همام النجدي
New member
- إنضم
- 03/03/2009
- المشاركات
- 16
- مستوى التفاعل
- 0
- النقاط
- 1
الملحوظات المنهجية على كتاب: المصباح المنير في تهذيب تفسير ابن كثير
كتبه/عبد الرحمن بن فهد الودعان الدوسري
الحمد لله رب العالمين وأصلي وأسلم على المبعوث رحمة للعالمين نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فلا يزال الناس بحمد الله تعالى حريصين على معرفة تفسير كلام الله تعالى، كما إنهم لا يزالون يحرصون على تفسيرٍ موثوقٍ عِلميا وعَقديا؛ فلذلك كثر اهتمام العلماء بتفسير الإمام ابن كثير رحمه الله تعالى، ومع كثرة التفاسير إلا إن هذا التفسير في عصرنا هو الْمُقَدَّمُ عند أهل العلم، ولأجل هذا كثرت اختصاراته لتسهيله على الناس في هذا العصر، واختلفت هذه الاختصارات في طريقتها وجودتها، ومن أشهرها في السنوات الأخيرة الاختصار المسمى: (المصباح المنير في تهذيب تفسير ابن كثير) لجماعة من العلماء بإشراف الشيخ صفي الرحمن المباركفوري رحمه الله تعالى، وقد تداوله الناس وأثنى عليه جمع من العلماء وطلبة العلم، ولا شك أنه قد بُذل فيه جهد مشكور أسأل الله تعالى أن يغفر لمن شارك فيه من الأحياء والأموات.
ولأجل ذلك فقد كنت أحرص عليه في قراءتي للتفسير لسهولة حمله وثناء بعض العلماء عليه، فكنت أصطحبه في سفري وإلى مقر عملي وغيره للاستفادة منه؛ إلا إنه كانت تستوقفني فيه بعض المواضع أستشكلها منه، فإذا رجعت إلى الأصل وجدت أن الأمر غير مشكل، فتبين لي وجود بعض الخلل في الاختصار مما حداني لتقييد بعض الملحوظات عليه في الصفحة الأخيرة من الكتاب، حتى اجتمع لديَّ ملحوظاتٌ متعددة متنوعة؛ فأحببت نشرها ليطلع عليها أهلُ العلم وينزلوه منزلته التي ينبغي أن يكون فيها، ولعله يتسنى لبعض المختصين بالتفسير وضع دراسة لمختصرات تفسير ابن كثير لبيان أحسنها وأسهلها.
وهذه الملحوظات متفاوتة الأهمية ولا تعد دراسة علمية بقدر ما هي إشارات وقفت عليها عند قراءتي للتفسير من غير تتبع أو قصدٍ لدراسة الكتاب والحكم عليه، فهي تفتح بابًا لأهل العلم المتخصصين في الدراسات القرآنية للنظر في الكتاب نظرة فاحصة لبيان ماله وما عليه، كما إنها تدعو أهل العلم لعدم التعجل بالحكم الجازم لواحد من مختصرات تفسير ابن كثير بأنه أحسن المختصرات أو من أحسنها دون تأمُّلٍ ومقارنة وفحص دقيق؛ وبخاصة لارتباط الموضوع بكتاب الله تعالى، ثم بتفسير ٍهو أشهر التفاسير السلفية الموثوق بها على الإطلاق، وأكثرها تداولا بين طلبة العلم.
كما إن هذه الملحوظات تدعو مَن بقي مِن القائمين على اختصار الكتاب والإشراف عليه إلى إعادة النظر في منهج الاختصار الذي ساروا عليه وتوضيحه للقرَّاء، وتلافي ما يمكن من الملحوظات الواردة عليه ليكون العمل أكثر إتقانا وأرقى لدرجات الكمال البشري الممكن.
وأنا هنا لا أزعم أن مختصرًا من المختصرات أحسنها أو أن مختصرا هو أسوؤها إذ هذا يحتاج إلى دراسة مقارنة متأنية، ولعل من أجود المختصرات لتفسير ابن كثير: مختصر العلامة أحمد شاكر المسمى: عمدة التفسير(وقد طبع كاملا)، وكذا المختصر المسمى: اليسير في اختصار تفسير ابن كثير لجماعة من الشيوخ بإشراف معالي الشيخ الدكتور صالح بن عبد الله بن حميد، وما قلته هنا مجرد إشارة إليهما ونظرةٍ عَجْلى، وليس حكمًا صادرًا عن دراسة للكتابين إنما هو انطباع من النظر في مواضع منهما مع مقارنتها بغيرها، وأنا بانتظار الدراسة المقترحة لمختصرات ابن كثير.
وهذا بيان بأهم الملحوظات التي وقفت عليها، وقد يقف غيري على ما هو أهم وأولى منها، وعذري أني لم أقصد دراسة الكتاب كما تقدم:
1- أول ملحوظة تستوقفنا هي: عدم وجود منهج واضح مكتوب يسير عليه هذا المختصر، فأنتَ إذا طالعتَ مقدمة الكتاب لا تجد أن المختصرين قد انتهجوا منهجا واضحا مكتوبا ليتبين للقارئ الطريقة التي ساروا عليها في الاختصار، وإنما ذُكرت إشارات يسيرة لا تغني في مثل هذا المشروع الجليل.
2- إن من أهم ما وقفت عليه من خلل في الاختصار: حَذْفُ تفسير بعض الآيات أو الكلمات مع أنه موجود في الأصل، فلا أدري لم حُذِف هذا؛ مع أنه ليس من الاختصار في شيء، فلربما أردتَّ تفسير بعض الكلمات أو الآيات فلا تجده في المختصر، فإذا رجعت للأصل وجدته فيه، وسأذكر ما وقفت عليه من ذلك من غير أن أتتبعه:
أ- ص69: في تفسير قوله تعالى:(لا شية فيها) الآية 71 من سورة البقرة، حَذف المختصرون معنى (لاشية فيها) وأبقوا معنى (مسلّمة) مع أنه موجود في الأصل، قال ابن كثير: أي: ليس فيها لون غير لونها، وأبقى المختصرون قول قتادة الذي ذكره ابن كثير عقب ذلك مع أنه ليس فيه معنى الشية بل معنى مسلَّمة، قال: لا عيب فيها، وتركوا بقية الأقوال المنقولة في معنى الشية؛ كقول مجاهد: لا بياض ولا سواد، وقول غيره؛ مع أنهم لو أبقوا قول مجاهد أو غيره لكان هو الصواب، فهل هو مجرد حذف لشيء وإبقاء لآخر بدون تأمل؟!
ب- ص293 في تفسير قوله تعالى:(والصاحب بالجنب وابن السبيل) الآية 36 من سورة النساء حذف المختصرون تفسير (الصاحب بالجنب) وتفسير (ابن السبيل) مع أنه موجود في الأصل، وقد ذَكَر الإمام ابن كثير الأقوال في بيان معنى (الصاحب بالجنب) عن علي وابن مسعود وابن عباس ، وذَكَر قول ابن عباس-رضي الله عنهما- في تفسير ابن السبيل، وقول مجاهد: إنه المجتاز في السفر، ثم استظهره فقال: وهو أظهر.اهـ وقد حَذف المختصرون ذلك كلَّه، ولعل سبب حذفه أن ابن كثير-رحمه الله- أطال الكلام على الجار وأهميته، ثم ساق الأحاديث في الوصاية به، ثم ذَكَرَ معنى (الجار الجنب وابن السبيل)، فأخذ المختصرون أول الكلام وحذفوا آخره من غير أدنى تأمل، وكأن الأمر مجرد قَصٍّ لآخر الكلام مع إبقاء أوله كما هو متبع في غير موضع، والغريب أن ابن كثير لما ذكر معنى ابن السبيل قال: وسيأتي الكلام (على أبناء السبيل) في سورة براءة، فأبقى المختصرون هذا القدر من كلامه مع أنهم قد حذفوا تفسير ابن السبيل من هذا الموضع، فإلى أي شيء تكون الإشارة وهو محذوف أصلا، وزيادة في الإيغال حذفوا عبارة (على أبناء السبيل) من كلام ابن كثير ليكون العزو موغلا في الإيهام.
ت- ص323 في تفسير قوله تعالى:( وَمَن يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْماً ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئاً فَقَدِ احْتَمَلَ بُهْتَاناً وَإِثْماً مُّبِيناً. وَلَوْلاَ فَضْلُ اللّهِ عَلَيْكَ وَرَحْمَتُهُ لَهَمَّت طَّآئِفَةٌ مُّنْهُمْ أَن يُضِلُّوكَ وَمَا يُضِلُّونَ إِلاُّ أَنفُسَهُمْ وَمَا يَضُرُّونَكَ مِن شَيْءٍ وَأَنزَلَ اللّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللّهِ عَلَيْكَ عَظِيماً) الآيتين 112-113 من سورة النساء حذف المختصرون أكثر تفسير الآيتين؛ وذلك لأن ابن كثير ربط التفسير بسبب النزول الذي ذكره قبل هذا وقد حذفوه؛ فكان اختصارا مخلا جدا يفوِّت على القارئ تفسير آيتين من كتاب الله جل وعلا، وأبقى المختصرون على تفسير آخر الآية الثانية فقط (وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ).
ث- ص1273 في تفسير قوله تعالى: (فلما قُضي) من الآية 29 من سورة الأحقاف، حَذف المختصرون تفسير هذا الجزء من الآية مع أنه موجود في الأصل قال ابن كثير: أي فُرغ.. الخ.
ج- ص1382 في تفسير قوله تعالى: (لأول الحشر) من الآية 2 من سورة الحشر، حَذف المختصرون معناها تماما؛ مع أن ابن كثير قد بينه بما ساقه من الآثار عن ابن عباس والحسن.
ح- ص208 في تفسير قوله تعالى: (قَدْ كَانَ لَكُمْ آيَةٌ فِي فِئَتَيْنِ الْتَقَتَا) من الآية 13 من سورة آل عمران ذكر المختصرون أن النبي لما رجع إلى المدينة جمع اليهود في سوق بني قينقاع ثم انقطع السياق فلم يتضح المراد. وإذا رجعت إلى الأصل وجدت في تتمته ما يوضح المقصود، ونصُّه: وقال: (يا معشر يهود، أسلموا قبل أن يصيبكم الله بما أصاب قريشا)، فقالوا: يا محمد لا يغرنك من نفسك أن قتلت نفرا من قريش كانوا أغمارا لا يعرفون القتال، إنك والله لو قاتلتنا لعرفت أنا نحن الناس، وإنك لم تلق مثلنا، فأنزل الله في ذلك من قولهم : (قل للذين كفروا ستغلبون وتحشرون إلى جهنم وبئس المهاد) إلى قوله: (لعبرة لأولي الأبصار ) .. الخ.
3- حَذْفُ بعض الأقوال في التفسير وقد تكون هي اختيار المؤلف، فَيَحذف المختصرون القول مع اختيار الشيخ له وترجيحه إياه وهذا غريب جدًّا، وقد وقفت عليه في أكثر من موضع من غير أن أتتبع المواضع فقد تكون كثيرة وقد تكون قليلة نسبيا؛ إلا أن وجود موضع واحد منها يشعرك بالخلل في منهج الاختصار، ومن ذلك:
أ- في ص1267 في تفسير قوله تعالى: (وَمَا أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلَا بِكُمْ ) الآية 9 من سورة الأحقاف، ذكروا بعض ما ذكره ابن كثير مما يشبه أن يكون قولا في تفسير الآية، ثم حذفوا ما ذكره بعد ذلك مما هو اختياره في تفسيرها واختيار ابن جرير الطبري، وهو قوله: وهذا القول هو الذي عوَّل عليه ابن جرير وأنه لا يجوز غيره، ولا شك أن هذا هو اللائق به ... الخ، ثم ذكر ابن كثير خبر عثمان بن مظعون وقول النبي فيه، فذكر رواية ( والله ما أدري وأنا رسول الله ما يفعل بي) معزوَّة لأحمد والبخاري، ثم ذكر رواية (ما يفعل به) وعزاها للبخاري، ثم صحح أنها هي الرواية المحفوظة فقال: وهذا أشبه أن يكون هو المحفوظ... الخ، فحذف المختصرون الرواية التي رجحها واختارها في الحديث مما يوافق التفسير الذي اختاره أيضا، وأبقوا الرواية المرجوحة عنده، وهذا قصور شديد في الاختصار، وإخلال بمقاصد المؤلف.
ب- في ص1481 في تفسير قوله تعالى: (فَأَخَذَهُ اللَّهُ نَكَالَ الْآخِرَةِ وَالْأُولَى) الآية 25 من سورة النازعات، حَذف المختصرون ما يبين اختيار ابن كثير وانتصاره لتفسير الآية بما ذَكَر، حيث قال: وهذا هو الصحيح في معنى الآية أن المراد بقوله: (نكال الآخرة والأولى) أي: الدنيا والآخرة، وقيل: المراد بذلك كلمتيه الأولى والثانية، وقيل: كفره وعصيانه، والصحيح الذي لا شك فيه الأول.اهـ
وهذه الاختيارات كأنها حذفت لأن ابن كثير أخَّر ذِكرها فَذَكَرَها قولاً ثانيًا، فكأنها حُذفت لأجل هذا، مع أن الشيخ رجَّحها واختارها بصريح العبارة، فهل من منهج المختصرين اعتمادُ القول المقدَّم ما كان وحذفُ القول المؤخَّر؟! هذا ما لم يوضحوه لنا.
4- إدخال قول في قول مما يجعل التفسير غير واضح أو بعيدا عن مراد المؤلف، ومن ذلك:
أ- في ص396 في تفسير قوله تعالى: (ولا تعتدوا) الآية 87 من سورة المائدة ذكر الشيخ في تفسيرها احتمالين هما قولان للمفسيرين، فدمج المختصرون القولين دون إشعار بذلك، وتصرفوا في عبارة المؤلف دون تنبيه، فصارت العبارة قلقة غير واضحة، ونص ابن كثير: يَحتملُ أن يكون المراد منه: ولا تبالغوا في التضييق على أنفسكم بتحريم المباحات عليكم؛ كما قاله من قاله من السلف، ويَحتملُ أن يكون المراد: كما لا تحرموا الحلال فلا تعتدوا في تناول الحلال بل خذوا منه بقدر كفايتكم وحاجتكم ولا تجاوزوا الحد فيه؛ كما قال تعالى: (وكلوا واشربوا ولا تسرفوا) الآية.. اهـ ونص المختَصر: أي: لا تبالغوا في التضييق على أنفسكم بتحريم المباحات عليكم، ولا تحرموا الحلال فلا تعتدوا في تناول الحلال بل خذوا منه بقدر كفايتكم وحاجتكم ولا تجاوزوا الحد فيه.اهـ وقولهم: ولا تحرموا الحلال تكرار؛ لأنه مذكور في قوله تعالى: (لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم) فقوله بعده (ولا تعتدوا) أمرٌ آخر، ولذلك عبارة ابن كثير: كما لا تحرموا الحلال فلا تعتدوا في تناول الحلال.
ب- في ص405 في تفسير قوله تعالى: (وَإِن تَسْأَلُواْ عَنْهَا حِينَ يُنَزَّلُ الْقُرْآنُ تُبْدَ لَكُمْ عَفَا اللّهُ عَنْهَا) الآية 101 من سورة المائدة، ذكر الشيخ في تفسيرها قولين في معنى: (تُبد لكم)، وكذا في معنى: (عفا الله عنها)، وذَكَر ما يؤيد القول الثاني، والمختصرون دمجوا القولين وكأنهما قول واحد، وحذفوا ما ذكره الشيخ مما يؤيد القول الثاني وكأنه يميل إليه، ونصُّ كلامه: وقوله تعالى: (وإن تسألوا عنها حين ينزل القرآن تبد لكم)، أي وإن تسألوا عن هذه الأشياء التي نهيتم عن السؤال عنها حين ينزل الوحي على رسول الله تبين لكم، (وذلك على الله يسير)، ثم قال: (عفا الله عنها)، أي: عما كان منكم قبل ذلك، (والله غفور حليم)، وقيل: المراد بقوله: (وإن تسألوا عنها حين ينزل القرآن تبد لكم)، أي: لا تسألوا عن أشياء تستأنفون السؤال عنها فلعله قد ينزل بسبب سؤالكم تشديد أو تضييق، وقد ورد في الحديث: (أعظم المسلمين جرما من سأل عن شيء لم يحرم فحرم من أجل مسألته) ، ولكن إذا نزل القرآن بها مجملة فسألتم عن بيانها بينت لكم حينئذ لاحتياجكم إليها (عفا الله عنها) أي: ما لم يذكره في كتابه فهو مما عفا عنه فاسكتوا أنتم عنها كما سكت عنها وفي الصحيح عن رسول الله أنه قال: (ذروني ما تركتكم فإنما أهلك من كان قبلكم كثرة سؤالهم واختلافهم على أنبيائهم)، وفي الحديث الصحيح أيضا: (إن الله تعالى فرض فرائض فلا تضيعوها وحد حدودا فلا تعتدوها وحرم أشياء فلا تنتهكوها وسكت عن أشياء رحمة بكم غير نسيان فلا تسألوا عنها)اهـ.
5-حَذْفُ كثيرٍ من الفوائد واللطائف التي يتميز بها تفسير ابن كثير على غيره من كتب التفسير، وهذه الفوائد مما قد تختلف وجهات النظر في حذفها وإبقائها حسب أهميتها وتفرُّد المصنف بالتنبيه عليها، فمن ذلك:
أ- في تفسير قوله تعالى: (فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاء وَالْأَرْضُ) الآية 29 من سورة الدخان ذكر ابن كثير كلامًا حسنا في بطلان ما يروى من الأوهام والخرافات وقتَ مقتل الحسين بن علي رضي الله عنهما؛ فقال بعد ذكر بعض الروايات في هذا: وفي كلِّ ذلك نظر، والظاهر أنه من سخف الشيعة وكذبهم.. الخ، وقد حَذفه المختصرون.
ب- في تفسير قوله تعالى: (إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِندَكَ بَيْتاً فِي الْجَنَّةِ) الآية 11 من سورة التحريم، ذكر ابن كثير كلامًا حسنًا في أهمية الجار قبل الدار قد لا يوجد عند غيره من المفسرين، وقد حَذفه المختصرون.
ت- في تفسير قوله تعالى: (إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ) حذفوا قول ابن كثير: وقد حَكَى الرازي في تفسيره عن بعضهم: أن مقام العبودية أشرف من مقام الرسالة؛ لكون العبادة تصدر من الخلق إلى الحق، والرسالة من الحق إلى الخلق، قال: ولأن الله يتولى مصالح عبده، والرسول يتولى مصالح أمته، وهذا القول خطأ، والتوجيه أيضا ضعيف لا حاصل له، ولم يتعرض له الرازي بتضعيف ولا رد.
ث- في تفسير قوله تعالى: (وَيُجِرْكُم مِّنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ) من الآية31 من سورة الأحقاف حذفوا كلاما حسنًا لابن كثير في دخول مؤمني الجنِّ الْجَنَّةَ، ولو ذكروه مختصرا كان أولى، ونصُّه: وقد استدل بهذه الآية من ذهب من العلماء إلى أن الجن المؤمنين لا يدخلون الجنة وإنما جزاء صالحيهم أن يجاروا من عذاب النار يوم القيامة ولهذا قالوا: هذا في هذا المقام وهو مقام تبجح ومبالغة فلو كان لهم جزاء على الإيمان أعلى من هذا لأوشك أن يذكروه. وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي قال حدثت عن جرير عن ليث عن مجاهد عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: لا يدخل مؤمنوا الجن الجنة لأنهم من ذرية إبليس، ولا تدخل ذرية إبليس الجنة.
والحقُّ أن مؤمنيهم كمؤمني الإنس يدخلون الجنة كما هو مذهب جماعة من السلف، وقد استدل بعضهم لهذا بقوله عز وجل: (لم يطمثهن أنس قبلهم ولا جان) وفي هذا الاستدلال نظر، وأحسن منه قوله جل وعلا : (ولمن خاف مقام ربه جنتان فبأي آلاء ربكما تكذبان) فقد امتن تعالى على الثقلين بأن جعل جزاء محسنهم الجنة، وقد قابلت الجن هذه الآية بالشكر القولي أبلغ من الإنس فقالوا : (ولا بشيء من آلائك ربنا نكذب فلك الحمد)، فلم يكن تعالى ليمتن عليهم بجزاء لا يحصل لهم، وأيضا فإنه إذا كان يجازي كافرهم بالنار وهو مقام عدل فلأن يجازي مؤمنهم بالجنة وهو مقام فضل بطريق الأولى والأحرى. ومما يدل أيضا على ذلك: عموم قوله تعالى: (إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات كانت لهم جنات الفردوس نزلا)، وما أشبه ذلك من الآيات، وقد أفردت هذه المسألة في جزء على حدة ولله الحمد والمنة.
وهذه الجنة لا يزال فيها فضل حتى ينشيء الله تعالى لها خلقا أفلا يسكنها من آمن به وعمل له صالحا. وما ذكروه ههنا من الجزاء على الإيمان من تكفير الذنوب والإجارة من العذاب الأليم هو يستلزم دخول الجنة؛ لأنه ليس في الآخرة إلا الجنة أو النار، فمن أجير من النار دخل الجنة لا محالة، ولم يرد معنا نص صريح ولا ظاهر عن الشارع أن مؤمني الجن لا يدخلون الجنة وإن أجيروا من النار، ولو صح لقلنا به والله أعلم. وهذا نوح عليه الصلاة والسلام يقول لقومه : (يغفر لكم من ذنوبكم ويؤخركم إلى أجل مسمى) ولا خلاف أن مؤمني قومه في الجنة فكذلك هؤلاء، وقد حُكي فيهم أقوال غريبة.. الخ.
6- حَذْفُ ما يحرص عليه ابن كثير رحمه الله تعالى من ذكر اختيارات شيخ المفسرين الإمام الطبري رحمه الله تعالى وذلك في كثير من المواضع أو أكثرها(لم أتتبعها) وإن أَبقى المختصرون اختياره في مواضع أخرى، مما لا يُعرف معه المنهج المسلوك في ذلك، ولماذا تُحذف اختيارات الطبري في مواضع دون أخرى؟ هذا ما لم يبنوه لنا في منهاج الاختصار الذي سلكوه. ولا يخفى أهمية اختيارات الطبرى سواء وافقه ابن كثير أم خالفه، وبخاصة وقد اشتهر عند بعض أهل العلم أن تفسير ابن كثير مختصر للطبري، وإن كانت هذه المقولة غير صحيحة إلا إنه استفاد منه بلا ريب واختصر كثيرا مما فيه وضمَّنه كتابه.
7-حَذْفُ بعض كلام الشيخ رحمه الله تعالى مما يعقب به على بعض الأحاديث مع الإبقاء على الحديث، ومن ذلك:
أ- في ص26 في تفسير قوله تعالى في سورة الفاتحة:(اهدِنَــــا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ)، عندما ذَكَر الشيخ حديث النواس بن سمعان قال عقبه: وهو إسناد حسن صحيح، فحَذف المختصرون حكمه على إسناد الحديث.
ب- ص347 ذكر الشيخ حديث (يكفيك آية الصيف)، ثم قال عقبه: وكأن المراد بآية الصيف أنها نزلت في فصل الصيف.اهـ فحذف المختصرون كلامه في معنى آية الصيف.
8- مواضع متفرقة تخالف منهج الاختصار، ومنها:
أ- في ص51 ذكر المؤلف حديث الشفاعة بطوله من رواية مسلم، وكان يمكن للمختصرين ذكر موضع الشاهد منه لتفسير الآية الكريمة، وهذا أليق بالمختصرات، ولذكر الحديث بطوله موضع آخر يناسبه.
ب- في ص 111، 112 كرَّروا حديث البراء في تحويل القبلة، وفي ص112، 113 كرَّروا حديث ابن عمر في تحويل القبلة، وفي ص16، و25 كرَّروا حديث أبي هريرة (قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين) بطوله، ولو أشير إليه في الموضع الثاني كان أليق بالاختصار.
9- العطف على شيء محذوف:
أ- في ص23 في المختصر: ورواه غير أبي معمر عن حفص .. الخ وهو معطوف على محذوف من الأصل وهو: قال ابن أبي حاتم: حدثنا أبو معمر القطيعي حدثنا حفص .. الخ.
ب- ص1442 قالوا: ورواه أبو داود عن عبد الله بن الجراح عن أبي عبد الرحمن المقرئ به وليس لعبدالعزيز عنده سواه.اهـ وهو معطوف على الإسناد المذكور في الأصل لمسند الإمام أحمد وقد حَذفه المختصرون فكان الأليق حذف ما يتعلق به، والاقتصار على قوله: ورواه أبو داود.
10- يشير ابن كثير إلى شيء فيبقون الإشارة مع أنهم قد حذفوا المشار إليه، ومن ذلك: في ص324 في تفسير قوله تعالى: (إِن يَدْعُونَ مِن دُونِهِ إِلاَّ إِنَاثاً) الآية 117 من سورة النساء حيث ذكر ابن كثير تفسير الإناث بالأصنام والأوثان ثم ذكر ما ادعوه في الملائكة أنهم بنات الله، ثم قال: وهذا التفسير شبيه بقول الله تعالى: (أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى) وهذه الآية متعلقة بالأوثان المذكورة في كلامه وقد حَذفه المختصرون، ثم قال: وقال تعالى: (وَجَعَلُوا الْمَلَائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبَادُ الرَّحْمَنِ إِنَاثاً)، وهذه الآية متعلقة بدعواهم في الملائكة وقد أبقاه المختصرون.
11- في بعض المواضع اختصروا كلام الشيخ ويكون في الاختصار بعض إخلال، ويُترك من كلام الشيخ شيء من التحرير الذي عُرف به، ومن أمثلة ذلك إجمالا:
أ- ص 208 في تفسير قوله تعالى: (يَرَوْنَهُم مِّثْلَيْهِمْ رَأْيَ الْعَيْنِ) الآية 13 من سورة آل عمران.
ب- ص1395 في تفسير قوله تعالى: (وَإِن فَاتَكُمْ شَيْءٌ مِّنْ أَزْوَاجِكُمْ إِلَى الْكُفَّارِ فَعَاقَبْتُمْ فَآتُوا الَّذِينَ ذَهَبَتْ أَزْوَاجُهُم مِّثْلَ مَا أَنفَقُوا) الآية 11 من سورة الممتحنة.
هذه إشارات ووقفات أردت بها النصح لله تعالى ولكتابه ولأئمة المسلمين وعامتهم، فما كان فيها من صواب فمن الله تعالى وحده، وما كان فيها من نقص فمن نفسي المقصرة والشيطان الرجيم، وأسأل الله تعالى لكل عالم الرحمة والغفران فهم دياجير الظلام ومصابيح الهدى، وأخص بالدعاء شيوخنا، و اللجنة القائمة على المصباح المنير، فغفر الله لنا ولشيوخنا ولهم جميعا وجعل الفردوس مأوانا وإياهم.
وما ذكرته من ملحوظات يسيرة هي من طبيعة البشر لا يقلل من الجهد المبذول في اختصار هذا التفسير العظيم الذي كتب الله له القبول عند جميع أهل السنة.
وفق الله الجميع لما فيه رضاه، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين؛؛؛
كتبه/عبد الرحمن بن فهد الودعان الدوسري
[email protected]
0505240568
كتبه/عبد الرحمن بن فهد الودعان الدوسري
الحمد لله رب العالمين وأصلي وأسلم على المبعوث رحمة للعالمين نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فلا يزال الناس بحمد الله تعالى حريصين على معرفة تفسير كلام الله تعالى، كما إنهم لا يزالون يحرصون على تفسيرٍ موثوقٍ عِلميا وعَقديا؛ فلذلك كثر اهتمام العلماء بتفسير الإمام ابن كثير رحمه الله تعالى، ومع كثرة التفاسير إلا إن هذا التفسير في عصرنا هو الْمُقَدَّمُ عند أهل العلم، ولأجل هذا كثرت اختصاراته لتسهيله على الناس في هذا العصر، واختلفت هذه الاختصارات في طريقتها وجودتها، ومن أشهرها في السنوات الأخيرة الاختصار المسمى: (المصباح المنير في تهذيب تفسير ابن كثير) لجماعة من العلماء بإشراف الشيخ صفي الرحمن المباركفوري رحمه الله تعالى، وقد تداوله الناس وأثنى عليه جمع من العلماء وطلبة العلم، ولا شك أنه قد بُذل فيه جهد مشكور أسأل الله تعالى أن يغفر لمن شارك فيه من الأحياء والأموات.
ولأجل ذلك فقد كنت أحرص عليه في قراءتي للتفسير لسهولة حمله وثناء بعض العلماء عليه، فكنت أصطحبه في سفري وإلى مقر عملي وغيره للاستفادة منه؛ إلا إنه كانت تستوقفني فيه بعض المواضع أستشكلها منه، فإذا رجعت إلى الأصل وجدت أن الأمر غير مشكل، فتبين لي وجود بعض الخلل في الاختصار مما حداني لتقييد بعض الملحوظات عليه في الصفحة الأخيرة من الكتاب، حتى اجتمع لديَّ ملحوظاتٌ متعددة متنوعة؛ فأحببت نشرها ليطلع عليها أهلُ العلم وينزلوه منزلته التي ينبغي أن يكون فيها، ولعله يتسنى لبعض المختصين بالتفسير وضع دراسة لمختصرات تفسير ابن كثير لبيان أحسنها وأسهلها.
وهذه الملحوظات متفاوتة الأهمية ولا تعد دراسة علمية بقدر ما هي إشارات وقفت عليها عند قراءتي للتفسير من غير تتبع أو قصدٍ لدراسة الكتاب والحكم عليه، فهي تفتح بابًا لأهل العلم المتخصصين في الدراسات القرآنية للنظر في الكتاب نظرة فاحصة لبيان ماله وما عليه، كما إنها تدعو أهل العلم لعدم التعجل بالحكم الجازم لواحد من مختصرات تفسير ابن كثير بأنه أحسن المختصرات أو من أحسنها دون تأمُّلٍ ومقارنة وفحص دقيق؛ وبخاصة لارتباط الموضوع بكتاب الله تعالى، ثم بتفسير ٍهو أشهر التفاسير السلفية الموثوق بها على الإطلاق، وأكثرها تداولا بين طلبة العلم.
كما إن هذه الملحوظات تدعو مَن بقي مِن القائمين على اختصار الكتاب والإشراف عليه إلى إعادة النظر في منهج الاختصار الذي ساروا عليه وتوضيحه للقرَّاء، وتلافي ما يمكن من الملحوظات الواردة عليه ليكون العمل أكثر إتقانا وأرقى لدرجات الكمال البشري الممكن.
وأنا هنا لا أزعم أن مختصرًا من المختصرات أحسنها أو أن مختصرا هو أسوؤها إذ هذا يحتاج إلى دراسة مقارنة متأنية، ولعل من أجود المختصرات لتفسير ابن كثير: مختصر العلامة أحمد شاكر المسمى: عمدة التفسير(وقد طبع كاملا)، وكذا المختصر المسمى: اليسير في اختصار تفسير ابن كثير لجماعة من الشيوخ بإشراف معالي الشيخ الدكتور صالح بن عبد الله بن حميد، وما قلته هنا مجرد إشارة إليهما ونظرةٍ عَجْلى، وليس حكمًا صادرًا عن دراسة للكتابين إنما هو انطباع من النظر في مواضع منهما مع مقارنتها بغيرها، وأنا بانتظار الدراسة المقترحة لمختصرات ابن كثير.
وهذا بيان بأهم الملحوظات التي وقفت عليها، وقد يقف غيري على ما هو أهم وأولى منها، وعذري أني لم أقصد دراسة الكتاب كما تقدم:
1- أول ملحوظة تستوقفنا هي: عدم وجود منهج واضح مكتوب يسير عليه هذا المختصر، فأنتَ إذا طالعتَ مقدمة الكتاب لا تجد أن المختصرين قد انتهجوا منهجا واضحا مكتوبا ليتبين للقارئ الطريقة التي ساروا عليها في الاختصار، وإنما ذُكرت إشارات يسيرة لا تغني في مثل هذا المشروع الجليل.
2- إن من أهم ما وقفت عليه من خلل في الاختصار: حَذْفُ تفسير بعض الآيات أو الكلمات مع أنه موجود في الأصل، فلا أدري لم حُذِف هذا؛ مع أنه ليس من الاختصار في شيء، فلربما أردتَّ تفسير بعض الكلمات أو الآيات فلا تجده في المختصر، فإذا رجعت للأصل وجدته فيه، وسأذكر ما وقفت عليه من ذلك من غير أن أتتبعه:
أ- ص69: في تفسير قوله تعالى:(لا شية فيها) الآية 71 من سورة البقرة، حَذف المختصرون معنى (لاشية فيها) وأبقوا معنى (مسلّمة) مع أنه موجود في الأصل، قال ابن كثير: أي: ليس فيها لون غير لونها، وأبقى المختصرون قول قتادة الذي ذكره ابن كثير عقب ذلك مع أنه ليس فيه معنى الشية بل معنى مسلَّمة، قال: لا عيب فيها، وتركوا بقية الأقوال المنقولة في معنى الشية؛ كقول مجاهد: لا بياض ولا سواد، وقول غيره؛ مع أنهم لو أبقوا قول مجاهد أو غيره لكان هو الصواب، فهل هو مجرد حذف لشيء وإبقاء لآخر بدون تأمل؟!
ب- ص293 في تفسير قوله تعالى:(والصاحب بالجنب وابن السبيل) الآية 36 من سورة النساء حذف المختصرون تفسير (الصاحب بالجنب) وتفسير (ابن السبيل) مع أنه موجود في الأصل، وقد ذَكَر الإمام ابن كثير الأقوال في بيان معنى (الصاحب بالجنب) عن علي وابن مسعود وابن عباس ، وذَكَر قول ابن عباس-رضي الله عنهما- في تفسير ابن السبيل، وقول مجاهد: إنه المجتاز في السفر، ثم استظهره فقال: وهو أظهر.اهـ وقد حَذف المختصرون ذلك كلَّه، ولعل سبب حذفه أن ابن كثير-رحمه الله- أطال الكلام على الجار وأهميته، ثم ساق الأحاديث في الوصاية به، ثم ذَكَرَ معنى (الجار الجنب وابن السبيل)، فأخذ المختصرون أول الكلام وحذفوا آخره من غير أدنى تأمل، وكأن الأمر مجرد قَصٍّ لآخر الكلام مع إبقاء أوله كما هو متبع في غير موضع، والغريب أن ابن كثير لما ذكر معنى ابن السبيل قال: وسيأتي الكلام (على أبناء السبيل) في سورة براءة، فأبقى المختصرون هذا القدر من كلامه مع أنهم قد حذفوا تفسير ابن السبيل من هذا الموضع، فإلى أي شيء تكون الإشارة وهو محذوف أصلا، وزيادة في الإيغال حذفوا عبارة (على أبناء السبيل) من كلام ابن كثير ليكون العزو موغلا في الإيهام.
ت- ص323 في تفسير قوله تعالى:( وَمَن يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْماً ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئاً فَقَدِ احْتَمَلَ بُهْتَاناً وَإِثْماً مُّبِيناً. وَلَوْلاَ فَضْلُ اللّهِ عَلَيْكَ وَرَحْمَتُهُ لَهَمَّت طَّآئِفَةٌ مُّنْهُمْ أَن يُضِلُّوكَ وَمَا يُضِلُّونَ إِلاُّ أَنفُسَهُمْ وَمَا يَضُرُّونَكَ مِن شَيْءٍ وَأَنزَلَ اللّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللّهِ عَلَيْكَ عَظِيماً) الآيتين 112-113 من سورة النساء حذف المختصرون أكثر تفسير الآيتين؛ وذلك لأن ابن كثير ربط التفسير بسبب النزول الذي ذكره قبل هذا وقد حذفوه؛ فكان اختصارا مخلا جدا يفوِّت على القارئ تفسير آيتين من كتاب الله جل وعلا، وأبقى المختصرون على تفسير آخر الآية الثانية فقط (وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ).
ث- ص1273 في تفسير قوله تعالى: (فلما قُضي) من الآية 29 من سورة الأحقاف، حَذف المختصرون تفسير هذا الجزء من الآية مع أنه موجود في الأصل قال ابن كثير: أي فُرغ.. الخ.
ج- ص1382 في تفسير قوله تعالى: (لأول الحشر) من الآية 2 من سورة الحشر، حَذف المختصرون معناها تماما؛ مع أن ابن كثير قد بينه بما ساقه من الآثار عن ابن عباس والحسن.
ح- ص208 في تفسير قوله تعالى: (قَدْ كَانَ لَكُمْ آيَةٌ فِي فِئَتَيْنِ الْتَقَتَا) من الآية 13 من سورة آل عمران ذكر المختصرون أن النبي لما رجع إلى المدينة جمع اليهود في سوق بني قينقاع ثم انقطع السياق فلم يتضح المراد. وإذا رجعت إلى الأصل وجدت في تتمته ما يوضح المقصود، ونصُّه: وقال: (يا معشر يهود، أسلموا قبل أن يصيبكم الله بما أصاب قريشا)، فقالوا: يا محمد لا يغرنك من نفسك أن قتلت نفرا من قريش كانوا أغمارا لا يعرفون القتال، إنك والله لو قاتلتنا لعرفت أنا نحن الناس، وإنك لم تلق مثلنا، فأنزل الله في ذلك من قولهم : (قل للذين كفروا ستغلبون وتحشرون إلى جهنم وبئس المهاد) إلى قوله: (لعبرة لأولي الأبصار ) .. الخ.
3- حَذْفُ بعض الأقوال في التفسير وقد تكون هي اختيار المؤلف، فَيَحذف المختصرون القول مع اختيار الشيخ له وترجيحه إياه وهذا غريب جدًّا، وقد وقفت عليه في أكثر من موضع من غير أن أتتبع المواضع فقد تكون كثيرة وقد تكون قليلة نسبيا؛ إلا أن وجود موضع واحد منها يشعرك بالخلل في منهج الاختصار، ومن ذلك:
أ- في ص1267 في تفسير قوله تعالى: (وَمَا أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلَا بِكُمْ ) الآية 9 من سورة الأحقاف، ذكروا بعض ما ذكره ابن كثير مما يشبه أن يكون قولا في تفسير الآية، ثم حذفوا ما ذكره بعد ذلك مما هو اختياره في تفسيرها واختيار ابن جرير الطبري، وهو قوله: وهذا القول هو الذي عوَّل عليه ابن جرير وأنه لا يجوز غيره، ولا شك أن هذا هو اللائق به ... الخ، ثم ذكر ابن كثير خبر عثمان بن مظعون وقول النبي فيه، فذكر رواية ( والله ما أدري وأنا رسول الله ما يفعل بي) معزوَّة لأحمد والبخاري، ثم ذكر رواية (ما يفعل به) وعزاها للبخاري، ثم صحح أنها هي الرواية المحفوظة فقال: وهذا أشبه أن يكون هو المحفوظ... الخ، فحذف المختصرون الرواية التي رجحها واختارها في الحديث مما يوافق التفسير الذي اختاره أيضا، وأبقوا الرواية المرجوحة عنده، وهذا قصور شديد في الاختصار، وإخلال بمقاصد المؤلف.
ب- في ص1481 في تفسير قوله تعالى: (فَأَخَذَهُ اللَّهُ نَكَالَ الْآخِرَةِ وَالْأُولَى) الآية 25 من سورة النازعات، حَذف المختصرون ما يبين اختيار ابن كثير وانتصاره لتفسير الآية بما ذَكَر، حيث قال: وهذا هو الصحيح في معنى الآية أن المراد بقوله: (نكال الآخرة والأولى) أي: الدنيا والآخرة، وقيل: المراد بذلك كلمتيه الأولى والثانية، وقيل: كفره وعصيانه، والصحيح الذي لا شك فيه الأول.اهـ
وهذه الاختيارات كأنها حذفت لأن ابن كثير أخَّر ذِكرها فَذَكَرَها قولاً ثانيًا، فكأنها حُذفت لأجل هذا، مع أن الشيخ رجَّحها واختارها بصريح العبارة، فهل من منهج المختصرين اعتمادُ القول المقدَّم ما كان وحذفُ القول المؤخَّر؟! هذا ما لم يوضحوه لنا.
4- إدخال قول في قول مما يجعل التفسير غير واضح أو بعيدا عن مراد المؤلف، ومن ذلك:
أ- في ص396 في تفسير قوله تعالى: (ولا تعتدوا) الآية 87 من سورة المائدة ذكر الشيخ في تفسيرها احتمالين هما قولان للمفسيرين، فدمج المختصرون القولين دون إشعار بذلك، وتصرفوا في عبارة المؤلف دون تنبيه، فصارت العبارة قلقة غير واضحة، ونص ابن كثير: يَحتملُ أن يكون المراد منه: ولا تبالغوا في التضييق على أنفسكم بتحريم المباحات عليكم؛ كما قاله من قاله من السلف، ويَحتملُ أن يكون المراد: كما لا تحرموا الحلال فلا تعتدوا في تناول الحلال بل خذوا منه بقدر كفايتكم وحاجتكم ولا تجاوزوا الحد فيه؛ كما قال تعالى: (وكلوا واشربوا ولا تسرفوا) الآية.. اهـ ونص المختَصر: أي: لا تبالغوا في التضييق على أنفسكم بتحريم المباحات عليكم، ولا تحرموا الحلال فلا تعتدوا في تناول الحلال بل خذوا منه بقدر كفايتكم وحاجتكم ولا تجاوزوا الحد فيه.اهـ وقولهم: ولا تحرموا الحلال تكرار؛ لأنه مذكور في قوله تعالى: (لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم) فقوله بعده (ولا تعتدوا) أمرٌ آخر، ولذلك عبارة ابن كثير: كما لا تحرموا الحلال فلا تعتدوا في تناول الحلال.
ب- في ص405 في تفسير قوله تعالى: (وَإِن تَسْأَلُواْ عَنْهَا حِينَ يُنَزَّلُ الْقُرْآنُ تُبْدَ لَكُمْ عَفَا اللّهُ عَنْهَا) الآية 101 من سورة المائدة، ذكر الشيخ في تفسيرها قولين في معنى: (تُبد لكم)، وكذا في معنى: (عفا الله عنها)، وذَكَر ما يؤيد القول الثاني، والمختصرون دمجوا القولين وكأنهما قول واحد، وحذفوا ما ذكره الشيخ مما يؤيد القول الثاني وكأنه يميل إليه، ونصُّ كلامه: وقوله تعالى: (وإن تسألوا عنها حين ينزل القرآن تبد لكم)، أي وإن تسألوا عن هذه الأشياء التي نهيتم عن السؤال عنها حين ينزل الوحي على رسول الله تبين لكم، (وذلك على الله يسير)، ثم قال: (عفا الله عنها)، أي: عما كان منكم قبل ذلك، (والله غفور حليم)، وقيل: المراد بقوله: (وإن تسألوا عنها حين ينزل القرآن تبد لكم)، أي: لا تسألوا عن أشياء تستأنفون السؤال عنها فلعله قد ينزل بسبب سؤالكم تشديد أو تضييق، وقد ورد في الحديث: (أعظم المسلمين جرما من سأل عن شيء لم يحرم فحرم من أجل مسألته) ، ولكن إذا نزل القرآن بها مجملة فسألتم عن بيانها بينت لكم حينئذ لاحتياجكم إليها (عفا الله عنها) أي: ما لم يذكره في كتابه فهو مما عفا عنه فاسكتوا أنتم عنها كما سكت عنها وفي الصحيح عن رسول الله أنه قال: (ذروني ما تركتكم فإنما أهلك من كان قبلكم كثرة سؤالهم واختلافهم على أنبيائهم)، وفي الحديث الصحيح أيضا: (إن الله تعالى فرض فرائض فلا تضيعوها وحد حدودا فلا تعتدوها وحرم أشياء فلا تنتهكوها وسكت عن أشياء رحمة بكم غير نسيان فلا تسألوا عنها)اهـ.
5-حَذْفُ كثيرٍ من الفوائد واللطائف التي يتميز بها تفسير ابن كثير على غيره من كتب التفسير، وهذه الفوائد مما قد تختلف وجهات النظر في حذفها وإبقائها حسب أهميتها وتفرُّد المصنف بالتنبيه عليها، فمن ذلك:
أ- في تفسير قوله تعالى: (فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاء وَالْأَرْضُ) الآية 29 من سورة الدخان ذكر ابن كثير كلامًا حسنا في بطلان ما يروى من الأوهام والخرافات وقتَ مقتل الحسين بن علي رضي الله عنهما؛ فقال بعد ذكر بعض الروايات في هذا: وفي كلِّ ذلك نظر، والظاهر أنه من سخف الشيعة وكذبهم.. الخ، وقد حَذفه المختصرون.
ب- في تفسير قوله تعالى: (إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِندَكَ بَيْتاً فِي الْجَنَّةِ) الآية 11 من سورة التحريم، ذكر ابن كثير كلامًا حسنًا في أهمية الجار قبل الدار قد لا يوجد عند غيره من المفسرين، وقد حَذفه المختصرون.
ت- في تفسير قوله تعالى: (إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ) حذفوا قول ابن كثير: وقد حَكَى الرازي في تفسيره عن بعضهم: أن مقام العبودية أشرف من مقام الرسالة؛ لكون العبادة تصدر من الخلق إلى الحق، والرسالة من الحق إلى الخلق، قال: ولأن الله يتولى مصالح عبده، والرسول يتولى مصالح أمته، وهذا القول خطأ، والتوجيه أيضا ضعيف لا حاصل له، ولم يتعرض له الرازي بتضعيف ولا رد.
ث- في تفسير قوله تعالى: (وَيُجِرْكُم مِّنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ) من الآية31 من سورة الأحقاف حذفوا كلاما حسنًا لابن كثير في دخول مؤمني الجنِّ الْجَنَّةَ، ولو ذكروه مختصرا كان أولى، ونصُّه: وقد استدل بهذه الآية من ذهب من العلماء إلى أن الجن المؤمنين لا يدخلون الجنة وإنما جزاء صالحيهم أن يجاروا من عذاب النار يوم القيامة ولهذا قالوا: هذا في هذا المقام وهو مقام تبجح ومبالغة فلو كان لهم جزاء على الإيمان أعلى من هذا لأوشك أن يذكروه. وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي قال حدثت عن جرير عن ليث عن مجاهد عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: لا يدخل مؤمنوا الجن الجنة لأنهم من ذرية إبليس، ولا تدخل ذرية إبليس الجنة.
والحقُّ أن مؤمنيهم كمؤمني الإنس يدخلون الجنة كما هو مذهب جماعة من السلف، وقد استدل بعضهم لهذا بقوله عز وجل: (لم يطمثهن أنس قبلهم ولا جان) وفي هذا الاستدلال نظر، وأحسن منه قوله جل وعلا : (ولمن خاف مقام ربه جنتان فبأي آلاء ربكما تكذبان) فقد امتن تعالى على الثقلين بأن جعل جزاء محسنهم الجنة، وقد قابلت الجن هذه الآية بالشكر القولي أبلغ من الإنس فقالوا : (ولا بشيء من آلائك ربنا نكذب فلك الحمد)، فلم يكن تعالى ليمتن عليهم بجزاء لا يحصل لهم، وأيضا فإنه إذا كان يجازي كافرهم بالنار وهو مقام عدل فلأن يجازي مؤمنهم بالجنة وهو مقام فضل بطريق الأولى والأحرى. ومما يدل أيضا على ذلك: عموم قوله تعالى: (إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات كانت لهم جنات الفردوس نزلا)، وما أشبه ذلك من الآيات، وقد أفردت هذه المسألة في جزء على حدة ولله الحمد والمنة.
وهذه الجنة لا يزال فيها فضل حتى ينشيء الله تعالى لها خلقا أفلا يسكنها من آمن به وعمل له صالحا. وما ذكروه ههنا من الجزاء على الإيمان من تكفير الذنوب والإجارة من العذاب الأليم هو يستلزم دخول الجنة؛ لأنه ليس في الآخرة إلا الجنة أو النار، فمن أجير من النار دخل الجنة لا محالة، ولم يرد معنا نص صريح ولا ظاهر عن الشارع أن مؤمني الجن لا يدخلون الجنة وإن أجيروا من النار، ولو صح لقلنا به والله أعلم. وهذا نوح عليه الصلاة والسلام يقول لقومه : (يغفر لكم من ذنوبكم ويؤخركم إلى أجل مسمى) ولا خلاف أن مؤمني قومه في الجنة فكذلك هؤلاء، وقد حُكي فيهم أقوال غريبة.. الخ.
6- حَذْفُ ما يحرص عليه ابن كثير رحمه الله تعالى من ذكر اختيارات شيخ المفسرين الإمام الطبري رحمه الله تعالى وذلك في كثير من المواضع أو أكثرها(لم أتتبعها) وإن أَبقى المختصرون اختياره في مواضع أخرى، مما لا يُعرف معه المنهج المسلوك في ذلك، ولماذا تُحذف اختيارات الطبري في مواضع دون أخرى؟ هذا ما لم يبنوه لنا في منهاج الاختصار الذي سلكوه. ولا يخفى أهمية اختيارات الطبرى سواء وافقه ابن كثير أم خالفه، وبخاصة وقد اشتهر عند بعض أهل العلم أن تفسير ابن كثير مختصر للطبري، وإن كانت هذه المقولة غير صحيحة إلا إنه استفاد منه بلا ريب واختصر كثيرا مما فيه وضمَّنه كتابه.
7-حَذْفُ بعض كلام الشيخ رحمه الله تعالى مما يعقب به على بعض الأحاديث مع الإبقاء على الحديث، ومن ذلك:
أ- في ص26 في تفسير قوله تعالى في سورة الفاتحة:(اهدِنَــــا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ)، عندما ذَكَر الشيخ حديث النواس بن سمعان قال عقبه: وهو إسناد حسن صحيح، فحَذف المختصرون حكمه على إسناد الحديث.
ب- ص347 ذكر الشيخ حديث (يكفيك آية الصيف)، ثم قال عقبه: وكأن المراد بآية الصيف أنها نزلت في فصل الصيف.اهـ فحذف المختصرون كلامه في معنى آية الصيف.
8- مواضع متفرقة تخالف منهج الاختصار، ومنها:
أ- في ص51 ذكر المؤلف حديث الشفاعة بطوله من رواية مسلم، وكان يمكن للمختصرين ذكر موضع الشاهد منه لتفسير الآية الكريمة، وهذا أليق بالمختصرات، ولذكر الحديث بطوله موضع آخر يناسبه.
ب- في ص 111، 112 كرَّروا حديث البراء في تحويل القبلة، وفي ص112، 113 كرَّروا حديث ابن عمر في تحويل القبلة، وفي ص16، و25 كرَّروا حديث أبي هريرة (قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين) بطوله، ولو أشير إليه في الموضع الثاني كان أليق بالاختصار.
9- العطف على شيء محذوف:
أ- في ص23 في المختصر: ورواه غير أبي معمر عن حفص .. الخ وهو معطوف على محذوف من الأصل وهو: قال ابن أبي حاتم: حدثنا أبو معمر القطيعي حدثنا حفص .. الخ.
ب- ص1442 قالوا: ورواه أبو داود عن عبد الله بن الجراح عن أبي عبد الرحمن المقرئ به وليس لعبدالعزيز عنده سواه.اهـ وهو معطوف على الإسناد المذكور في الأصل لمسند الإمام أحمد وقد حَذفه المختصرون فكان الأليق حذف ما يتعلق به، والاقتصار على قوله: ورواه أبو داود.
10- يشير ابن كثير إلى شيء فيبقون الإشارة مع أنهم قد حذفوا المشار إليه، ومن ذلك: في ص324 في تفسير قوله تعالى: (إِن يَدْعُونَ مِن دُونِهِ إِلاَّ إِنَاثاً) الآية 117 من سورة النساء حيث ذكر ابن كثير تفسير الإناث بالأصنام والأوثان ثم ذكر ما ادعوه في الملائكة أنهم بنات الله، ثم قال: وهذا التفسير شبيه بقول الله تعالى: (أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى) وهذه الآية متعلقة بالأوثان المذكورة في كلامه وقد حَذفه المختصرون، ثم قال: وقال تعالى: (وَجَعَلُوا الْمَلَائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبَادُ الرَّحْمَنِ إِنَاثاً)، وهذه الآية متعلقة بدعواهم في الملائكة وقد أبقاه المختصرون.
11- في بعض المواضع اختصروا كلام الشيخ ويكون في الاختصار بعض إخلال، ويُترك من كلام الشيخ شيء من التحرير الذي عُرف به، ومن أمثلة ذلك إجمالا:
أ- ص 208 في تفسير قوله تعالى: (يَرَوْنَهُم مِّثْلَيْهِمْ رَأْيَ الْعَيْنِ) الآية 13 من سورة آل عمران.
ب- ص1395 في تفسير قوله تعالى: (وَإِن فَاتَكُمْ شَيْءٌ مِّنْ أَزْوَاجِكُمْ إِلَى الْكُفَّارِ فَعَاقَبْتُمْ فَآتُوا الَّذِينَ ذَهَبَتْ أَزْوَاجُهُم مِّثْلَ مَا أَنفَقُوا) الآية 11 من سورة الممتحنة.
هذه إشارات ووقفات أردت بها النصح لله تعالى ولكتابه ولأئمة المسلمين وعامتهم، فما كان فيها من صواب فمن الله تعالى وحده، وما كان فيها من نقص فمن نفسي المقصرة والشيطان الرجيم، وأسأل الله تعالى لكل عالم الرحمة والغفران فهم دياجير الظلام ومصابيح الهدى، وأخص بالدعاء شيوخنا، و اللجنة القائمة على المصباح المنير، فغفر الله لنا ولشيوخنا ولهم جميعا وجعل الفردوس مأوانا وإياهم.
وما ذكرته من ملحوظات يسيرة هي من طبيعة البشر لا يقلل من الجهد المبذول في اختصار هذا التفسير العظيم الذي كتب الله له القبول عند جميع أهل السنة.
وفق الله الجميع لما فيه رضاه، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين؛؛؛
كتبه/عبد الرحمن بن فهد الودعان الدوسري
[email protected]
0505240568