أبو إسحاق الحضرمي
New member
بسم الله الرحمن الرحيم[align=justify]
من المواضيع المهمِّة التي تطرقت لها كتب عد الآي: مشبه الفاصلة، وفيها غموض على كثير من الباحثين وطلبة العلم من أمثالي، وسأحاول هنا وضع النقاط على الحروف، ولعلَّ من لهم عناية بعلم العد يفيد، ويكمل ما نقص هنا.
أولاً: يمكن تعريف مصطلح "مشبه الفاصلة" وتقريبه بقولنا: (هو ما يصلح أن يكون نهاية آية، ولم يكن كذلك)، ويعرفه بعضهم بقوله: (ما ألحق من المحتمل غير المنصوص بالمنصوص بمناسب، ولا نصَّ عليه)، وهو محل اجتهاد بين الأئمة في تحديده، لأنه ليس بآية حقيقة، ومن هنا فهم بعض العلماء أنَّ الخلاف بين الأئمة في عد الآي أمرٌ اجتهادي([1]).
ثانياً: إطلاقات الأئمة في مصنفاتهم على "مشبه الفاصلة" يريدون ما ذكرته سابقاً، وبعضهم يطلق عليه: "ما يشبه الفاصلة"، وقد يقيدونه بقولهم: "وليس بمعدود"، وبعضهم يضيف: "وليس بمعدود بإجماع"، وسأضرب بعض الأمثلة على ذلك من سورة الفاتحة:
في قوله تعالى: ((صراط الذين)) ذكرها المخللاتي رحمه الله في "القول الوجيز" مشبه الفاصلة، حيث قال: (والمتروك واحد أيضاً وهو (صِرَاطَ الَّذِينَ)..)، وسبقه الشّاطبي رحمه الله كما في الناظمة في قوله: وَمَا عَدُّوا (الَّذيِنَ) عَلَى ذِكْرِ.
في قوله تعالى: ((إيَّاك نعبد)) ذكرها الدَّاني رحمه الله فقال: وفيها مما يشبه الفواصل، وليس بمعدود بإجماع، موضع واحدٌ، وهو قوله تعالى: ((إيَّاك نعبد)).
وقال الجعبري رحمه الله: وفيها ما يشبه الفاصلة: ((إيَّاك نعبد)).
وقال البناء الدمياطي: وفيها شبه الفاصلة: ((إيَّاك نعبد)).
ولم يذكر الأندرابي رحمه الله فيها شيئاً في كتابه "الإيضاح في القراءات".
وعلى هذا سار الأئمة في مؤلفاتهم في هذا الفنِّ.
ثالثاً: هناك ما لا يشبه الفاصلة وهو معدود: وهي رؤوس الآي التي لا تشبه غيرها في السورة، وجرى الخلاف فيه بين علماء العدد، وهو الذي عدَّه الأئمة فاصلة، ويعنون له الجعبري رحمه الله بقوله: (وعكسه)، وهو قد قال قبله: (مشبه الفاصلة الغير معدود) فيكون عكسه (ما لا يشبه الفاصلة وهو معدود) فتعكس الجهتين من المسألة،وسأضرب على ذلك مثالاً من سورة الفاتحة:
قال المخللاتي رحمه الله: مشبه الفاصلة المعدود([2])، واحد وهو: (المستقيم).
ومما جرى الخلاف فيه بين علماء العدد عدًّا وتركًا قوله تعالى: ((صراط الذين أنعمت عليهم)).
يعني أن هذان الموضعان لا يشبهان أواخر سورة الفاتحة ومع ذلك اتفقوا على عد الأول واختلفوا في الثاني.
رابعاً: وهناك ما لا يشبه الفاصلة، وليس بمعدود، وهو كثير جداً، وسأضرب أمثلة عليه من سورة الفاتحة:
في قوله تعالى: ((الحمد لله)) فهذا لا يشبه الفاصلة ولا يعده العلماء فاصلة.
خامساً: ولأجل أن تكون القسمة رباعية تزيد قسما وهو: ما يشبه الفاصلة وهو معدود، وهو كل نهايات الآيات التي تشبه أواخر الآيات في سورتها وهي معدودة عند الأئمة باتفاق أو اختلاف.
على كل فالفواصل تنقسم إلى نوعين:
النوع الأول: ما يشبه الفاصلة وتحته ثلاثة فروع:
الفرع الأول: ما يشبه الفاصلة وهو معدود.
الفرع الثاني: ما يشبه الفاصلة وهو غير معدود.
الفرع الثالث: ما يشبه الفاصلة واختلف في عده.
النوع الثاني: ما لا يشبه الفاصلة وتحته ثلاثة فروع:
الفرع الأول: ما لا يشبه الفاصلة وهو معدود.
الفرع الثاني: ما لا يشبه الفاصلة وهو غير معدود.
الفرع الثالث: ما لا يشبه الفاصلة واختلف في عده.
فهذا ملخص لهذا المصطلح وضحته بأمثلته، استفدته مما قرأتُ في كتب هذا الفن، ومن خلال مجالستي لشيخي د. بشير الحميري –وفقه الله-، وإني أفرح بتصويبات مشايخنا وإخواننا، والموضوع طويل له تقاسيم وأمثلة كثيرة، وحسبي أن بذلتُ جهدي في تقريبه، والله أعلم، وصلَّى اللهم على سيِّدنا محمَّد وعلى آله وصحبه أجمعين.
[/align]
من المواضيع المهمِّة التي تطرقت لها كتب عد الآي: مشبه الفاصلة، وفيها غموض على كثير من الباحثين وطلبة العلم من أمثالي، وسأحاول هنا وضع النقاط على الحروف، ولعلَّ من لهم عناية بعلم العد يفيد، ويكمل ما نقص هنا.
أولاً: يمكن تعريف مصطلح "مشبه الفاصلة" وتقريبه بقولنا: (هو ما يصلح أن يكون نهاية آية، ولم يكن كذلك)، ويعرفه بعضهم بقوله: (ما ألحق من المحتمل غير المنصوص بالمنصوص بمناسب، ولا نصَّ عليه)، وهو محل اجتهاد بين الأئمة في تحديده، لأنه ليس بآية حقيقة، ومن هنا فهم بعض العلماء أنَّ الخلاف بين الأئمة في عد الآي أمرٌ اجتهادي([1]).
ثانياً: إطلاقات الأئمة في مصنفاتهم على "مشبه الفاصلة" يريدون ما ذكرته سابقاً، وبعضهم يطلق عليه: "ما يشبه الفاصلة"، وقد يقيدونه بقولهم: "وليس بمعدود"، وبعضهم يضيف: "وليس بمعدود بإجماع"، وسأضرب بعض الأمثلة على ذلك من سورة الفاتحة:
في قوله تعالى: ((صراط الذين)) ذكرها المخللاتي رحمه الله في "القول الوجيز" مشبه الفاصلة، حيث قال: (والمتروك واحد أيضاً وهو (صِرَاطَ الَّذِينَ)..)، وسبقه الشّاطبي رحمه الله كما في الناظمة في قوله: وَمَا عَدُّوا (الَّذيِنَ) عَلَى ذِكْرِ.
في قوله تعالى: ((إيَّاك نعبد)) ذكرها الدَّاني رحمه الله فقال: وفيها مما يشبه الفواصل، وليس بمعدود بإجماع، موضع واحدٌ، وهو قوله تعالى: ((إيَّاك نعبد)).
وقال الجعبري رحمه الله: وفيها ما يشبه الفاصلة: ((إيَّاك نعبد)).
وقال البناء الدمياطي: وفيها شبه الفاصلة: ((إيَّاك نعبد)).
ولم يذكر الأندرابي رحمه الله فيها شيئاً في كتابه "الإيضاح في القراءات".
وعلى هذا سار الأئمة في مؤلفاتهم في هذا الفنِّ.
ثالثاً: هناك ما لا يشبه الفاصلة وهو معدود: وهي رؤوس الآي التي لا تشبه غيرها في السورة، وجرى الخلاف فيه بين علماء العدد، وهو الذي عدَّه الأئمة فاصلة، ويعنون له الجعبري رحمه الله بقوله: (وعكسه)، وهو قد قال قبله: (مشبه الفاصلة الغير معدود) فيكون عكسه (ما لا يشبه الفاصلة وهو معدود) فتعكس الجهتين من المسألة،وسأضرب على ذلك مثالاً من سورة الفاتحة:
قال المخللاتي رحمه الله: مشبه الفاصلة المعدود([2])، واحد وهو: (المستقيم).
ومما جرى الخلاف فيه بين علماء العدد عدًّا وتركًا قوله تعالى: ((صراط الذين أنعمت عليهم)).
يعني أن هذان الموضعان لا يشبهان أواخر سورة الفاتحة ومع ذلك اتفقوا على عد الأول واختلفوا في الثاني.
رابعاً: وهناك ما لا يشبه الفاصلة، وليس بمعدود، وهو كثير جداً، وسأضرب أمثلة عليه من سورة الفاتحة:
في قوله تعالى: ((الحمد لله)) فهذا لا يشبه الفاصلة ولا يعده العلماء فاصلة.
خامساً: ولأجل أن تكون القسمة رباعية تزيد قسما وهو: ما يشبه الفاصلة وهو معدود، وهو كل نهايات الآيات التي تشبه أواخر الآيات في سورتها وهي معدودة عند الأئمة باتفاق أو اختلاف.
على كل فالفواصل تنقسم إلى نوعين:
النوع الأول: ما يشبه الفاصلة وتحته ثلاثة فروع:
الفرع الأول: ما يشبه الفاصلة وهو معدود.
الفرع الثاني: ما يشبه الفاصلة وهو غير معدود.
الفرع الثالث: ما يشبه الفاصلة واختلف في عده.
النوع الثاني: ما لا يشبه الفاصلة وتحته ثلاثة فروع:
الفرع الأول: ما لا يشبه الفاصلة وهو معدود.
الفرع الثاني: ما لا يشبه الفاصلة وهو غير معدود.
الفرع الثالث: ما لا يشبه الفاصلة واختلف في عده.
فهذا ملخص لهذا المصطلح وضحته بأمثلته، استفدته مما قرأتُ في كتب هذا الفن، ومن خلال مجالستي لشيخي د. بشير الحميري –وفقه الله-، وإني أفرح بتصويبات مشايخنا وإخواننا، والموضوع طويل له تقاسيم وأمثلة كثيرة، وحسبي أن بذلتُ جهدي في تقريبه، والله أعلم، وصلَّى اللهم على سيِّدنا محمَّد وعلى آله وصحبه أجمعين.
[/align]
(1) وليس بصحيح فلم يُعرف عن من تقدَّم من العلماء من يقول بأنَّ العدد المنقول عن الأئمة اجتهادي، إلا ما قاله الباقلاني رحمه الله، والله أعلم.
(2) قوله هذا خطأ، وقد نبَّه على هذا شيخي د. بشير الحميري -وفقه الله- في مقدِّمة تحقيقه على (حسن المدد) على خلطه في المصطلاحات، فكان الواجب أن يقول: (ما لا يشبه الفاصلة وهو معدود) فقد وهم هنا وفي كل سورة غفر الله له.
تمَّت إضافة بعض الإضافات عليه مساء الجمعة 5/3/ 1434 هـ
(2) قوله هذا خطأ، وقد نبَّه على هذا شيخي د. بشير الحميري -وفقه الله- في مقدِّمة تحقيقه على (حسن المدد) على خلطه في المصطلاحات، فكان الواجب أن يقول: (ما لا يشبه الفاصلة وهو معدود) فقد وهم هنا وفي كل سورة غفر الله له.
تمَّت إضافة بعض الإضافات عليه مساء الجمعة 5/3/ 1434 هـ