د.خديجة إيكر
New member
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
هذا الموضوع في حقيقته مداخلة قدمت للمؤتمر الدولي عن الدعوة الإسلامية الذي نظمته جامعة جاكرتا الحكومية بأندونيسيا بالتعاون مع الجامعة الوطنية بماليزيا تحت عنوان " الدعوة الإسلامية بين التحديات و التوقعات " و ذلك في الفترة ما بين 08 و 10 يوليو 2011 برحاب جامعة جاكرتا بأندونيسيا . غير أنه لم يكتب لنا المشاركة فيه لظروف قاهرة . وتعميما للفائدة أقدمه للإخوة الأفاضل .
مرتكزات هامة
لقد جاءت جميع قيم الإسلام و مبادئه من أجل تحرير الإنسان و حمايته و تكريمه والسمو به في مدارج الكمال والرقي المعنوي و المادي . و حقوق الإنسان في التصور الإسلامي حقوق كونية لأن الإسلام رسالة عالمية ، و بالتالي فهذه الحقوق في الإسلام لها مميزات خاصة :
ـ فهي لصيقة بشخص الإنسان و كينونته الإنسانية .
ـ وهي ضرورات فطرية لا يحق للفرد أو الجماعة التنازل عنها أو عن بعضها ، و لا تقوم الحياة بدونها.
ـ كما أنها حقوق ثابتة و دائمة قررها الخالق سبحانه ـ ، فالشريعة في الوقت نفسه هي التي تفرض الحقوق، وهي التي توجب الحفاظ عليها قَبْل الدولة والجماعة والفرد. بل إن الدولة إذا قصرت في ذلك وجب على الأمة أفرادا و جماعات حفظ هذه الحقوق.
ويعتبر الإسلام عقيدة تَقَدُم يعمل على تقدم الإنسان ماديا و فكريا :فهو أول من حرر الإنسان من كافة مظاهر العبودية ، و أعلن مبدأ المساواة و بناء المجتمع العادل ،والإنسان العدل الصالح المصلح ، مُحَقق إرادة الله تعالى في الأرض بناء و تعميرا ، وخيرا و نماء .
ويمتاز الإسلام بطابعه المتفرد في بناء الإنسان ، و بنظريته المتكاملة المتجددة ، و بالدعوة إلى التوحيد الخالص الذي يشمل كافة مظاهر الحياة ، و الإيمان الصادق ، و الأخلاق الحميدة . كما يتميز بنظريته العلمية الواقعية و الموضوعية في تفسير الكون و الحياة ، ومن ثم رَفَضَ الإسلام السحر و الأسطورة و الجهل .
وعلاقة الإنسان بأخيه الإنسان يحب أن تكون علاقة تعاون و تعاضد و نصيحة سعيا لأن تكون القيادة و الريادة لكلمة الحق و العدل حتى تعبد كل الحياة على المستوى الفكري و السياسي و الاقتصادي و الاجتماعي لله رب العالمين. فذلك هو هدف الوجود و تلكم هي العبادة الحق التي أُمرنا بها :]و ما خلقت الجن و الإنس إلا ليعبدون [ الذاريات /56 . و إذا تأملنا تاريخ البشرية يتبين لنا أن مصدر الشر يتمثل في إهدار إنسانية الإنسان ، و امتهان كرامته عن طريق تسلط الإنسان على أخيه الإنسان.
إن هدف الإسلام هو إقرار رسالة التوحيد الخالص ، و إقامة صروح العدل ، وتعميم الخير ، قال تبارك وتعالى:]هو الذي أرسل رسوله بالهدى و دين الحق [التوبة /33 ، و قالجل وعلا :]يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين لله شهداء بالقسط [ المائدة /8 .
وجوهر رسالة النبي صلى الله عليه وسلم هو الرحمة : ] وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين [ الأنبياء/107 ، فالرحمة مرحلة فوق مرحلة العدل وتقرير الحقوق وتحديد الواجبات . فهي لون من الإحسان لا يقتصر على إعطاء كل ذي حق حقه ، بل يتجاوز ذلك إلى التنازل عن بعض الحقوق رحمة بالغير .إن مهمة و وظيفة الأنبياء على مر التاريخ كانت هي إنقاذ الإنسان من تسلط أخيه الإنسان ،وتقرير إنسانيته وكرامته وحقوقه ، و إيقاف عملية اتخاذ الأرباب من دون الله ، و العودة بالبشرية إلى خالقها الواحد ، و إقرار مبدأ المساواة الإنسانية ، و تخليص الإنسان بالإيمان من أسباب الذل و المهانة و العبودية عندما كفل له الخالق تعالى الرزق و حدد له الأجل ، قالسبحانه وتعالى: ]وما كان لنفس أن تموت إلا بإذن الله كتابا مـؤجلا [ آل عمران /145 ،وقال : ]وفي السماء رزقكم و ما توعدون فورب السماء إنه لَحَقٌ مثل ما أنكم تنطقون[ الذاريات / 23، فإذا استقرت هذه العقيدة في قلب المؤمن حقيقة استحال إذلاله ، و لكن للأسف الناس اليوم خوفا من الذل هم في ذل، و خوفا من الموت هم في موت .
إن النبوة في حقيقتها حركة تحررية، و دعوة و رحمة، و ميثاق و خلاص. إن النبوة ميلاد جديد للإنسان تحرره من كل أشكال العبودية بأن يصبح عبدا خالصا لله، و يصبح متساويا مع غيره من بني البشر ، فلا فضل لإنسان على آخر إلا بالعمل الصالح .
إن تحرير الإنسان و مساواتُه التي جاءت من أجلها النبوات هي روح و لب الدعوة إلى حقوق الإنسان.
ومن مرتكزات التصور الإسلامي لحقوق الإنسان مبدأ الوحدة الإنسانية وهو ما جاء أساسه في القرآن واضحا، قال جل جلاله : ]يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر و أنثى و جعلناكم شعوبا و قبائل لتعارفوا [ الحجرات / 13 ، و يُظهر هذا سلامة القاعدة و صحتها ن و أن الشريعة أساس الحق و مصدره ، و هي شرع الله لبني الإنسان في كل زمان و مكان .
لقد انطلق الإسلام في إقرار حقوق الإنسان منطلقا مختلفا تماما عن المنطلقات الغربية، وسنبرز هنا أهم هذه القواعد التي تفرد بها الإسلام :
1. اعتماد الإسلام الكتاب و السنة و الإجماع و القياس الصحيح أسسا لحقوق الإنسان .
2. إن العقوبات الحدية على الجرائم الخطيرة وضعت لحفظ أمن الناس ، وهي سياسة جنائية حكيمة لا تتنافى مع حقوق الإنسان ، بل ترسخها و تدعمها : قال عز وجل: ]ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب[ البقرة / 179 .
3. إن عدم التفرقة بين بني البشر في الحقوق لا يقوم على أساس عرقي أو لوني ، قال تبارك وتعالى ] : ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق[ النعام /151 .
4. الإسلام يكفل الحق التضامني ، أي التضامن الاجتماعي بين الناس ، مثل وجوب الزكاة ، و مشروعية الصدقات ، و معاونة المحتاجين ،وهذا ما تتميز به الشريعة الإسلامية عن الإعلان الدولي لحقوق الإنسان الذي لا يلزم الآخرين بدعم المحتاجين إلا من قبيل التطوع .
5. القضاء على الطبقية الاجتماعية ن و هذا يجعل الناس متساوين ، فالتفاوت في الكرامة يعتمد على درجة التقوى قال جل وعلا : ]إن أكرمكم عند الله أتقاكم [ الحجرات /13 .
6. تسخير ما في الكون لخدمة الإنسان بالعدل ، فيجوز للإنسان استغلال البيئة بجماداتها و نباتاتها و حيواناتها بما لا يؤدي إلى الضرر قالسبحانه وتعالى : ]وسخر لكم ما في السماوات و ما في الأرض جميعا منه[ الجاثية/13
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
هذا الموضوع في حقيقته مداخلة قدمت للمؤتمر الدولي عن الدعوة الإسلامية الذي نظمته جامعة جاكرتا الحكومية بأندونيسيا بالتعاون مع الجامعة الوطنية بماليزيا تحت عنوان " الدعوة الإسلامية بين التحديات و التوقعات " و ذلك في الفترة ما بين 08 و 10 يوليو 2011 برحاب جامعة جاكرتا بأندونيسيا . غير أنه لم يكتب لنا المشاركة فيه لظروف قاهرة . وتعميما للفائدة أقدمه للإخوة الأفاضل .
مرتكزات هامة
لقد جاءت جميع قيم الإسلام و مبادئه من أجل تحرير الإنسان و حمايته و تكريمه والسمو به في مدارج الكمال والرقي المعنوي و المادي . و حقوق الإنسان في التصور الإسلامي حقوق كونية لأن الإسلام رسالة عالمية ، و بالتالي فهذه الحقوق في الإسلام لها مميزات خاصة :
ـ فهي لصيقة بشخص الإنسان و كينونته الإنسانية .
ـ وهي ضرورات فطرية لا يحق للفرد أو الجماعة التنازل عنها أو عن بعضها ، و لا تقوم الحياة بدونها.
ـ كما أنها حقوق ثابتة و دائمة قررها الخالق سبحانه ـ ، فالشريعة في الوقت نفسه هي التي تفرض الحقوق، وهي التي توجب الحفاظ عليها قَبْل الدولة والجماعة والفرد. بل إن الدولة إذا قصرت في ذلك وجب على الأمة أفرادا و جماعات حفظ هذه الحقوق.
ويعتبر الإسلام عقيدة تَقَدُم يعمل على تقدم الإنسان ماديا و فكريا :فهو أول من حرر الإنسان من كافة مظاهر العبودية ، و أعلن مبدأ المساواة و بناء المجتمع العادل ،والإنسان العدل الصالح المصلح ، مُحَقق إرادة الله تعالى في الأرض بناء و تعميرا ، وخيرا و نماء .
ويمتاز الإسلام بطابعه المتفرد في بناء الإنسان ، و بنظريته المتكاملة المتجددة ، و بالدعوة إلى التوحيد الخالص الذي يشمل كافة مظاهر الحياة ، و الإيمان الصادق ، و الأخلاق الحميدة . كما يتميز بنظريته العلمية الواقعية و الموضوعية في تفسير الكون و الحياة ، ومن ثم رَفَضَ الإسلام السحر و الأسطورة و الجهل .
وعلاقة الإنسان بأخيه الإنسان يحب أن تكون علاقة تعاون و تعاضد و نصيحة سعيا لأن تكون القيادة و الريادة لكلمة الحق و العدل حتى تعبد كل الحياة على المستوى الفكري و السياسي و الاقتصادي و الاجتماعي لله رب العالمين. فذلك هو هدف الوجود و تلكم هي العبادة الحق التي أُمرنا بها :]و ما خلقت الجن و الإنس إلا ليعبدون [ الذاريات /56 . و إذا تأملنا تاريخ البشرية يتبين لنا أن مصدر الشر يتمثل في إهدار إنسانية الإنسان ، و امتهان كرامته عن طريق تسلط الإنسان على أخيه الإنسان.
إن هدف الإسلام هو إقرار رسالة التوحيد الخالص ، و إقامة صروح العدل ، وتعميم الخير ، قال تبارك وتعالى:]هو الذي أرسل رسوله بالهدى و دين الحق [التوبة /33 ، و قالجل وعلا :]يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين لله شهداء بالقسط [ المائدة /8 .
وجوهر رسالة النبي صلى الله عليه وسلم هو الرحمة : ] وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين [ الأنبياء/107 ، فالرحمة مرحلة فوق مرحلة العدل وتقرير الحقوق وتحديد الواجبات . فهي لون من الإحسان لا يقتصر على إعطاء كل ذي حق حقه ، بل يتجاوز ذلك إلى التنازل عن بعض الحقوق رحمة بالغير .إن مهمة و وظيفة الأنبياء على مر التاريخ كانت هي إنقاذ الإنسان من تسلط أخيه الإنسان ،وتقرير إنسانيته وكرامته وحقوقه ، و إيقاف عملية اتخاذ الأرباب من دون الله ، و العودة بالبشرية إلى خالقها الواحد ، و إقرار مبدأ المساواة الإنسانية ، و تخليص الإنسان بالإيمان من أسباب الذل و المهانة و العبودية عندما كفل له الخالق تعالى الرزق و حدد له الأجل ، قالسبحانه وتعالى: ]وما كان لنفس أن تموت إلا بإذن الله كتابا مـؤجلا [ آل عمران /145 ،وقال : ]وفي السماء رزقكم و ما توعدون فورب السماء إنه لَحَقٌ مثل ما أنكم تنطقون[ الذاريات / 23، فإذا استقرت هذه العقيدة في قلب المؤمن حقيقة استحال إذلاله ، و لكن للأسف الناس اليوم خوفا من الذل هم في ذل، و خوفا من الموت هم في موت .
إن النبوة في حقيقتها حركة تحررية، و دعوة و رحمة، و ميثاق و خلاص. إن النبوة ميلاد جديد للإنسان تحرره من كل أشكال العبودية بأن يصبح عبدا خالصا لله، و يصبح متساويا مع غيره من بني البشر ، فلا فضل لإنسان على آخر إلا بالعمل الصالح .
إن تحرير الإنسان و مساواتُه التي جاءت من أجلها النبوات هي روح و لب الدعوة إلى حقوق الإنسان.
ومن مرتكزات التصور الإسلامي لحقوق الإنسان مبدأ الوحدة الإنسانية وهو ما جاء أساسه في القرآن واضحا، قال جل جلاله : ]يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر و أنثى و جعلناكم شعوبا و قبائل لتعارفوا [ الحجرات / 13 ، و يُظهر هذا سلامة القاعدة و صحتها ن و أن الشريعة أساس الحق و مصدره ، و هي شرع الله لبني الإنسان في كل زمان و مكان .
لقد انطلق الإسلام في إقرار حقوق الإنسان منطلقا مختلفا تماما عن المنطلقات الغربية، وسنبرز هنا أهم هذه القواعد التي تفرد بها الإسلام :
1. اعتماد الإسلام الكتاب و السنة و الإجماع و القياس الصحيح أسسا لحقوق الإنسان .
2. إن العقوبات الحدية على الجرائم الخطيرة وضعت لحفظ أمن الناس ، وهي سياسة جنائية حكيمة لا تتنافى مع حقوق الإنسان ، بل ترسخها و تدعمها : قال عز وجل: ]ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب[ البقرة / 179 .
3. إن عدم التفرقة بين بني البشر في الحقوق لا يقوم على أساس عرقي أو لوني ، قال تبارك وتعالى ] : ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق[ النعام /151 .
4. الإسلام يكفل الحق التضامني ، أي التضامن الاجتماعي بين الناس ، مثل وجوب الزكاة ، و مشروعية الصدقات ، و معاونة المحتاجين ،وهذا ما تتميز به الشريعة الإسلامية عن الإعلان الدولي لحقوق الإنسان الذي لا يلزم الآخرين بدعم المحتاجين إلا من قبيل التطوع .
5. القضاء على الطبقية الاجتماعية ن و هذا يجعل الناس متساوين ، فالتفاوت في الكرامة يعتمد على درجة التقوى قال جل وعلا : ]إن أكرمكم عند الله أتقاكم [ الحجرات /13 .
6. تسخير ما في الكون لخدمة الإنسان بالعدل ، فيجوز للإنسان استغلال البيئة بجماداتها و نباتاتها و حيواناتها بما لا يؤدي إلى الضرر قالسبحانه وتعالى : ]وسخر لكم ما في السماوات و ما في الأرض جميعا منه[ الجاثية/13