وجدت بحثا مكتملا مطولا في موقع "منبر وهران": عنوانه " المفسرون في الجزائر" قام به الباحث: أبو إبراهيم عبد الرحمان أمجد، ماجستير في اللغة والدراسات القرآنية.
[القسم الأول: كيفية دخول الإسلام إلى إفريقيا وبالخصوص المغرب (الأدنى والأوسط والأقصى)، وبعض التقلبات السياسية في كل فترة...] [القسم الثاني: قائمة المفسرين الجزائريين مرتبة على الحروف الألفبائية.]
هذا عمل متواضع حاولت فيه فتح نافذة على أعلام الجزائر، في فن من الفنون المهمة، ألا وهو التفسير، حيث ما زالت إلى الآن تعد منطقة الجزائر من المناطق التي يكثر فيها حفاظ كتاب الله عز وجل، لكن كما هو معلوم، لم يشتهر بين قُرَّائها فضلاً عن العامة مَن يفسر هذا الكتاب العزيز من أبناءها، إلاَّ ما هو معروف معلوم، من علمين من أعلامها ألا وهما الشيخ: عبد الرحمن بن محمد الثعالبي الجعفري (ت 875 ﻫ)؛ والشيخ: عبد الحميد بن باديس (ت1359ﻫ)؛ رحمهما الله جل وعلا، فلهذا السبب أحببنا فتح هذه النافذة، فاخترت منهجية متبعة في ذلك وهي كالتالي: 1. ترجمت لكل عَلم مفسر وإن لم يكن له تفسير؛ فبمجرد نَعتِه أنه مفسر، أدرجته تحت قائمة المفسرين الجزائريين. 2. عددت كل علم مفسر، مات أو تعلم، أو أصبح له لقب مفسر خارج القطر الجزائري؛ عددته جزائرياً إن كانت ولادته في القطر الجزائري المعروف اليوم بحدوده. 3. ترجمت لكل ما توصلت إليه، ولم أراع مذاهب المفسرين ومناهجهم، وإنما أردتُ التعريف بهم فقط، على طريقة أصحاب الفهارس والكتب التي اعتنت بالتراجم. 4. ذكري لشخص أنه مفسر، ليس تزكية له ولا لتفسيره، فكم من تفسير فيه كل شيء إلاّ التفسير. 5. رتبت التراجم حسب الأحرف الهجائية، وذكرت سنة الميلاد والوفاة، حسب التاريخ الهجري والميلادي، وما لم يعرف تاريخه وضعت نقاطا (...) 6. لم أقتصر على ترجمة المؤلف فقط، بل ذكرت شيئا من مصنفاته وآثاره. 7. ذكرت كنية المؤلف مع البلدة أو المدينة التي ينسب إليها، إن توفر. 8. رقمت المفسرين حتى يسهل الرجوع إليهم. 9. اعتمدت في الترجمة على: طبقات المفسرين وكتب التراجم عامة، وكان عمدة هذه الكتب كتابين: "معجم المفسرين"([1]) و"معجم أعلام الجزائر" كلاهما للمؤلف عادل نويهض، كما استعنت بكتاب "التفسير والمفسرونفي غرب إفريقيا" للمؤلف د.محمد بن رزق بن طرهوني. 10. وصلتُ في التراجم إلى عهد استقلال الجزائر؛ فلم أترجم للمعاصرين. وقبل الشروع في التراجم أذكر باختصارٍ كيفيةَ دخول الإسلام إلى إفريقيا وبالخصوص المغرب (الأدنى والأوسط والأقصى)، وبعض التقلبات السياسية -فكل فترة كان لها حكمها الخاص- وأثر ذلك قي الحياة العلمية، وهذا إلى زمن معرفة المغرب الأوسط باسم الجزائر:
القسم الأول:
بعض الفتوحات الإسلامية، وتواريخها، وعلاقة ذلك بالحياة العلمية؛ ونخص بالذكر التفسيرَ والمفسرين. لما توفي رسول الله-صلى الله عليه وسلم- قام صحابته -رضي الله عنهم- بحمل عبئ الدعوة وإتمام الفتوحات الإسلامية، وما إن أتم المسلمون الفتح النهائي لمصر بعد معاهدة الإسكندرية سنة (21ﻫ) حتى سارع عمرو بن العاص-رضي الله عنه- ففتح "برقة" سنة(22ﻫ) و"طرابلس" سنة(23ﻫ) وللحِفاظ على المنطقة والتوسع والتوغل في عمق الصحراء؛ ضَمَّن هذه الحماية "عقبة بن نافع الفهري"، والذي كان له الشأن العظيم في تاريخ إفريقية الشمالية وإسلامها، وذاك حين غزا "معاوية بن حديج" إفريقية ثلاث غزوات، الأولى سنة (34ﻫ) والثانية سنة (40ﻫ) (وهي غزوة لا يعرفها كثير من الناس)، والثالثة سنة (45ﻫ) لما ولي معاوية بن أبي سفيان-رضي الله عنه- ، وولى معاوية بن حديج السكوني مصر، فبعث في سنة خمسين عقبة بن نافع بن عبد قيس بن لقيط الفهري فغزاها واختطهافي عشرة آلاف من المسلمين([2]). فعن زيد بن أبي حبيب عن رجل من جند مصر قال: قدمنا مع عقبة بن نافع وهو أول الناس اختطها وقطعها للناس مساكن ودورا وبنى مسجدها فأقمنا معه حتى عزل وهو خير وال وخير أمير ثم عزل معاوية في هذه السنة أعني سنة خمسين.([3]) وقال زياد بن العجلان أن أهل أفريقية أقاموا بعد ذلك أربعين سنة ولو التمست حية أو عقرب بألف دينار ما وجدت([4]). ثم عُزل عقبة بن نافع من قبل أبي المهاجر، و لما وليَ يزيد بن معاوية؛ رد عقبة بن نافع على عمله، فغزا السوس الأدنى وهو خلف طنجة، وجوّل فيما هناك لا يعرض له أحد ولا يقاتله، فانصرف. ومات يزيد بن معاوية وبويع لابنه معاوية بن يزيد، وهو أبو ليلى فنادى: الصلاة جامعة، ثم تبرأ من الخلافة وجلس في بيته، ومات بعد شهرين. ثم كانت ولاية مروان بن الحكم وفتنة ابن الزبير-رضي الله عنهما-، ثم وُلي عبد الملك بن مروان فاستقام له الناس، فاستعمل أخاه عبد العزيز على مصر، فولى إفريقية زهير بن قيس البلوى، ففتح تونس ثم انصرف إلى برقة، فبلغه أن جماعة من الروم خرجوا من مراكب لهم فعاثوا، فتوجه إليهم في جريدة خيل فلقيهم فاستشهد ومن معه، ثم ولى حسان بن النعمان الغساني، فغزا ملكة البربر الكاهنة (والتي كانت تعد الوحيدة في تهديد الكيان الإسلامي في إفريقيا) فهزمته، ثم إن حسان غزاها ثانية فقتلها وسبى سبيا من البربر، وبعث به إلى عبد العزيز([5]). وأقام حسان بعد قتل الكاهنة لا يغزو أحداً ولا ينازعه أحد ثم عزله عبد العزيز بن مروان الوالي على مصر وكان الوالي على مصر يولي على أفريقية، فعزل حساناً وأمره بالقدوم عليه. وولى موسى بن نصير، وذكر ابن قطان أنَّ عزلَ حسان وولاية موسى بن نصير كان من قبل عبد العزيز بن مروان دون أمر أخيه عبد الملك ولا مشورته([6]). وأُمِّر موسى بن نصير على أفريقية سنة تسع وسبعين(79ﻫ) فعزل أبا صالح وافتتح عامة المغرب وواتر فتوحه،ثم توفي عبد الملك بن مروان وكانت وفاته كما حدّث به يحيى بن بكير عن الليث بن سعد يوم الخميس لأربع عشرة ليلة خلت من شوال سنة (86ﻫ) واستخلف الوليد بن عبد الملك فتواترت فتوح المغرب على الوليد من قبل موسى بن النصير فعظمت منزلة موسى عنده واشتد عجبه به([7]). وتحت هذه التغيرات السياسية والاجتماعية والاقتصادية التي مرت بها المنطقة كان بالطبع؛ الفتح الإسلامي هو المنبع المشع بالحياة العلمية والذي قامت عليه الفتوحات من إخراج الناس من ظلمة الجهل إلى نور الإيمان، ومن رجس الأوثان إلى توحيد رب الأكوان. و قد نالت القيروان الفضل في نشر علوم الشريعة، وتأسيس ركائز الفقه والتفسير والحديث.. كما أن القيروان اكتسبت نوعاً من الاحترام والتعظيم باعتبارها البلد الذي أسسه صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وظهر بها على أيديهم كثير من الكرامات، واستقر بها بعضهم مدة من الزمن، وهي آخر ما دخله الصحابة من بلاد المغرب، كل هذه الأمور هيأت القيروان لدور الريادة العلمية في إفريقية والمغرب حتى وصفها أبو إسحاق الجبنياني بقوله: "القيروان رأس وما سواها جسد، وما قام برَدِ الشبه والبدع إلا أهلها ولا قاتل ولا قُتل على إحياء السنة إلا أئمتها"اﻫ، وقد لهج المؤلفون القدامى بفضل القيروان على سائر بلاد المغرب في المجال العلمي من ذلك ما وصفها به ماقديشي بأنها: "منبع الولاية والعلوم، فهي لأهل المغرب أصل كل خير، والبلاد كلها عيال عليها، فما من غصن من البلاد المغربية إلا منها علا، ولا فرع في جميع نواحيها إلا عليها ابتنى، كيف لا ومنها خرجت علوم المذهب وإلى أئمتها كل علم ينسب، ولا ينكر هذا خاص ولا عام، ولا يزاحمها في هذا الفضل أحد على طول الأمد والأيام"اﻫ ، وهكذا أصبحت القيروان دار العلم الإفريقية وبرز فيها كبار المحدثين والفقهاء والقراء ورحل إليها أهل المغرب والأندلس لطلب العلم، وقد نافح أهلها عن مذاهب السلف فصارت دار السنة والجماعةبالمغرب، لقد قامت القيروان بدور كبير في فتح شمال إفريقية كله والأندلس ونشر الإسلام في المغرب وأصبحت من أهم مراكز الحضارة الإسلامية([8]). وما كان أيضاً من موسى بن نصير في غزواته حيث كان معه جيشٌ كثيفٌ جلهم من البربر، وجعل معهم من يعلمهم القرآن والفرائض([9]). وقيل ترك سبعة عشر رجلاً من العرب يعلمونهم القرآن وشرائع الإسلام([10]). وقد روي عن غياث بن شبيب أنه قال: كان سفيان بن وهب صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم يمر بنا ونحن غلمة بالقيروان فيسلم علينا ونحن في الكُتّاب وعليه عمامة قد أرخاها من خلفه.([11]) ويمكن أن نلخص هذه الفترة بأن جلها كانت فتوحات مع تأسيس لبنة لطلبة العلم في تلك المنطقة، ويلاحظ عدم اشتهار أي بدعة فيها بل عرفت بتتبع الآثار والسنة على عقيدة صحيحة خالية من فلسفات المتفلسفين ومباحث المتكلمين. و بعد استقرار الفتح وانتهائه شهدت منطقة غرب إفريقية تقلبات سياسية واجتماعية وقبائلية ونزعات قومية وفتنا خارجية كانت لها الأثر في الحياة العلمية. نلخصها فيما يلي ونركز على جانب الحياة العلمية: أولا: عصر الولاة (96-184ﻫ/715-800م) وقيام دولة الأدارسة الأولى في المغرب الأقصى: وشهد دخول المغرب في هذه الفترة فرقتان: الأولى: الإباضية وتنسب إلى عبد الله بن إباض المري، وأول من أدخلها إلى القيروان سلمة بن سعد الحضرمي([12]). وعنه فشت في قبائل المغرب. الثانية: الصفرية وتنسب على الأرجح إلى زياد بن الأصفر، ثم تولى زعامة الصفرية بالمغرب ميسرة المطغري. وشهدت هذه الفترة بهؤلاء اضطرابات وثورات، حيث تضافرت جهود الإباضية والصفرية للإحاطة بخلافة قيروان وتم لهم ذلك حيث تمكن الخوارج من الاستيلاء عليها مرتين؛ في سنة(140ﻫ) استولت عليها الصفرية مدة سنة وشهرين وقتلوا كل من كان فيه من قريش؛ ثم وليها بعدهم الإباضية لمدة سنتين([13]). حتى تم القضاء عليها في عهد يزيد بن حاتم سنة(156ﻫ). وتسببت هذه الاضطرابات في شل الحركة العلمية، بانشغالهم في تلك الفتن، لكن حافظ على مسار الحياة العلمية فئة من طلابه الأوفياء للعلم؛ فبرع منهم جميل بن كريب المعافري(ت139ﻫ) وزيد بن الطفيل الذي كان يرأس حلقة عظيمة بجامع عُقبة، وعبد الله بن فروخ(115 - 176ﻫ) الذي رحل إلى المشرق فلقي جماعة من العلماء والمحدثين كزكريا بن أبي زائدة وهشام بن حسان وعبد الملك بن جريج، والأعمش والثوري ومالك بن أنس(وهم من أعلام المفسرين)، وأبي حنيفة وغيرهم. فسمع منهم وتفقه بهم. قال أبو بكر: وكان اعتماده في الحديث والفقه على مالك بن أنس، وبصحبته اشتهر، وبه تفقه، لكنه كان يميل إلى النظر والاستدلال، فربما مال إلى قول أهل العراق فيما تبين له منه الصواب. ثم انصرف إلى أفريقية فأقام بالقيروان يعلم الناس العلم ويحدثهم فانتفع به خلق([14])، ويعد أول من أدخل مذهب أبي حنيفة المغرب. كما نشطت فئة الخوارج في نشر مذهبهم، ونشر المصنفات له، وكان من أكبر علماء الإباضية محمد بن أفلح وأبو خرز الحامي وهود بن محكم الذي صنف تفسيراً ويعد أول تصنيف في التفسير في الجزائر حيث تعد "تيارت" منبعاًَ أسسوا فيه دولتهم. وفي آخر هذه الحقبة نشطت الرحلات العلمية إلى المشرق حيث عاد الطلاب بعلم مالك(ت179ﻫ) واشتهر منهم علي بن زياد (283ﻫ). قال عنه أبو العرب: علي بن زياد من أهل تونس ثقة مأمون متعبد بارع في الفقه ممن يخشى الله عز وجل مع علوه في الفقه. سمع من مالك وسفيان الثوري والليث ابن سعد، وابن لهيعة وغيرهم. وسمع بإفريقية قبل هذا من خالد بن أبي عمران، لم يكن بعصره بإفريقية مثله. سمع منه البهلول بن راشد وسحنون وشجرة وأسد بن الفرات وغيرهم. وروى عن مالك الموطأ، وكتب سماعه من مالك الثلاثة. قال أبو سعد بن يونس: هو أول من أدخل الموطأ وجامع سفيان المغرب، وفسر لهم قول مالك ولم يكونوا يعرفونه([15]). وكان سحنون لا يقدم عليه أحداً من أهل أفريقية، ويقول ما بلغ البهلول بن راشد شسع نعل علي بن زياد. قال سحنون: وكان البهلول يأتي إلى علي بن زياد ويسمع منه، ويفزع إليه. يعني في المعرفة والعلم، ويكاتبه إلى تونس يستفتيه في أمور الديانة. وكان أهل العلم بالقيروان إذا اختلفوا في مسألة كتبوا بها إلى علي بن زياد ليعلمهم بالصواب. قال وكان علي خير أهل أفريقية في الضبط للعلم([16]). وهكذا انتشر مذهب مالك وتسارع أهل إفريقية إلى الأخذ عنه مباشرة حتى بلغ عنه الرواة من أهل إفريقية أكثر من ثلاثين طالباً. وكان أسد بن الفرات(213ﻫ) مع نشاطه في رواية الحديث يلقي التفسير أيضاًَ؛ خاصة تفسير المسيب بن شريك. ورحل أيضاً إلى المشرق موسى بن معاوية الصمادحي(226ﻫ)([17]) والذي سمع بمكة من سفيان بن عيينة صاحب التفسير المشهور، كما أكثر عن وكيع بن الجراح وأخذ عنه مصنفه ورواه في القيروان، ووكيع صاحب تفسير مسند كما كان الشأن لعلي بن زياد في السبق حيث أدخل جامع سفيان الثوري الكبير والأوسط إلى إفريقية. ثانياً: عصر الدولة الأغلبية في المغرب الأدنى (184-296ﻫ/800-909م) ودولتي الخوارج(المدرارية ، الرستمية) في المغرب الأوسط، ودولة الأدارسة في المغرب الأقصى: لقد شهدت الجزائر في هذه الفترة، حينما كانت تنعت بالمغرب الأوسط، تأسيس الصفرية دولتهم المدرارية بسجلماسة(140-297ﻫ)؛ وتأسيس الإباضية دولتهم الرستمية بتيهرت الجديدة(161-297ﻫ) وانشغلت الدولتان ببناء كيانها وتعمير أراضيها فشهدت الفترة هدوءً وسلما مع الدولة الأغلبية إلا قليلاً من المحاولات الفاشلة، وعاش المغرب الأقصى أوضاعه المتقلبة حتى جاء يحيى بن إدريس وكان رجلاً صالحاً حافظًا للحديث، وفي أيامه اختط عبيد الله الباطني المهدية وفرض سلطانه على المغرب الأقصى، فكانت نهاية دولة الأدارسة الأولى. وكان النشاط العلمي يتزايد في الدولة الأغلبية مع حرصهم وميلهم إلى مذهب أبي حنيفة، حتى وصل بهم الحد إلى تعيين القضاة الحنفية، وجاءت بدعة خلق القرآن، وامتحن بها العلماء وكانت لهم مواقف مشرفة كموقف سحنون مع بعض ولاة الأغالبة ممن تبنى منهج الاعتزال كما تبناه أيضاًَ بعض حكام الأدارسة؛ ووصل الأمر إلى تدريس نظرياتهم في مسجد عقبة إلا أن علماء السنة قاوموا هذا الفكر بقوة وصدرت المؤلفات والفتاوى حتى زال بالكلية من إفريقية، بعد قيام دولة بني عبيد. أما الإباضية والصفرية فكان لهم نشاط، ودليل ذلك ما شهده جامع عقبة من عقد حلقاتهم العلمية إلى جانب المعتزلة وكان ذاك لمدة نصف قرن من العهد الأغلبي حتى جاء الإمام سحنون فشرّدهم. وخلاصة القول أن النشاط العلمي كان لكل فرقة، حيث اهتموا بنشر أفكارهم ودعوة الناس إليها، وظهرت الردود السنية وانتشر العلم، فصنف يحي بن سلام(ت200ﻫ) جامعه في الحديث وتفسيره، الذي يعتبر من التفاسير الأثرية، ولذلك عظم شأنه بين الطلبة. وهذه المكانة دفعت العلماء إلى الاشتغال به وتدريسه واختصاره، ففي بلاد الأندلس اختصره عالمان: - ابن أبي زمنين (ت 398ﻫ). - وأبو المطرف القناعي عبد الرحمن بن مروان (ت 314 ﻫ)، واختصاره مفقود. - كما اختصره ثالث وهو: هود بن محكم الهواري(ت 380ﻫ)، قاضي الإباضية في قبيلة (هوارة) البربرية في الجزائر. ورتب الإمام سحنون المدونة وذيّل مسائلها بالأحاديث، وصنف محمد بن سحنون شرحاً على الموطأ وكثرت المصنفات في الرد على المعتزلة مثل كتاب الحجة على القدرية لمحمد بن سحنون وكتاب الاستواء لسعيد بن الحداد وغيرهما. ثالثاً: عصر الشيعة الإسماعيلية(296-362ﻫ/909-973م)، وقيام دولة الأدارسة الثانية في المغرب الأقصى: ينتمي العبيديون إلى الطائفة الإسماعيلية من الرافضة، وهم القائلون بإمامة إسماعيل بعد أبيه جعفر الصادق، رغم اتفاق أهل التاريخ على وفاة إسماعيل في حياة أبيه ويعتبرون أن عبيد الله صاحب إفريقية رابع أئمتهم المستورين، وهم يلقبون بالباطنية والرافضة والملاحدة، لما في مقالتهم من الإلحاد كما سموا بالمشارقة لقدومهم من المشرق. أما الحياة العلمية في هذه الفترة، فقد عاشت حياة الاضطهاد، تحت حكم الإسماعيلية بإفريقية والمغرب ستاً وثمانين سنة، وقد مارسوا فيها جهودهم ضد الدعوة السنِّيَّة السلفية وراحوا في نشر بدعهم بجميع الوسائل، وقمع وإماتة السنّة بحقدهم، لكن رغم الظلم العظيم والضيق الشديد، كان أهل السنة من المحدثين والفقهاء بالمرصاد، رغم منعهم من التدريس في المساجد، ونشر العلم والاجتماع بالطلبة، فكان يأتيهم الطلاب على خوف وريبة، فكان الموطأ يقرأ في البيوت سراً، وكان بعض العلماء يخرج إلى المقبرة فيستتر فيها ويقرأ على الطلبة سراً. لكن لم يكن للتفسير حظٌ كبيرٌ في هذه الفترة، التي كانت شديدة على أهل السنة، وذاك لما ارتكبه العبيديون في الشمال الإفريقي من الجرائم، ونلخصها فيما يلي ليُعرف شرُهم ومكرهم عبر التاريخ؛ وهذه صفحات منه([18]): 1. لقد اضطُهد العلماء وامتحنوا في عهد عبيد الله ؛ قال محمد بن خراسان: لما وصل عبيد الله إلى رقادة، طلب من القيروان ابن البردون، وابن هذيل، فأتياه وهو على السرير، وعن يمينه أبو عبد الله الشيعي، وأخوه أبو العباس عن يساره، فقال: أتشهدان أن هذا رسول الله؟ فقالا بلفظ واحد: والله لو جاءنا هذا والشمس عن يمينه والقمر عن يساره يقولان: إنه رسول الله، ما قلنا ذلك. فأمر بذبحهما([19]). وابن بردون هو الذي حلاه الذهبي بقوله: "الإمام الشهيد المفتي، أبو إسحاق، إبراهيم بن محمد بن البردون الضبي مولاهم الإفريقي المالكي، تلميذ أبي عثمان بن الحداد"([20]). 2. لقد كان شعراء الدولة العبيدية يمدحون خلفاءهم إلى درجة الكفر البواح وينشرونها بين الناس، وقد ظهر ذلك في شعر ابن هانئ الأندلسي في مدحه للمعز وكان أحد شعرائهم. 3. شنوا حربًا نفسية على أهل السنة وذلك بتعليق رؤوس الأكباش والحمير على أبواب الحوانيت والدواب، وكتبوا عليها أسماء الصحابة رضي الله عنهم، (لعنهم الله أنى يؤفكون)، وأظهروا سب الصحابة رضي الله عنهم، وطعنوا فيهم وزعموا أنهم ارتدوا بعد النبي -صلى الله عليه وسلم- وخصصوا دعاة للنداء بذلك في الأسواق. 4. عمل العبيديون على إزالة آثار بعض من تقدمهم من الخلفاء السنيين؛ ولذلك أصدر عبيد الله أمرًا بإزالة أسماء الحكام الذين بنوا الحصون والمساجد، وجعل اسمه بديلاً منهم، واستولى هذا الرافضي الخبيث على أموال الأحباس وسلاح الحصون، وطرد العُبّاد والمرابطين بقصر زياد الأغلبي وجعله مخزنًا للسلاح. 5. حرص العبيديون على منع التجمعات خوفًا من الثورة والخروج عليهم؛ ولذلك جعلوا بوقًا يضربونه في أول الليل، فمن وجد بعد ذلك ضرب عنقه، كما أنهم كانوا يفرقون الناس الذين يجتمعون على جنازة من يموت من العلماء. 6. أتلفوا مصنفات أهل السنة، ومنعوا الناس من تداولها كما فعلوا بكتب أبي محمد بن أبي هاشم التجيبي (ت 346ﻫ) الذي توفي وترك سبعة قناطير كتب، كلها بخط يده، فرفعت إلى سلطان بني عبيد فأخذها ومنع الناس منها كيدًا للإسلام وبغضًا فيه. 7. حرَّموا على الفقهاء الفتوى بمذهب الإمام مالك، واعتبروا ذلك جريمة يعاقب عليها بالضرب والسجن أو القتل أحيانًا، ويعقب ذلك نوع من الإرهاب النفسي، حيث يدار بالمقتول في أسواق القيروان وينادى عليه: «هذا جزاء من يذهب مذهب مالك»، ولم يبيحوا الفتوى إلا لمن كان على مذهبهم كما فعلوا بالفقيه المعروف بالهزلي «أبو عبد الله محمد بن العباس بن الوليد» المتوفى عام (329ﻫ). 8. منعوا علماء أهل السنة من التدريس في المساجد، ونشر العلم، والاجتماع بالطلاب، فكانت كتب السنة لا تقرأ إلا في البيوت خوفًا من بني عبيد، فكان أبو محمد بن أبي زيد، وأبو محمد بن التبان وغيرهما، يأتيان إلى أبي بكر بن اللباد، شيخ السنة بالقيروان في خفية، ويجعلان الكتب في أوساطهما حتى تبتل بالعرق خوفًا من بني عبيد. 9. أجبروا الناس على الدخول في دعوتهم فمن أجاب تركوه، وربما ولوه بعض المناصب، ومن رفض قُتل، كما فعلوا عقب أول جمعة خطبها عبيد الله بالقيروان، وقعت بين الدولة العبيدية وأهل القيروان مقتلة عظيمة، فأمر الشيعي بالكف عن العوام، وافتعل مناظرات صورية، فدارت على علماء السنة محن عظيمة، وقتل منهم عدة آلاف بسبب تمسكهم بإسلامهم ودفاعهم المستميت عن السنة، قال القابسي: «إن الذين ماتوا في دار البحر -سجن العبيديين- بالمهدية من حين دخل عبيد الله إلى الآن أربعة آلاف رجل في العذاب، ما بين عالم وعابد ورجل صالح. 10. زادوا في الأذان: «حي على خير العمل»، وأسقطوا من أذان الفجر «الصلاة خير من النوم»، ومنعوا الناس من قيام رمضان، وليس شيء أشد على بني عبيد من هذه الصلاة، ومنعوا صلاة الضحى، وقدموا صلاة الظهر لفتنة الناس، أما خطبة الجمعة فقد أظهروا فيها سب الصحابة وضروبًا من الكفر، فتركها الناس، وأقفرت المساجد في زمانهم. إلى غير ذلك مما فعلوه بأهل السنة، -رحم الله أعلام السنة وقدس أرواحهم-واللعنة على العبيديين-. رابعاً: دولتا بني زيري أو الدولة الصنهاجية(362-449ﻫ/973-1057م)، ودولة بني حماد بالمغرب الأوسط ودولة الأدارسة الثالثة بالمغرب الأقصى: لقد تغيرت الأوضاع ووقع الخلاص نهائيا من أتباع العبيديين، على عهد آخر أمراء صنهاجة بالقيروان وهو المعز بن باديس(407-449ﻫ)حيث شهدت الحياة العلمية عصرها الذهبي وعادت بصفة رسمية، الحظيرة إلى أهل السنة والجماعة بعد اضطهادهم والكيد منهم، فبدأت تتكون الشعلة العلمية، مع بعض الرواسب الباطنية التي كان لها الأثر في ظهور التفسير الباطني، والاتساع في مجال التأويل الفاسد، الذي ساعد أرباب الصوفية، في تقديس شيوخهم ورفعهم منزلة لا تليق إلا بالله والملاحظ أنه منهج مقتبس من التفاسير الباطنية الإسماعيلية الرافضية. خامساً: عصر المرابطين والموحدين(434-668ﻫ/1043-1270م): المرابطون هم الملثمون الذين ينتمون إلى قبيلة لمتونة من أعظم قبائل البربر من بطون صنهاجة، وبدأت دعوتهم على يد الفقيه المالكي عبد الله بن ياسين وزعيم قبيلة جدالة الأمير يحيى بن إبراهيم الجدالي، إلى أن وصلت على يد يوسف بن تاشفين وقد أحكم قبضته على المغرب الأقصى، واعتبر هو المؤسس لدولة المرابطين، وراح إلى الأندلس لمواجهة النصارى حتى توفاه الله، وتولى ابنه علي بن يوسف تاشفين الذي سار سيرته، وكان لانتصاراته صدى في المغرب العربي. وفي أثناء ذلك ظهر محمد بن تومرت، والذي نشأ نشأة دينية، بحيث طلب العلم ورحل إلى الأندلس، ثم إلى المشرق، وعند رجوعه إلى المغرب التقى بالمدعو عبد المؤمن بن علي الذي صحبه وحفظ عنه تعاليم الدين، والذي أصبح فيما بعد المؤسس الحقيقي لدولة الموحدين، بعد سقوط دولة المرابطين في مراكش سنة(541ﻫ)، والذي أحكم قبضته على المغرب الأقصى ثم توجه إلى المشرق حيث توالت انتصاراته حتى وصل إلى طرابلس ونجح في تحقيق وحدة سياسية للمغرب الإسلامي، وأتم الانتصارات بعد وفاته سنة(558ﻫ) ولدُه يوسف بن عبد المؤمن الملقب بمنصور الذي بلغ أوج ازدهار دولة الموحدين، وذاك لما حققه في الأندلس في معركة الأرك التي أوقفت زحف النصارى وزادت من هيبة الموحدين، وبذلك ازدهرت الحياة الاقتصادية والاجتماعية. أما الحياة العلمية، فشهدت تكريما لطلاب العلم يفوق الوصف خاصة في دولة الموحدين، وأصبح للعلماء والقضاة شأن عظيم حتى في النفوذ خاصة في دولة المرابطين، وتعود تلك الأسباب، إلى أساس قيام الدولة، حيث أسست ركائزها على مبدأ ديني إصلاحي، لذلك شهدت هذه الفترة إنتاجا علميا كبيرا، خاصة في مجال الدراسات القرآنية، حيث انتشرت الكتاتيب وزاد حفاظ كتاب الله الكريم، وأصبحت الحاجة ماسة لتفسير هذا الكتاب العظيم، كما شهد تفسير ابن عطية(ت541ﻫ) اهتماما لا مثيل له عند المغاربة. أما في المغرب الأوسط ولأول مرة تظهر نجوم من العلماء وبالخصوص في علم التفسير، وذلك راجع للاستقرار وطول حكم الدولة التي اعتنت بالعلماء، فظهر في الجزائر من المفسرين: يوسف بن إبراهيم بن مياد السدراتي الورجلاني أبو يعقوب (ت 570 ﻫ)؛ وحسن بن علي بن محمد المسيلي أبو علي (ت 580 ﻫ) ؛ وعلي بن عبد الله بن ناشر أبو بكر وقيل أبو الحسن الوهراني (ت 615ﻫ) ؛ و أحمد بن علي بن يوسف تقي الدين البوني (ت622 ﻫ) ؛ و يحيى بن محمد بن يوسف التجيبي، التلمساني أبو زكريا(ت 652 ﻫ). وحين ضعفت دولة الموحدين، وأوشكت نهاية عهد الدولة الشاسعة، بحيث انقسمت إلى ثلاثة دول إسلامية، ظلت تتنازع فيما بينها وتحاول كل واحدة منها التوسع على حساب جارتها، وهي: الدولة الحفصية في المغرب الأدنى، والدولة الزيانية في المغرب الأوسط، والدولة المرينية في المغرب الأقصى. ومنذ ذاك الحين اعتبر المغرب الإسلامي الكبير منقسما إلى ثلاث دول لكل منها تاريخه المستقل تونس، الجزائر والمغرب ويتبعها موريتانيا. وفي هذا البحث نقتصر على تاريخ الجزائر والحياة العلمية فيها، والذي تأثر في المجال العلمي، بالأدوار السابقة والتقلبات التي حصلت في منهجه ومصادره، والتي كانت تتأثر بدورها بالتقلبات السياسية، ولم تمس هذه التقلبات من كان راسخاً في العلم متبعاً لمنهج النبوة على طريقة السلف الصالح، والملاحظ على الساحة العلمية تأثر العلماء بالإباضية التي لا تزال بقايا رواسبها، ومنهج الباطنية الذي أفسد منهج التصوف وأخرجه من إطاره الأخلاقي إلى الإطار العقدي، المخالف لما كان سائدا في المنطقة أول الأمر وهو منهج الإمام مالك رحمه الله في العقيدة والسلوك، منهج أحد أعيان القرون الثلاثة المفضلة. ونقتصر الآن على دولة بني زيان ثم الأتراك بعدهم ثم الاحتلال الفرنسي ثم الاستقلال المُشرق للجزائر. الدولة الزيانية (بنو عبد الواد) في المغرب الأوسط (الجزائر) (668ـ-961ﻫ/1270-1554م): وأول حكامها هو يغمراسن بن زياد بن ثابت؛ وكان مطيعاً للموحدين وعندما ضعفت دولتهم حملهم على التنازل له عن إمارة تلمسان، لكنْ أبو الحسن السعيد خليفة الموحدين لم يعجبه هذا الأمر ورآه خروجاً عن سلطانه، فخرج لقتاله فقُتل خليفة الموحدين، وتثبتت أركان دولة بني عبد الواد، ومن ثم أصبحت دائمة التعرض للمطامع، حتى جاء أبو حمو موسى الثاني سنة(760ﻫ)، وظل أمرها قائماً حتى كثر النزاع بين ملوكها وتشتت أركانها، وانتهى أمرها باستيلاء الأتراك عليها سنة(961ﻫ/1554م). أما الحياة العلمية فكان للعلماء إنتاج لا مثيل له، ومن أكبر أسبابه استقرارهم في دولة المرابطين والموحدين، مما جعل لهم طلاباً وتلاميذ حملوا الأمانة بعدهم، وظهروا في الدولة الزيانية التي استقرت بعلمائها وتفننوا في العلوم، فكان منها في التفسير فقط: أبو عبد الله محمد بن محمد المقري التلمساني (ت 759 ﻫ)، و أبو العباس أحمد بن العباس النقاوسي (ت 765 ﻫ)؛ و أبو عبد الله العلويني محمد بن أحمد بن علي الإدريسي الحسني المعروف بالشريف التلمساني(ت 771 ﻫ)؛ و عبد الرحمن بن أحمد الوغليسي، البجائي(ت 786ﻫ)؛ و سعيد بن محمد التجيبي التلمساني العقباني (ت 811 ﻫ)؛ و أبو يحيى، عبد الرحمن بن محمد التلمساني (ت826ﻫ)؛ و أبو العباس أحمد بن محمد بن أحمد البسيلي (ت 830 ﻫ)؛ و أبو عبد الله محمد بن أحمد بن مرزوق العجيسي التلمساني (ت 842 ﻫ)؛ و أحمد بن محمد بن زاغو المغراوي التلمساني (ت 845 ﻫ)؛ و أبو الفضل قاسم بن سعيد العقباني التلمساني، (ت854 ﻫ)؛ و إبراهيم بن فائد بن موسى النبروني الزّواوي القسنطيني (ت 857 ﻫ)؛ وأبو عبد الله محمد بن أبي القاسم المشذالي (ت 866) ؛ و عبد الرحمن بن محمد الثعالبي الجعفري(ت 875 ﻫ) وتفسيره معروف ومشهور؛ و أبو عبد الله محمد بن قاسم الأنصاري التلمساني ثم التونسي(ت 894 ﻫ)؛ ومحمد بن يوسف الحسني السنوسي التلمساني(ت 895 ﻫ)؛ وأحمد بن محمد بن زكري (ت 899 ﻫ)؛ ومحمد بن عبد الكريم بن محمد المغيلي التلمساني(ت 909 ﻫ) ؛ و أبو عبد الله محمد بن عبد الرحمن أبي يحي بن أبي العيش الخزرجي التلمساني (ت 911ﻫ)؛ و أبو الحسن عليّ بن موسى المطغري (ت 951 ﻫ). حكم العثمانيين للجزائر(924-1246ﻫ/1518-1830م): وشهد ثلاثة أدوار. شهدت الحياة العلمية بصفة عامة في عصر العثمانيين، نوعاً من الركود والانغلاق والتقليد، بحيث قل الإنتاج العلمي بصفة عامة، وما بقي إلا تبعية مجردة عن الاجتهاد، حيث كثرت المختصرات وحورب الاجتهاد، وذلك بسبب أمرين رئيسيين: الأول: العوامل الفكرية التي كانت تسيطر آنذاك، من غلق باب الاجتهاد، وفي الوقت نفسه تقديس الأشخاص والمنع من مخالفة أقوالهم. الثاني: توقيف الرحلات العلمية، وانطواء الفكر الداخلي على نفسه، بحيث يعد من خرج عن الفكر الداخلي المعروف آنذاك، قد خالف النظام العلمي، وعيِّر بألقاب منها المشرقي ولا مذهبي والشاذ ...إلى غيرها. وامتاز هذا العصر بكثرة المختصرات، وكثرة الحواشي على الحواشي، وانهمك الطلبة في حل رموز المختصرات، حتى صعب العلم على الطالب، وأصبح مهما اجتهد لم يبلغ منتهاه، حتى في مذهبه الواحد، وهذه الطريقة ذمها من قبل ابنُ خلدون حيث قال تحت عنوانكثرة الاختصارات المؤلفة في العلوم مخلة بالتعليم: " ذهب كثير من المتأخرين إلى اختصار الطرق والإنحاء في العلوم يولعون بها ويدونون منها برنامجا مختصرا في كل علم يشتمل على حصر مسائله وأدلتها باختصار في الألفاظ، وحشو القليل منها بالمعاني الكثيرة من ذلك الفن، وصار ذلك مخلا بالبلاغة وعسرا على الفهم، وربما عمدوا إلى الكتب الأمهات المطولة في الفنون للتفسير والبيان فاختصروها تقريبا للحفظ، كما فعله ابن الحاجب في الفقه وابن مالك في العربية والخونجي في المنطق وأمثالهم وهو فساد في التعليم وفيه إخلال بالتحصيل، وذلك لأن فيه تخليطا على المبتدئ بإلقاء الغايات من العلم عليه، وهو لم يستعد لقبولها بعد، وهو من سوء التعليم كما سيأتي، ثم فيه مع ذلك شغل كبير على المتعلم بتتبع ألفاظ الاختصار العويصة للفهم بتزاحم المعاني عليها وصعوبة استخراج المسائلمن بينها، لأن ألفاظ المختصرات تجدها لأجل ذلك صعبة عويصة فينقطع في فهمها حظ صالح عن الوقت ثم بعد ذلك فالملكة الحاصلة من التعليم في تلك المختصرات إذا تم على سداده ولم تعقبه آفة فهي ملكة قاصرة عن الملكات التي تحصل من الموضوعات البسيطة المطولة بكثرة ما يقع في تلك من التكرار والإحالة المفيدين لحصول الملكة التامة وإذا اقتصر على التكرار قصرت الملكة لقلته كشأن هذه الموضوعات المختصرة فقصدوا إلى تسهيل الحفظ على المتعلمين فأركبوهم صعبا يقطعهم عن تحصيل الملكات النافعة وتمكنها، ومن يهد الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له والله سبحانه وتعالى أعلم".([21]) وخلاصة القول: لم يكن في هذه الفترة نشاط كبير، أما في مجال التفسير اقتُصر على حفظ كتاب الله عز وجل، ولم يكن من العلماء الأفذاذ من يفسره، إلا قليل، ومن القليل، قل من يفسره على طريقة المفسرين من أهل السنة والجماعة على فهم السلف الصالح-والله المستعان. وإليك أدوار العثمانيين. دور الولاة الملقبين بيكلر بك(يعني أمير الأمراء بالتركية) (924ﻫ-995ﻫ/1518م-1587م): بدأ هذا الدور بخير الدين، الذي ألحق بالإسبان هزيمة منكرة ثم تولى بعده حسن أغا سنة(941ﻫ/1534م) ثم عين حسن باشا بن خير الدين والياً على الجزائر(العاصمة) واستولى على تلمسان، ثم تولى الأمر صالح ريس الذي طرد الإسبان من بجاية والمهدية وما لبث أن توفي عاد حسن باشا وأتم الانتصار على الإسبان فهزمهم في مستغانم، واستدعاه السلطان العثماني في حصار مالطة، وخلف بعده علج علي سنة(976ﻫ/1568م). لم يعرف أحد من المفسرين في هذه الفترة، فيما وصلنا من المصادر والمراجع، وأظن أن سبب ذلك هو أولاً: انشغال أمراء الترك في معرفة المنطقة الغريبة عنهم جغرافياً، مع الحروب مع الإسبان، وثانياً: المدة التي مكثوا فيها في الحكم حيث تعد(71 سنة فقط). دور الباشوات(995-1082ﻫ/1587-1671م): الباشوات لقب يحمله كل ولي ترسله إستامبول وذاك منذ سنة(995ﻫ/1587م) ويحكم الباشا لمدة ثلاث سنوات، وحدث في عهدهم خلاف وثورات بين الجنود والقبائل مما أحدث فوضى عظيمة انتهت بتولي رؤساء البحرية السلطة وهو ما يعرف بحكم الديات. ظهرت في هذه الفترة حركة علمية من المفسرين وكان على رأسهم: محمد بن أحمد بن محمد ابن الوقاد (ت 1001ﻫ) ؛ و علي بن عبد الواحد الأنصاري السجلماسي أبو الحسن(ت 1057ﻫ) ؛ و يحيى بن محمد النابلي، الشاوي الملياني أبو زكرياء (ت 1096 ﻫ). دور الدايات(1082- 1246ﻫ/1671-1830م): لم يلبث الدايات حتى نصّبوا واحدا منهم على أن يتولى الأمر والسلطة مدى حياته، ولقبت إستامبول الداي لقب باشا باعتباره الممثل الرئيسي لسلطتها في الجزائر، وبقي الأمر على ذلك حتى دخل الاستعمار الفرنسي الغاشم. وشهدت هذه الفترة امتدادا للحركة التفسيرية السابقة بحيث ظهر منهم: أحمد بن محمد بن أبي العيش بن محمد أبو العباس المقري التلمساني(ت 1041ﻫ)؛ و أحمد بن قاسم بن محمد ساسي التميمي البوني(ت 1139 ﻫ)؛ و الحسين بن محمد ابن العنابي الجزائري(ت 1150 ﻫ) ؛ و محمد بن محمد بن محمد الحسنى البليدي (ت 1176 ﻫ) ؛ و يوسف بن عدون بن حمو أبو يعقوب(ت بعد 1223 ﻫ)؛ و محمد بن أحمد بن عبد القادر الراشدي الجليلي الملقب بأبي رأس المعسكري(ت 1238 ﻫ) ؛ و علي بن محمد الميلي، الجمالي(ت 1248 ﻫ). عهد الاستعمار الفرنسي(1246-1382ﻫ/1830-1962م): لقد عانى الشعب الجزائري شتى أنواع الاضطهاد، في فترة الاستعمار الفرنسي، حيث لا يخفى على أحد من الجزائريين، تاريخهم المجيد. لكن ما يخفى على البعض بغض الاستعمار لتعاليم الإسلام المجيد، وتضليلهم العامة بزرع الخرافات والشرك بأنواعه، ونصبهم مشايخ الضلال، ليخدموا مصالح فرنسا، فأكثروا لهم المشاهد والقبور والأعياد، باسم الدين، وعلقوهم بغير الله -جل وعلا – لأنهم على دراية بأن القوة في التوحيد ( بما تحمله كلمة التوحيد من المعاني في ذلك) وأن الضعف والهوان والخذلان، في الشرك بالله سبحانه وتعالى؛ قال جل وعلا: ﴿وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آَيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ﴾ ولم يسكن حقد الاستعمار، من مخططاته الشريرة، لفصل هذا الشعب عن هويته التاريخية، والدينية، فراح يَحرمُه من تعليم لغة القرآن، حتى تنقطع صلته بتاريخه ودينه، فأصدر "شوطان" وزير الداخلية آنذاك، قراراً في مارس سنة 1938م بمنع تعليم العربية في الجزائر، واعتبرها لغة أجنبية، وتصدت جمعية علماء المسلمين لهذا القرار، باستمرار مدارسها، رغم التضييق والضغط عليها، فكانت نافذة للرحمة والعلم. ويعلن الكردينال "لا فيجري" سنة 1930م: " أن عهد الهلال في الجزائر قد غبر، وأن عهد الصليب قد بدأ، وأنه سيستمر إلى الأبد". فيعلن العلامة المفسر: ابن باديس بتأسيس جمعية العلماء المسلمين سنة 1931م، ليكون منبرا لنشر العلم والإسلام، وغرس الأخلاق والقيم المجيدة لهذا الشعب. ويهدد الوزير الفرنسي، وفد المؤتمر الإسلامي سنة 1936م بأن لدى فرنسا مدافع طويلة؛ ويرد عليه الشيخ ابن باديس بأن لدينا مدافع أطول "وأنها مدافع الله". وهذا كان شديداًَ على الاستعمار، فراحوا يدبرون له المكايد فأرسلوا للشيخ مجرماً يترصد به ليقتله، لكن أطال الله في عمره ولم يفلح المجرم ولم يفلح الاستعمار. وهكذا ظل جميع العلماء الأوفياء، باذلين جهدهم في مقاومة الاستعمار بما أوتوا من الأقلام والقلوب والأفواه والأيدي. ولم يعرف في هذه الفترة نشاط كبير في فن التفسير، بحيث لم يرد تفسير كامل إلاَّ تفسير ابن باديس، لكن للأسف لم يحفظ بل ضاع منه الكثير. ومن المفسرين في هذه الفترة: محمد بن عيسى الجزائري ثم التونسي المالكي:( ت 1310ﻫ)؛ و محمد بن أبي القاسم الشهير بالهاملي(ت 1315ﻫ)؛ و محمد بن يوسف أطفيش الوهبي، الإباضي (ت 1332 ﻫ) ؛ وأحمد بن مصطفى المستغانمي الشهير بالعلوي (ت 1353 ﻫ) ؛ و عبد الحميد بن باديس (ت 1359 ﻫ) ؛ و عمر راسم البجائي (ت 1379ﻫ) ؛ وإبراهيم أطفيش (ت 1385 ﻫ).
الهوامش: [1]معجم المفسرين يتميز بذكر المفسرين الجزائريين، لأن مؤلفه عاش في الجزائر، وقد قام بتأليف معجم أعلام الجزائر، لذلك أدرجهم في معجمه.
[17]قال أبو العرب: وكان على فقهه مأموناً عالماً بالحديث والفقه، كثير الأخذ عن رجاله المدنيين، والكوفيين والبصريين، وغيرهم. سمع من وكيع ابن الجراح، والفضل بن عياض، وعلي بن مهدي، وطبقتهم، وجرير بن عبد الله، وأبي معونة الضرير، وسمع من ابن القاسم وغيره. سمع منه سحنون وعامة أهل إفريقية، وسمع منه ابن وضاح، وأحمد بن يزيد القرشي، وعمي بعد قدومه من المشرق بيسير. ترتيب المدارك وتقريب المسالك - (ج 1 / ص 238)
[18]صفحات من التاريخ الإسلامي - الدولة الفاطمية - (ج 1 / ص 68-72)
القسم الثاني: قائمة المفسرين الجزائريين مرتبة على الحروف الألفبائية:
1. إبراهيم بن فائد بن موسى بن عمر بن سعيد بن علال بن سعيد النبروني الزّواوي النجارالقسنطيني: فقيه مالكي جزائري([22]).(796 - 857 ﻫ / 1394 - 1453م). ولد سنة ست وتسعين وسبعمائة في جبل جرجرا ثم انتقل إلى بجاية فقرأ بها القرآن واشتغل بها في الفقه على أبي الحسن علي بن عثمان ثم رحل إلى تونس فأخذ الفقه أيضاً وكذا المنطق عن أبي عبد الله الأبي والفقه أيضاً وكذا التفسير عن القاضي أبي عبد الله القلشاني والفقه وحده عن يعقوب الزعبي والأصول عن عبد الواحد الفرياني، ثم رجع إلى جبال بجاية فأخذ العربية عن الأستاذ عبد العالي بن فراج ثم انتقل إلى قسنطينة فقطنها وأخذ بها الأصلين والمنطق عن حافظ المذهب أبي زيد عبد الرحمن الملقب بالباز والمعاني والبيان عن أبي عبد الله محمد اللبسي الحكم الأندلسي ورد عليهم حاجاً والأصلين والمنطق والمعاني والبيان مع الفقه وغالب العلوم المتداولة عن أبي عبد الله بن مرزوق عالم المغرب قدم عليهم قسنطينة فأقام بها نحو ثمانية أشهر، ولم ينفك عن الاشتغال والأشغال حتى برع في جميع هذه الفنون لا سيما الفقه من مصنفاته: ·عمل تفسيراً. · وشرح ألفية ابن مالك في مجلد. · وتلخيص المفتاح في مجلد أيضاً وسماه تلخيص التلخيص. · ومختصر الشيخ خليل في ثلاث مجلدات سماه: " تسهيل السبيل لمقتطف أزهار روض الخليل" في مختصر الشيخ خليل ·وكذا في آخر إن كان كمل في مجلدين سماه فيض النيل. ·تحفة المشتاق في شرح مختصر خليل بن إسحاق.([23]) وحج مراراً وجاور وتلا لنافع على الزين بن عياش بل حضر مجلس ابن الجزري في سنة ثمان وعشرين وممن أخذ عنه الشهاب بن يونس بل شاركه في أخذه عن محمد بن محمد بن عيسى الدلدوي أحد مشايخه ولقيه البقاعي في سنة ثلاث وخمسين حين حج أيضاً .رحمه الله([24]). 2. إبراهيم أطفيش([25])(1305 - 1385 ﻫ / 1888 - 1965م): إبراهيم (أو محمد إبراهيم) بن محمد إبراهيم بن يوسف أبو إسحاق أطفيش: أديب من علماء الإباضية.ولد في قرية بني يسجن (بوادي ميزاب في الجزائر) وقرأ الفقه والنحو والتفسير، بعد حفظ القرآن الكريم، على شيخه عم والده الشيخ محمد يوسف، ولازمه إلى أن توفي (سنة 1332 ﻫ) فانتقل إلى تونس وحضر دروسا في جامع الزيتونة. وشارك في الحركة الوطنية فأبعده الفرنسيون، فتوجه إلى القاهرة، (1341 ﻫ / 1923م) فأنشأ مجلة (المنهاج) ونشر كتبا علمية لبعض أعلام الاباضية. وصنف كتاب (الدعاية إلى سبيل المؤمنين - ط) وشرع في كتابة (تاريخ الاباضية) وعاجلته المنية قبل إتمامه. وعمل في دار الكتب المصرية، فشارك في تحقيق بعض مطبوعاتها الكبيرة كتفسير القرطبي وأجزاء من (نهاية الارب). ورجع إلى السياسة فكان ممثلا لدولة إمامة عمان في جامعة الدول العربية، ورئيسا لوفدها في هيئة الامم المتحدة (دورة 1960) وأسس أول مكتب سياسي لدولة إمامة عمان في القاهرة سنة 1375 ﻫ /1956م) وشهد بعض المؤتمرات الإسلامية في القدس وبغداد. وكان مرجعا للفتوى في المذهب الاباضي عند المشارقة والمغاربة.وتوفي بالقاهرة ([26]). 3. أحمد بن العباس أبو العباس النقاوسي([27])(... - 765 ﻫ / .... - 1364م): أحمد بن العباس النقاوسي أبو العباس: نحوي، من فقهاء المالكية، حافظ أديب، له مشاركة في علوم التفسير والحديث واللغة والمنطق. أخذ عن أبي منصور بن أحمد بن عبد الحق المشذلي(ت731ﻫ)، وابن راشد القفصي. رحل من تلمسان واستقر في تونس واشتغل بالتدريس؛ لقيه أبو البقاء خالد بن عيسى البلوي الأندلسي قبل سنة 765ﻫ وذكره في رحلته المسماة" تاج المفرق في تحلية أهل المشرق" ومما قاله فيه: " كان حافظاً مجيداً، وعارفاً مديداً، ومدرسا مفيداً"اﻫ من مصنفاته: ·الروض الأريض في علم القريض. ·حديقة الناظر في تلخيص المثل السائر. ·شرح المصباح لابن مالك. ·إيضاح السبيل إلى القصد الجليل في علم الخليل([28]). 4. أحمد بن محمد بن عبد الرحمن ابن زاغو المغراوي التلمساني([29])(782 - 845 ﻫ / 1380 - 1441م): مفسر، من فقهاء المالكية، من أهل تلمسان. قال القلصادي: "كان أعلم الناس في وقته بالتفسير وأفصحهم" من كتبه: ·تفسير الفاتحة. ·مقدمة في التفسير. · شرح التلمسانية في الفرائض. ·أجوبة فقهية[30] . ·وله فتاوى كثيرة[31]. 5. أحمد بن علي بن أحمد الباغاني، الربعي، الأندلسي (أبو العباس) مقرئ(345- 401 ﻫ/957 - 1011م): أحمد بن علي بن أحمد بن محمد بن عبد الله الربعي الباغاني المقرىء، يكنى: أبا العباس. قدم الأندلس سنة ستٍ وسبعين وثلاث مائة. وقدم إلى الإقراء بالمسجد الجامع بقرطبة واستأدبه المنصور محمد بن أبي عامر لابنه عبد الرحمن، ثم عتب عليه فأقصاه، ثم رقاه المؤيد بالله هشام بن الحكم في دولته الثانية إلى خطة الشورى بقرطبة مكان أبي عمر الأشبيلي الفقيه على يدي قاضيه أبي بكر بن وافد، ولم يطل أمده. وكان: من أهل الحفظ والعلم والذكاء والفهم، وكان في حفظه آيةً من آيات الله تعالى، وكان بحراً من بحور العلم، وكان لا نظير له في علم القرآن قراءاته وإعرابه، وأحكامه، وناسخه ومنسوخه. وله كتابٌ حسن في أحكام القرآن نحا فيه نحواً حسناً وهو على مذهب مالك رحمه الله. روى بمصر عن أبي الطيب بن غلبون، وأبي بكر الاذفوي وغيرهما. قال ابن حيان توفي يوم الأحد لأحدى عشرة ليلة خلت من ذي القعدة سنة إحدى وأربع مائة مع أبي عمر الإشبيلي في عام واحد. قال أبو عمرو: ومولده بباغا في سنة خمس وأربعين وثلاث مائة[32]. 6. أحمد بن علي بن يوسف،تقي الدين أبو العباس البوني (... - 622 ﻫ / ...- 1225م) : صاحب المصنفات في علم (الحروف) متصوف مغربي الأصل، نسبته إلى بونة (بافريقية، على الساحل) التي تعرف الآن بعنابة من القطر الجزائري:كتبه يستعملها أصحاب السحر والتعاويذ -والعياذ بالله- من مصنفاته: ·أسرار الحروف والكلمات. · إظهار الرموز وإبداء الكنوز. ·بحر الوقوف في علم الأوفاق والحروف. ·تحفه الأحباب ومنية الانجاب في أسرار بسم الله وفاتحة الكتابية والتوجيهات العطائية. ·جواهر الأسرار في نواهر الأنوار. ·حزب النصر. ·خصائص سر الكريم في فضائل بسم الله الرحمن الرحيم. · رسالة التجليات. ·رسالة الشهود على طريقة على الحروف. ·الرسالة اللامية. الرسالة النونية. · سير نور الأنوار وقبس سير سر الأسرار. · شرح أسماء الله الحسنى. · شرف الشكليات وأسرار الحروف الورديات. · شمس المعارف ولطائف العوارف. · شمس الواصلين وأنس السائرين في سر السير على براق الفكر والطير. · علم الهدى وأسرار الاهتداء في فهم معنى سلوك أسماء الله الحسنى. ·فتح الكريم الوهاب في فضائل البسملة مع جملة من الأبواب. ·قبس الإقتداء إلى وفق السعادة ونجم الاهتداء إلى شرف السيادة. · قوت الأرواح ومفتاح الأفراح. ·كتاب الحروف والعدد. · كتاب فاه باللسان ورسمه بالبنان على ألواح البيان في عالم العيان. · لطائف الإشارات في أسرار الحروف العلويات. ·اللطائف العشرة. ·كنز اللطائف الروحانية في أسرار اللمعة النورانية. · اللمعة النورانية في الأوراد الربانية[33]. · المشهد الأسنى في شرح أسماء الله الحسنى. · مطلع العزائم. · مواقف الغايات في أسرار الرياضات[34]. ·مواقيت البصائر ولطائف السرائر. · موضع الطريق وقسطاس التحقيق في شرح الأسماء الحسني. · نهاية الآمال في فضائل الأعمال. · هداية القاصدين ونهاية الواصلين. وغير ذلك. توفي بالقاهرة[35]. 7. أحمد بن قاسم بن محمد ساسي التميمي البوني (1063 - 1139 ﻫ / 1653 - 1726م): عالم بالحديث.قال عنه صاحب الضوء اللامع: هو الإمام العلامة المحدث المسند الجماع المطلع صاحب التآليف العديدة والأنظام الكثيرة، أبو العباس أحمد بن قاسم ابن أبي عبد الله محمد ساسي التميمي البوني من بونة التي تعرف الآن بعنابة من القطر الجزائري، المولود ببونة سنة 1063ﻫ والمتوفى سنة 1139 ﻫ عن ست وسبعين سنة، ترجمه الأديب أبو زيد عبد الرحمن الجامعي الفاسي في رحلته المسماة ب " نظم الدرر المديحية في محاسن الدولة الحسينية " و " التاج المشرق الجامع ليواقيت المغرب والمشرق " قال: " لما دخلتها يعني بونة أممت دار الشيخ الرباني العالم العرفاني الذي بنيت هذه الرحلة المباركة على قواعد بركته أساسي أبي العباس أحمد بن الولي الصالح البر الناجح أبي عبد الله قاسم ابن الولي الصالح أبي عبد الله محمد المعروف ساسي، فوجدته طلق المحيا، وأنزلني بمنزل لإكرام أضيافه مهيأ، فأقمت عنده ينزهني في كل يوم في رياض تآليفه الحديثية وغيرها، وينثر عليّ كل ساعة من فرائد فوائده ما تبخل به على الغائصين قعور بحرها، وكنت أحضر أثناء تلك المدة مجلس رواية الصحيحين بين يديه، مع مشايخ بلده وولديه، ومما رويت عنه فسح الله في أجله وأسهب، وإن تآليفه بلغت ما ينيف على المائة ما بين مختصر ومسهب، ولما وقفت في علم الحديث على البحر العباب، والعجب العجاب، سألته الإجازة فيما وقفت عليه وغيره من تصانيفه... " الخ كلامه. قلت: تآليف المترجم كثيرة عديدة عظيمة، منها في السنة وعلومها: ·نظم الخصائص النبوية. ·المستدرك على الحافظ السيوطي من خصائص الجمعة مائة أخرى وعشرين. ·طرز الحمائل في الشمائل. ·زاد المسير إلى دار المصير. ·إظهارنفائس ادخاري المهيأة لختم كتاب البخاري. ·اختصار مقدمة ابن حجر للفتح. ·فتح الباري في شرح غريب البخاري. · والثمار المهتصرة في مناقب العشرة. · الرحلة الحجازية. ·تنوير السريرة بذكر أعظم سيرة. ·نظم نخبة ابن حجر مسمى بالدرر. ·نفح الروانيد بذكر بعض المهم من الأسانيد. · وتخميس القصيدة المسماة قرة العين بمدح الصحيحين لسيدي محمد ساسي. · والنفحات العنبرية بنظم السيرة الطبرية. · وظل السحابة في الصحابة لكنه لم يتم. ·والتيسير في إسنادنا في كتب جمع من التفاسير. ·فتح الإغلاق على وجوه مسائل خليل بن إسحاق. ·الإلهام والانتباه في رفع الإيهام والاشتباه. ·الإعانة على بعض مسائل الحصانة. ·الظل الوريف في الحث على العلم الشريف. ·إتحاف الأقران ببعض مسائل القرآن. ·حث الورّاد على حب الأوراد(في ثمانية أجزاء). ·نور الشمعة المُذهب لظلام أهل الرياء والسمعة. ·نهاية الآمال في فضائل الإعمال. ·إعلام القوم بفضائل الصوم. ·النور الصاوي علي عقيدة الطحاوي. ·النفحة المسكية في نظم العقيدة السبكية. ·فتح المعيد بنظم عقيدة ابن دقيق العيد. ·نظم العقيدة الوسطى. ·نظم عقيدة الرسالة لابن زيد القيرواني. ·نظم عقيدة ابن الحاجب. ·تليين القاسي في نظم الإمام الفاسي. ·الجوهرة المصية في نظم الرسالة القدسية.أبياتها نحو 775بيتاً. ·نظم الأجرومية في تسعين بيتاً. ·تلقيح الأفكار بتنقيح الأذكار. ·إعلام أرباب القريحة بالأدوية الصحيحة.في الطب ·إعلام الأحبار بغرائب الأخيار. ·إظهار القوة بإحكام الباب والكوة. ·الفتح المولوي بشرح حزب النووي. ·فتح المعين بذكر مشاهير النحاة واللغويين. ·تحفة الأريب بأشرف الغريب.اختصر فيه غريب العزيزي للقرآن ·أنس النفوس بفوائد القموس. ·رفع العنا عن طالب الغنى. لم يكمل. ·ديوان الشعر. · " التعريف بما للفقير من التواليف ".عدّد فيه أسماء مؤلفاته وهي نحو مئة كتاب. ·الدرة المصونة في علماء وصلحاء بونة، وهي الألفية الصغرى[36]. ·وله الألفية الكبرى التي فيها 3000 بيت. يروي عن أبيه وغيره من الجزائريين والتونسيين والمغاربة كالشيخ الشمس محمد بن سليمان الرداني والشيخ خليل بن إبراهيم اللقاني وأحمد بن عبد اللطيف البشبيشي ويحيى الشاوي والزرقاني والخرشي والشبرخيتي وغيرهم عامة، ويروي عن الشيخين المعمرين أكثر من مائة وعشرين سنة أبي الحسن عليّ الخضري الرشيدي الحنفي وأبي عبد الله محمد بن عبد العزيز المنوفي الشافعي، الأول عن الشيخ عبد الرؤوف المناوي عن الشعراني عن زكرياء، والثاني عن عبد الواحد البرجي والشمس الرملي، الأول عن الحافظ السيوطي، والثاني عن زكرياء الأنصاري، كلاهما عن الحافظ ابن حجر. ويروي الشهاب البوني عن أبيه عامة، وهو يروي عامة عن أبي الحسن عليّ الأجهوري، وعندي إجازته له عليها ختمه، وهي عامة، وعن أبي مهدي عيسى الثعالبي وغيره، ويروي الشهاب البوني المذكور عن أبي الحسن الاجهوري بالإجازة العامة لأهل العصر قال: " فإنه أجاز لمن أدرك حياته " وكان هو وقت موت الأجهوري ابن نحو أربعة أعوام[37]. 8. أحمد بن محمد بن أحمد البسيلي أبو العباس. (... - 830 ﻫ) (.... - 1427م): فقيه مالكي مفسر، كان من تلاميذ محمد بن محمد بن عرفة(ت:803ﻫ) له تفسير كبير جمع فيه إملاءات شيخه ابن عرفة في دروسه التفسيرية، وأضاف له زيادات يقع في مجلدين، منه عدة نسخ في الخزانة العامة بالرباط. ·تفسير القرآن الكريم (ط).[38] 9.أحمد بن محمد بن أحمد بن يحيى بن عبد الرحمن بن أبي العيش بن محمد أبو العباس المقري التلمساني المولد المالكي المذهب(986-1041ﻫ/1578-1631م): نزيل فاس ثم القاهرة حافظ المغرب جاحظ البيان ومن لم ير نظيره في جودة القريحة وصفاء الذهن وقوة البديهة وكان آية باهرة في علم الكلام والتفسير والحديث ومعجز أباهرا في الأدب والمحاضرات وله المؤلفات الشائعة منها: ·عرف الطيب في أخبار ابن الخطيب. · وفتح المتعال الذي صنفه في أوصاف نعل النبي صلى الله عليه وسلم. · وإضاءة الدجنة في عقائد أهل السنة. · وأزهار الكمامه. · وأزهار الرياض في أخبار القاضي عياض. · وقطف المهتصر في أخبار المختصر. · وإتحاف المغرى في تكميل شرح الصغرى. · وعرف النشق في أخبار دمشق. · والغث والسمين والرث والثمين. · وروض الآس العاطر الأنفاس في ذكر من لقيته من أعلام مراكش وفاس . ·والدار الثمين في أسماء الهادي الأمين. · وحاشية شرح أم البراهين. · وكتاب البدأة والنشأة كله أدب ونظم. · وله رسالة في الوفق المخمس الخالي الوسط. ·حسن الثنا في العفو عمن جنى - وهو مختصر ضمن الآيات والأحاديث والآثار الواردة في طلب العفو والصفح عن المسيء.([39]) وغير ذلك ولد بتلمسان ونشأ بها وحفظ القرآن وقرأ وحصل بها على عمه الشيخ الجليل العالم أبي عثمان سعيد بن أحمد المقرى مفتى تلمسان ستين سنة ومن جملة ما قرأ عليه صحيح البخارى سبع مرات وروى عنه الكتب الستة بسنده عن أبي عبد الله التنسى عن والده حافظ عصره محمد بن عبد الله التنسى عن البحر أبى عبد الله بن مرزوق عن أبي حيان عن أبي جعفر بن الزبير عن أبي الربيع عن القاضي عياض بأسانيده المذكورة في كتاب الشفا والأحاديث المسندة في الشفاء جميعها ستون حديثا أفردها بعضهم في جزء من أراد رواية الكتب الستة من طريقه فليأخذها من كتاب الشفا أو من الجزء المذكور وكان يخبر عن بلدة تلمسان أنها بلدة عظيمة من أحاسن بلاد المغرب وأنها في يد العثمانيين سلاطين مملكتا وهي الحد المضروب بين سلطاننا وسلطان المغرب ورحل إلى فاس مرتين مرة سنة تسع بعد الألف ومرة سنة ثلاث عشرة وكان يخبر أنها دار الخلافة للمغرب وكان بها الملك الأعظم مولاى أحمد المنصور المشهور بالفضل والأدب المقدم ذكره وأن الفتوى صارت إليه في زمنه ومن بعده لما اختلت أحوال المملكة بسبب أولاده إلى حديث يطول ذكره ارتحل تاركا للمنصب الوطن في أواخر شهر رمضان سنة 1027 قاصدا حج بيت الله الحرام وذاك لما اختلت أحوال المملكة، ثم زار بيت المقدس سنة 1029ورجع إلى القاهرة وكرر منها الذهاب إلى مكة واملى بها دروسا عديدة - ثم رجع منها إلى مصر سنة 39 ودخل القدس ثم ورد منها إلى دمشق فاقام بها أربعين يوما واملى صحيح البخاري بجامعها ونال من سكانها وعلمائها الحظوة والاكرام ما لم يتفق لغيره فلما رأى من أهلها ما رأى كثر الاهتمام بمدقها وقد عقد في كتابة نفح الطيب فصلا يتعلق بها وبأهلها وأورد في مدحها اشعارا - ثم رحل منها إلى مصر وعاد إلى دمشق مرة ثانية في أواخر شعبان سنة 40 وحصل له من الإكرام ما حصل في قدمته الأولى. ودخل مصر واستقر بها مدة يسيرة ثم أراد العود إلى دمشق للتوطن بها ففاجأه الحمام قبل نيل المرام ودفن بمقبرة المجاورين[40]. 10. أحمد بن محمد بن زكري: فقيه أصولي بياني. (... - 899 ﻫ / .... - 1493م): المانوي، التلمساني (أبو العباس) فقيه، ناظم، ناثر، مشارك في بعض العلوم كالتفسير والمنطق والبيان وعلم الكلام.من أهل تلمسان.نشأ يتيما، وتعلم الحياكة فاستؤجر للعمل بنصف دينار في الشهر، فرآه العلامة ابن زاغو، فأعجبه ذكاؤه، فسأله عن ولي أمره فقال أمي، فذهب إليها وتعهد بأن يعطيها في كل شهر نصف دينار وأن يفقه ولدها ويؤدبه، فرضيت، واستمر إلى أن نبغ واشتهر.من كتبه: ·مسائل القضاء والفتيا. ·بغية الطالب في شرح عقيدة ابن الحاجب([41]). ·شرح الورقات لإمام الحرمين في أصول الفقه. ·منظومة في علم الكلام من 1500 بيت و نيف([42]).سماها: محصل المقاصد.([43]) 11. أحمد بن مصطفى بن محمد بن أحمد المستغانمي أبو العباس، الشهير بالعلوي الجزائري([44]): (1291 - 1353 ﻫ /1874 - 1934م): فقيه متصوف. مولده ووفاته في مستغانم بالجزائر، رحل إلى المغرب الأقصى وتونس وليبيا والحجاز والشام له كتب، منها: ·المنح القدسية. ·لباب العلم في تفسير سورة: والنجم. 12. حسن بن علي بن محمد المسيلي، أبو علي([45])(...- نحو 580 ﻫ / .... - نحو 1185م): فقيه، من أهل بجاية ولي قضاءها مدة وتوفي بها. ونسبته إلى (مسيلة)،وكان معاصرا للفقيه عبد الحق الاشبيلي.كما كان ينعت بأبي حامد الصغير، تشبيها له بأبي حامد، الغزالي، من مصنفاته: ·التفكر فيما تشتمل عليه السور والآيات من المبادئ والغايات، (على نسق إحياء علوم الدين). ·التذكرة (في أصول علم الدين). · و النبراس في الرد على منكر القياس. 13. الحسين بن محمد ابن العنابي الجزائري(… - 1150 ﻫ / …. - 1738م): مفسر واسع المعرفة في علوم الشريعة من فقهاء الحنفية، سكن مدينة الجزائر العاصمة وولي الإفتاء فيها أربع مرات، وتوفي بها سنة خمسين ومائة وألف.له: تفسر القرآن([46]). 14. سيعد بن محمد التجيبي التلمساني العقباني: (720 - 811 ﻫ / 1320 - 1408م): قاضي، فقيه مالكي، من أهل تلمسان. ولي القضاء في بجاية في أيام السلطان أبي عنان المريني كما ولي قضاء تلمسان ووهران ومراكش وسلا،ومدة ولايته للقضاء نيف وأربعين سنة وحمدت سيرته. نسبته إلى عقبان (قرية بالأندلس) من مصنفاته: ·شرح جمل الخونجي . ·العقيدة البرهانية. ·شرح الحوفية (في الفرائض على مذهب مالك)([47]). ·المختصر في أصول الدين ([48]). ·تفسير سورة الأنعام والفتح قال الدوودي: أتى فيه بفوائد جليلة.([49])
[35]هدية العارفين - (ج 1 / ص 47) [36]وقد عقد في الصغرى الباب الرابع منها لذكر شيوخه، وفيه فصول، الأول لذكر شيوخه المغاربة، الفصل الثاني:في ذكر شيوخه من بونة، الفصل الثالث:في ذكر شيوخه من باجة، الفصل الرابع:في ذكر مشيخته من أهل تاستور وسليمان، الفصل الخامس:في ذكر مشيخته من أهل القيروان، الفصل السابع:في ذكر مشيخته من أهل سوسة، الفصل الثامن:في ذكر مشيخته من أهل تونس.ينظر: فهرس الفهارس - (ج 1 / ص 238) [37]معجم أعلام الجزائر ص 49/50؛ فهرس الفهارس - (ج 1 / ص 236 ص 237). [38]معجم المفسرين ج1ص 71؛ و ينظر: معجم المؤلفين - (ج 2 / ص 85)، و ينظر: حاجي خليفة: كشف الظنون 438، 439.
15. عبد الحميد بن محمد المصطفى بن مكي ابن باديس (1308 - 1359 ﻫ / 1889 - 1940م): هو عبد الحميد بن محمد بن المصطفى بن مكي ابن باديس الصنهاجي، ولد سنة 1308ﻫ من أسرة معروفة بالعلم والجاه والثراء، وأسرته تنحدر من الصنهاجيين، وهي قبيلة ملك وسلطان، اشتهر منها المعز بن باديس. حفظ القرآن الكريم على الشيخ محمد المواسي، ثم نهج طريق المعرفة والعلم، فقيد الله له الشيخ الورع حمدان الونيسي، ليكون شيخه ومعلمه، فرباه على القيم والفضل، والعلم والأدب، وأوصاه بالابتعاد عن الوظيفة، وقراءة العلم للعلم لا للرغيف. وتزوج سنة 1904م، وأنجب ولداً أسماه إسماعيل، لكن ما لبن أن حفظ القرآن، حتى جاءته المنية وهو صغير؛ ولم يخلف ذرية بعده. بدأ سنة 1908م مشواره العلمي، فارتحل إلى جامع الزيتونة لإثراء حصيلته العلمية، فتتلمذ على صفوة علماء الزيتونة كالشيخ محمد النخلي القيرواني، والعلامة المفسر صاحب التحرير والتنوير محمد الطاهر بن عاشور وكان لهذا فضل تكوينه الأدبي واللغوي، والشيخ الخصر حسين، والشيخ الصالح النفير وغيرهم؛ وتخرج من الزيتونة سنة 1912م بشهادة عليا(التطويع)، وفي هذه السنة قصد حج بيت الله الحرام، وإلتقى في المدينة النبوية بشيخه المهاجر حمدان الونيسي، والشيخ البشير الإبراهيمي، وآنذاك تبلورت فكرة ضرورة إنشاء " جمعية العلماء المسلمين الجزائريين" التي تحققت فيما بعد؛ وعند رجوعه من الحج زار لبنان وسوريا ومصر، وبها أجازه الشيخ بخيت من كبار علماء الأزهر بشهادة العالمية. بدأ انشغاله بالتدريس أولاً سنة1913م بجامع الأخضر بقسنطينة وكانت له مجالس منتظمة خاصة منها في التفسير، وتأثر بابن تيمية وسلفيته المنطقية، الواضحة المعالم، القوة الأسس، محكمة المباني، أصيلة، متأصلة، متبعة لا مبتدعة، مسلمة غير مكلفة، صادقة غير كاذبة، منبرها العلم والتوحيد، وطريقها الإتباع والتسليم، ومصدقها فهم السلف، فكان بذلك مجدد وشيخ الإسلام في الجزائر حيث يعتبر من الأفذاذ الجزائريين الذين أتموا تفسير القرآن كاملاً فدرسه رحمه الله في خمس وعشرين سنة؛ قال عنه زميله المخلص البشير الإبراهيمي في بصدد ذكر خصائص تفسيره:" كان للأخ عبد الحميد بن باديس-رحمه الله-ذوقا خاصاً في فهم القرآن كأنه حاسة زائدة خص بها، -يرفده بعد الذكاء المشرق، والقريحة الوّقادة، والبصيرة النافذة-بيان ناصع واطلاع واسع، وذرع فسيح في العلوم النفسية والكونية، وباع مديد في علم الاجتماع، ورأي سديد في عوارضه وأمراضه، يمد ذلك كله شجاعة في الرأي، وشجاعة في القول، لم يرزقهما إلى الأفذاذ المعدودون في البشر؛ وله في القرآن رأي بنى عليه كل أعماله في العلم، والإصلاح والتربية والتعليم وهو: أنه لا فلاح للمسلمين إلا بالرجوع إلى هدايته والاستقامة على طريقته، وهو رأي الهداة من قبله؛ وكان يرى-حين تصدى لتفسير القرآن-أن تدوين التفسير بالكتابة مشغلة عن العمل المقدم، لذلك آثر البدء بتفسيره درساً تسمعه الجماهير فتتعجل من الاهتداء به ما يتعجله المريض المنهمك من الدواء، وما يتعجله المسافر العجلان من الزاد...فاقتصر على تفسير القرآن درساً ينهل منه الصادي، ويتزود منه الرائح الغادي، وعكف عليه إلى أن ختمه في خمس وعشرين سنة؛ ولم يختم التفسير درساً ودراية بهذا الوطن غيره، منذ ختمه أبو عبد الله الشريف التلمساني في المائة الثامنة".اﻫ قال عنه توفيق محمد شاهين: " هو كاتب ممتع، وسلفي النزعة في كتباته، ومهذب في كتاباته، قليل السخرية بالأعداء والمغضبين، ولكن قلمه أمضى من السنان، وأسلوبه من السهل الممتنع، تدرج أسلوبه حتى بلغ منزلة رفيعة، له بصر بالأدب وباع في اللغة وفقهها"اﻫ. وصفه الشاعر الجزائري الشيخ محمد العيد:
يراعيك في التحرير أمضى من الظبا وأقضى من الأحكام أيان يشهر قبست من القرآن مشعل حكمة ينار به السر اللطيف و يبصر.
من أعماله: 1. أسس جمعية العلماء المسلمين بالجزائر، وانتخب رئيساً لها من بدء قيامها سنة 1931 م، إلى وفاته. 2. أصدر المجلات الآتية: " المنتقد" و"السنة" و"الصراط"والشريعة" و"البصائر"وأنشأ "الشهاب" وأبطل الاستعمار جميعها لما فيها من الحق ونشر العلم وانتقاد الباطل، وإعلاء السنة، وإيضاح الصراط، وتبيين الشريعة، وتبصير الخليقة، ولم يبقى منها إلاّ الشهاب التي كانت شهاباً بحق على أعداء الله من الاستعمار الغاشم ومن المبتدعة الحاقد، الجاهل المضلل عن صراط رب العالمين. 3. أسس النوادي في العواصم الجزائرية لنشر الثقافة والتربية الدينية. 4. أسس جمعية التجار المسلمين، والجمعيات الاقتصادية لإنعاش الاقتصاد والمحافظة على الثورة. 5. أسس " الميتم الإسلامي" جمعية رعاية الأيتام، والجمعيات الخيرية لإنقاذ الطفولة. 6. أنشأ مطبعة عربية في قسنطينة طبعت صحفه ومجلاته، وما يحييه من كتب ومنشورات. 7. نشر الكتب السلفية القيمة، وعمل على إحياء الكتب العربية القديمة، واحتفل باللغة العربية وروج لها لتحيى في أبناء الجزائر رغم أنوف الاستعمار الظالم. 8. أرسل طلابه كل مجموعة إلى الأزهر وإلى الزيتونة وإلى جامعة القرويين في الغرب، ليعودوا علماء ودعاة عاملين في الجزائر حتى تتوسع دائرة الخير فتعم وتنفع في أنحاء الوطن. 9. أسس المدارس الابتدائية الحرة العربية في طول البلد وعرضها. إلى غير ذلك من الأعمال. من مصنفاته مما جمعت: ·تفسير القرآن الكريم، اشتغل به تدريسا زهاء 25 عاما، ونشرت نبذ منه ثم جمع تفسيره لآيات من القرآن، باسم (مجلس التذكير – ط سنة:1964م) ·ونشر في الجزائر (آثار ابن باديس) في 4 مجلدات.([50]) ·من الهدي النبوي. ط سنة:1965م ·رجال السلف ونساؤه. ط سنة:1965م ·عقيدة التوحيد من القرآن والسنة. ط سنة:1964م ·أحسن القصص. ·رسالة في الأصول. ط ·مجموعة كبيرة من المقالات السياسية، الاجتماعية، جمعت مع بعض ما سبق، وطبعت في كتاب. ·مجموعة خطب ومقالات ابن باديس، وطبعت في كتاب سنة 1966م. 16. عبد الرحمن بن أحمد الوغليسي، البجائي (...–786ﻫ/... - 1384م): عالم، فقيه، متكلم.توفي ببجاية.من آثاره: ·المقدمة. · وفتاوي.([51]) وصفه مخلوف بالفقيه الأصولي المحدث المفسر، وقال كان عمدة أهل زمانه وفريد عصره وأوانه.([52]) . 17. عبد الرحمن بن محمد بن أحمد بن علي بن يحيى الحسني أبو يحيى التلمساني([53])(...–826ﻫ/....- 1423م): عالم بالتفسير حافظ محدث من أكابر فقهاء المالكية، من أهل تلمسان، ولد بها في رمضان سنة سبع وخمسين وسبعمائة، أخذ عن أبيه الشريف التلمساني وسعيد العقباني المفسرين أبي القاسم بن رضوان وغيرهم.وعنه ابنه إبراهيم، وابن زاغو، وابن مرزوق الحفيد المفسرين وجماعة.ووصفه الونشريسي، وابن القاصي بالعالم المفسر. توفي بتلمسان في فجر السادس والعشرين من رجب سنة ست وعشرين وثمانمائة. له: تفسير سورة الفتح: قال مخلوف: على غاية من التحقيق. 18. عبد الرحمن بن محمد بن مخلوف الثعالبي الجعفري المالكي([54])(785 - 875 ﻫ/1383-1471م): ولد بمحل سكنى والديه في وادي يسر الذي بينه وبين مدينة الجزائر مسافة مرحلة وأصله من وطن الثعالبة في عمالة الجزائر بأفريقية - ذكره السخاوي في الضوء اللامع وقال: كان إماما علامة الخ وترجمه أحمد بابا التنبكتي في كفاية المحتاج وقد اثنى عليه جماعة من شيوخه رحل في طلب العلم ودخل بجاية وكان عمدة قرأنه بها. ممن أخذ عنه أبي القسم العبدوسي وحفيد ابن مرزوق والبرزلي والغبريني.ثم ارتحل إلى المشرق فلقي بمصر الشيخ ولي الدين العراقي فأخذ عنه علوما جمة ثم لقي بمكة بعض المحدثين ورجع إلى الديار المصرية ومنها إلى تونس فمكث بها سنة ثم رجع إلى مدينة الجزائر وفيها نشر علمه الغزير، توفي بمدينة الجزائر. من مصنفاته: ·أربعين في إغاثة الملهوف. · الإرشاد في مصالح العباد . ·التقاط الدرر . · الأنوار في آيات النبي المختار . · الأنوار المضية في الشريعة والحقيقة . ·تحفة الأخوان في إعراب بعض آي القرآن. · جامع المهمات في الفقه . ·الجواهر الحسان في تفسير القرآن. · الدر الفائق المشتمل على أنواع الخيرات والأذكار والدعوات . ·الذهب الإبريز في غرائب القرآن العزيز. · روضة الأنوار ونزهة الأخيار . · رياض الصالحين. · العلوم الفاخرة في النظر بأمور الآخرة . · قطب العارفين في التصوف . ·شرح مختصر ابن الحاجب. 19. عبد الرحيم بن علي بن إسحاق بن مراون القرشي محيي الدين البوني([55]) المتوفى سنة...له منافعه القرآن. أوله : "الحمد لله الذي أجرى على ألسنتنا الضعيفة كتابه العظيم . . . الخ". ([56]). 20.عثمان بن سعيد المالقي أبو سعيد المستغانمي([57])(أوائل القرن 13الهجري): مفسر نحوي من فقهاء المالكية من أهل مستغانم بالجزائر، من أهل القرن الثالث عشر. له: ·تفسير القرآن الكريم : كبير وصغير. ·تحفة الألباب. 21. علي بن عبد الله بن ناشر بن المبارك أبو بكر وقيل أبو الحسن الوهراني([58]) (... –615ﻫ/... - 1219م) : مفسّر نحوي، لغوي شاعر من أهل وهران المعروف بخطيب داريا؛ رحل إلى المشرق وسكن مدينة دمشق، وولى الخطابة بجامع داريا (من قرى دمشق بالغوطة). سمع منه أبو الحجاج يوسف بن خليل الدمشقي(555-648ﻫ) وخرّج عنه في " معجمه" قطعة من شعره؛ توفي سنة 615 خمس عشرة وستمائة. من مصنفاته: ·تفسير القرآن. · شرح جمل الكبيرة للزجاجي في النحو. ·شرح المعلقات السبع وإعرابها.هو مخطوط في برلين. 22. علي بن عبد الواحد بن محمد بن عبد الله ابن السراج الأنصاري المالكي أبو الحسن السجلماسي ثم الجزائري([59])(...–1057ﻫ/.... - 1647م): من سلالة سعد بن عبادة الخزرجي: فقيه مالكي، من العلماء ولد بتافلات، ونشأ بسجلماسة وأقام بمصر مدة.واستقر بفاس، فنصب مفتيا في الجبل الأخضر، وتوفي في الجزائر سنة 1057 سبع وخمسين وألف. من مصنفاته: ·تفسير القرآن . · التقييد الجليل على مختصر الشيخ خليل في الفروع لم يكمل. · الدرة المنيفة في السيرة السنية الشريفة منظومة عدد أبياتها 828 . · ديوان خطب. ·السيرة الصغرى . · شرح درر اللوامع لأبي الحسن ابن بري. · شرح مقدمة الأجرومية . · شرح النخبة لابن عاصم . · عقد الجواهر في نظم النظائر . · كفاية الطالب النبيل في حل ألفاظ مختصر الخليل. · مسالك الوصول إلى مدارك الأصول . · المنح الإحسانية في الأجوبة التلمسانية . · منظومة في الأصول . · منظومة في التشريح. ·منظومة في الفرائض . · منظومة في مصطلح الحديث . ·منظومة في المعاني والبيان . · منظومة في المنطق . · منظومة في وفيات الأعيان . · نظم أصول الشريف التلمساني . · شرح المنظومة المذكورة . · نظم في مسألة الأوتاد والإبدال . ·اليواقيت الثمينة فيما انتمى لعالم المدينة في الأشباه والنظائر الفقهية . 23. علي بن محمد الميلي، الجمالي، التونسي، المالكي([60])(..- 1248 ﻫ/..- 1832م): مفسر، متكلم، نسبته إلى " ميلة " بقرب قسنطينة.سكن مصر، وتوفي بها. من مصنفاته: ·تحفة الأحباب في تفسير قوله تعالى: " ثم أورثنا الكتاب..". · الكواكب الدرية والأنوار الشمسية في إثبات الصفات السنية القائمة بالذات الأزلية. · الشمس والقمر والنجوم الدراري في إثبات القدر والكسب والاستطاعة والجزء الاختياري. · السيوف المشرقية لقطع اعتناق القائلين بالجهة والجسمية. · والصمصام الفاتك في نصرة الإمام مالك. 24. عليّ بن موسى بن عليّ ابن موسى بن هارون أبو الحسن ، المطغري([61])(...- 951 ﻫ / ... - 1545م): وبه عرف، من مطغرة تلمسان، الإمام العلامة المؤرخ المتفنن مفتي فاس وخطيب جامع القرويين، انتقل من تلمسان جده عام 818 وسكن فاساً وأخذ المترجم بها عن ابن غازي، وكان قارئه في أكثر دروسه ولازمه 29 سنة وأجازه عامة، وأخذ أيضاً عن أبي العباس الونشريسي والقاضي المكناسي وأدرك أبا مهدي الماواسي وأبا الفرج الطنجي، وتوفي بفاس سنة 951 ﻫ وقد ناف على الثمانين. أروي ما له من طريق أبي العباس المقري عن عمه سعيد بن محمد المقري التلمساني عنه. ح: ومن طريق المنجور عنه. وقال في فهرسته لما ترجمه: إفاداته كثيرة لا ساحل لها كأنه لا يتنفس إلا بفائدة، وأما حفظه لأخبار من أدركه من العامة شيوخاً وعجائز وغيرهم فخارجة عن الحصر، ولم يخلف بعده في فنه مثله " . 25. عمر راسم بن علي بن سعيد بن محمد البجائي([62])(1300- 1379ﻫ / 1883- 1959م): صحفي، خطاط كبير اشتهر بخطه العربي الجميل، من الرعيل الأول في الإصلاح والكفاح. ولد بالجزائر وتعلم بكتاتيبها، كان من المتبنين الأفكار الإصلاحية متأثرين بدعوة الأستاذ محمد عبده، أنشأ جريدة "الجزائر" في 17 أكتوبر 1908م، ثم جريدة"ذو القفار" في 25 أكتوبر 1913م وكان اسمه المستعار " أبو منصور الصنهاجي" سجنه الفرنسيون في الحرب العالمية الأولى فلاقى المحن الشديدة في سجنه. من آثاره: ·تفسير القرآن الكريم.كتبه في سجنه. ·تراجم علماء الجزائر. ·مقالات كثيرة في الاجتماع والسياسة.. توفي بمدينة الجزائر سنة 1959. 26. قاسم بن سعيد العقباني التلمساني، أبو الفضل([63])(768 - 854 ﻫ / 1367 - 1450م): فقيه، بلغ درجة الاجتهاد. نسبة لبني عقبة - التلمساني المغربي المالكي ويدعى أبا القاسم. ولد في سنة ثمان وستين وسبعمائة، وقدم القاهرة فكتب لابن شيخنا وغيره بالإجازة في سنة ثلاثين وثمانمائة، وممن أخذ عنه في الفقه وأصوله أبو الجود البنبي وقال صاحب الترجمة أنه قرأ على والده وأنه كتب قطعة على ابن الحاجب الفرعي، وله أجوبة في مسائل تتعلق بالصوفية واجتماعهم على الذكر وأن مولد والده سنة عشر أو سبع عشرة وسبعمائة؛ ومن مصنفاته: ·تفسير لسورتي الأنعام والفتح. · وشرح للبرهانية للسلانكي في أصول الدين. · وشرح لابن الحاجب الأصلي. · وشرح للحوفي في الفرائض. · وشرح للجمل في المنطق للخونجي. · وشرح للبردة.
27.محمد بن محمد بن أحمد بن أبي بكر بن يحيى القرشي أبو عبد الله اللغوي المقري التلمساني([64])(..- 759 ﻫ /..- 1359م): لأشهر العلامة الأظهر أبو عبد الله محمّد بن محمّد بن أحمد المقري القرشي التلمساني النشأة والقبر الفاسي المسكن وقاضي الجماعة بفاس المتوفى بها سنة 759 ونقل إلى تلمسان، وهو الذي أفرده ابن مرزوق الجد بمؤلف سماه " النور البدري في التعريف بالفقيه المقري " له في مشيخته وفوائده عنهم النظم المذكور، وقد أتى بملخصه المقري في نفحه وأزهاره، وله في ذلك تلخيص؛ وهو من أكابر علماء المذهب المالكي في وقته، وشيخ لسان الدين ابن الخطيب وعبد الرحمن بن خلدون ومن مصنفاته: ·الجامع لأحكام القرآن والمبين لما تضمنه من معاني السنة وآي الفرقان. ·الحقائق والرقائق. ·رحلة المتبتل. ·لمحة العارض لتكملة ألفية ابن الفارض. ·القواعد واشتمل على 1200قاعدة قال عنه الونشريسي: " إنه كتاب عزيز العلم، كثير الفوائد، لم يسبق إلى مثله"اﻫ ·الطرف والتحف. ·عمل لمن طب لمن حب. ·المحاضرات. ·شرح لغة قصائد المغربي الخطيب. ·إقامة المريد. ·شرح التسهيل. ·النظائر. ·المحرك لدعاوى الشر من أبي عنان. ·اختصار المحصل.لم يكمله. ·شرح جمل الخنوجي. لم يكمله. ·وله نظم جيد أرده ابن الخطيب نماذج منه في كتاب الإحاطة. 28. محمد بن أحمد بن عبد القادر الراشدي الجليلي المعسكري الجزائري([65]): الملقب بأبي رأس(1150 - 1238 ﻫ / 1737 - 1824م): مؤرخ، من العلماء بالحديث ورجاله.من أهل بلاد معسكر (بالجزائر) ووفاته فيها. هو محمد أبو رأس بن أحمد بن عبد القادر ابن محمد بن أحمد بن الناصر الجليلي المعسكري الجزائري حافظ المغرب الأوسط ورحالته، صاحب التآليف الكثيرة في الفقه والأدب والتاريخ والأنساب وغير ذلك، المتوفي ببلاد معسكر عشية يوم الأربعاء 13 جمادي الثانية سنة 1239 ، رحل ودخل فاساً وتونس وقسمطينة ومصر والشام والحجاز، ولقي أعلام هذه البلاد وذاكرهم وناظرهم وساجلهم، وأجازه السيد مرتضى الزبيدي والشيخ الأمير الكبير، ووصفاه في إجازتهما له بالحافظ، والشرقاوي ووصفه بشيخ الإسلام، وعبد الملك القلعي وعثمان الحنبلي وتلك الطبقة.له كتاب سماه لب أفياخي في عدة أشياخي وله السيف المنتضى فيما رويته بأسانيد الشيخ مرتض. قال عنه تلميذه الأستاذ ابن السنوسي بعد أن حلاه بالإمام الحافظ: كان حافظاً متقناً لجميع العلوم عارفاً بالمذاهب الأربعة لا يسأل عن نازلة إلا يجيب عنها بداهة كأنها حاضرة بين شفنيه، محققاً لمذهب مالك غاية لا سيما مختصر خليل فله فيه الملكة التامة بحيث يلقيه على طلبته في أربعين يوماً، والخلاصة في عشرة أيام. وكان شيخنا المذكور حافظ عصره وإمام قطره، الشائع عنه أنه لا يزيد على مرة في مطالعة الدرس لما منحه الله من سيلان الذهن وسعة الحافظة، وله مؤلفات تزيد على الخمسين منها تفسير القرآن، وحاشية الخرشي، وحاشية المكودي، وشرح العقيقية، والحاوي الجامع بين التوحيد والتصوف والفتاوي، وقد ناهز التسعين، اﻫ. وقد حدث مفتي وهران الشيخ الحبيب بن عبد الملك، المغربي الأصل، عن شيخه عالم وهران السيد الحبيب بن البخاري الوهراني عن أبيه وقد عاصر الشيخ أبا رأس أن جماعة من تلاميذه تذاكروا في قوة حافظته وكأنهم اتهموه بالاختلاق فركبوا اسماً نطق كل واحد منهم بحرف منه وجعلوه اسماً لملك، وسألوا الشيخ عنه فأملى لهم ترجمته وسيرته وأعماله، فاتفقوا على أن الشيخ كاذب، ولما طالت المدة وقف أحدهم على الاسم والسيرة في كتاب تاريخي على نحو ما كان أملاه الشيخ أبو رأس عليهم، فعلموا أن الشيخ صادق وهم مقصرون متهمون الشيخ مما هو منه برئ، وهذه حالة كبار الحفاظ مع القاصرين والجاهلين. من مصنفاته: له نحو 50 كتابا، منها: ·لب أفياخي في عدة أشياخي. · و السيف المنتضى فيما رويته بأسانيد الشيخ مرتضى. · وتخريج أحاديث دلائل الخيرات. ·ودر السحابة فيمن دخل المغرب الأقصى من الصحابة. · و ذيل القرطاس في ملوك بني وطاس. · و الزمردة الوردية في الملوك السعدية. · و مروج الذهب في نبذة من النسب. · و الخبر المعلوم في كل من اخترع نوعا من أنواع العلوم. ·و تفسير القرآن. · ورحلة ذكر بها سياحة له في المشرق والمغرب ومن لقي من أعيانهما. ·و شرح المقامات الحريرية. ·شرح الشمقمقية. ·حاشية على المكودي. ·شرح العقيقة. ·كتاب التأسيس. ·درء الشقاوة. ·حاشية على السعد. ·حاشية على الشرح الكبير للخراشي. ·شرح الحلل السندسية. ·فتح الإله ومنته في التحدث بفضل ربي ونعمته. وغير ذلك، مما لم يطبع. 29. محمد بن أحمد بن علي الادريسي الحسني، أبو عبد الله العلويني المعروف بالشريف التلمساني([66])(710 - 771 ﻫ / 1310 - 1370م): باحث من أعلام المالكية،مفسر انتهت إليه إمامتهم بالمغرب. كان من قرية تسمى العلوين (من أعمال تلمسان) ونشأ بتلمسان، ورحل إلى فاس مع السلطان أبي عنان، ثم نكبه أبو عنان، واعتقله شهرا. وأطلقه (سنة 756) وأقصاه، ثم أعاده وقربه (سنة 759) ودعي إلى تلمسان، وكان قد استولى عليها أبو حمو (موسى بن يوسف) فذهب إليها، وزوجه " أبو حمو " ابنته، وبني له مدرسة أقام يدرس فيها إلى أن توفي. من كتبه: ·مفتاح الوصول إلى بناء الفروع والأصول([67]). في أصول الفقه كتب عليه عبد الحميد ابن باديس شرحا مختصرا، حاد تدريسه له. · و شرح جمل الخونجي . وكان لسان الدين ابن الخطيب كلما ألف كتابا بعثه إليه وعرضه عليه. 30. محمد بن أحمد بن محمد بن أحمد بن محمد بن محمد بن أبي بكر بن محمد بن مرزوق أبو عبد الله العجيسي التلمساني المالكي([68])(766 - 842 ﻫ / 1365 - 1439م): قال السخاوي-رحمه الله-:"ويعرف بحفيد ابن مرزوق وقد يختصر بابن مرزوق. ولد في الثالث عشر ربيع الأول سنة ست وستين وسبعمائة واشتغل ببلاده، وتلا لنافع على عثمان بن رضوان بن عبد العزيز الصالحي الوزروالي وانتفع به في القراءات والعربية وبجده وبن عرفه في الفقه وغيره؛ وأجاز له أبو القسم محمد بن محمد بن الخشاب ومحدث الأندلس محمد بن علي بن محمد الأنصاري الحفار ومحمد بن محمد بن علي بن عمر الكناني القيجاطي وعبد الله بن عمر الوانغلي وأخرون، وحج قديماً سنة تسعين رفيقاً لأبن عرفة وسمع من البهاء الدماميني باسكندرية ونور الدين العقيلي النويري بمكة وفيها قرأ البخاري على ابن صديق ومن البلقيني وابن الملقن والعراقي وابن حاتم بالقاهرة ولازم بها المحب بن هشام في العربية، وكذا حج في سنة تسع عشرة ولقية الزين رضوان بمكة وقرأ عليه ثلاثيات البخاري بقرأته لها على ابن صديق؛ وكذا لقيه شيخنا قريباً من هذا الوقت بالقاهرة وقال في ترجمة جده من درره: نعم الرجل معرفة بالعربية والفنون وحسن الخط والخلق والخلق والوقار والمعرفة والأدب التام حدث بالقاهرة وشغل وظهرت فضائله؛ زاد في معجمه: سمع مني وسمعت منه وأخذ عني قطعة من شرح البخاري ومن نظمي وأجاز لابني محمد ولم يطل الإقامة بالقاهرة، وكان نزهاً عفيفاً متواضعاً. قلت وكذا قال المقريزي في عقوده أنه قدم حاجاً فأقام بالقاهرة مدة ثم سافر لبلاده ثم رجع في سنة تسع عشرة فحج أيضاً وعاد، قال وكان نزهاً عفيفاً متواضعاً. وممن أخذ عنه الأمين والمحب الأقصرائيين وأكثر عنه وناصر الدين بن المخلطة والشريف عيسى الطنوبي وأحمد بن يونس وكان أخذه عنه لما قدم عليهم بلدة قسنطينة وأقام بها ستة أشهر"اﻫ. ومن مصنفاته منها: ·المتجر الربيح والمسعى الرجيح والمرحب الفسيح في شرح الجامع الصحيح لم يكمل. ·و تفسير سورة الإخلاص. · وأنواع الذراري في مكررات البخاري. · وإظهار المودة في شرح البردة ويسمى أيضاً صدق المودة. · واختصره وسماه الاستيعاب لما في البردة من المعاني والبيان والبديع والإعراب. · والذخائر القراطيسية في شرح الشقراطسية. · ورجز في علوم الحديث سماه الروضة. · وأختصره في رجز أيضاً وسماه الحديقة · وأرجوزة في الميقات سماها المقنع الشافي. · وانتهاز الفرصة في محادثة عالم قفصة وهو أجوبة عن مسائل في فنون العلم وردت عليه من المشار إليه. · والمعراج إلى استمطار فؤاد ابن سراج. · والنصح الخالص في الرد على مدعي رتبة الكامل للناقص. · والروض البهيج في مسايل الخليج جمع مسيل. · والمفاتح المرزوقية في استخراج خبر الخزرجية. · وشرح التسهيل. · وكذا ألفية ابن ملك. · ومختصر الشيخ خليل وسماه المنزع النبيل ولم يكملا. · وابن الحاجب والتهذيب وسماه روضة الأديب ومنتهى أمل اللبيب في شرح التهذيب. · والجمل للخونجي وسماه منتهى الأمل. · ونظم المتن وعمل عقيدة أهل التوحيد المخرجة من ظلمة التقليد. · والآيات البينات في وجه دلالة المعجزات. · والدليل الواضح المعلوم على طهارة ورق الروم. · وجزء في إثبات الشرف من قبل الأم. · وغير ذلك مما أخذ عنه بعضه بالقاهرة. ومات بتلمسان في عشية الخميس رابع عشر شعبان سنة اثنتين وأربعين عن ست وسبعين سنة، وأرخه بعض في ربيع منها والأول أضبط رحمه الله. 31. محمد بن أحمد بن محمد ابن الوقاد([69])(...-1001ﻫ/...-1593م): محمد بن أحمد بن محمد المعروف بابن الوقاد: قاض، عالم بالتفسير والحديث والفقه والأدب،من أهل تلمسان، هاجر منها إبان دخول الأتراك إلى ترودانت ثم اضطر إلى الذهاب إلى سجلماسة فمكناس ففاس، ثم عاد إلى ترودانت، فولى التدريس والفتوى بجامعها الكبير.قال التمنارتي: " هو أول من قرأ الجامع الصحيح للبخاري بترودانت قراءة ضبط واتقان"اﻫ 32.محمد بن عبد الرحمن أبي يحي بن أبي العيش الخزرجي أبو عبد الله التلمساني([70])(...911ﻫ/...-1505م): مفسر أصولي أديب شاعر من فقهاء المالكية، أصله من أشبيلية بالأندلس. ولد ونشأ وتعلم بتلمسان ثم أفتى ودرس، وفتويه معروفة نقل بعضها الونشريسي في كتابه المعيار. توفي في صفر سنة إحدى عشرة وتسعمائة. 33.محمد بن عبد الكريم بن محمد المغيلي التلمساني([71])(..- 909 ﻫ /..- 1503م): هو الإمام محمد بن عبد الكريم المغيلي التلمساني أبو عبد الله المتوفى سنة 909 مفسر، فقيه، من أهل تلمسان يروي عن الثعالبي ويحيى بن بدير وغيرهما، له فهرسة.وقع نزاع بينه وبين الحافظ جلال الدين السيوطي في علم المنطق. قال عنه مخلوف: خاتمة الأئمة المحققين والعلماء العاملين مع البراعة والمتقن في العلوم والصلاح والدين المتين. اشتهر بمناوأته لليهود وهدمه كنائسهم في توات (بقرب تلمسان) ورحل إلى السودان وبلاد التكرور، لنشر أحكام الشرع وقواعده.وتوفي في توات. له كتب، منها: ·البدر المنير في علوم التفسير. ·مصباح الأرواح في أصول الفلاح. · والتعريف، فيما يجب على الملوك – (خ) لعله رسالته المساماة (تاج الدين، فيما يجب على الملوك والسلاطين - ط). · و أحكام أهل الذمة – (خ). · مغني النبيل وهو شرح مختصر خليل في فقه المالكية. ·الكيل المغني. ·شرح بيوع الآجال.من ابن حاجب. ·كتاب في المنهيات. ·مختصر تلخيص المفتاح. ·تنبيه الغافلين عن مكر الملبسين بدعوى مقامات العارفين. ·كتاب الفتح المبين. ·فهرست. · و مفتاح النظر في علم الحديث. · و منح الوهاب - (خ). منظومة في المنطق. · له شرح عليها سماه (إمناح الأحباب من منح الوهاب) في دار الكتب. ·وله نظم، منه قصيدة عارض بها البردة. وغير ذلك. 34.محمد بن عيسى الجزائري ثم التونسي المالكي([72]):(1243-1310ﻫ/1828-1892م):
محمد بن عيسى الجزائري: من الكتاب البلغاء، عارف باللغة والتفسير من كتاب لوزارة التونسية الموفى بها سنة 1310 عشر وثلاثمائة وألف. من مصنفاته: ·الماس في احتباك يعجز الجنة والناس تفسير قوله تعالى : "ومن يكرههن فان الله من بعد إكراههن غفور رحيم ".طبع في تونس 1306ﻫ. ·الثريا لمن كان بعجائب القرآن حفيا ( تفسير ) تونس طبع في 1307ﻫ. ·الوسيلة في مدح الفضيلة.منظومة طبعت في تونس 1306ﻫ. 35.محمد بن قاسم أبو عبد الله الأنصاري التلمساني ثم التونسي المغربي المالكي([73])(..- 894 ﻫ /..- 1489م): هو محمد بن قاسم الأنصاري، أبو عبد الله، الرصاع: قاضي الجماعة بتونس ولد بتلمسان، ونشأ واستقر بتونس (831) وعاش وتوفي بها.وله فيها عقب إلى الآن. اقتصر في أواخر أيامه على إمامة جامع الزيتونة والخطابة فيه، متصدرا للإفتاء وإقراء الفقه والعربية وأصول الدين والمنطق وغيرها وجمع شرحاً في شرح الأسماء النبوية وآخر في الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم وأفرد الشواهد القرآنية من المغنى لابن هشام ورتبها على السور وتكلم عليهما وشرح حدود ابن عرفة وقيل أنه شرع في تفسير وأنه اختصر شرح البخاري. وعرف بالرصاع لان أحد جدوده كان نجارا يرصع المنابر. له كتب، منها: ·التسهيل والتقريب والتصحيح لرواية الجامع الصحيح – (خ). · و تذكرة المحبين في شرح أسماء سيد المرسلين – (خ). 36.محمد بن أبي القاسم بن رجيح أبو عبد الله، الشهير بالهاملي(1239-1315ﻫ/1823-1897م): فقيه مالكي، برع في التفسير والحديث والأصول والنحو، ولد في الحامدية قرب حاسي بحبح في شمال الصحراء في الجزائر. وت علم في زاوية علي الطيار، وزاوية ابن أبي داود في زواوة؛ أسس الزاوية المعروفة " بزاوية الهامل" سنة (1280ﻫ/1863م)، وتوفه رحمه الله في بويرة الصحاري في طريق عودته من الجزائر العاصمة إلى زاويته.([74]) 37. محمد بن أبي القاسم بن محمد بن عبد الصمد، أبو عبد الله المشذالي(..- 866 ﻫ/..- 1462م): مفتي بجاية وخطيبها. نسبته إلى مشذالة، من قبائل زواوة، ومولده ووفاته في بجاية. و قيل كنيته أبو الفضل وبها عرف عند أهل المشرق: مفسر، عالم بالحديث ورجاله، أصولي فرضي فقيه، من أشهر علماء المالكية في عصره؛ ولد ببجاية، وتعلم بها وبتلمسان ثم تصدر للإقراء والتدريس وفي سنة: (849ﻫ/1441م) ثم دخل عنابة وقسنطينة وتونس، ثم توجه إلى المشرق عن طريق قبرص، فدخل بيروت ودمشق وطرابلس الشام وحماه، وسكن بيت المقدس مدة. وحج سنة 849ﻫ، ثم دخل القاهرة، ودرس بها فبهر العقول وأدهش الألباب؛ ولقي الإمام السخاوي([75]) الذي خصه بترجمة وافية في كتابه: حيث قال "وقد حصلت بيننا اجتماعات وصحبة ورأيت منه من حدة الذهن وذكاء الخاطر وصفاء الفكر وسرعة الإدراك وقوة الفهم وسعة الحفظ وتوقد القريحة واعتدال المزاج وسداد الرأي واستقامة النظر ووفور العقل وطلاقة اللسان وبلاغة القول ورصانة الجواب وغزارة العلم وحلاوة الشكل وخفة الروح وعذوبة المنطق ما لم أره من أحد".اﻫ من كتبه: · تكملة حاشية الوانوغي على المدونة.([76]) ·و مختصر البيان لابن رشد. · و الفتاوى ([77]). مشواره في الطلب: ابتدأ في بجاية حفظ القرآن وهو في الخامسة فأكمل حفظه في سنتين ونصف بل حفظ حزب سبح قبل أن يتهجى بغير إقراء أحد له وإنما هو بسماعه ممن يدرسه وتلا للسبع على أبيه والإمام الولي أبي عبد الله محمد بن أبي رفاع ولنافع فقط على الشيخين هرون المجاهد وأبي عثمان سعيد العيسوي وغيرهما وحفظ الشاطبيتين ورحز الخرازي في الرسم والكافية الشافية ولامية الأفعال لابن ملك في النحو والصرف وغالب التسهيل وجميع ألفيته وابن الحاجب الفرعي والرسالة وأرجوزة التلمساني في الفرائض ونحو الربع من مدونة سحنون وطوالع الأنوار في أصول الدين للبيضاوي وابن الحاجب الأصلي وجمل الخونجي والخزرجية في العروض وتلخيص ابن البنا في الحساب وتلخيص المفتاح والديوان لامرئ القيس وللنابغة الذبياني ولزهير بن أبي سلمى ولعلقمة الفحل ولطرفة بن العبد ثم أقبل على التفهم فبحث على أبي يعقوب يوسف الريفي الصرف والعروض ثم على أبي بكر التلمساني في العربية والمنطق والأصول والميقات وعن أبي بكر بن عيسى الوانشريسي أخذ الميقات أيضاً ثم على يعقوب التيروني في النحو ثم على أبي إسحق إبراهيم بن أحمد بن أبي بكر فيه والمنطق ثم على موسى بن إبراهيم الحسناوي في الحساب ثم الحساب أيضاً مع الصرف والنحو والأصلين والمعاني والبيان وعلوم الشرع التفسير والحديث والفقه على أبيه ثم على أبي الحسن علي بن إبراهيم الحسناوي أظنه أخا موسى في الأصلين. ثم رحل في أول سنة أربعين إلى تلمسان فبحث على محمد بن مرزوق ابن حفيد العالم الشهير وأبي القسم بن سعيد العقباني وأبي الفضل بن الإمام وأبي العباس أحمد بن زاغو وأبي عبد الله محمد بن النجار المعروف لشدة معرفته بالقياس ببساطور القياس وأبي الربيع سليمان البوزيدي وأبي يعقوب يوسف بن إسمعيل وأبي الحسن علي بن قاسم وأبي عبد الله محمد البوري وابن أفشوش فعلى الأول في التفسير والحديث والفقه والأصلين والأدب بأنواعه والمنطق والجدل والفلسفيات والطب والهندسة وعلى الثاني الفقه وأصول الدين وعلى الثالث التفسير والحديث والطب والعلوم القديمة والتصوف وعلى الرابع التفسير والفقه والمعاني والبيان والحساب والفرائض والهندسة والتصوف وعلى الخامس في أصول الفقه والمعاني والبيان ومما قرأه عليه مختصر ابن الحاجب الأصلي، وكان مرجع الناس بتلك البلاد في أمر المختصر فكان كما نقله البقاعي عن علي البسطي إذا عرض للشيخ إشكال في الأصول أمر بعض تلامذته أن يذكره بحضرته لعله يحله وعلى السادس في الفقه وكان أعلم الناس به ولكن لم يكن له إلمام بالعربية فأمر بعض تلامذته فقرأ عليه بحضرته شرح الألفية لابن عقيل فصار يعرفها فيما قاله البسطي أيضاً"([78]).اﻫ 38.محمد بن محمد بن محمد الحسنى التونسي المالكي المعروف بالبليدي([79])(1096 - 1176 ﻫ / 1685 - 1763م): عالم بالعربية والتفسير والقراءات؛ جزائري الأصل، من أهل بليدة سكن القاهرة وتوفى فيها. من آثاره([80]): ·نيل السعادات في المقولات العشر. · الدرر على خطبة المختصر في الفقه المالكي. ·حاشية على أنوار التنزيل في تفسير القرآن في ثلاث مجلدات، (وهي حاشية على تفسير البيضاوي). · رسالة في دلالة العام على بعض أفراده. · وحاشية على شرح الألفية للأشموني في النحو. 39.محمد بن يوسف بن عمر بن شعيب السنوسي، التلمساني، الحسني (أبو عبد الله) (832 - 895 ﻫ/1428 - 1490م): محدث، متكلم، منطقي، مقرئ، كان عالما بالتفسير والحديث؛ نشأ بتلمسان جمع تلميذه الملالي في أحواله وسيره وفوائده تأليفا كبيرا في نحو سبعة عشر كراسا سماه "بالمواهب القدسية في المناقب السنوسية"([81]) .من مصنفاته في التفسير([82]): ·تفسير سورة ص و ما بعدها من السور. ·ومختصر حاشية التفتازاني على الكشاف. ·و تفسير القرآن إلى قوله: "أولئك هم المفلحون". وله أيضاً([83]): ·حاشية على صحيح مسلم.([84]) ·شرح عجيب على البخاري لم يكمله. ·وحاشية لطيفة على مشكلاته. ·شرح ايساغوجي في المنطق. ·شرح قصيدة الحباك في الاسطرلاب. ·مصنف في مناقب الأربعة رجال المتأخرين. ·أم البراهين في العقائد. 40.محمد بن يوسف بن عيسى بن صالح أطفيش الوهبي، الإباضي([85])،(1236 - 1332 ه) (1820 - 1914م): مفسر، فقيه محدث، أديب، شاعر، بياني، عروضي، منطقي، مشارك في غير ذلك، إباضي المذهب، مجتهد، سياسي. وهو من وادى ميزاب ولد في بني يسقن بصحراء الجزائر من بلاد المغرب. قال الذهبي عنه في كتابه التفسير والمفسرون: "نشأ بين قومه، وعُرِف عندهم بالزهد والورع.. واشتغل بالتدريس والتأليف وهو شاب لم يتجاوز السادسة عشرة من عمره، وانكبَّ على القراءة والتأليف، حتى قيل إنه لم ينم فى ليلة أكثر من أربع ساعات. وله من المؤلفات فى شتَّى العلوم ثروة عظيمة تربو على الثلاثمائة مؤلَّف ..."اﻫ. من مصنفاته: فمن ذلك في التفسير ·داعي العمل ليوم الأمل. لم يتم وهو في أربعة أجزاء فسر فيه القرآن من سورة الرحمن إلى سورة الناس. ·و هميان الزاد إلى دار المعاد،طبع في ستة أجزاء. ·و تيسير التفسير، وهو مختصر من السابق، في سبعة أجزاء. وله أيضاً: ·نظم المغنى لابن هشام خمسة آلاف بيت .. وكان ذلك فى شبابه. · وشرح كتاب التوحيد للشيخ عيسى بن تبغورين وهو من أهم مؤلفاته فى علم الكلام. · وشرح كتاب العدل والإنصاف في أُصول الفقه لأبى يعقوب يوسف ابن إبراهيم الورجلانى. وله في الحديث: ·وفاء الضمانة بأداء الأمانة، وهو مطبوع فى ثلاثة مجلدات. · وجامع الشمل في حديث خاتم الرسل، وهو مطبوع في مجلد واحد. وله في الفقه: · شرح كتاب النيل وشفاء العليل. وهو مطبوع فى عشر مجلدات وبه قامت شهرته. · وله مؤلفات أخرى فى النحو والصرف، والبلاغة، والفلك، والعروض، والوضع، والفرائض، وغيرها منها: ·إيضاح الدليل إلى علم الخليل في العروض. ·والإصلاح في شرح ديباجة المصباح في النحو. ·زبدة الفتاوى وقد توفى المؤلف في 23 ربيع الثاني سنة 1332 ﻫ (اثنين وثلاثين وثلاثمائة وألف من الهجرة)، وله من العمر ست وتسعون سنة. 41.هود بن مُحكم الهواري الأوراسي([86])(القرن الثالث الهجري-التاسع الميلادي): مفسر من علماء الإباضية؛ كان والده قاضياً بتهيرت على عهد الإمام أفلح بن عبد الوهاب(190-140ﻫ) عاش هود في النصف الثاني من القرن الثالث الهجري. من مصنفاته: تفسير القرآن ([87])، كان مخطوطا؛ ونص الدكتور عمار طالبي الأستاذ بجامعة الجزائر أنه أول تفسير عرف في الجزائر. هذا التفسير مختصر من تفسير الإمام يحيى بن سلام ـ رحمه الله ـ وقد حقق تفسير الهواري الباحث الجزائري: الحاج بن سعيد شريفي، ونشرته له دار الغرب ـ بيروت ـ لبنان ـ سنة 1410ﻫ ـ 1990 م، في أربعة مجلدات. 42.يحيى بن محمد بن محمد بن عبد الله بن عيسى النابلي، الشاوي، الملياني، الجزائري، المالكي أبو زكرياء([88]) (1030 - 1096 ﻫ/1621 - 1685م): فقيه، نحوي، مفسر، متكلم، ناظم. هو فخر الجزائر أبو زكرياء يحيى بن الفقيه أبي عبد الله محمد بن محمد بن عبد الله بن عيسى النائلي، نسبة إلى قبيلة أولاد نائل بالقطر الجزائري، الملياني الشاوي تسمية لا نسباً، الجزائري المالكي المتوفى على ظهر البحر عام 1096، ثم نقل إلى مصر فدفن بها بمقبرة المالكية. قال فيه تلميذه المحبي في " خلاصة الأثر " : " هو الأستاذ الذي ختمت بعصره أعصر الأعلام، وأصبحت عوارفه كالأطواق في أجياد الليالي والأيام، ولد بمدينة مليانة، ونشأ بالجزائر، وأخذ بها عن أعلام أعلاهم سنداً أبو محمد سعيد قدورة وعلي بن عبد الواحد الأنصاري ومحمد بن محمد بهلول الزواوي السعدي، وأجازه شيوخه، وروى كتب الشيخ السنوسي عن عبد الله بن عمر الشريف عمن اجتمع بالشيخ السنوسي، وروى حزب البحر للشاذلي عن عبد الرحمن الهواري عن سيدي أبي عليّ عن أخيه سيدي محمد بن عليّ عن الشيخ أحمد بن يوسف الملياني عن الشيخ زروق بأسانيده، وقدم مصر حاجاً عام 1074 وأجازه بها الشمس البابلي والنور الشبراملسي والشيخ سلطان المزاحي وأخذ عنه أهلها وأذعنوا له " قال المحبي: " كانت حافظته مما يقضى منها بالعجب " اﻫ. وقال تلميذه الشهاب أحمد بن قاسم البوني في ثبته: " كان يحفظ شرح التتائي الكبير وشرح الإمام بهرام الوسط وغيرهما، بل يحفظ ستين كتاباً من الكتب الكبار كمختصر ابن عرفة الفقهي، وهو ستة أسفار كبار جمع فيه أكثر المذهب، حتى إنه يذكر في بعض المسائل خمسين قولاً منسوبة لقائلها وأمثال ذلك، وأما التواليف التي هي كراريس قليلة يحفظ منها ما لا يحصى، كيف لا وهو يحفظ من ثلاث عرضات لا غير فحفظ القرآن وهو ابن ثمان سنين، ثم اشتهر بالحفظ وحدة الذهن وجودة الإدراك حتى عبر عنه شيخنا سيدي بركات بن باديس القسنطيني بقوله: " إنه عالم الربع المعمور " اﻫ. وقد ترجمه النور عليّ النوري الصفاقصي في فهرسته وحلاه ب " أشعري الزمان، وسيبويه الأوان، وقال: لم أر أسرع منه نظماً، قال: وقرأنا عليه شرح المرادي على الألفية، وكنا نصحح نسخنا على حفظه، ولما كتب لي الإجازة قال: مؤرخة بمجموع الاسم واللقب، فعددت حروف يحيى الشاوي فوجدتها 78 وألف وذلك هو التاريخ، فتعجبت من شدة فطانته " اﻫ. وترجمه الشهاب النخلي في فهرسته وعظم شأنه أيضاً، وذكر أنه أجازه بجميع مروياته ومؤلفاته، قال: منها الترجيح في بيان ما للبخاري من التصحيح وحواشي التسهيل والألفية وفيما له في علم الكلام وفي إعراب الكلمة المشرفة، وذكر النور عليّ النوري أنه جمع فهرسة لشيخه الحافظ البابلي وأنه نظم جواباً في إثبات حياة الخضر في أبيات 36 في درجين، ونظم قصيدته اللامية في إعراب كلمة الشهادة في ساعة بين العشائين، وهو يتحدث مع بعض الأصحاب، وذكر البوني أنه زل عليه في داره بمصر سنة فكان يرد عليه في كل يوم نحو العشرين سؤالاً وأكثر، فيجيب عنها بلا كلفة ولا مطالعة، قال: الحاصل أنه لا نظير له، وما ذكرت من وصفه حتى العشر، وطوبى لعين رأته ولو مرة في الدهر " اﻫ. وللمترجم ترجمة نفيسة، في " نزهة دائرة الأنظار في علم التواريخ والأخبار " للشيخ محمود بن سعيد مقديش الصفاقصي من أغرب ما فيها أنه ولي مشيخة الجامع الأزهر، والله أعلم.اﻫ من آثاره: ·حاشية على أم البراهين للسنوسي. · نظم لامية في إعراب الجلالة وشرحها. · شرح التسهيل لابن مالك في النحو. · قرة العين في جمع البين من علم التوحيد. · والنيل الرقيق في حلقوم انساب الزنديق. قتال الذهبي: " يحيى الشاوى المغربى يفرد مؤلفاً عنوانه: "بين أبى حيان والزمخشري" يجمع فيه اعتراضات أبى حيان على الزمخشري وهو مخطوط في مجلد كبير بالمكتبة الأزهرية. وله الحاكمة حاشية على تفسير الزمخشرى وتفسير ابن عطية.([89]) 43.يحيى بن محمد بن يوسف التجيبي، التلمساني أبو زكريا([90]) (... - 652 ﻫ/... - 1254م): مفسر، واعظ صنف في التفسير والرقائق، وتوفي في 9 شوال. قال الذهبي : حج وجاور وسمع بمكة من أبي الحسن بن البناء وسكن الإسكندرية ووعظ وصنف التفسير و الرقائق. توفي في شوال سنة اثنتين وخمسين وستمائة. 44.يوسف بن إبراهيم بن مياد السدراتي الورجلاني أبو يعقوب([91]) (500 - 570 ﻫ/1106- 1175م): مؤرخ مفسر أصولي متكلم، رياضي من أكابر فقهاء الإباضية، من أهل ورجلان مولدا ووفاة. رحل في شبابه إلى الأندلس وسكن قرطبة طلبا للعلم. شبهه الأندلسيون بالجاحظ. نسبة إلى ورجلان أحد أودية المغرب الأقصى. ذكره الذهبي في التفسير والمفسرون([92]) في معرض ذكر علماء الإباضية في التفسير. من آثاره: ·تفسير القرآن الكريم في سبعين جزءاً، قال البرادي: " رأيت منه في بلاد ريغ سفراً كبيراً لم أرَ،ولا رأيت قط، سفراً أضخم منه ولا أكبر منه.."اﻫ. · العدل والإنصاف في أصول الفقه في ثلاثة أجزاء. · الدليل والبرهان في عقائد الإباضية في ثلاثة أجزاء( وهو: الدليل لأهل المعقول لباغي السبيل بنور الدليل - في عقائد الإباضية طبع حجر مصر 1316 في ثلاثة أجزاء. ·مرج البحرين في المنطق والهندسة والحساب. ·القصيدة الحجازية.نظم فيها رحلته إلى الحجاز. ·المغرب في تاريخ المغرب. ·الجامع الصحيح.وهو عبارة عن مسند الربيع بن حبيب بن عمرو الأزدي البصري، رتبه وله نظم. 45.يوسف بن عدون بن حمو، أبو يعقوب ([93])(1158 - بعد 1223 ﻫ / 1745 1808م): من دعاة الإصلاح في وادي ميزاب، بالجزائر. أقام بالقاهرة أربع سنين وفي رجوعه من الحج لقي علماء الأزهر. من آثاره: ·حاشية على تفسير البيضاوي.
الهوامش: [64]معجم أعلام الجزائر ص 312؛ هدية العارفين - (ج 2 / ص 31) فهرس الفهارس (ج 2 / ص 682) ؛أزهار الرياض في أخبار القاضي عياض - (ج 1 / ص 1)
[67]يعتبر كتابه "مفتاح الوصول إلى بناء الفروع على الأصول"من أجود المصنفات في علم أصول الفقه ، ألفه على منهج جديد ، مرتب منظم ، قوي العرض دقيق النظر، يعنى بما خلت منه المؤلفات في علم الأصول مما يلزم المتعلم ، ويمرن الفقيه ، فهو تطبيق للمسائل الفقهية على الأصول والأدلة الكلية ، وتحرير للفروع الخلافية ، مع تيسير في الاستنباط ، وهو لهذا الاعتبار يعد من كتب القواعد وإن كان ليس في القواعد الفقهية الخالصة ، ولكنه يجمع بين القواعد والأصول.