دعامته فى الاستحسان والاستقباح من غير تبيان بواعث الاستحسان والاستقباح ، وهذا لن يكون إذا كان موقفه قائما من الإحساس الذاتى غير الموضوعى.
المنهج الأمثل والأشرف ثلاثى الأبعاد : تحليلى تأويلى تعليلى ، وكل هذا لابد أن يكون بلسان وعقل وقلب وهم عربى فمن شاء غير ذلك فقد أضل0وإن مناط التحليل … من ذلك البيان شامل كل مكوناته الصوتية والمعنوية ومكنوناته فيه وشامل أيضا السياق الخارجى (المقامى) وملابساته بمقدار ما يعين على حسن القراءة تحليلا وتأويلا وتعليلا.
بناء القصيدة العربية التى هى مرمى قصدنا هنا إنما هو قائم من أبعاد ثلاثة : التركيب والتصوير والتنغيم التركيب مفض إلى صورة ، والصورة من تركيب وتنغيم والتنغيم لا يكون إلا من تركيب والتركيب فى نفسه مستويات. تركيب كلم من حروف وحركات وتركيب جمله نحوية من كلم وتركيب جملة شعرية من جمل نحوية وتركيب معقد من جمل شعرية وتركيب النص كله من معاقد ، فهذه خمسة مستويات للتركيب .
وكل هذه المكونات الخاضعة للتركيب تشكل الصورة : صورة المعنى - وهو ما يسمى بالصورة العامة أو الصورة الفنية - وصورة الدلالة التى هى المعروفة عند البلاغيين بالصورة البيانية التشبيه والمجاز والكناية فلدينا ضربان من الصور: صورة مدلول وصورة دلالة أما الدال فهو مادة الصورة
كل هذا يكون مناط تحليل وتأويل وتعليل.
وكذلك التنغيم فى الشعر إنما يتولد من التركيب ، وهو أيضا ضربان:
الضـرب الأول: إيقاع نعم الحركات والأحرف فى الكلمة وإيقاع أنغام الكلم فى الجملة... الخ وهو ما يعرف عند المحدثين بالنغم الداخلى
والضرب الآخر فى التنغيم فى الشعر هو إيقاع النغم الآتى من الوزن والقافية والرّوىّ.
كل ذلك يكون مناط القراءة التحليلية التأويلية التعليلية وغير خفى أن القارئ لن يكون فى تحليله وتأويله وتعليله على درجة سواء فى هذه الأشياء جميعها فيعدل فى قسم قراءته عليها.
فى القراء من يعنى بالتراكيب وليس فى كل مواطن التركيب ومنهم من يعنى بالتصوير وشئ من التركيب والتنغيم وقليل من عنى فى قراءة الشعر العربى بتحليل النغم وتأويله وتعليله.
وإذا ما نظرنا فى صنيع "عبد القاهر" محللا ومؤولا ومعللا. فإنا نجده قد اتخذ فى هذا موقفين :
(الموقف الأول) كان يشير فيه وبينه على مكان الخبيئ ليطلب والآخر كان يمارس هو بنفسه طلب ذلك الخبئ واستخراجه.
(الموقف الآخر)
إذا ما كان الذى مضى هو الموقف الأول ، فإن الآخر كان فيه "عبد القاهر" لا يكتفى بالدلالة على معدن الحسن بل يمارس هو بنفسه استخراج ذلك الحسن وتحليل البيان وتذوقه.
وهذا كثير فى كتابيه : "الدلائل والأسرار" يجد المرء نفسـه جـدَّ مفتقر إلى أن يقيم معتكفًاعلى استبصار منهاجه فيهما .
ولعل الذى هو العلم فى هذا موقفه من أبيات "ابن الطثرية"المشهورة :
[poem=font="Simplified Arabic,7,red,bold,normal" bkcolor="transparent" bkimage="backgrounds/3.gif" border="none,4,gray" type=2 line=0 align=center use=ex num="0,black"]
ولمَّا قضَينا منْ منًى كُـلَّ حَاجَة=ومسَّح بالأرْكان مَن هُو ماسحُ
وشدَّت على دُهْم المَهارَى رحالُنا=ولَم ينظرالغَادي الَّذي هُو رائحُ
أخَذنا بأطْراف الأحاديث بينَـنا=وسالت بأعناق المُطيّ الأباطحُ[/poem]
قد كان موقفه التحليلى التأويلى التعليلى لهذه الأبيات مناط استحسان ممن جاء بعده ، لما بدا منه ولم
[poem=font="Simplified Arabic,7,red,bold,normal" bkcolor="transparent" bkimage="backgrounds/3.gif" border="none,4,gray" type=2 line=0 align=center use=ex num="0,black"]
يكن من غيره خلا "أبى=الفتح عثمان بن جنى"[/poem]
بملكك أن تقول مع الأمام "عبد القاهر" فى هذه الصورة الشعرية وقد أجاد وأحسن إحسانا ولكنه ليس الذى لم يترك لك ما يمكن أن تقوله بل كم ترك الإمام لنا أن نقول ، وقد أغرانا بأن نقول وحضنا على أن نسافر فى مجاهل تلك الصورة الفنية.
وعبد القاهر فى كتابيه "الدلائل " و "الأسرار" كثيرة جليلة مواقفُه التحليليةُ التأويليةُ التعليليةُ لآيات الحسن والإحسان. ولا سيما فى الكلمة الشاعرة. ومن شاء أن يتعلم منها منهاج القراءة التحليلية ومسالك التأويل البيانى ومسارب التعليل الموضوعى المستمد من ذات البيان ، فإنه الواجد ما يتقاطر عليه نداه أولا ، فإن أحسن التلقى وأستشرف الأفق الأعلى وسعى تهاطلت عليه الفيوض السخية.
وطالب علم بيان العربية فى الكتاب والسنة ، وفى الكلمة الشاعرة تكون عنايته باستبصار مناهج العلماء فى القراءة تحليلا وتأويلا وتعليلا وكيفيتهم فى هذا لا تقل عن عنايته بما قالوا ، فيعقله ويفقهه إن لم تكن عنايته باستبصار المناهج أعلى.
ومن ثم فإن الإحسان إلى طلبة العلم أن يكون فريضة عليهم السعى إلى استبصار مناهج العلماء فى التفكير واستخراج المعرفة وتحقيقها وتحريرها.
وإذا كانت هذه الأسطر أخطها فى باب منهج فقه شعر العربية فإنى موقن أن منهج القراءة العربية للشعر العربى لسانا وعقلا وقلبا وهما إنما هو على لا حب الطريق وجادة السبيل القويم إلى فقه بيان الوحى كتابا وسنة ، ذلك الفقه الذى لن يصلح عملنا: قولا وفعلا إلا بحسن تحقيقه وتحريره.
فحسن فقه بيان العربية شعرا ونثرا هو من علوم الدين وليس من علوم الدنيا التى لا يضر فى الآخرة جهلها ،
[align=center]أداة فقــــــــــــــــــه الشعــــــــــر[/align]
والحديث المفصل فى آلات وأدوات فقه الشعر جد وسيع غير أنك بملكك أن تجمله فى اثنتين: الطبع والمعرفة المهم أن أدوات فقه الشعر وآلاته جماعها الذوق والمعرفة وهذه المعرفة ضربان: معرفة مكتسبة من خارج المرء "معرفة نظرية" ومعرفة مكتسبة من فعله هى "معرفة الممارسة"
ومن ثم يمكن أن أقول إن أدوات فقه الشعر ثلاثة على التفصيل الذوق (الطبع/ الطبيعة) ثم المعرفة (أو الدراية) ثم الدربة (أو الممارسة والخبرة)
"ابن سلام الجمحى" اصطفى كلمة (صناعة) فجمع الآلات الثلاث: الطبع والمعرفة والدربة
فـ : (الذوق) منحة و(الممارسة) اجتهاد ذاتى.
و"الذوق" الذى هو (حصول ملكة البلاغة للسان) التى هى مطابقة الكلام للمعنى من جميع وجوهه بخواص تقع للتراكيب فى إفادة ذلك إنما تكون من مخالطة كلام العرب والاستماع إليه وممارسته وتكرره على السمع والتفطن لخواص تراكيبه ،....
لكن الذوق (الطبع / الطبيعة) ابتداء هبة لا يكتسب أصل وجودها ، وهى كطبع إبداع الشعر لا يتأتى لك أن تمنح إنسانا ما عري عنه اقتدارا على أن يقول ما ينمى إلى الشعر ، وإن كانت بملكك بالمدارسة وكثرة التعهد أن ينظم قولا موزونا معقودا بقواف غير انه عن الشعر الذى هو علم العرب وديوان مجدهم إنما هو جد زنيم.
هذا الذوق فى طوره الأول الموهوب الذى فطر صاحبه عليه ليس بملكه أن يعيش فضلا عن أن يثمر وحيدا غير ممزوج بأشياء أخر.
حياته وأثماره من أمرين المدارسة والممارسة
"ضياء الدين بن الأثير" (ت 637 هـ) يذهب إلى أن من ركب الله عز وجل فيه طبعاً قابلاً لإبداع البيان ولا سيما الشعر فانه يفتقر مع هذا الطبع والذوق إلى ثمانية أنواع من الآلات التى هى علوم ومعارف ، والحق أن هذه الآلات (المعارف والعلوم) أقرب إلى الثمانين وليس الثمانية التى ذكرها ابن الأثير(10)
غلب على ما ذكره علوم اللسان ، وثم علوم لا يقل افتقار الشاعر إليها عن افتقاره إلى تلك العلوم التى ذكرها. فاتساع معارف الشاعر المطبوع يعلى من قدره ويجعله سالكا مسالك غير مألوفة فى الإبداع فيدهش.
واقتصار المتفقه المتذوق على معارف اللسان ومذاهب الشعراء فى البيان والاعراض عما تتداول العقول من المعارف الإنسانية على اختلاف الإعصار والأمصار ولا سيما عصر الشعر المتذوق ومصره ، إنما هو آفة كثير ممن قام لفقه الشعر وتذوقه.
فإن الأمر كمثله فى متذوق الشعر لا يكفى طبعه وذوقه فلابد من اتساع المعرفة وتنوعها
وإذا ما كان الطبع (الذوق) الممزوج به المعرفة والمدارسة لهما تلك المنزلة فى فقه الشعر وتذوقه فإن الممارسة والرياضة والدربة والمران فى قراءة الشعر وتذوقه وتحليله ليعلى شأنهما
...فابو تمام والفرزدق ممارسة قراءة شعرهما تحليلا وتأويلا هى التى تمنح صاحبها الاقتدار على استبصار طاقات العربية البيانية، على الرغم من ان جريرا و البحترى شعرهما امتع وارق واقوى على ادخال البهجة ونشر الاريحية.
وتخليص القول فى هذا أن أداة فقه الشعر وقراءته تحليلا وتأويلا وتعليلا انما هو ذوق مازجته مدارسة وممارسة. وأن الذوق وحده وإن كان جليلا عاجز عن أن يعيش فضلا أن يقتدر على النفاذ فى مسارب المعنى الشعرى فى القصيدة مثلما المعرفة والمدارسة والممارسة والدربة وحدهما بغير ذوق لا يكون منهما إلا غثاء.
منــــقـــــــــول
[align=center]للموضوع بقية إن شاء الله[/align]
منهج فقه الشعر وتذوقه[/align]
فقه الشعر وتذوقه ونقده ليس فعلا إنسانيا تمارسه الدهماء بل هو عمل آدمى يعالجه الصفوة. وإذا ما كان عملا لا فعلا فهو قائم على علم وقصد واحتشاد ، حتى يستحيل بالخبرة والدربة وطول المراس صناعة.
وهو لا يستحيل من كونه فعلا إلى كونه عملا ثم صناعة إلا إذا كان هنالك منهاج ينتهج يضبط الحركة ، ويرصد الغاية.
وهو إذ يضبط إنما يضبط ضبطا متآخيا مع واقع ما ينتهج فيه وإليه ، فلا يتعبد برسومه ، ولكن يسترشد بمعالمه. ومن ثم لا تكون إقامة معالمه للتطبيق ، بل للاستهداء به فى التحليل.
الدراسات التطبيقية لا تتواءم مع حقيقة البيان وطبيعته ومن ثم فإن المنهج التطبيقى لا أراه صالحا لقراءة الشعر وتذوقه ونقده.
المنهج التحليلى هو سبيل الرشاد إلى ذلك
ذلك بيان حقيقة المنهاج الواضح إلى قراءة الشعر: منهاج التحليل والتفصيل والتـتبع لكل شئ. ورفض الإجمال والإبهام وهو حين يجعل القراءة البيانية للشعر قراءة تحليلية فاحصة كل مكوناته ومكنوناته واقفة على ما هو الحسن العلى وما هو من دون ذلك لا يرتضى من القارئ المحلل والمتذوق المفصل أن تكون دعامته فى الاستحسان والاستقباح من غير تبيان بواعث الاستحسان والاستقباح ، وهذا لن يكون إذا كان موقفه قائما من الإحساس الذاتى غير الموضوعى.
المنهج الأمثل والأشرف ثلاثى الأبعاد : تحليلى تأويلى تعليلى ، وكل هذا لابد أن يكون بلسان وعقل وقلب وهم عربى فمن شاء غير ذلك فقد أضل0وإن مناط التحليل … من ذلك البيان شامل كل مكوناته الصوتية والمعنوية ومكنوناته فيه وشامل أيضا السياق الخارجى (المقامى) وملابساته بمقدار ما يعين على حسن القراءة تحليلا وتأويلا وتعليلا.
بناء القصيدة العربية التى هى مرمى قصدنا هنا إنما هو قائم من أبعاد ثلاثة : التركيب والتصوير والتنغيم التركيب مفض إلى صورة ، والصورة من تركيب وتنغيم والتنغيم لا يكون إلا من تركيب والتركيب فى نفسه مستويات. تركيب كلم من حروف وحركات وتركيب جمله نحوية من كلم وتركيب جملة شعرية من جمل نحوية وتركيب معقد من جمل شعرية وتركيب النص كله من معاقد ، فهذه خمسة مستويات للتركيب .
وكل هذه المكونات الخاضعة للتركيب تشكل الصورة : صورة المعنى - وهو ما يسمى بالصورة العامة أو الصورة الفنية - وصورة الدلالة التى هى المعروفة عند البلاغيين بالصورة البيانية التشبيه والمجاز والكناية فلدينا ضربان من الصور: صورة مدلول وصورة دلالة أما الدال فهو مادة الصورة
كل هذا يكون مناط تحليل وتأويل وتعليل.
وكذلك التنغيم فى الشعر إنما يتولد من التركيب ، وهو أيضا ضربان:
الضـرب الأول: إيقاع نعم الحركات والأحرف فى الكلمة وإيقاع أنغام الكلم فى الجملة... الخ وهو ما يعرف عند المحدثين بالنغم الداخلى
والضرب الآخر فى التنغيم فى الشعر هو إيقاع النغم الآتى من الوزن والقافية والرّوىّ.
كل ذلك يكون مناط القراءة التحليلية التأويلية التعليلية وغير خفى أن القارئ لن يكون فى تحليله وتأويله وتعليله على درجة سواء فى هذه الأشياء جميعها فيعدل فى قسم قراءته عليها.
فى القراء من يعنى بالتراكيب وليس فى كل مواطن التركيب ومنهم من يعنى بالتصوير وشئ من التركيب والتنغيم وقليل من عنى فى قراءة الشعر العربى بتحليل النغم وتأويله وتعليله.
وإذا ما نظرنا فى صنيع "عبد القاهر" محللا ومؤولا ومعللا. فإنا نجده قد اتخذ فى هذا موقفين :
(الموقف الأول) كان يشير فيه وبينه على مكان الخبيئ ليطلب والآخر كان يمارس هو بنفسه طلب ذلك الخبئ واستخراجه.
(الموقف الآخر)
إذا ما كان الذى مضى هو الموقف الأول ، فإن الآخر كان فيه "عبد القاهر" لا يكتفى بالدلالة على معدن الحسن بل يمارس هو بنفسه استخراج ذلك الحسن وتحليل البيان وتذوقه.
وهذا كثير فى كتابيه : "الدلائل والأسرار" يجد المرء نفسـه جـدَّ مفتقر إلى أن يقيم معتكفًاعلى استبصار منهاجه فيهما .
ولعل الذى هو العلم فى هذا موقفه من أبيات "ابن الطثرية"المشهورة :
[poem=font="Simplified Arabic,7,red,bold,normal" bkcolor="transparent" bkimage="backgrounds/3.gif" border="none,4,gray" type=2 line=0 align=center use=ex num="0,black"]
ولمَّا قضَينا منْ منًى كُـلَّ حَاجَة=ومسَّح بالأرْكان مَن هُو ماسحُ
وشدَّت على دُهْم المَهارَى رحالُنا=ولَم ينظرالغَادي الَّذي هُو رائحُ
أخَذنا بأطْراف الأحاديث بينَـنا=وسالت بأعناق المُطيّ الأباطحُ[/poem]
قد كان موقفه التحليلى التأويلى التعليلى لهذه الأبيات مناط استحسان ممن جاء بعده ، لما بدا منه ولم
[poem=font="Simplified Arabic,7,red,bold,normal" bkcolor="transparent" bkimage="backgrounds/3.gif" border="none,4,gray" type=2 line=0 align=center use=ex num="0,black"]
يكن من غيره خلا "أبى=الفتح عثمان بن جنى"[/poem]
بملكك أن تقول مع الأمام "عبد القاهر" فى هذه الصورة الشعرية وقد أجاد وأحسن إحسانا ولكنه ليس الذى لم يترك لك ما يمكن أن تقوله بل كم ترك الإمام لنا أن نقول ، وقد أغرانا بأن نقول وحضنا على أن نسافر فى مجاهل تلك الصورة الفنية.
وعبد القاهر فى كتابيه "الدلائل " و "الأسرار" كثيرة جليلة مواقفُه التحليليةُ التأويليةُ التعليليةُ لآيات الحسن والإحسان. ولا سيما فى الكلمة الشاعرة. ومن شاء أن يتعلم منها منهاج القراءة التحليلية ومسالك التأويل البيانى ومسارب التعليل الموضوعى المستمد من ذات البيان ، فإنه الواجد ما يتقاطر عليه نداه أولا ، فإن أحسن التلقى وأستشرف الأفق الأعلى وسعى تهاطلت عليه الفيوض السخية.
وطالب علم بيان العربية فى الكتاب والسنة ، وفى الكلمة الشاعرة تكون عنايته باستبصار مناهج العلماء فى القراءة تحليلا وتأويلا وتعليلا وكيفيتهم فى هذا لا تقل عن عنايته بما قالوا ، فيعقله ويفقهه إن لم تكن عنايته باستبصار المناهج أعلى.
ومن ثم فإن الإحسان إلى طلبة العلم أن يكون فريضة عليهم السعى إلى استبصار مناهج العلماء فى التفكير واستخراج المعرفة وتحقيقها وتحريرها.
وإذا كانت هذه الأسطر أخطها فى باب منهج فقه شعر العربية فإنى موقن أن منهج القراءة العربية للشعر العربى لسانا وعقلا وقلبا وهما إنما هو على لا حب الطريق وجادة السبيل القويم إلى فقه بيان الوحى كتابا وسنة ، ذلك الفقه الذى لن يصلح عملنا: قولا وفعلا إلا بحسن تحقيقه وتحريره.
فحسن فقه بيان العربية شعرا ونثرا هو من علوم الدين وليس من علوم الدنيا التى لا يضر فى الآخرة جهلها ،
[align=center]أداة فقــــــــــــــــــه الشعــــــــــر[/align]
والحديث المفصل فى آلات وأدوات فقه الشعر جد وسيع غير أنك بملكك أن تجمله فى اثنتين: الطبع والمعرفة المهم أن أدوات فقه الشعر وآلاته جماعها الذوق والمعرفة وهذه المعرفة ضربان: معرفة مكتسبة من خارج المرء "معرفة نظرية" ومعرفة مكتسبة من فعله هى "معرفة الممارسة"
ومن ثم يمكن أن أقول إن أدوات فقه الشعر ثلاثة على التفصيل الذوق (الطبع/ الطبيعة) ثم المعرفة (أو الدراية) ثم الدربة (أو الممارسة والخبرة)
"ابن سلام الجمحى" اصطفى كلمة (صناعة) فجمع الآلات الثلاث: الطبع والمعرفة والدربة
فـ : (الذوق) منحة و(الممارسة) اجتهاد ذاتى.
و"الذوق" الذى هو (حصول ملكة البلاغة للسان) التى هى مطابقة الكلام للمعنى من جميع وجوهه بخواص تقع للتراكيب فى إفادة ذلك إنما تكون من مخالطة كلام العرب والاستماع إليه وممارسته وتكرره على السمع والتفطن لخواص تراكيبه ،....
لكن الذوق (الطبع / الطبيعة) ابتداء هبة لا يكتسب أصل وجودها ، وهى كطبع إبداع الشعر لا يتأتى لك أن تمنح إنسانا ما عري عنه اقتدارا على أن يقول ما ينمى إلى الشعر ، وإن كانت بملكك بالمدارسة وكثرة التعهد أن ينظم قولا موزونا معقودا بقواف غير انه عن الشعر الذى هو علم العرب وديوان مجدهم إنما هو جد زنيم.
هذا الذوق فى طوره الأول الموهوب الذى فطر صاحبه عليه ليس بملكه أن يعيش فضلا عن أن يثمر وحيدا غير ممزوج بأشياء أخر.
حياته وأثماره من أمرين المدارسة والممارسة
"ضياء الدين بن الأثير" (ت 637 هـ) يذهب إلى أن من ركب الله عز وجل فيه طبعاً قابلاً لإبداع البيان ولا سيما الشعر فانه يفتقر مع هذا الطبع والذوق إلى ثمانية أنواع من الآلات التى هى علوم ومعارف ، والحق أن هذه الآلات (المعارف والعلوم) أقرب إلى الثمانين وليس الثمانية التى ذكرها ابن الأثير(10)
غلب على ما ذكره علوم اللسان ، وثم علوم لا يقل افتقار الشاعر إليها عن افتقاره إلى تلك العلوم التى ذكرها. فاتساع معارف الشاعر المطبوع يعلى من قدره ويجعله سالكا مسالك غير مألوفة فى الإبداع فيدهش.
واقتصار المتفقه المتذوق على معارف اللسان ومذاهب الشعراء فى البيان والاعراض عما تتداول العقول من المعارف الإنسانية على اختلاف الإعصار والأمصار ولا سيما عصر الشعر المتذوق ومصره ، إنما هو آفة كثير ممن قام لفقه الشعر وتذوقه.
فإن الأمر كمثله فى متذوق الشعر لا يكفى طبعه وذوقه فلابد من اتساع المعرفة وتنوعها
وإذا ما كان الطبع (الذوق) الممزوج به المعرفة والمدارسة لهما تلك المنزلة فى فقه الشعر وتذوقه فإن الممارسة والرياضة والدربة والمران فى قراءة الشعر وتذوقه وتحليله ليعلى شأنهما
...فابو تمام والفرزدق ممارسة قراءة شعرهما تحليلا وتأويلا هى التى تمنح صاحبها الاقتدار على استبصار طاقات العربية البيانية، على الرغم من ان جريرا و البحترى شعرهما امتع وارق واقوى على ادخال البهجة ونشر الاريحية.
وتخليص القول فى هذا أن أداة فقه الشعر وقراءته تحليلا وتأويلا وتعليلا انما هو ذوق مازجته مدارسة وممارسة. وأن الذوق وحده وإن كان جليلا عاجز عن أن يعيش فضلا أن يقتدر على النفاذ فى مسارب المعنى الشعرى فى القصيدة مثلما المعرفة والمدارسة والممارسة والدربة وحدهما بغير ذوق لا يكون منهما إلا غثاء.
منــــقـــــــــول
[align=center]للموضوع بقية إن شاء الله[/align]